المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة التحقيق   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من - الأشباه والنظائر - السبكي - المقدمة

[تاج الدين ابن السبكي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌مقدمة التحقيق   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من

‌مقدمة التحقيق

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

وبعد

فإن من المعلوم أن الفقه الإسلامي هو أسمى العلوم الشرعية قدرا وأعظمها نفعا فهو نظام الحياة الإنسانية وقوامها ووسيلة السعادة في الدنيا والآخرة وهو عين الرسالة المحمدية وتأمل ما قاله ابن نجيم في أشباهه ونظائره ممتدحا الفقه فقال:

إن الفقه أشرف العلوم قدرا وأعظمها أجرا وأتمها عائدة وأعمها فائدة وأعلاها مرتبة وأسناها منقبة يملأ العيون نورا والقلوب سرورا، والصدور انشراحا ويفيد الأمور اتساعا وانفتاحا هذا لأن ما بالخاص والعام من الاستقرار على سنن النظام والاستمرار على وتيرة الاجتماع والالتئام، إنما هو بمعرفة الحلال من الحرام والتمييز بين الجائز والفاسد في وجوه الأحكام. بحوره زاخرة ورياضه ناضرة ونجومه زاهرة وأصوله ثابتة وفروعه نابتة لا يفني بكثرة الإنفاق کنزه ولا يبلى على طول الزمان عزه.

وكفى بذلك شرفا له وللمشتغلين به ويحسن بنا في تقدماتنا على الأشباه والنظائر أن نذكر خطاب سيدنا عمر رضي الله عنه الموجه إلى أبي موسى الأشعري بما اشتمل عليه من مسائل وإشارات هي عمدة ذلك الفن من تتبع النظائر وحفظها ليقاس عليها غيرها وغير ذلك من الفوائد الجليلة فإليك بيانه:

عن أبي المليح الهذلي قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك بحجة وأنفذ الحق إذا

ص: 1

وضح فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وآس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ولا يطمع الشريف في حيفك. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا لا يمنعك قضاء قضية بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق؛ فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك ما لم يبلغك في الكتاب أو السنة "اعرف الأمثال والأشباه ثم قس الأمور عند ذلك"، "فاعمد إلى أحبها عند الله وأشبهها بالحق فيما ترى"، واجعل لمن ادعى بينة أمدا ينتهي إليه؛ فإن أحضر بينة أخذ بحقه وإلا وجهت القضاء عليه؛ فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجرَّب في شهادة زور أو ضنين في ولاء أو قرابة. إن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات، وإياك والفلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر ويحسن بها الذخر؛ فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله ولو على نفسه يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك يشنه الله فما ظنك بثواب غير الله عز وجل في عاجل رزقه وخزائن رحمته.

والسلام عليك.

وقد قال السيوطي في أشباهه ونظائره: "إن فن الأشباه والنظائر فن عظيم به يطلع على حقائق الفقه ومداركه ومآخذه وأسراره ويتمهد في فهمه واستحضاره ويقتدر على الإلحاق والتخريج ومعرفة أحكام المسائل التي ليست بمسطورة والحوادث والوقائع التي لا تنقص على ممر الزمان ولهذا قال بعض أصحابنا: "الفقه معرفة النظائر".

وهذا ما نبه عليه الشيخ السبكي رحمه الله في مواضع عديدة من كتابه فدونك أيها القارئ بيان منهجه في أشباهه ونظائره.

ولقد شرع المؤلف في كتابه بخطبة للكتاب بيَّن فيها أهمية الفقه وأنواعه وأهمية القواعد الفقهية، وأثنى على كتاب القواعد لابن عبد السلام وكتاب الأشباه والنظائر لابن المرحل وأنه كان الدافع للمؤلف في تأليفه كتابه فأخذ في تحريره وإتمامه بإشارة والده له ولقد أضاف إليه الكثير قسم الناس تجاه كتابه إلى ثلاث فرق أثنى على الفرقة الثالثة وهي التي تقرأ وتستفيد وتعترف بالفضل فهذه الطريقة هي التي مدحها في كتابه بقوله:

ص: 2

"وهذه طريقة قلَّ سالكوها وبعد أن يوجد في حياة المصنف أهلوها، فعليهم سلام الله أحسن الناس وجوها

". ثم تكلم بعد ذلك عن تمهيد عاب فيه على من يقتصر على حفظ الفروع دون القواعد، وبين رأي إمام الحرمين في أهمية القواعد وبين الفرق بين القاعدة وبين المدرك، والضابط وأوضح رأي القاضي حسين في أهم القواعد التي ترجع إليها الفقه فبين هذا الأمر غاية البيان وأوضح كذلك رأي العز بن عبد السلام في إرجاع الفقه كله إلى قاعدة المصلحة المشهورة.

