الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني
أبيات متفرقة
وتشمل:
نصائح - مواعظ - وصايا - حكم - أمثال - أدب
نزهة الألباب في الحكم والآداب
قال أبو الحسن علي بن عبد الله بن مفرج القرشي النابلسي 1:
الحمدُ لله القديم الماجِدِ
…
ذي الطَّولِ والإنعامِ والمحامِدِ
حمداً يفوقُ حمدَ كلِّ الخلقِ
…
وما أطيقُ شُكْرَ بعضِ الحقِّ
ثُمَّ الصلاة بعدُ والسلامُ
…
على نبي دينه الإسلامُ
سَأَلْتَنِي الإفصاح عن ذا الحِكَمِ
…
ونزهة الألباب، خذها كالعَلَمِ
خُذ يا بُنَيَّ هذه النَّصائحا
…
واستعملنها غادياً ورائحا
لتقتني منفعة وحكمةً
…
وتثنيني عن منن ونعمة
فحفظها يهدي إلى دار البقاء
…
وحبها يهزم أجناد الشقاءِ
إذا ابتدأت الأمر سمِّ اللهَ
…
وأحمده وأشكره إذا تناها
وكُلَّما رأيت مصنوعاتِهِ
…
والْمُبدعاتِ مِن عَلا آياته
فاذكره سراً سرمداً وجهراً
…
لتشهدن يوم الجزاء أجراً
…
ما زالَتِ الأيامُ تأتي بالعبر
…
أفق وسلم للقضاء والقدر
كم آية مرت بنا وآية
…
في بعضها لمن وعى كفاية
ونحن في ذا كله لا نعتبر
…
ولا نخاف غيبها فنزدجر
1 نزهة الأبصار في محاسن الأشعار ص 317 وما بعدها.
أليس هذا كله تأديبا
…
فمالنا لا نتقي الذنوبا
لكن قسى قلب وجفت أدمعٌ
…
إنا إلى الله إليه المرجعُ
فنسأل الرحمن ستر ما بقي
…
وعفوه واللطف فيما نتقي
فكم وكم قد أظهر الجميلا
…
وستر القبيح جيلاً جيلاً
حتى متى لا نرعوي بالوعظ
…
وأنت تنبو كالغليظ الفَظِّ
تطوي الليالي العمر طيا طيا
…
وأنت لا تزاد إلا عتيا
فلا تبت إلى على وصية
…
فإنها عاقبة مرضية
هيهات لابد من النزوح
…
حقا ولو عمرت عمر نوح
فنسأل الله لنا السلامة
…
في هذه الدنيا وفي القيامة
أعدد لجيش السيئات توبة
…
فإنها تهزم كل حوبة
وارجع إلى ربك فاسألنه
…
ولا تحد طرفة عين عنه
أفضل زاد المرء تقوى اللهِ
…
سبحانه جل عن التناهي
عليك بالتقوى وكل واجب
…
وترك ما يخشى وشكر الواهب
العلم والحلم قرينا خيرٍ
…
فالزمها وُقيت كل ضير
فالعِلْمُ عِزٌّ لا يكاد يَبْلَى
…
والْحِلْمُ كَنْزٌ لا يكاد يفنى
العلم لا يحصى فخذ محاسنه
…
ونبه القلب الصدي من السنة
أجمل شيء للفتى من نسبه
…
إكثاره من علمه وأدبه
إن كنت محتاجاً إليه مانكا
…
أو غير محتاجاً إليه زانكا
لا خير في علم بغير فهم
…
ولا عبادات بغير علم
لا تطلبن العلم إلا للعمل
…
فاعمل بما علمته قبل الأجلِ
فإن فيه غاية السلامة
…
هذا إذا كان بلا سآمة
نصح الورى من أفضل الأعمالِ
…
والبِرُّ والرفق بلا اعتلال
إياك إياك الرياء يا صاحِ
…
فتركه أقرب للفلاحِ
فالعمر ما كان قرين الطاعةِ
…
هذا ولو قدر بعض ساعةِ
حث كنوز الدمع في الخنادس
…
بين يدي ربك غير آيسِ
على سوادِ خالِ خدّ الصبح
…
تتلو المثاني راغِباً في الربحِ
وقل بما جاء به خير البشرِ
…
هب لي الرضا بالقضاء والقدرِ
واجعل لنا من هم فرجاً
…
فضلاً، ومن غم وضيقٍ مخرجاً
…
نصيحةُ الإخوان ومرشدُ الخلانِ
…
قال ابن الوردي 1:
اعتزل ذكر الأغاني والغزل
…
وقل الفصل وجانب مَن هزلْ
ودع الذكر لأيام الصِّبا
…
فلأيام الصبا نجم أفلْ
1 كفاية الإنسان من القصائد الغرر الحسان ص 165 وما بعدها إلى ص 168، وديوان ابن الوردي ضمن مجموعة الرسائل الكمالية ((في الأدب)) ص 338.
واتقِ الله فتقوى الله ما
…
جاورت قلب امرئ إلا وصل
ليس من يقطع طرقاً بطلاً
…
إنما من يتقي الله البطل
صدق الشرع ولا تركن إلى
…
رجل يرصد بالليل زُحَل
حارت الأفكار في قدرة مَن
…
قد هدانا سبلنا عز وجل
…
أُطلب العلم ولا تكسل فما
…
أبعد الخير على أهل الكسل
واحتفل للفقه في الدين، ولا
…
تشتغل عنه بمال وخول
…
لا تقل: قد ذهبت أربابه
…
كلُّ مَن سار على الدرب وصل
في ازدياد العلم إرغام العِدَى
…
وجمالُ العِلمِ: إصلاحُ العمل
جَمِّلِ المنطق بالنحو، فمن
…
يحرم الإعراب بالنطق اختبل
…
اعتبر (نحن قسمنا بينهم)
…
تلقه حقاً، وبالحقِّ نَزَل
…
لا تقلْ أصلي وفصلِي أبداً
…
إنّما أصل الفتى ما قد حصل
…
لا تلِ الحكم وإن هم سألوا
…
رغبة فيك وخالف من عذل
إن نصف الناس أعداء لمن
…
ولي الأحكام، هذا إن عَدَل
غِب، وزُرْ غِبّاً تزد حُباً فمن
…
أكثر الترداد أضناه الملل
خذ بحد السيف واترك غمده
…
واعتبر فضل الفتى دون الحلل
حبك الأوطان عجزٌ ظاهرٌ
…
فاغترب تلق عن الأهلِ بدَل
فبِمُكْثِ الماء يبقى آسِناً
…
وسرى البدر به البدر اكتمل
…
إن في الموت لعبرة
…
قال إبراهيم بن مسعود الألبيري 1:
يا أيها المغتر بالله
…
فر من الله إلى الله
ولُذ به واسأله من فضله
…
فقد نجا مَن لاذ باللهِ
وقُم له والليل في جنحه
…
فحبذا من قام لله
واتل من الوحي ولو آيةً
…
تُكسى بها نوراً من اللهِ
وعفّر الوجه له ساجداً
…
فعزّ وجهٌ ذَلَّ لله
فما نعيمٌ كمناجاتِهِ
…
لفائت يخلص لله
وابعد عن الذنب ولا تأتهِ
…
فبعده قربٌ من اللهِ
يا طالِباً جاهاً بغير التقى
…
جهلت ما يدني من اللهِ
1 كفاية الإنسان من القصائد الغرر الحسان ص 233 إلى 235.
