المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية محاسبة الإنسان لنفسه - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٢٢

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌خواطر شهر محرم

- ‌أنواع القلوب

- ‌أهمية محاسبة الإنسان لنفسه

- ‌مواقف يجب أن يقف الإنسان عندها

- ‌وجوب استغلال العمر في طاعة الله عز وجل

- ‌إضاعة الصلاة سبب في الوقوع في الشهوات

- ‌آثار الشهوات على الأخلاق والسلوك

- ‌بيان ضرر الربا وخطره

- ‌خطر التشبه بالكفار

- ‌خطر تبرج المرأة وتقليدها للكافرات

- ‌حرمة تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال

- ‌وجوب قيام كل صاحب مسئولية بمسئوليته

- ‌وجوب المبادرة إلى التوبة

- ‌قيام الدولة الإسلامية في شهر الله المحرم

- ‌ذكرى عاشوراء، وبيان الأحداث التي وقعت فيه

- ‌كيف نستفيد من ذكرى شهر المحرم

- ‌أهمية نعمة الأمن والرزق ووجوب المحافظة عليها

- ‌الأسئلة

- ‌دور النوادي في إصلاح الشباب

- ‌حكم مخالطة أصحاب المعاصي

- ‌مذاهب العلماء في أحاديث نفي الإيمان ونحوه

- ‌حكم قراءة التوراة والإنجيل وبيان أنها محرفة

- ‌أنواع الذنوب وضررها على صاحبها

- ‌شروط التوبة

- ‌حكم من يقول بجواز الإسبال والغناء

- ‌حد عورة الرجل وحكم كشفها

- ‌تعريف ذوي الأرحام وبيان حكم قطيعة الرحم

- ‌أفضل الكتب بعد كتاب الله عز وجل

- ‌حكم الصلاة في الملعب إذا كان المسجد يبعد كيلو متراً

- ‌وجوب عبادة الله عز وجل على بصيرة

- ‌بيان الأشهر الحرم وسبب تسميتها بذلك

- ‌تكرار التوبة إذا تكرر الذنب

- ‌حكم أخذ الفوائد الربوية من البنوك

- ‌تأجير البيوت لغير المسلمين

- ‌انتشار الصحوة الإسلامية في هذه الأزمنة

الفصل: ‌أهمية محاسبة الإنسان لنفسه

‌أهمية محاسبة الإنسان لنفسه

إن الحديث عن شهر الله المحرم حديث ذو شجون؛ لأنه حديث عن فرصة تحقق فرصة أخرى، هذه الفرصة تفتح فيها صفحة جديدة من صفحات التاريخ في حياة الإنسانية جمعاء، وستنتهي هذه الصفحة لتفتح بعدها صفحات وصفحات إن طال بنا الزمان.

أيها الإخوان! أما نحن وذكرياتنا في شهر الله المحرم فيجب أن تكون لنا مواقف، هذه المواقف يجب ألا نغفل عنها.

إخوتي في الله! إن الرجل التاجر الذي يعمل ليلاً ونهاراً طيلة العام في بيعه وشرائه، يأخذ من فلان ويبيع على فلان ويشتري من فلان، ويعطي ويستعطي لابد وأن تكون له ساعة يقف فيها أمام دفاتر تجارته؛ لينظر ما له وما عليه، وماذا كسب وماذا خسر؟ وماذا عليه أن يعمل؟ وكيف يجب أن يتصرف ليزيد في أرباحه وتجارته؟ وهذا أمر بدهي، ندركه في حياتنا التجارية، وإذا كان المسافر يسير في طريق طويلة فإنه لابد أن يقف أمام لوحات الطريق، ولابد أن يقف أمام معارج الطرق وأمام المنعطفات؛ لينظر كم قطع من الطريق؟ وماذا بقي له في هذا الطريق؟ وكم ميلاً قطعه؟ وكم ميلاً بقي؟ ثم يعود مرة أخرى لينظر في زاده ماذا بقي؟ وكيف يجب أن يتزود؟ هذه فطرة بشرية ندركها جميعاً ونحن اليوم نعيش أمام مفرق من مفارق الطرق، وأمام لوحة من لوحات الطريق؛ لأنا نسير جميعاً إلى الله عز وجل وإلى الدار الآخرة.

ونحن أيضاً في تجارة مع الله عز وجل، لكنها تجارة تنجينا من عذاب أليم تجارة هي أعظم تجارة.

إذاً: أولاً: جدير بنا وأحق بنا أن نقف اليوم كما يقف التاجر أمام دفاتر تجارته، وكما يقف المسافر أمام لوحات الطريق، وأمام مفارق الطريق ومنعطفاته؛ لننظر كيف الطريق؟ وهل نحن في صحة من مسيرتنا أو يجب أن نغير الطريق مرة أخرى لنصل إلى الهدف الذي ننشده إن شاء الله؟ هكذا نحن أيها الإخوة المؤمنون نتصور أنفسنا ونحن نضع أقدامنا في شهر الله المحرم، وهو أول شهر في العام؛ ولذلك سمي الشهر المحرم؛ لأنه أحد الأشهر الأربعة الحرم التي يقول الله عز وجل عنها:{مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36]، بل هو أعظم الأشهر الحرم؛ لأنه وضع بداية لتاريخ الإنسانية جمعاء، وذلك حينما استشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسلمين في عصره بأي شيء يبدأ السنة: أيبدؤها بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بهجرته أم بوفاته أم بماذا يبدؤها؟ فرأى المسلمون أن يبدأها من الهجرة، وأن يكون شهر الله المحرم هو أول السنة؛ لأنه يعود فيه الحجاج إلى مواطنهم، ولأنه تستأنف فيه أنشطة كثيرة.

إخوتي في الله! ومن هذا المنطلق يجب أن نقف نفكر ونستعرض صفحات العمل، ونستعرض سجلات العمل التي أودعناها في العام المنصرم، ونصحح المسيرة إن كنا قد أخطأنا، أو نثبت على المسيرة إن كنا قد أحسنا.

خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المناسبة فقال: (أيها الناس! إن لكم معالم فانتبهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتبهوا إلى نهايتكم؛ إن العبد المؤمن بين مخافتين: أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، ألا فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن شبيبته لهرمه، ومن دنياه لآخرته).

ويقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه في مثل هذه المناسبة: (أيها الناس! إنكم تغدون وتروحون إلى أجل قد غاب عنكم علمه، فإن استطعتم أن تعملوا صالحاً فاعملوا).

ص: 3