ثم شرع المؤلف رحمه الله إلى تقسيم كتابه إلى أبواب:

الباب الأول: في القواعد الخمسة المشهورة التي هي أساس لغيرها.

الباب الثاني: في القواعد العامة التي تأتي في درجة بعد القواعد الخمسة وقد تكلم الشيخ في هذا الباب عن سبع وعشرين قاعدة كلية.

الباب الثالث: القواعد الخاصة لكل باب من أبواب الفقه. تكلم الشيخ في هذا الباب عن خمس وثمانين ومائة قاعدة، وقسمها إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: في قواعد ربع العبادات.

القسم الثاني: في قواعد ربع البيع.

القسم الثالث: في قواعد ربع الإقرار.

القسم الرابع: في قواعد ربع المناكحات.

الباب الرابع: "في أصول كلامية ينبني عليها فروع فقهية".

وفي هذا الباب تحدث الشيخ عن السعادة والشقاوة وعن حقيقة العلم وعن الفرق بين الاسم والمسمى وعن حقيقة الكلام والفرق بين الملجأ والمضطر وشروط الإكراه الذي به ترتفع الأحكام وعن الخلاف في حقيقة العقد وتكلم في ذلك عن الحسن والقبح وكونهما شرعيين لا عقليين وبين الخلاف في ذلك وتحدث عن حقيقة الحياة وعن العلاقة بين الممكن والمؤثر وتكلم عن السبب والعلة وبين الفرق بيهما وبين الحكم فيما إذا دخل الشرط على السبب كما تكلم عن منع اجتماع علتين على معلول واحد ثم تكلم عن أحكام يضطر الفقيه إلى الحكم بتقدمها على أسبابها وغير ذلك من المسائل المهمات.

الباب الخامس: "في مسائل أصولية يتخرج عليها فروع فقهية تكلم الشيخ في

ص: 3

ذلك الباب عن معنى التكليف وعن أنواع الأحكام وعن المعنى المقصود بصحة العقود وعن مدلول اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وسائر الأسماء المشتقة وعن منع اشتقاق اسم الفاعل من شيء يكون الفعل قائما بغيره وتكلم عن العلاقة بين الفرض والواجب وعن حكم أخذ الأجرة على فرض العين وعن حكم ما لا يتم الواجب إلا به، وتكلم عن فرض الكفاية وعن معنى السنة والنافلة والتطوع والمستحب والمندوب والمرغّب فيه والمرشد إليه والحسن والأدب وتكلم عن أمور يتعلق التحريم فيها بمبهم وبين حقيقة الرخصة وغير ذلك من المسائل الأصولية المهمة ثم انتقل الشيخ إلى:

كتاب العموم والخصوص: تكلم فيه الشيخ عن صيغ العموم وتكلم كذلك عن قواعد مهمة لا يستغني عنها الفقيه

وكتاب الإجماع: تكلم فيه عن حكم الأجماع السكوتي وعما يتعلق بقول الصحابة رضي الله عنهم: "فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا"

وكتاب القياس: تكلم فيه الشيخ عن قياس العكس ومسألة هل تثبت اللغة قياسًا وغير ذلك مما يتعلق بمسائل القياس.

وكتاب الاستدلال: تكلم فيه عن قول الصحابي وحكم حجته وغير ذلك.

وكتاب الترجيح: تكلم فيه عن الحكم فيما إذا تعادلت الأمارات وكذا لو تعارض العام والخاص، وقول: التخصيص أولى من المجاز، والفرق بين ما ثبت بالنص وما ثبت بالأخبار.

