المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الركون إلى الظالمين من أسباب الهلاك والعذاب - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٥٤

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌الاستقامة

- ‌الاستقامة على دين الله من أسباب النجاة من عذاب الله وغضبه

- ‌معنى الاستقامة وفضلها ولوازمها

- ‌الدعوة إلى الله من لوازم الاستقامة

- ‌الاستقرار من لوازم الاستقامة

- ‌الاستقامة هي المخرج من الفتن

- ‌الاستقامة سبب للنجاة والسلامة في الدنيا والآخرة

- ‌الاستقامة هي أخذ الدين من جميع جوانبه دون استثناء

- ‌الاستقامة المحمودة هي التي تكون حتى الممات

- ‌الاستقامة أمر وسط بلا إفراط ولا تفريط

- ‌الاستقامة كما أمر الله لا كما تشتهيه الأنفس

- ‌الطغيان من أسباب الهلاك والعذاب

- ‌خطر الطغيان والغلو في جانب العبادة

- ‌الركون إلى الظالمين من أسباب الهلاك والعذاب

- ‌ضرورة استقلال الشخصية الإسلامية وعدم ركونها إلى غيرها

- ‌خطورة مجالسة الفسقة والعصاة والركون إليهم

- ‌اتخاذ بطانة الشر من الركون إلى الظالمين

- ‌وجوب الركون إلى الله تعالى دائماً وأبداً

- ‌خطر تقليد الآباء والأجداد في الدين

- ‌خطر موالاة الكافرين

- ‌الصلاة من أسباب النجاة من غضب الله تعالى وعقابه

- ‌الصلاة طهارة من الذنوب الآثام

- ‌خطر السهو عن الصلاة وتأخيرها عن وقتها

- ‌أهمية الصلاة ووجوب إقامتها على كل حال

- ‌الصلاة تكفر صغائر الذنوب

- ‌خطر ترك الصلاة

- ‌فضل الصلاة مع الجماعة

- ‌بيان أهمية الصبر وأنه من لوازم الاستقامة

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب النجاة من غضب الله تعالى وعذابه

- ‌صلاح الأمم بوجود المصلحين وهلاكها بفقدهم

الفصل: ‌الركون إلى الظالمين من أسباب الهلاك والعذاب

‌الركون إلى الظالمين من أسباب الهلاك والعذاب

قال تعالى في الأمر الثالث: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود:113]، اعلم أنّ كلمة (الظلم) تأتي في الشرع على ثلاثة معانٍ: فتأتي بمعنى: التعدي على حقوق الناس، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(من ظلم من الأرض قيد شبر) الحديث، وتأتي بمعنى: الشرك بالله عز وجل، يقول الله تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13] وتأتي بمعنى: المعصية؛ صغيرة كانت أم كبيرة، كقوله تعالى:{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر:32]، فلها معان متعددة؛ ولذلك فإن الظالم -بكل معانيه- لا يجوز لأحد أن يتعاون معه، أو يركن إليه، أو يجالسه، أو يشاربه، أو يعاونه في أي أمر من الأمور، فمن عاونه مسته النار.

إنّ الميل إلى الظالمين يسبب مس النار والإحراق في نار جهنم، فكيف بالظالم نفسه الذي يتعدى على حرمات المسلمين وأموالهم وحرياتهم وحقوقهم وأعراضهم، وغير ذلك؟!! فالأمر خطير جداً، ولذلك فإن هذه الآية:(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) تحذر المسلمين من أن يميلوا إلى طغاة البشر أو أن يتعاونوا معهم، كما تحذر المسلمين من أن يميلوا إلى الكافرين، وتحذرهم أيضاً من مخالطة الفسقة والعصاة؛ لأن ذلك يسبب فسقاً وعدواناً في الأرض؛ ولذا فإن الله عز وجل عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم حينما فكر تفكيراً بعيداً في أن يجذب القوم إلى الإسلام عن طريق الميل القليل إليهم؛ كأن يخصص لهم مجلساً، أو أن يلين مع كفار قريش من أجل أن يجذبهم إلى الطريق المستقيم، يقول الله تعالى له:{وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء:74 - 75]، فالركون شيء قليل، والعذاب مضاعف في الحياة الدنيا وبعد الموت، مع أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم!! إنّ نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم -وهو خير البرية المبلغ من عند الله- عندما فكر في أن يركن إليهم شيئاً قليلاً، هدده الله تعالى بالعقوبة ضعف الحياة وضعف الممات، إذاً فماذا نقول في ركون المسلمين إلى الكافرين هذا الركون الطويل العريض، حتى أصبح بعضهم يسب الإسلام من خلال أخلاق هؤلاء الكافرين، ويسب المسلمين تصنعاً لهؤلاء الكافرين، بسبب ابتسامتهم في وجوهنا، ويقول هذا المسلم الخائن: الكفرة خير من هؤلاء؟! كلمات نسمعها دائماً وأبداً، ولربما يزيد الأمر خطورة حينما يصل إلى درجة محبة هؤلاء.

إذاً: فالأمر خطير، الله تعالى يقول:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا} [الإسراء:74 - 75]، والتنوين في (إذاً) يسمى بتنوين العوض، والمعنى: إذاً لو ركنت إليهم شيئاً قليلاً {لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء:75]، أي: عاقبناك عقاباً شديداً مضاعفاً في الحياة الدنيا وبعد الموت.

ص: 14