لا جاه إلا جاه يوم القضا
…
إذ ليس حكم لسوى اللهِ
وصار مّن؟ يسعد في جنة
…
عالية في رحمة اللهِ
ستسكن في الفردوس في قبة
…
من لؤلؤ في جيرة الله
ومن يكن يقضى عليه الشقا
…
في حاحم في سخط الله
يسحب في النار على وجهه
…
بسابق الحكم من الله
يا عجباً من موقنا بالجزا
…
وهو قليل الخوف لله
كأنه قد جاءه مُخبرٌ
…
بأمنه من قِبَلِ اللهِ
يا رُبَّ جَبَّارٌ شديدُ القوى
…
أصابه سهم من اللهِ
فأنقد المقتل منه وكم
…
أصمت وتصمى أسهم الله
وغاله الدهر ولم تغنه
…
أنصاره شيئاً من الله
واسْتُلَّ قَسْرأ من قصور إلى
…
أجداث واستسلم لله
مرتهناً فيها بما قد جنى
…
يُخشى عليه غضب اللهِ
ليس له حول ولا قوة
…
الحول والقوة لله
يا صاح سر في الأرض كيفما ترى
…
ما فوقها من عبر الله
وكم لنا من عبرة تحتها
…
في أمم صارت إلى الله
من ملك منهم ومن سوقة
…
حشرهم هين على الله
والحظ بعينك أديم السما
…
وما بها من حكمة الله
ترى بها الأفلاك دوارة
…
شاهدة بالملك لله
وهي وما غاب وما قد بدا
…
من آية في قبضة الله
توحد الله على عرشه
…
في ملكه فالأمر لله
وما تسمى أحد في السماء
…
والأرض غير الله بالله
إنّ حمى الله منيعٌ فما
…
يقرب شيء من حمى اللهِ
لا شيء في الأفواه أحلى من الت
…
وحيدِ والتمجيد لله
ولا اطمأن القلب إلا لمن
…
يعمره بالذكر لله
وإن رأى في دينه شبهة
…
أمسك عنها خشية الله
من الأبيات السائرة قول أبي العتاهية 1:
المَوتُ بابٌ وكلُّ الناس داخِلُهُ
…
يا ليتَ شِعْرِي بعدَ البابِ ما الدارُ
الجواب:
الدَّارُ جنّةُ عدنٍ إنْ عَمِلتَ بِما
…
يُرضِي الإلهَ، وإنْ خالَفْتَ فالنَّارُ
آخر 2:
…
مَنْ يشتري قُبّةً في الخلدِ عالِيةً
…
في ظِلِّ طوبى رفيعات مبانيها
دلاّلُها المصطفى واللهُ بائِعُها
…
ممن أراد، وجبريل مُنَادِيها
قال أبو العتاهية 3:
…
إنّ الشبابَ والفراغَ والْجِده
…
مُفسدةٌ للمرء أي مَفسدة 4
…
1 الديوان ص 141.
2 ثمار القلوبِ في المضاف والمنسوب لأبي منصور الثعالبي ص 695-696.
3 الديوان ص 448.
4 هذه الخصال تكون مفسدة إذا لم تشتغل في الخير، أما إذا استعملت في الخير فنعمةِ المصلحة.
وقال عبد الله بن رواحة –رضي الله عنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم 1:
وفِينا رسول الله يتلو كتابه
…
إذا انشقَّ معروف من الفجرِ ساطعُ
أرانا الهُدى بعد العمى فقلوبنا
…
به مُوقناتٍ أن ما قالَ واقِعُ
يبيتُ يُجافي جنبه عن فِراشِهِ
…
إذا استثقلت بالكافرين المضاجِعُ
وقال عبد الله بن رواحة أيضاً 2:
شَهِدتُ بإنَّ وعد الله حقٌّ
…
وأنّ النارَ مثوى الكافرينَ
وأنّ العرشَ فوق الماءِ طافٍ
…
وفوقَ العرشِ ربُّ العالمينَ
وتحمِلُهُ ملائكَة كِرام
…
ملائكة الإله مسومينا
وقال عبد الله بن المبارك 3:
رأيتُ الذنوب تميتُ القلوبَ
…
ويتْبَعُها الذل إدمانها
وترك الذنوب حياةُ القُلوبِ
…
وخير لنفسكَ عِصيانُها
وهل بَدَّلَ الدينَ إلا الملوك
…
وأحبارُ سوءٍ ورُهبانُها
وكان عبد الله بن المبارك يتمثل بهذه الأبيات 4:
اغتنمْ ركعتينِ زلفى إلى الل
…
ـهِ إذا كنتَ فارِغاً
وإذا ما هممتَ بالنطقِ بالبا
…
طِلِ فاجعل مكانه تسبيحاً
1 فتح الباري في شرح صحيح البخاري 3/48 رقم (1155) .
2 اجتماع الجيوش الإسلامية ص 308.
3 ديوان عبد الله بن المبارك ص 67.
4 طبقات الشافعية 1/286.
فاغتنام السُّكُوتِ أفضل مِن خَوْ
…
ضٍ وإن كنتَ بالكلامِ فصيحاً
قال أبو العتاهية 1:
إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقلْ
…
خلوتُ، ولكن قلْ: عليّ رقيبُ
ولا تحسبنّ الله يغفلُ ما مضى
…
ولا أنّ ما يخفى عليه يغيبُ
لهونا لعمر الله حتى تتابعتْ
…
ذنوبٌ على آثارهِنَّ ذنوبُ
فياليت أن الله يغفِرُ ما مضى
…
ويأذن في توباتنا فنتوبُ
قال الإمام الشافعي 2:
ولمّا قسا قلبي وضاقت مذاهِبي
…
جعلتُ رجائي نحو عفوكَ سُلّماً
تعاظَمَنِي ذنبِي فلمّا قرنتهُ
…
بعفوكَ ربّي كان عفوكَ أعظَمَاً
فمازلتَ ذا عفوٍ عن الذنبِ لم تَزَل
…
تجودُ وتعفو مِنّةً وتكرُّماً
…
وذكر ابن عبد البر أن الحسن البصري رحمه الله كان في طريقه إلى مكة يحدو 3:
…
يا فالِقَ الإصباح أنت ربّي
…
... وأنتَ مولاي وأنت حسبِي
…
... فأصلِحن باليقينِ قلْبِي
…
1 الديوان ص 21.
2 الديوان ص 120.
3 بهجة المجالس 2/277.
.. ونجِّنِي من كَرْبِ يوم الكربِ
…
قال أبو نواس 1:
يا ربِّ إن عظُمت ذنوبي كثرةً
…
فلقد علمت بأنّ عفوكَ أعظَمُ
إن كان لا يرجوك إلا مُحْسِنٌ
…
فبمن يلوذ ويستجيرُ المجرمُ
أدعوك ربِّي كَما أمرت تضرعاً
…
فإن رددت يدي فمن ذا يرحمُ
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا
…
وجميلُ عفوك ثم إنّي مُسلِمُ
وقال أيضاً 2:
سبحان من خلَق الْخل
…
قَ من ضعيفٍ مهينِ 3
يسوقه من هواء
…
إلى قرارٍ مكينِ
في الحجب شيئاً فشيئاً
…
يحور دون العيونِ
حتى بدتْ حركات
…
مخلوقة من سكونِ
وقال أحدهم 4:
فلا تغرنك الأيام يا رجل
…
واعمل فليس وراء الموت معتمل
وانظر لنفسك لا تشقى لعيشتها
…
قبل الفراق إذا ما جاءك الأجلُ
واحذر أخي فإن الموت مقتربٌ
…
ولا يغرنك التسويف والأملُ
1 الديوان ص 618.