وكتاب الاجتهاد: تكلم في عن عدم قابلية خطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الباب السادس: "كلمات نحوية يترتب عليها فروع فقهية، وقسم هذا الباب إلى قسمين: الأول في المفردات من الأسماء والحروف وبعض الأفعال، والثاني: في المركبات والتصرفات العربية. وذكر قسما ثالثا في إعراب الآيات التي يترتب على تخريجها أحكام شرعية وهذا القسم الذي أشار إليه في مقدمة هذا الباب ثم نعثر عليه فيما بين أيدينا من مخطوطات.

الباب السابع: وهو الباب الذي تكلم فيه الشيخ عن المآخذ المختلف فيها بين الأئمة التي ينبني عليها فروع فقهية.

تحدث الشيخ تاج الدين في ذلك الباب عن سبب اختلاف الفقهاء وبين الخلاف

ص: 4

بين الشافعي. وأبي حنيفة في المعنى المغلب في الزكاة وتكلم عن الخلاف في علة ربوية الأشياء المنصوصة إلى غير ذلك مما يطالع به الكتاب.

وفي نهاية هذا الباب تكلم عن تقاسيم أدخلها بعض الفقهاء في القواعد وليست منها.

الباب الثامن: في الألغاز.

ثم ختم كتابه بأدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وبهذا نكون قد ألقينا الضوء على منهج المؤلف في كتابه الأشباه والنظائر الذي قال عنه ابن نجيم: "لم أر كتابا يحكي كتاب الشيخ تاج الدين السبكي الشافعي رحمه الله تعالى".

ص: 5

ترجمة الإمام ابن السبكي:

اسمه ونسبه 1:

عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر ابن الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن الأنصاري الخزرجي السبكي ونسبته إلى سبك "من أعمال المنوفية بمصر".

مولده: ولد في القاهرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وقيل: سنة ثمانٍ في السلطنة الثالثة للناصر محمد بن قلاوون.

نشأته وطلبه للعلم:

من المعلوم ضرورة أن البيئة من العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية وهي تتدخل في توزيع الاتجاهات والاستعدادات والميول وهي التي تميز كل امرئ عن الآخر فإن لعواملها تأثيرًا "سيكولوجيا" كبيرًا عن انطباعات كل إنسان عن الكون والحياة.

وفي خصومة هذه العوامل تنبت براعم الاتجاهات الخاصة التي تشكل ملامح

1 انظر ترجمته في البداية والنهاية 14/ 316. الدرر الكامنة 2/ 425. قضاة دمشق ص106. النجوم الزاهرة 11/ 108. البيت السبكي ص14-45. حسن المحاضرة 1/ 182. البدر الطالع 1/ 410. شذرات الذهب 6/ 221. طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3/ 104. هداية العارفين 1/ 639 بروكلمان 2/ 89. معجم المؤلفين 6/ 225.

ص: 6

البارزة لوجهة الشخصية، ولقد منح الله العلي الغفار الإمام الحبر البحر عبد الوهاب السبكي بيئة ذات طابع متميز فساعدته على تنمية مواهبه وإشراقه بنوعه فهي بيئة علمية التقت به من جميع جوانبه فوالد تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى أبو الحسن الأنصاري الخزرجي السبكي وكفى بذلك شاهدًا. فلقد رأى الشيخ عبد الوهاب وفود العلماء وهي تنسل إلى مجلس أبيه وينهلون من علمه ويقيدون فوائده فليس غريبا أن يبدأ مبكرا في حفظ كتاب الله والعكوف على طلب العلم؛ فقد نشأ في أسرة عريقة ويعتبر تاج الدين من أجلِّ وأعظم رجال الأسرة السبكية الذين ذاع صيتهم في دولتي المماليك؛ لامتيازهم في العلم وفي مناصب التدريس والقضاء فلم يعش تاج الدين إلا نحو أربعة وأربعين عاما لكن حياته على قصرها كانت ملأى بالإنتاج العلمي الذي جعله من الأئمة باعتراف معاصريه ومن جاءوا بعده.

