المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الله تعالى في القدر - دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود - جـ ٢٠

[عبد الرحمن بن صالح المحمود]

فهرس الكتاب

- ‌معالم الإيمان بالقضاء والقدر وأثره في حياة المسلم

- ‌الإيمان بالقدر وأهميته

- ‌منهج السلف الصالح تجاه القدر

- ‌المعالم الكبرى في الإيمان بالقدر

- ‌اليقين بعدل الله تعالى

- ‌الإيمان بعلم الله تعالى السابق المحيط بكل شيء

- ‌الإيمان بقيام حجة الله سبحانه وتعالى على عباده

- ‌حكم الله تعالى في القدر

- ‌توهم التعارض بين الشرع والقدر ودفعه

- ‌طوائف المتوهمين

- ‌منهج السلف رحمهم الله تعالى في التعامل مع الأقدار

- ‌أثر الإيمان بالقدر في حياة المسلم

- ‌زيادة الإيمان وقوته

- ‌دفع المؤمن نحو العلم والإنتاج

- ‌إراحة المؤمن من أكدار الدنيا

- ‌الرضا بقضاء الله وقدره في المصائب

- ‌القضاء على داء الحسد في القلوب

- ‌تربية المؤمن على الشجاعة

- ‌تعليق رجاء العبد وخوفه بالله تعالى وحده

- ‌الشكر على النعمة والصبر على البلية وعدم التحسر على الفائت

- ‌الأسئلة

- ‌القدر والسبب في الحوادث

- ‌أذكار الصباح والمساء ومدى حمايتها من المصائب

- ‌الاكتفاء بالإيمان المجمل بأمور العقيدة

- ‌نصيحة لفاقد والديه

الفصل: ‌حكم الله تعالى في القدر

‌حكم الله تعالى في القدر

المعلم الرابع من معالم الإيمان بالقضاء والقدر هو: هل لله في القدر حكمة وسر؟ نحن نقول: يجب التسليم بالقضاء والقدر، والنبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه النهي عن الخوض في القضاء والقدر فقال:(إذا ذكر القدر فأمسكوا).

لكن هذا النهي لا ينصب على الإيمان بالقضاء والقدر ومعرفته بأنه ركن من أركان الإيمان مذكور في القرآن وفي السنة، فالإيمان به وتوضيحه على منهاج صحيح هذا أمر واجب؛ لأن القضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة، وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوض في القدر على وجه الباطل، مثل أن يحتج به على المعاصي ولا حجة له، ومثل أن يتمادى في القدر ويقول: هذا مجبور، هذا مخير.

أو يعترض على القدر وعلى ما قدره الله سبحانه وتعالى، فالخوض في القدر على منهاج أهل الأهواء أو على طريقة الاعتراض على قدر الله سبحانه وتعالى هو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذه قضية.

القضية الثانية: هي أن الله سبحانه وتعالى له حكمة في خلق عباده وابتلائهم وامتحانهم.

لذلك فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي أراد أن يوجد العباد على هذه الحالة، أن يكون منهم المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، وإلا فلو شاء الله سبحانه وتعالى لجعل الناس كلهم مهتدين، قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام:35]، ولو شاء لجعل الناس مثل الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

إذاً لماذا جعلهم هكذا؟ لله في ذلك حكمة قد ندرك بعضها وقد لا ندرك كثيراً منها، فهو سبحانه وتعالى له حكمة في أن يوجد هذا الصراع بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، وبين الكفر والإيمان، حتى يبتلي عباده فيبتلي بعضهم ببعض.

ومعرفة حكمة الله سبحانه وتعالى في هذا تجعل الإنسان يؤمن بقدر الله الأزلي، ومن ثم فإن الإنسان لا يعترض على سر الله في القدر، فما هو سر الله في القدر؟ يقول الأئمة رحمهم الله تعالى: سر الله في القدر كونه أمات وأحيا، وأفقر وأغنى، وأذل وأعز.

أي: كونه سبحانه وتعالى أراد بحكمته أن يوجد الناس على هذه الحال، فكما أن الإنسان لا يعترض ويقول: لماذا فلان مات وعمره عشر سنوات بينما فلان مات وعمره تسعين سنة؟ وذلك لأن الموت والحياة لله، فكذلك كونه أفقر وأغنى، فهذا غني وهذا فقير، فهذا لله سبحانه وتعالى، وكذلك كونه سبحانه وتعالى أضل وهدى، وجعل الناس هكذا هذا لله سبحانه وتعالى فلا تعترض عليه، فلا يجوز لإنسان أن يقول: لماذا لم يجعل الله الناس كلهم أغنياء؟ ولماذا لم يجعلهم كلهم يعيشون ألف سنة مهتدين؟ فهذه أسئلة فيها اعتراض على أصل حكمة الله سبحانه وتعالى في المقدورات، ومن ثم فإن المؤمن هو الذي يسلم بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره.

ص: 8