المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مساواة المرأة بالرجل فيما لا يخرجها عن أنوثتها ولا يغمطها حقها - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٦١

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌المرأة في الإسلام ما لها وما عليها

- ‌أهمية قضية المرأة في هذا العصر

- ‌موقف المنافقين والمرجفين من الإسلام حول قضية المرأة

- ‌حال المرأة في الأديان والبلدان المختلفة

- ‌المرأة عند الآشوريين والبابليين

- ‌المرأة عند اليونان

- ‌المرأة عند الفرس

- ‌المرأة عند الأتراك القدامى

- ‌المرأة عند البربر

- ‌المرأة عند الصينيين

- ‌المرأة عند اليابانيين

- ‌المرأة في شريعة حمورابي

- ‌المرأة عند قدماء المصريين

- ‌المرأة عند اليهود

- ‌المرأة عند النصارى

- ‌المرأة عند الإنجليز

- ‌المرأة عند العرب قبل الإسلام

- ‌المرأة عند الشيوعيين

- ‌المكانة التي تبوأتها المرأة في ظل الإسلام

- ‌إكرام الإسلام للمرأة بنتاً

- ‌إكرام الإسلام للمرأة زوجة

- ‌مساواة المرأة بالرجل فيما لا يخرجها عن أنوثتها ولا يغمطها حقها

- ‌تنظيم العلاقة الزوجية في الإسلام يخدم المرأة ويرعى مصالحها

- ‌النشوز

- ‌حقوق الزوجة على زوجها

- ‌إكرام الإسلام للمرأة أماً

- ‌قانون معالجة المشاكل الزوجية في الإسلام يضمن للمرأة حقوقها كاملة

- ‌شبهات حول حقوق المرأة والرد عليها

- ‌شبهة تحريم ولاية المرأة

- ‌شبهة ميراث المرأة

- ‌شبهة جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌شبهة جعل القوامة للرجل على المرأة

- ‌شبهة تعدد الزوجات

الفصل: ‌مساواة المرأة بالرجل فيما لا يخرجها عن أنوثتها ولا يغمطها حقها

‌مساواة المرأة بالرجل فيما لا يخرجها عن أنوثتها ولا يغمطها حقها

المساواة أساس من أسس الإسلام، فهو دين المساواة إلا أن الله تعالى فضل الرجال على النساء؛ لأن الرجال مطالبون بحقوق تقابل هذه الدرجة أو تزيد، فهم الذين يبذلون أموالهم عند الزواج، وهم الذين يسعون في سبيل الحصول على لقمة العيش، وهم مطالبون بالنفقة؛ يقول الله سبحانه وتعالى لآدم وحواء:{فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه:117]، ويقول المفسرون: إن الله قال: (فَتَشْقَى)، ولم يقل: فتشقيا.

وإن حذف الألف في هذه الآية يدل على أن الرجل -وحده- هو المطالب بالبحث عن العيش، لأن معنى قوله تعالى:(فتشقى) يعني في البحث عن العيش، لأنك في الآخرة قد كفيت العيش، وبهذا استدل العلماء على أن المرأة غير مطالبة بالنفقة، وأن الرجل هو المطالب بالنفقة عليها.

فالمساواة في الأصل ثابتة حقاً، يقول الله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف:189].

كذلك المساواة في العمل ثابتة أيضاً: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:35] إلى أن قال الله في آخر الآية: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35].

كذلك المساواة في جزاء الآخرة: يستوي في ذلك الرجل والمرأة، كل ينال نصيبه وجزاء عمله، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرً} [آل عمران:30]، ويقول سبحانه:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:195].

وكذلك المساواة في المعاملات: في البيع والشراء، والأخذ والإعطاء، والرهن، والقرض، وما أشبه ذلك.

وكذلك المساواة في التعليم: فالإسلام لم يحرم تعليم المرأة، لكنه يأمرها بالحشمة حينئذٍ والتستر، فهو يبيح لها أن تتعلم كل ما تستفيد منه، بل قد يوجب التعلم في كثير من الأحيان إذا كان دينها لا يقوم إلا به، إلا أنه ينهى عن المبالغة في التعليم حتى يطغى على سن الزواج، لأنه يفوّت فرصة من فرص الحياة التي لا بد للمرأة منها.

وإذا كانت هناك مطالب للمساواة غير ما سبق، فإنها ليست من مصلحة المرأة، وإنما تصدم مصالحها، ولن تعود عليها بخير؛ ولهذا فإن هؤلاء الذين يطالبون بالمساواة لم يخلصوا لها، بل هم عدوها اللدود؛ فهم يريدون مساواتها بالرجل في جميع وظائف الحياة، وهذا أمر لا يمكن؛ لأن تركيبها يختلف كثيراً عن تركيب الرجل، وعضلاتها تختلف، فلقد أثبتت التقارير العلمية الدقيقة أن هناك فرقاً كبيراً في الوزن، وحجم القلب، وتركيب الأعضاء، وغير ذلك بين الرجل والمرأة!! علماً أن مزاولتها لجميع الأعمال يعرضها للفتنة وانحطاط الخلق حينما تختلط بالرجال الأجانب، وقبل ذلك فهي مطالبة بأعمال لا يستطيعها الرجال من الحمل، والولادة، والرضاع، والحضانة، وتربية الأولاد، وغير ذلك.

وفوق هذا كله، فالمرأة مأمورة بعدم الخروج من البيت إلا بمقدار الحاجة والضرورة، والعمل غير المقيد يطالبها بالخروج المستمر، والله عز وجل يقول لها:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33]، ولا يجوز تكليفها بأي عمل يفرض عليها الخروج المستمر عن بيتها، ويعرضها للذئاب الجائعة.

وأخيراً نقول: ماذا تريد المرأة؟! أتريد المساواة الإنسانية في الأصل والنشأة مع الرجل؟ لها ذلك، وذلك ثابت لها في قول الله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف:189].

أم هل تريد المساواة في الاستقلال الاقتصادي، وحرية التملك والمعاملة والأخذ والإعطاء؟ لها ذلك.

أم هل تريد حق التعليم والعمل بضوابط وحدود؟ لها ذلك.

أم هل تريد حق اختيار الزوج الصالح؟ لها ذلك.

أم هل تريد العشرة الحسنة مع زوجها؟ لها ذلك.

أما إذا كانت تريد بالحرية التبرج، ومزاحمة الرجال، وإفساد المجتمع، فليس لها ذلك؛ محافظة عليها وعلى مجتمعها ودينها، ولا يعرف هذا الأمر إلا الذين اكتووا بناره، وتجرعوا غصّته، فصاروا ينادون بأعلى أصواتهم: خذوا منا عبرة، حافظوا على المرأة، احذروا أن تتركوها طليقة، احذروا أن تتركوا لها الأمر كما تريد!

ص: 22