المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مراعاة التدرج وترتيب الأولويات في الدعوة إلى الله - دروس للشيخ صالح بن حميد - جـ ٧٨

[صالح بن حميد]

فهرس الكتاب

- ‌نظرات في الدعوة ومسالك الدعاة

- ‌الدعوة إلى الله تعالى وظيفة الأنبياء والمرسلين

- ‌مسارات الدعوة إلى الله تعالى

- ‌الحكمة في الدعوة إلى الله

- ‌الموعظة الحسنة في الدعوة إلى الله

- ‌المجادلة بالتي هي أحسن في الدعوة إلى الله

- ‌صفات الداعية

- ‌من صفات الداعية: التقوى

- ‌من صفات الداعية: الإخلاص

- ‌من صفات الداعية: العلم

- ‌من صفات الداعية: التواضع

- ‌من صفات الداعية: الحلم

- ‌من صفات الداعية: عدم الغلظة والفظاظة

- ‌طبائع النفوس وطبقات المدعوين

- ‌تخير الأوقات وانتهاز المناسبات في الدعوة إلى الله

- ‌مراعاة التدرج وترتيب الأولويات في الدعوة إلى الله

- ‌القول الحسن في الدعوة إلى الله

- ‌التلميح دون التصريح في الدعوة إلى الله

- ‌النصيحة لا الفضيحة في الدعوة إلى الله

- ‌التعامل مع المدعوين

- ‌المداراة والمداهنة في الدعوة إلى الله

- ‌إقالة العثرات والغض عن الأخطاء

- ‌الترغيب والترهيب

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية التعامل مع المستهزئين بالدعوة والدعاة

- ‌الشعور بالرياء في الدعوة إلى الله وعلاجه

- ‌حكم المساهمة في الشركات والبنوك

- ‌أخبار الصلح بين المجاهدين الأفغان

- ‌الإنكار على المجاهر بالمعاصي

- ‌المقصود بالهداية في قوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً

الفصل: ‌مراعاة التدرج وترتيب الأولويات في الدعوة إلى الله

‌مراعاة التدرج وترتيب الأولويات في الدعوة إلى الله

قضية أخرى مهمة، ومسلك مهم وهو: مراعاة التدرج وترتيب الأولويات: وما قلناه في طبقات المدعوين وطبقات النفوس وملاحظة المناسبات يقابله نظر آخر في المدعو إليه؛ فلا شك أن الحكمة تقتضي النظر في متدرجات أمور الدعوة، لأخذ الناس بالأول فالأول، فقضايا العقيدة وأصول الملة والديانة تأتي في المقام الأول، فهي إن لم تصح في العقل فلن يجدي فيه الصنيع الحسن والعمل الطيب، قال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف:103 - 105].

ففي الدعوة كليات وجزئيات، وواجبات ومستحبات، ومحرمات ومكروهات، وقضايا صغرى وكبرى، وكلٌ يجب أن تعرف مواقعها، وتوضع في مواضعها، وأظن الأمر أوضح من أن نبسط الكلام فيه، وخذوا دليلاً:

مندوب الدعوة ومبعوثها إلى اليمن معاذ بن جبل رضي الله عنه رسم له النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج عندما قال له: {إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يومٍ وليلة} وأنتم تعلمون أن بعث معاذ كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، في السنة التاسعة تقريباً؛ لأن معاذاً لم يرجع من اليمن إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

إذاً: التدرج كان مستمراً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال له:{فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله إلخ} .

وهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله الخليفة الأموي المعدود خامس الخلفاء الراشدين، كان من قبل أن يتولى الخلافة يرى في الناس عيباً وكان يحب لو أنه أصلح.

دخل عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز على أبيه، فقال له: يا أبت! ما لك لا تنفذ وأصحاب الحوائج راكضون؟ قال: [[يا بني! إن الله تعالى ذم الخمر مرتين وحرمها في الثالثة، وإني أخشى أن أحمل الناس على الحق مرةً واحدة فيتركوه مرةً واحدة، فيكون فتنة ووفساداً كبيراً]].

إذاً: موضوع التدرج مهم جداً، وكذلك النظر في الأولويات.

هذه بعض مسالك يجب أن تراعى أثناء ممارسة الدعوة، وهي مسالك متعلقة بالمدعوين، وهناك أمور تقابلها في الدعاة، ينبغي أن يتحلوا بصفاتٍ تتطابق مع مراعاتها في أحوال المدعوين، إذاً: عندنا نوعان من المسالك: مسالك تتعلق بالمدعوين، وقد أشرنا إليها؛ من مراعاة الظروف ونحوها، ومعالم ومسالك تتعلق بالداعية نفسه؛ حتى يتماشى مع التي في نفوس وطبائع المدعوين وبيئاتهم.

ص: 16