وتدل آثاره وموافقه في المحن التي عاناها وآراء من كتبوا عنه على أنه كان -إلى جانب ما امتاز به من علم غزير وذكاء حادٍّ ولسان طلق وبديهة حاضرة وحجة قوية وصبر على العمل المنتج وسعة صدر وثبات في الملمات وترفعٍ واعتداد بالنفس ورقة إحساس وعطف على الإنسان والحيوان من أولئكم ذوي الشخصيات الضخمة والنفوس القوية والأخلاق المتينة؛ أولئكم الذين يسمون بأنفسهم فوق منافعهم الخاصة ويأبون وإن تهيأت لهم كل أسباب الراحة في الحياة، وأن يصبروا على فساد بيئة أو طغيان قوة أو موت حق وقيام باطل، فلم يكن من أولئكم الأنذال أشباه الذين يرحبون بالفساد يستغلونه لمآربهم ويسخرونه لمنافعهم. بل آثر أن يكون من رجال الإصلاح وإن أوذي واضطهد، فعزل غير مرة واعتقل بقلعة دمشق، لكن العالم الإسلامي وقد نسي مضطهديه واضطهاده لم ينس له في حياته ولن ينسى له بعد مماته فضله وآثاره1؛ فقد كان تاج الدين في طلبه للعلم شغوفا لم يألُ جهدا في تحصيله فحضر وسمع بمصر من جماعة ثم قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسمع بها من جماعة واشتغل بالعلم على والده وغير ودرس بمصر والشام وبمدارس كبار العلماء منها العزيزية والعادلية الكبرى والغزالية والعزراوية والشاميين والناصرية والأمينية وغير ذلك من المدارس.

1 البيت السبكي 13-14.

ص: 7

شيوخه:

1-

علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى تقي الدين أبو الحسن الأنصاري الخزرجي السبكي وهو والد الشيخ تاج الدين فقد طلب العلم على يديه- قال عنه ولده كما ولي التدريس في المدرسة الشامية البرانية "فما حل مغربها ولا اقتعد بمشرقها أعلم منه"، وقد كان والده رحمه الله حريصًا على تثقيفه على يد كبار العلماء ممن يثق في علمهم ويطمئن إلى وسائلهم في الدرس والتلقين.

2-

يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف الإمام العلامة الحافظ الكبير شيخ المحدثين عمدة الحفاظ أعجوبة الزمان جمال الدين أبو الحجاج الدمشقي المزي.

قرأ الشيخ تاج الدين السبكي عليه وأخذ من علمه الكثير واستفاد منه.

3-

محمد بن أحمد بن عثمان بن قائماز الإمام العلامة الحافظ المقرئ مؤرخ الإسلام أبو عبد الله الفارقي الدمشقي المعروف بالذهبي؛ فإن السبكي محدث العصر وخاتم الحفاظ القائم بأعباء هذه الصناعة وحامل راية أهل لسنة والجماعة إمام أهل عصره حفظًا وإتقانًا وفرد الدهر الذي يذعن له أهل عصره وقد لازمه شيخنا وأخذ عنه الكثير وتخرج به وغير ذلك من المشايخ الذين أخذ عنهم الشيخ الإمام.

4-

عبد العزيز بن محمد بن جماعة بن صخر الكناني الشافعي، ولد في تاسع عشر المحرم سنة سبع وستين وستمائة وتوفي بمكة سنة أربع وتسعين وسبعمائة ودفن بالحجون1 وغير ذلك ممن نال الشيخ رحمه الله شرف الأخذ عنهم.

ثناء العلماء عليه:

لقد أثنى عليه جمع من العلماء منهم الذهبي وذكره في المعجم المختص وأثنى عليه، وقال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يَجْرِ على قاضٍ قبله، وحصل له من المناصب ما لم يحصل لأحد قبله، قال عنه الحافظ شهاب الدين بن حجي: حصل فنونًا من العلم ومن الفقه والأصول وكان ماهرًا فيه والحديث والأدب

1 البدر الطالع 1/ 359.

ص: 8

وبرع وشارك في العربية وكانت له يد في النظم والنثر جيد البديهة ذا بلاغة وطلاقة لسان وجراءة جنان وذكاء مفرط وذهن وقاد.

قال ابن قاضي شهبة: وانتهت إليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام وحصلت له محنة بسبب القضاء، وأوذي فصبر وسجن وعقد له مجالس فأبان عن شجاعته وأفحم خصومه مع تواطئهم عليه ثم عاد إليه مرتبته وعفا وصفح عمن قام عليه وكان سيدا جوادا كريما مهيبا تخضع له أرباب المناصب من القضاة وغيرهم.

وقال عنه الحافظ شهاب الدين بن حجي: "حصل فنونا من العلم".

تصانيفه:

1-

شرح مختصر ابن الحاجب في مجلدين سماه "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب".