2 الديوان ص 619.
3 يشير إلى قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} سورة السجدة: 8.
4 التدوين في أخبار قزوين 4/67.
وقال آخر 1:
قد كُنتَ ميتاً فصرتُ حيّاً
…
وعن قريب تصيرُ ميتاً
عز بدار الهوان بيت
…
فابن بدار البقاء بيتاً
وقال محمد بن الربيع الموصِلي 2:
الناس من جهة التفضيل أكفاء
…
أبوهم آدم والأمّ حواءُ
فإن يكن لهم في أصلهم شرفٌ
…
يُفاخرون بِهِ فالطينُ والماءُ
ما الفخرُ إلا لأهلِ العلمِ أنهمُ
…
على الهدى لمن استهدى أدلاّءُ
وقيمة المرء ما كان يُحسِنُهُ
…
والجاهِلُون لأهلِ العلم أعداءُ
فعشْ بعلمٍ تفز حيّاً به أبداً
…
الناس موتى وأهل العلمِ أحياء
وقال آخر:
أبِي الإسلامُ لا أبَ لي سِواهُ
…
إذا افتخروا بِقيسٍ أو تميمِ 3
وقال علي بن الجهم 4:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
…
كفى المرء نبلاً أن تُعَدّ معايِبُه
1 التدوين في أخبار قزوين 1/303.
2 الشوارد 1/35.
3 هذا الدين بين جهل أبنائه وكيد أعدائه، د/ محمد الوكيل 47.
4 ديوان ابن الجهم 118 سجاياه: طباعه وأخلاقه.
وقال أبو مسلم الخراساني 1:
ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ
…
ونام عنها تولّى رعيها الأسدُ
وفي تفضيل الربيع على سائر الف
…
ـصول يقول الصنوبري 2:
إن كان في الصيف ريحانٌ وفاكِهةٌ
…
فالأرض مُسْتَوقِدٌ والجوُّ تَنُّورُ
وإن يكن في الخريف النخل مخترفاً
…
فالأرض محسورة والجو مأسورُ
وإنْ يكن في الشتاء الغيث متصلاً
…
فالأرض عرياناً والجو مقرور
ما لدهر إلا الربيع المستنير إذا
…
جاء الربيع أتاك النَّور والنُّور
فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة
…
والنبتُ فَيرُوزجٌ والماء بِلّورُ
ما يعدم النبت كأساً من سحائبهِ
…
فالنبت ضربان: سكران ومخمورُ
فيه لنا الورد منضود مورده
…
بين المجالس والمنثور منثورُ
ونرجس ساحر الأبصار ليس لما
…
كانت له من عمر الأبصار مسحورُ
هذا البنفسج هذا الياسمينُ وذا
…
النبريق مذ قرنا فالحسن مشهورُ
يظل ينثر فيه السحب لؤلؤها
…
فالأرض ضاحكة والطير مسرور
حيث التفت فقمري وفاختة
…
يغنيان وشفنين وزَرزُورُ
إذا الهزازان فيه صوتا فهما
…
بحسنِ صوتيهما عود وطنبور
1 أمثال الشعر العربي ص 107.
2 تاريخ مدينة دمشق 7/210، نزهة الأبصار في محاسن الأشعار ص 436، محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء 2/569.
تطيب فيه الصحارى للسقيم بها
…
كما تطيبُ له في غيره الدّورُ
من شم ريح تحيات الربيع يقل
…
لا المسكُ مسكٌ ولا الكافور كافورُ
وقال ابن رشيق 1:
مما يُبَغِّضني في أرض أندلسٍ
…
أسماء مقتدر فيها ومعتضدِ
ألقابُ مملكةٍ في غيرِ موضِعِها
…
كالهِرِّ يحكي-انتفاخاً-صولة الأسدِ
قال العتبي 2:
قالت عهدتُك مجنوناً فقلتَ لها
…
إنّ الشبابَ جنون بُرؤُهُ الكِبَرُ
وقال المتنبي يصف حُمّى كانت تُعتادُهُ 3:
وَزائرتي كأنّ بِها حياءً
…
فليس تزُورُ إلا في الظلامِ
بَذلتُ لها المطارفَ والحشايَا
…
فَعافَتْها وباتَتْ في عِظَامِي
يضيق الجلدُ عن نفسي وعنها
…
فتوسعه بأنواع السقامِ
كأنّ الصبح يطردُها فتجري
…
مدامعها باربعة سجامِ
أراقب وقتها من غير شوقٍ
…
مراقبة المشوق المستهامِ
ويصدق وعدها والصدق شرٌّ
…
إذا ألقاك في الكرب العظامِ
أبِنتَ الدهر عندي كلُّ بنتٍ
…
فكيف وصلتِ أنتِ من الزّحامِ
1 أمثال الشعر العربي 127، سير أعلام النبلاء 17/144.
2 التمثيل والمحاضرة ص 88.
3 الديوان 4/146 بشرح العكبري 2/362 بشرح ناصيف اليازجي.
قال الإمام الشافعي 1:
تَعلّم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً
…
وليسَ أخو عِلمٍ كمنْ هو جاهِلُ
وإنّ كبيرَ القومِ لا عِلْمَ عنده
…
صغيرٌ إذا ردّتْ إليه المسائلُ
وإنّ صغيرَ القومِ إذ كان عالماً
…
كبير إذا التفّتْ عليهِ المَحافِلُ
وقول الآخر:
العلم زين وخير الناس يطلبه
…
والجاهلون لأهل العلم أعداء
فعِشْ بعلمٍ ولا تبغِ بهِ بدلاً
…
الناسُ موتى وأهلُ العلمِ أحياءُ
وقول آخر:
فكابد إلى أن تبلغ النفس عذرها
…
وكن في اقتباس العلم طلاع انجد
وقول آخر:
اصبر على مرِّ الجفا من معلّمٍ
…
فإن رسوخ العلم في نفَراتِهِ
فمَن لم يذق مر التعلم ساعة
…
تجرع كأس الجهلِ طولَ حياتِه
ومن فاته التعليم وقت شبابِهِ
…
فكَبِّر عليه أربعاً لوفاتِهِ
حياةُ الفتى والله بالعلم والتقى
…
إذا لم يكونا لاعتبار لذاتِهِ
وقول آخر:
إذا أنت لم تفقه ولم تدرِ ما الهدى
…
فأنت وعيرٌ في الفلاةِ سواءُ
1 الديوان 106.
غيره:
مَنْ فاته العلم وأخطأه الغِنى
…
فذاك والكلب على حدّ سواءُ
حمد المدلجون غب سراهم
…
ويكفي من تخلف الإبطاءُ
غيره:
إذا لم يذاكر ذو العلم بعلمِهِ
…
ولم يذكر علماً نسي ما تعلَما
آخر:
شمّر إلى طلب العلم الشريف وإنْ
…
ضاقت ولم تصف أوقات وأقواتُ
ولا تؤخر لصفو أو رجاء سعة
…
فهم يقولون للتأخير آفات
آخر:
تزوجت البطالة بالتواني
…
فأولدها غلاماً مع غلامِه
فأما الإبن فسموهُ بفقرٍ
…
وأما البنت فسموها ندامةً
وهذه أبيات سابق البربري رحمه الله التي أرسلها إلى عمر بن عبد العزيز حين طلب منه أن ينصحه، فبعث بها إليه، وفيها يقول 1:
بِسم الذي أُنْزِلَتْ مِن عندهِ السُّورُ
…
الحمدُ لله أما بعد يا عمر
إن كنت تعلم ما تأتي وما تذرُ
…
فكن على حذرٍ قد ينفعُ الحذرُ
واصبرْ على القدرِ المقْدُور وأرضَ بهِ
…
وإنْ أتاكَ بما لا تشتهي القدرُ
فما صفا لامرئ عيش فَسُرَّ بِهِ
…
إلا سيتْبَعُ يوماً صفوه كدرُ
1 الأبيات في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/181.
