المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآثار المترتبة على تأويلات أهل الكلام لآيات الصفات - دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود - جـ ٣

[عبد الرحمن بن صالح المحمود]

فهرس الكتاب

- ‌تسلط الملاحدة

- ‌المتكلمون هم سبب تسلط الملاحدة والفلاسفة والباطنية على المسلمين

- ‌أسباب ابتداع أهل الكلام للمناهج العقلية الكلامية المنحرفة

- ‌خطأ المتكلمين في الاستدلال بصفات الأجسام على حدوث العالم

- ‌احتجاج الفلاسفة على المتكلمين في التأويل

- ‌الآثار المترتبة على تأويلات أهل الكلام لآيات الصفات

- ‌ردود أهل الكلام على الفلاسفة والباطنية وبطلانها

- ‌أسباب ظهور الحداثيين وأصول مذهبهم

- ‌الهدف من عرض المناهج الكلامية والفلسفية

- ‌حقيقة منهاج السلف في التعامل مع النصوص الشرعية

- ‌ضرورة خضوع العقل في الغيبيات للكتاب والسنة

- ‌عجز العقول عن إدراك حقائق الغيب

- ‌ضرورة الرجوع إلى منهاج السلف في التعامل مع النصوص الشرعية

- ‌الأسئلة

- ‌الفرق بين الفلاسفة والمتكلمين من حيث قربهم من الحق

- ‌أهمية توحيد الألوهية على غيره

- ‌أهم الكتب التي ينصح بقراءتها في الردود على أهل البدع

- ‌تقويم كتاب: الفكر الفلسفي الإسلامي

- ‌وجه دخول أصحاب النظرة العقلية تحت منهج المتكلمين

- ‌حكم تكفير أهل الكلام من أشاعرة وفلاسفة وباطنيين

- ‌الحكم على أبي حامد الغزالي وكتبه

- ‌حقيقة تراجع كثير من المتكلمين عن مذهبهم

- ‌حكم القراءة في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي

- ‌حكم الأخذ بكلام أهل الكلام في الرد على الفلاسفة

- ‌ذكر مراجع هذا الدرس

الفصل: ‌الآثار المترتبة على تأويلات أهل الكلام لآيات الصفات

‌الآثار المترتبة على تأويلات أهل الكلام لآيات الصفات

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فإن غلط هؤلاء المتكلمين مما سلط أولئك الفلاسفة، وظنوا أن ما يقوله هؤلاء وأمثالهم هو دين المسلمين، أو قول الرسول وأصحابه.

لو أن الفلاسفة والباطنية ظنوا أن هؤلاء المتكلمين منحرفون عن الجادة لكان الأمر يسيراً، لكن المشكلة أنهم ظنوا أن هذا الذي يقوله أهل الكلام هو الدين الحق، وهو الذي يقوله عامة المسلمين وأئمة المسلمين، بل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

يعني: كأن هؤلاء المتكلمين ينسبون عقائدهم وتأويلاتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كأن الرسول هو الذي يتأول:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وهو الذي يتأول:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75]، وهو الذي يتأول بقية الصفات تلك التأويلات العجيبة.

إذاً: أولئك الفلاسفة ظنوا أن ما يقوله هؤلاء فعلاً هو الذي جاء به الرسول صلى الله وسلم، فإذا كان فعلاً هو الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، إذاً هذا التأويل الذي تأوله وحكاه من بعده يجيز لنا نحن أن نتأول تلك النصوص بتأويلات أخرى، ولو كانت هذه التأويلات بعيدة؛ لأنها ليست بأبعد من تأويلات المتكلمين.

ولذا يقول شيخ الإسلام بعد ذلك: ولهذا كانت مناظرة ابن سيناء هي للمعتزلة، ومناظرة ابن رشد الفيلسوف للكلابية الذين هم شيوخ الأشعرية، وكانوا إذا بينوا فساد بعض ما يقوله متبعة أهل الكلام يظنون أنه لم يبق حق إلا ما يقولونه هم، مع أن ما يقوله مبتدعة أهل الكلام فيه خطأ مخالف للشرع والعقل، لكن ما تقوله المتفلسفة في الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع أعظم من خطأ المتكلمين.

هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ((نقض المنطق)) مطبوع الجزء الأول صفحة (223).

ومعنى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أننا حينما نقول: إن المتكلمين كانوا سبباً في تسلط الفلاسفة، إنما نبين قضية التأويل الباطل وإلا فهؤلاء المتكلمون أفضل من الفلاسفة، وكلام أولئك الفلاسفة باطل من جميع الوجوه، فلا مقارنة بين الفلاسفة والمتكلمين.

وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في معرض ذكره لقصة تسلط الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، على إثر مقالات أهل الكلام وهو يتحدث عن الدليل الذي جاء به المعتزلة والأشعرية وغيرهم وهو حدوث الأجسام يقول: فطريقتهم -أي: طريقة المعتزلة والأشاعرة التي أثبتوا بها أنه خالق للخلق مرسل للرسل- إذا حققت عليهم وجد لازمها أنه ليس بخالق ولا مرسل، فيبقى المسلم العاقل إذا تبين له حقيقة الأمر متعجباً كيف انقلب العقل والسمع على هؤلاء! ولهذا تسلط عليهم بها أعداء الإسلام من الفلاسفة والملاحدة وغيرهم لما بينوا أنه لا يثبت بها خلق ولا إرسال، فادعى الفلاسفة قدم العالم، وأثبتوا موجداً بذاته، وقالوا: إن الرسالة فيض يفيض على النبي من جهة العقل الفعال، لا أن هناك كلاماً تكلم به الله تعالى وأنه قائم به، وكان في الوقت الذي أظهرت الجهمية مقالتهم الأولى وامتحنوا أئمة الإسلام كـ أحمد بن حنبل وغيره، قد ظهر أصل كلمة هؤلاء الملاحدة الباطنية باطناً؛ وذلك في خلافة المأمون ثم المعتصم، وتجدد بعد ذلك من الحوادث العظيمة التي كانت في الإسلام في أثناء المائة الرابعة ما يطول شرحه، مما تتزلزل به أقطار البلاد الإسلامية.

وما يشير إليه بالمائة الرابعة يقصد به نشوء الدولة العبيدية الباطنية، وأيضاً أحداث القرامطة الخطيرة التي وقعت في العالم الإسلامي.

ص: 6