2-

شرح المنهاج للبيضاوي في الأصول.

3-

الأشباه والنظائر وهو الذي ما نحن بصدده.

4-

طبقات الفقهاء الكبرى والوسطى والصغرى.

5-

"الترشيح" في اختيارات والده، وفيه فوائد غريبة.

6-

التوشيح على التنبيه.

7-

التصحيح في الأصول.

8-

المنهاج في الأصول.

9-

جمع الجوامع: في أصول الفقه وشرحه.

10-

منع الموانع: وهو شرح جمع الجوامع السابق الذكر.

11-

"جلب حلب" وهو جواب أسئلة سأله عنها الأذرعي.

12-

أحاديث رفع اليدين.

13-

أوضح المسالك في المناسك.

14-

ترجيح تصحيح الخلاف.

15-

تبيين الأحكام في تحليل الحائض.

16-

جزء في الطاعون.

17-

الدلالة عن عموم الرسالة.

ص: 9

جوابًا عن أسئلة أهل طرابلس.

18-

رفع الحوبة في وضع التوبة.

19-

السيف المشهور في شرح عقيدة أبي منصور الماتريدي.

20-

فتاوى.

21-

مصنف في الألغاز.

22-

معيد النعم ومبيد النقم.

23-

مناقب الشيخ أبي بكر بن قوام.

وفاته:

توفي الشيخ رحمه الله شهيدًا إثر مرضه بالطاعون في ذي الحجة ليلة الثلاثاء سنة إحدى وسبعين وسبعمائة عن أربع وأربعين سنة.

نسبة الكتاب:

من الأمور اليقينية التي وقعت لنا في تحقيق هذا الكتاب نسبته إلى مؤلفه، فقد أجمع المؤرخون على نسبته إليه ولقد وجد اسم الكتاب منسوبًا إلى ابن السبكي رحمه الله على كلا النسختين اللتين اعتمدنا عليهما في ضبط الكتاب وكذلك لقد اقتبس كثير من العلماء من الكتاب وأحالوا عليه وأشادوا به مثل السيوطي في مواضع عديدة من أشباهه ونظائره، وابن نجيم وأحمد بن الصاحب شرف الدين محمد بن أحمد المصري. له مؤلف اختصر فيه الأشباه والنظائر للشيخ رحمهما الله مسمى نواضر النظائر.

وصف المخطوط:

لقد اعتمدنا في ضبط نص ذكر الكتاب على نسختين:

النسخة الأولى: وهي المحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم "1476" بخط واضح جيد تقع في 240 لوحة مسطرتها 31 سطرا وقع في نهايتها قوله: "قال مؤلفه رحمه الله نجز الفراغ من هذا الكتاب نفع الله به في السابع من شهر ربيع الأول سنة ثمانٍ وستين وسبع مائة على يد مؤلفه عبد الوهاب ابن السبكي غفر الله له وكان نجازه بدار الخطابة بالجامع الأموي بدمشق والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا".

ص: 11

وجعلنا هذه النسخة أصلا ورمزنا لها بالرمز "أ".

النسخة الثانية: وهي المحفوظة بمكتبة البلدية بالإسكندرية. بخط واضح تقع في 225 لوحة مسطرتها 27 سطرًا وقع عليها بعض التملكات للفقير إلى الله الغني عبد الرحمن ابن الشيخ محمد الحكم غفر الله له ولوالديه.

وقع في آخرها قوله: "قال مؤلفه رحمه الله: نجز الفراغ من هذا الكتاب نفع الله به في السابع من شهر ربيع الأول سنة ثمانٍ وستين وسبعمائة على يد مؤلفه عبد الوهاب ابن السبكي غفر الله له وكان نجازه بدار الخطابة بالجامع الأموي الكبير بدمشق والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله على كل حال".

وهذه النسخة بها سقط في مواضع عديدة من الكتاب وزيادات في غير موضعها نبهنا على ذلك في تعليقنا إلا في مواضع قليلة أغفلناها؛ لعدم أهميتها.

ورمزنا لهذه النسخة بالرمز "ب".

هذا وقد أجهدنا ضبط ذلك النص جهدا كبيرا، فإن كان فيه من خير فلله الحمد والمنة، وإن كان غير ذلك فنسأل الله أن يجنبنا الخطأ والزلل.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 12