أصبحتم جزراً للموت يأخذكم
…
كما البهائِم في الدّنيا لهم جزر
وليس يزجركم ما توعظون به
…
والبهمُ يزجرها الراعي فتنزجر
ما يشعرون بما في دينهم نقصوا
…
جهلاً وإن نقصوا في دنياهم شعروا
أبعد آدم ترجون البقاء وهل
…
تبقى فروع لأصلٍ حين ينعقرُ
لا ينفعُ الذكرُ قلباً قاسياً آبداً
…
والحبلُ في الحجرِ القاسي له أثرُ
والعلمُ يجلو العمى عن قلب صاحبهِ
…
كما يجلّى سواد الظلمةِ القمرُ
والعلم فيهِ حياة للقلوب كما
…
تحيا البلاد إذا ما مسها المطر
وهذه أبيات علي بن عبد العزيز "أبو الحسن الجرجاني" رحمه الله، وهي 1:
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما
…
رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهُم هان عندهم
…
ومن أكرمته عزة النفس أكرما
إذا قِيلَ هذا مَنهلٌ، قلتُ: قد أرى
…
ولكنّ نفسَ الحرِ تحتملُ الظّمأ
ولم أقضِ حقّ العلمِ إن كُنت كلما
…
بدا مطمعٌ صيّرتُه لي سُلّما
وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستفزُّنِي
…
ولا كلُّ من لاقيتُ أرضاه منعما
ولم أبتذلْ في خِدمَةِ العلمِ مهجتي
…
لا خدم من لاقيت لكن لا خدما
أأشقي به غرساً وأجنيه ذلةً
…
إذا فاتباع الجهلِ قد كان أسلما
ولو أنّ أهل العلمِ صانوهُ صانهم
…
ولو عظّموه في النفوس لعظما
1 الأبيات في طبقات السكبي 3/460.
ولكن أذلّوهُ فهان ودنسوا
…
محيّاهُ بالأطماعِ حتى تجهّما
ومن قصيدة عدي بن زيد العبادي 1:
أيّها الشامتُ المعير بالدهرِ
…
أأنت المبرأ الموفورُ
أم لديك العهد الوثيق من الأ
…
يامِ أم أنت جاهل مغرور
من رأيت المنايا خلدن أم من
…
ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى، كسرى الملوك أبو سا
…
سان أم أين قبله سابور
وبنو الأصفرِ الكرامِ ملوك الرومِ
…
لم يبق منهم مذكورُ
وأخو الخضرِ إذ بناهُ وإذ دجلة
…
تجبى إليه والخابورُ
شاده مرمراً وجلله كلسا
…
فللطير في ذراه وكورُ
وتبين رب الخورنق إذ أشرف
…
يوماً وللهدى تفكيرُ
سره حاله وكثرة ما يملك
…
والبحر معرضاً والسديرُ
فارعوى قلبه فقال وما غبطة
…
حي إلى الممات يصير
ثم بعد الفلاح والملك والآ
…
مة وارتهم هناك القبورُ
ثم اضحوا كأنهم ورق جف
…
فألوت به الصباء والدبورُ
وقال أحدهم 2:
كلُّ المصائبِ مبدأها من النظرِ
…
ومعظمُ النارِ من مستصغرِ الشررِ
1 الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/225.
2 ابن القيم، الجواب الكافي ص 134، روضة المحبين ص 107.
كم نظرةٍ فتكت في قلبِ صاحِبِهَا
…
فتكَ السّهامِ بلا قوس ولا وَتَرِ
يسرّ مقلَتهُ ما ضرّ مهجتّهُ
…
لا مرْحباً بسرورٍ عادَ بالضَّرَرِ
وقال غيره 1:
…
أخْلِقُ بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتِه
…
ومدمن القرعِ للأبواب أن يلجأ
وقال المتنبي 2:
…
وكم من عاتبٍ قولاً صحيحاً
…
وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الآذان منه
…
على قدر القريحةِ والفهومِ
…
وقال غيره:
وما كل من يبدي البشاشة كائناً
…
أخاكَ إذا لم تلفه لك مُنجِداً
…
وقال آخر:
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدٍ
…
وينكر الفمّ طعمَ الماءِ من سقَمِ
…
...
وقال آخر:
لسانُك لا تذكر بهِ عورةَ امرئٍ
…
فَكُلُّكَ عوراتٍ وللناسِ ألسنُ
…
وقال آخر:
قد قيل ما قيل إنْ صدقاً وإن كذباً
…
فما اعتذاركَ من قولٍ إذا قيلَ
…
...
…
...
…
1 لمحمد بن بشير، انظر أمثال الشعر العربي ص 87.
2 الديوان 4/120.
وقال أحدهم:
والنجم تستصغر الأبصارُ صورتَهُ
…
والذنب للطرف لا للنجم في الصِغَرِ 1
وقال آخر:
وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ
…
جاءتْ محاسنُه بألفِ شفيعِ
وللمتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ
…
فهي الشهادةُ لي بأنّي كاملٌ 2
إنّ العُلى حدثتني وهي صادقَةٌ
…
أنّ العز في النقل
وقال أحدهم:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً
…
فأفعاله اللائي سَررنَ ألوف
وقال أحدهم:
ولئن نطقتُ بشكر برك مفصحاً
…
فلسان حالي بالشكايةِ أنطقُ
وقال آخر:
وليس يصِحُّ في الأذهانِ شيءُ
…
إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ 3
وقال آخر 4:
إذا لَمْ تَخْشَ عاقِبَةَ الليالي
…
ولَمْ تستَحِ فاصنعْ ما تشاءُ
1 أبو العلاء المعري، انظر سقط الزند ص 61.
2 الديوان 3/260.
3 المتنبي، الديوان 3/92.
4 تنسب للشافعي أو أبي تمام، انظر الشوارد 1/40، أمثال الشعر العربي ص 16.
..
فلا وأبيك ما في العيشِ خيرٌ
…
ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ
وقال أحدهم:
رأيتُ الفتى يرمي سواه بدائِهِ
…
ويشكو إليك الظلمَ وهو ظُلومُ
وقال آخر:
فلا تمنعنّ ذا حاجةٍ جاءَ طالِباً
…
فإنك لا تدري متى أنتَ راغِبُ
وقال آخر:
وإذا التمستَ دخول أمر فالتمس
…
من قبل مدخله المخرج
وقال آخر:
فإن يك صدر هذا اليوم ولّى
…
فإن غداً لناظِرِهِ قريبُ
وقال بعضهم:
وقد تلتقي الأشتات بعد تفرقٍ
…
وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعيدُ
وقال آخر:
إنّ السعيدَ له في غيرهِ عِظَةً
…
وفي التجارُبِ تحكيمٌ ومعتَبَرُ
وقال آخر:
شرُّ البِلادِ مكانٌ لا صَدِيقَ بِهِ
…
وشرُّ ما يُكسب الإنسان ما يصم 1
وقال آخر:
فألقت عصاها واستقر بها النّوى
…
كما قرّ عينٌ بالإيابِ المسافِرِ
1 المتنبي، الديوان 3/373.
وقال آخر:
إذا لم تستطع شيئًا فدعهُ
…
وجاوِزْهُ إلى ما تستطيعُ
وقال الشاعر:
ولا تجلس إلى أهلِ الدنايا
…
فإن خلائق السفهاءِ تعدِي
وقال أحدهم:
وما كلُّ أزهارِ الرياضِ أريجةٌ
…
وما كلُّ أطيارِ الفلا تترنّمُ
وقال لبيد بن ربيعة 1:
وما المالُ والأهْلون إلا ودائعٌ
…
ولا بدّ يوماً أنْ تُسْتَردَّ الودائِعُ
وقال آخر:
وإذا افتقرت إلى الذخائِر لم تجد
…
ذخراً يكونُ كصالح الأعمالِ
وقال شاعِر:
لا تقعدن على ضر ومسغبةٍ
…
لكي يُقالُ عزيز النفسِ مسطير
وقال الأفوه الأودي 2:
تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت
…
فإن تولت فبالأشرار تنقاد
لا يصلح الناسُ فوضى لا سراةَ لهم
…
ولا سراةَ إذا جُهّالُهُم سادُوا
1 الديوان 88.
2 أمثال الشعر العربي ص 118.
وقال الحطيئة 1:
من يفعلِ الخيرَ لا يُعدم جوازيه
…
لا يذهب العرف بين الله والناسِ
وقال آخر:
والنفسُ كالطّفلِ إن تهملهُ شبّ على
…
حبِّ الرَّضاعِ وإن تفطِمْهُ ينفَطِمِ
وقال آخر:
إنَّ الغصونَ إذا عدلْتها اعتدلَتْ
…
ولا تلينُ إذا كان من الخشبِ
وقال آخر:
ولو سُئل الناس الترابَ لأوشَكُوا
…
إذا قيل هاتوا أن يملُّوا ويَمنعوا
وقال آخر:
فعينُ الرضا عن كلِّ عيب كليلةٌ
…
كما أنّ عينَ السّخطِ تبدي المساويا
وقال أحدهم:
لكل داء دواء يستطب بهِ
…
إلا الحماقة أعيت من يُداويها
وقال آخر:
كل المصائب قد تمر على الفتى
…
فتهون غير شماتة الأعداءِ
وقال المتنبي 2:
لعل عتبك محمودٌ عواقبه
…
وربما صحّتِ الأجسامُ بالعِلَلِ
1 ديوانه 284.
2 ديوانه 3/86.
وقال طرفة بين العبد 1:
ستُبدي لكَ الأيامُ ما كُنتَ جاهِلاً
…
ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ
وقال دكين الراجز 2:
إذا المرءُ لم يدنس من اللوم عرضه
…
فكلّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ
وإنْ هو لم يحمل على النفس ضيمَها
…
فليس إلى حسن الثناء سبيلُ
وقال السموأل بن عاديا 3:
تعيرنا أنّا قليلُ عديدنا
…
فقلت لها إن الكرامَ قليلُ
وما قلّ من كانت بقاياهُ مثلنا
…
شبابٌ تسامى إلى العلى وكهولُ
وما ضرنا أنّا قليل وجارنا عزيز
…
وجار الأكثرين ذليلُ
وقال أحدهم:
ترفق أيها المولى عليهم
…
فإنّ الرفقَ بالجاني عتابُ
وقال المتنبي 4:
على قدرِ أهلِ العلمِ تأتي العزائِمُ
…
وتأتِي على قدرِ الكرامِ المكارِمُ
وتعظم في عين الصغير صغارُها
…
وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ
1 ديوانه ص 57.
2 الشعر والشعراء 2/612.
3 الحماسة لأبي تمام 1/79.
4 الديوان 3/378.
وقال أبو الأسود الدؤلي:
والناسُ ألف منهم كواحدُ
…
وواحد كالألف إن أمر عنى
وقال أبو الأسود الدؤلي:
يا أيها الرجلُ المعلِّمُ غيرَهُ
…
هلاّ لِنفسِكَ كان ذا التعلِيمُ
تَصِفُ الدواء لذي السِّقَامِ وذي الضنى
…
كيما يصحّ به وأنتَ سقيمُ
وأراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عقولَنا
…
أبداً وأنت من الرشادِ عقيمُ
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثلَهُ
…
عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
فابدأ بِنفسكَ فانْهَهَا عن غيِّهَا
…
فإذا انتهتْ عنهُ فأنتَ حَكِيمُ
فهناك يُقبلُ ما تقُول ويقتدي
…
بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ
وقال بعضهم 1:
دعِ الأيامَ تفعلُ ما تشاءُ
…
وطب نفساً إذا حكَمَ القضاءُ
فمن نزلتْ بساحَتِهِ المنايا
…
فلا أرضٌ تقيهِ ولا سمَاءُ
وأرضُ اللهِ واسعةٌ ولكنْ
…
إذا نزلَ القضاء ضاق الفضاءُ
وقال الشاعر خلف بن فرج السميسري 2:
وقفت بالزهراء مستعبراً معتبراً
…
أندب أشتاتاً
فقلتُ يا زهرا هل من رجعةٍ
…
فقالتْ وهل يرجِعُ من ماتا
1 تنسب للشافعي، الديوان ص 38.
2 نفح الطيب 1/527.
وقال آخر:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها
…
ولكن أخلاق الرجالِ تضيقُ
وقال آخر:
بلادي وإن جارتْ عليّ عزيزةٌ
…
وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام
وقال ابن الرومي 1:
ولِي وطنٌ آليتُ ألا أبيعهُ
…
وألا أرى غيري له الدهر مالكاً
وحبب أوطان الرجال إليهمُ
…
مآربُ قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهمو
…
عهود الصِّبا فيها فحنّوا لذلكا
وقال بعضهم 2:
وكلما ذُكِر اسم الله في بلدٍ
…
عددتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
وقال ابن نباته السعدي 3:
من لم يمتْ بالسيفِ ماتَ بغيرِهِ
…
تعددت الأسبابُ والموتُ واحِدُ
وقال أبو العتاهية 4:
ترجو النجاةَ ولم تسلكْ مسالكها
…
إن السفينَة لا تجري على اليبسِ
1 ديوانه 5/1825-1826.
2 هذا الدين بين جهل أبنائه وكيد أعدائه ص 49.
3 وفيات الأعيان 3/193.
4 ديوانه ص 194.
وقال المتنبي 1:
ما كلُّ ما يتمنّى المرءُ يدركُهُ
…
تجري الرِّياحُ بما لا تشتهي السَّفِنُ
وقال آخر:
إنّ الكريم إذا أكرمته ملكتَهُ
…
وإنّ اللئيمَ إذا أكرمْتَهُ تمرداً
وقال أحدهم:
صلاح أمرِكَ للأخلاقِ مرجعةُ
…
فقوّم النفس بالأخلاق تستَقِمِ
وقال شوقي:
إنما الأمَمُ الأخلاقُ ما بقِيَتْ
…
فإن هُم ذهبَتْ أخلاقهُم ذَهَبُوا
وقال أبو ذؤيب الهذلي 2:
وإذا المنية أنشبت أظفارُها
…
ألفيتَ كل تميمة لا تنفعُ
وقال المتنبي 3:
إذا رأيت نيوبَ الليث بارزةً
…
فلا تظنّ أنّ الليث يبتسِمُ
وقال المتنبي 4:
الرأي قبل شجاعَةِ الشُّجعانِ
…
هو أول وهي المحلُّ الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرةٍ
…
نالتْ من العلْياءِ كل أمانِي
1 ديوانه 4/236.
2 جمهرة أشعار العرب 2/683.
3 ديوانه 3/368.
4 ديوانه 4/174.
وقال الفزاري 1:
ولم أرَ كالمعروف أمّا مذاقُه فحلوٌ
…
وأمّا وجهُهُ فجميلُ
وقال أحدهم 2:
صلى المصلي لأمر كان يطلبه
…
فلما قضى الأمرَ لا صلّى ولا صامَا
وقال بشار 3:
متى يبلغ البنيان تمامه
…
إذا كنت تبنيه وغيرُك يهدمُ
وقال غيره:
عسى الكرب الذي أمسيتَ فيه
…
يكون وراءه فرج قريبُ
وقال أحدهم:
وما عن رضىً كان الحمار مطيتي
…
ولكن من يمشي سيرضى بما يركبُ
وقال أبو الأسود الدؤلي 4:
حسدوا الفتى إذ لم ينالُوا سعيهُ
…
فالقومُ أعداءٌ له وخصومُ
كضرائر الحسناءِ قلنَ لوَجْهِهَا
…
حسداً وبغياً إنه لدميمُ
1 منهاج الطلب ص 229.
2 من القائل 2/592.
3 أمثال الشعر العربي 317.
4 أمثال الشعر العربي 326.
وقال الفخر الرازي 1:
المرء ما دام حياً يُستَهانُ بِهِ
…
ويعظم الرزء فيه حين يُفتَقَدُ
وقال بعضهم:
لا تعجبن من هالكٍ كيف هوى
…
بل فاعجبن من سالمٍ كيف سلم
وقال آخر:
تعزّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقياً
…
ولا وزرٌ مما قضى الله واقياً 2
وقال آخر:
لأستسهلنّ الصعب أو أُدرِكَ المُنى
…
فما انقادَتِ الآمالُ إلا لِصابِرِ
وقال آخر:
لها أحاديث من ذكراك تشغلُها
…
عن الشراب وتلهيها عن الزادِ
لها بوجهِكَ نور تستضيء به
…
ومن أحاديثكَ في أعْقابِها حادي
إذا اشتكتْ من كلال السير أوعدها
…
روح اللقاء فتقوى عند ميعادِ 3
وقال آخر:
من لي بمثلِ سيرك المدلل
…
تمشي رويداً وتجيء في الأولِ
وقال آخر:
سأطلب علماً أو أموت ببلدة
…
يقل بها قطر الدموع على قبرِ
1 اعتقادات فرق المسلمين 25.
2 شرح ابن عقيل 1/313.
3 ابن القيم، روضة المحبين 83.
فإن نلتُ علماً عشتُ في الناسِ سيداً
…
وإن متُّ قال الناسُ بالغٍ في العذرِ
ألا إنّما الخسران ليالي
…
تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وقال آخر:
تعوّد فعل الخير جمعاً
…
فكل ما تعوّدَهُ المرء صار له خلقاً
وقال آخر 1:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
…
إن التشبه بالكرام فلاحُ
وقال الحطيئة 2:
أقلو عليهم لا أبا لأبيكم
…
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
وقال آخر:
حمد المدلجون غب سراهم
…
وعند الصباح يحمد القوم السُّرى
وكان سفيان الثوري رحمه الله
…
كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين 3:
تفنى اللذاذة ممن نالَ صفوتها
…
من الحرامِ ويبقى الوزر والعارُ
تبقى عواقبُ سوء في مغبّتها
…
لا خيرَ في لذةٍ من بعدها النارُ
قال الشاعِرُ 4:
نجيت يا رب نوحاً واستجبت له
…
في فلك ماخر في اليَمِّ مشحوناً
1 الشوارد 1/14.
2 ديوانه 140.
3 روضة المحبين لابن القيم ص 354.
4 شرح ابن عقيل 2/259.
وعاش يدعوا بآياتٍ مبينةٍ
…
في قومِهِ ألف عام غير خمسيناً
وقال أنس بن مدركة الخثعمي 1:
إني وقتلي سُليكاً ثمّ أعقلهُ
…
كالثّور يُضْرَبُ لَمَّا عافَتِ البَقَرُ 2
غيره:
إذا مررت بأشجارٍ لها ثمرٌ
…
فخذ الثمارَ واترك العود للنارِ
قال محمد بن عامر البلخي 3:
أيَا فارِجَ الهمِّ عنْ نُوحٍ وأسرتِهِ
…
وصاحبِ الحوتِ مولى كلِّ مكروبِ
وفالِق البَحر عن موسى وشيعَتِهِ
…
ومُذهِبَ الحزن عن ذي البيت يعقوب
وجاعل النارِ لإبراهيمَ بارِدَةً
…
ورافِعُ السقمِ عن أوصالِ أيوبِ
إن الأطبّاء لا يُغُنونَ عن وصَبٍ
…
أنتَ الرحيم رحيمٌ غيرُ مغلوبِ
وقال آخر 4:
ربما تكرهُ النُفوسِ من الأمرِ
…
له فرجةٌ كحل العِقالِ
ما بين غفوةِ عينٍ وانتباهَتِها
…
ويبدّل اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ
1 شرح ابن عقيل 4/21.
2 أراد أن البقر إذا امتنعت عن ورود الماء لم يضربها راعيها لأنها ذات لبن، وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب.
3 شعب الإيمان 7/207.
4 شعب الإيمان 7/208.
وقال آخر 1:
إذا ضاق أمرٌ فانتظِر فَرَجاً
…
فأصعب الأمر أدناهُ مِن الفَرَجِ
ولأبي محجن الثقفي 2:
إذا اشتدّ عسرٌ فارجُ يسراً فإنّهُ
…
قضى الله أن العسرَ يعقبهُ يسرُ
وقال أبو إسحاق الصولي 3:
ولربَّ نازِلَةٌ يضيق بها الفتى
…
ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
كملتُ فلما استحكمت حلقاتها
…
فُرجت وكان يظنّها لا تُفرجُ
وقال الإمام الشافعي 4:
شكوتُ إلى وكيعٍ سوء حفظي
…
فأرشدَني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلمَ نورٌ
…
ونُورُ اللهِ لا يُهدى لعاصي
وقال أبو العتاهية 5:
ألا ليتَ الشبابَ يعُودُ يوماً
…
فأخبِرُه بما فعلَ المشيب
قال عمرو بن الغوث بن طيء 6:
وإذا تكونُ كريهةٌ أُدعى لها
…
وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
1 شعب الإيمان 7/208.
2 الأرج في الفرج ص 75.
3 الأرج في الفرج ص 83.
4 الديوان ص 88.
5 الشوارد ص 43، ديوانه 32.
6 الشوارد ص 58.
قال أحمد بن عبد ربه 1:
ألا إنما الدنيا نضارةُ أيكةٍ
…
إذا اخضرَّ منها جانبٌ جفَّ جانِبُ
هي الدارُ ما الآمالُ إلا فجائعٌ
…
عليها وما اللذات إلا مصائبُ
فكم سخنت بالأمس عين قريرةٌ
…
وقرّت عيونٌ دمعها الآن ساكِبُ
فلا تكتحِل عيناكَ منها بعبرةٍ
…
على ذاهبٍ منها فإنكَ ذاهِبُ
قال بشار 2:
إذا كنت في كلّ الأمورِ معاتِباً
…
صديقك لم تلقِ الذي لا تعاتبه
وإن أنت لم تشرب مراراً على القذى
…
ظمئتُ وأي الناس تصفو مشاربه
فعش واحداً أو صِل أخاك فإنهُ
…
مقارف ذنب مرة ومجانيه
قال سلم الخاسر 3:
صلّى وصام لأمر كان يأمله
…
حتى قضاهُ فما صلّى ولا صاما
قال الصنوبري 4:
إن المعلّم والطبيبَ كلاهُما
…
لا ينصَحانِ إذا لم يُكرما
قال صفي الدين الحلي 5:
إذا كنت ما تدري فتلك مصيبة
…
وإنْ كُنتَ تدرِي فالمصيبةُ أعظَمُ
1 الشوارد ص 77، ديوانه 13.
2 الشوارد ص 85،86، ديوانه 1/326.
3 أمثال الشعر العربي ص 310.
4 أمثال الشعر العربي ص 311.
5 أمثال الشعر العربي ص 315.
قال أبو الحسين بن حمد بن فارس 1:
إذا كُنت في حاجَةٍ مُرسِلاً
…
وأنت بها كلفٌ مغرم
فأرسِل حكيماً ولا تُوصِهِ
…
وذاك الحكيمُ هو الدرهم
قال الإمام أحمد بن حنبل 2:
فما مِن يد إلا يد الله فوقها
…
ولا ظالِمٌ إلا سيبلى بظالم
وقال الزبرقان بن بدر 3:
تعدوا الذئابُ على من لا كلاب له
…
وتتقي مربض المستأسد الضاري
وقال أحدهم 4:
كُن ابن من شئتَ واكتسبْ أدباً
…
يغنِيكَ محموده عن النسبِ
إن الفتى من يَقُولُ ها أنا ذا
…
ليس الفتى مَنْ يَقولُ كانَ أبِي
قال الحريري -صاحب المقامات- أنشدني والدي لنفسه 5:
…
...
…
فاصبر إذا ما ناب روع فالزمان أبو العجب
…
... ترج من روح الإله لطائفاً لا تحتسب
…
...
…
1 أمثال الشعر العربي ص 319.
2 أمثال الشعر العربي ص 329.
3 الشوارد ص 211.
4 الشوارد ص 91.
5 الأرج في الفرج 88.
قال ابن النجار 1:
عسَى فرجٌ يأتي به الله إنّه
…
له كلّ يومٍ في خليقَتِه أمرُ
قال الشهاب الباعوني 2:
سلم إلى الله ما قضاهُ
…
لابدّ أن ينفذ القضاءُ
سيجعلُ الله بعد العسرِ
…
يسراً به يذهب العناءُ
يدبر الأمر منه جميعاً
…
ويفعل الله ما يشاءُ
وقال هدبة بن حشرم العذري:
عسى الكربُ الذي أمسيت فيه
…
يكون وراءه فرج قريبُ 3
وقال أحدهم 4:
أنست بوحدتي وقصدت ربي
…
فدام الأنس لي ونما السرورُ
وأدبني الزمانُ فما أُبالي
…
هجرت فلا أزار ولا أزورُ
متى تقنع تعش مِلكاً كريماً
…
يذلّ لعزك المرء الفخورُ
ولستُ بقائل ما دمتُ حياً
…
أَساَرَ الجندُ أم ركِبَ الأميرُ
1 الأرج في الفرج ص 88.
2 الأرج في الفرج ص 112.
3 من القائل 2/147.
4 أخبار قزوين 4/193، الشوارد 1/252.
وقال الإمام الحافظ ابن عبد البر يوصِي ابنه 1:
تجاف عن الدنيا وهوِّن لقدرِها
…
ووفّ سبيل الدينِ بالعروةِ الوثقَى
وسارِع بتقوى الله سراً وجهرةً
…
فلا ثمّة أقوى هديت من التقوى
ولا تنسَ شُكرَ الله في كلّ نعمةٍ
…
يمنّ بها فالشكْرُ مستجلب النعمى
فدع عنك ما لا حظ فيه لعاقِلٍ
…
فإن طريقَ الحق أبلجَ لا يخفى
وشح بأيام بقين قلائلٌ
…
وعمرٌ قصيرٌ لا يدومُ ولا يبقَى
ألم تر أنّ العمر يمضي مولّياً
…
فجدّته تبلى ومدّته تفنى
نخوض ونلْهُو غفلةً وجهالةً
…
وننشر أعمالاً وأعمارنا تُطُوَى
تواصلنا فيه الحوادث بالردي
…
وتنتابنا فيه النّوائبُ بالبلْوَى
عجبتُ لنفسٍ تبصر الحقّ بيناً
…
لديها وتأبى أن تفَارِقَ ما تَهوَى
وتسعى لِما فيهِ عليها مضرة
…
وقد علمت أن سوف تُجزى بما تسعى
ذنوبِي أخشاها ولستُ بآيسٍ
…
وربّي أهل أن يخافُ وأنْ يُرجَى
وإنْ كان ربي غافِراً ذنب من يشا
…
فإني لا أدري أَأُكرَمُ أم أُخْزَى
وقال مسفر بن مهلهل الينبعي 2:
دعِ المقاديرَ تجري في أعنّتها
…
ولا تَبِيتَنَّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غمْضةِ عين وانتباهتِها
…
يغيّر الله مِنْ حالٍ إلى حالِ
1 مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس ص 296.
وقال الأحيمرالسعدي 1:
عوى الذئبُ فاستأنستُ للذئبِ إذ عوى
…
وصَوَّتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ
وقال آخر 2:
إنِّي رأيتُ في الأيامِ تجربةً
…
للصبْرِ عاقِبَةٌ محمودَةٌ الأثرِ
وقل من جدّ في أمر يحاوله
…
فاستصحب الصبر إلا فاز بالظَّفَرِ
وللأعشى 3:
كناطِحٍ صخرةٍ يوماً ليوهنها
…
فلم يضرها وأوهى قرنَه الوعلُ
وقال آخر 4:
سوفَ ترى إذا انجلا الغبارُ
…
أفرسٌ تحتكَ أمْ حِمارُ
وقال آخر 5:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورَدُ الإبلُ
وقال معن بن أوس 6:
أعلِّمُهُ الرمايَةَ كلّ يومٍ
…
فلَمّا اشتدَّ ساعِدَهُ رَماني
1 الشوارد 220.
2 الشوارد 1/228.
3 شرح ابن عقيل 3/109.
4 الشوارد 1/211.
5 أمثال الشعر العربي 303.
6 انظر الأمثال لابن سلام ص 296.
وكم علّمتُه نظْمَ القوافِي
…
فلمّا قالَ قافيةً هجانِي
وقال شمر بن عمرو الحنفي 1:
ولقد أمرُّ على اللئيمِ يسبُّنِي
…
فمضيتُ ثَمَّتَ قلتُ لا يَعْنِينِي
وقال أبو تمام 2:
لو كانتِ الأرْزاقُ تجري على الحجا
…
هَلكنَ إذاً من جَهْلِهنَّ البَهائِمُ
وقال الوليد بن عبيد البحتري 3:
ولم أرَ أمثال الرجالِ تفاوَتَت
…
إلى الفضلِ حتى عُدَّ ألفٌ بواحِدِ
وقال التكلام الضبعي 4:
المستجير بعمرو عندَ نائِبَةٍ
…
كالْمُستَجِيْرُ من الرَّمضاء بالنَّارِ
وقال أبو الحسن التهامي 5:
حكم المنية في البريةِ جاري
…
ما هذه الدنيا بدارِ قرارِ
إن الكواكِبَ في علوِّ مكانِها
…
لَتُرَى صِغاراً وهي غيرُ صِغَارِ
وقال غيره:
لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها
…
إن كنت شهما فألحق رأسَها الذنبا
1 من القائل؟ 1/415.
2 ديوانه 503.
3 ديوانه 1/625.
4 أمثال ابن سلام 263.
5 ديوان التهامي 308،310.
إنّ العدوّ وإن أبدى مسالَمَةً
…
إذا رأى منك يوماً فرصةً وثبا
قال أحدهم:
سارتْ مشرقة وسرتُ مغربة
…
شتّانَ بين مشرِّقٍ ومُغرِّبِ
وقال شوقي:
فإنما الأمم الأخلاق ما بقيتْ
…
فإن هُموا ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
وقال غيره:
وللحروب أناسٌ يُعرَفُون بِها
…
وللدّواوين كُتَّابٌ وحُسَّابُ
وقال غيره:
إن الأفاعي وإن لانَتْ مَلامِسُها
…
عند التقلّبِ في أنيابِها العَطَبُ
وقال غيره:
ألم تر أن السيف ينقُصُ قدرُه
…
إذا قيل إن السيفَ أمضى من العَصا
وقال الطغرائي:
يا صاحِبَ العلم مهلاً لا تدنّسه
…
بالموبقاتِ فما للعلم من خلفِ
العلمُ يرفعُ بيتاً لا عِمادَ له
…
والجهلُ يهدِمُ بيتَ العزِّ والشَّرَفِ
وقال آخر 1:
تعلّم العلم واجلس في مجالسه
…
ما خاب قط لبيبٌ جالَسَ العلماء
1 منهاج الطلب 261.
وقال غيره 1:
تأنّ ولا تعجلْ بلومكَ صاحِبا
…
لعلَّ له عذرٌ وأنت تلومُ
وقال ابن هشام 2:
ومَن يصطَبِر للعلم يظفر بنَيْلِهِ
…
ومَن يخطبِ الحسناءَ يصبِرْ على البذلِ
ولطرفة بن العبد 3:
وظلم ذوي القُربَى أشدُّ مضاضةً
…
على المرءِ من وقْعِ الْحُسامِ المهنّدِ 4
…
ولدي 5
…
ولدي يا نبضةً في خافقي
…
ولدي يا فلذةً من كبدي
ولدي يا كوكباً أرقبه
…
كي أرى فيه ضياء الفرقدِ
كلما جفّت ينابيع الصفا
…
بك يصفو سلسبيلاً موردي
ورياضي إن ذوت أزهارُها
…
أنت فيها الطل والزهر الندِي
إذا مزّق صدري زفرةً
…
كنت أنت الطب يشفي جسدي
1 منهاج الطلب 261.
2 منهاج الطلب 260.
3 ديوانه 51.
4 أشد مضاضة: أشد تأثيراً وإيلاماً.
5 المختار من الفوائد والآداب والعبر والأخبار، جمع وإعداد سمير بن عدنان الماضي، ص523-524.
أو تخلّى الصمتُ عن موعده
…
أنت من يصدقني في الموعدِ
إن سألت الله يوماً أن أرى
…
في خريف العمر أزكى مشهدي
فشباب خاشع في طاعة
…
طاهر النظرة معصوم اليدِ
أو سألت الله يوماً أملاً
…
قبل أن ألقى الردي في مرقدي
فلذتي يخشع في محرابهِ
…
ويباري النجم عند السؤدد
ولدي إن كنت ترجو رحمةً
…
وسلاماً من إله سرمدي
فاتخذ خير دليل قبساً
…
من سنا القرآن حتى تهتدي
وليكن خير مكان في الدنا
…
يا هناء الروح ركن المسجدِ
ولدي إن كان يومي حالكاً
…
أنت إطلالة فجري وغدي
وندائي في الحنايا أبداً
…
وهتافي وحنيني ولدي
…
أنت تكون ماجد نبيل
…
إذا تهب شمأل بليل 1
…
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا تورد يا سعد الإبل 2
…
أيها المنكح الثريا سهيلاً
…
عمرك الله كيف يلتقيان
1 البيت لأم عقيل بن أبي طالب، انظر شرح ابن عقيل 1/292.
2 البيت لنوار بنت مالك، انظر طبقات الشعراء 1/30.
هي شاميه إذا ما استقلت
…
وسهيل إذا ما استقل يمان 1
…
لقد اسمعت لو ناديت حياً
…
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في رمادي 2
…
يا باري القوس برياً ليس يحسنه
…
لا تفسد القوس اعط القوس باريها 3
…
وعالم بعلمه لم يعملن
…
معذب في قبره قبل عباد الوثن 4
قال المتنبي 5:
أعز مكان في الدنيا سرج سابح
…
وخير جليس في الزمان كتاب
تقول ذا جنى النحل تمدحه
…
وإن شئت قلت ذا قيء الزنابير
مدحاً وذما وما جاوزت صفة
…
والحق قد يعتريه سوء تعبير 6
إذا ما الخبز تأدمه بلحم
…
فذاك أمانة الله الثريد 7
1 الأبيات لعمر بن أبي ربيعة، انظر ديوانه ص 358.
2 عمرو بن معد يكرب، أمثال العرب ص 121، نيل الأوطار 5/102.
3 معجم شواهد النحو الشعرية 182،686.
4 روضة الناظرين، لمحمد القاضي 1/20.
5 الديوان: 1/193.
6 ابن الرومي الديوان 3/1145.
7 لسان العرب 14/274 [أدم] ، فتح الباري 7/135.
ومنها:
نحن في المشتات 1 ندعو الجفلى 2
…
لا ترى الداعي منا ينتقر 3 4
ومنها:
فعند مراد الله تفنى كميت
…
وعند مراد النفس تسدي 5 وتلحم 6 7
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا
…
ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني 8
1 المشتات: الليالي الباردة في الشتاء.
2 الجفلى: المجموعة الكبيرة من الناس.
3 ينتقر: أي يدعو الأفراد.
4 البيت لطرفة بن العبد، انظر ديوانه ص 84، خزانة الأدب 8/190.
5 أي تغلب وتقهر [المعجم الوسيط سدى] .
6 أي تقوى وتكون لك صولات وجولات ولا تمل ولا تكسل.
7 البيت لابن قيِّم الجوزية رحمه الله في قصيدته الميمية المشهورة.
8 قصة البيت: روى البخاري رحمه الله في صحيحه "فتح الباري 1/635" عن عائشة رضي الله عنها أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم، قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، قالت: فوضعته -أو وقع منها- فمرت به حدياة وهو ملقى فحسبته لحما فخطفته. قالت: فالتمسوه فلم يجدوه، قالت: فاتهموني به، قالت: فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قبلها، قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته، قالت: فوقع بينهم قالت: فقلت: هذا الذي اتهمتموني به زعمتم وأنا منه بريئة وهو ذا هو، قالت: فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد أو حفش، قالت: فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: فلا تجلس عندي مجلساً إلا وقالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني
قالت عائشة: فقلت لها: ما شأنك لا تقعدين معي مقعداً إلا قلت هذا قالت: فحدثتني بهذا الحديث.
قصيدة د/ مصطفى السباعي رحمه الله (وداع راحل)
أهاجك الوجد أم شاقتك آثار
…
كانت مناني نعم الأهل والدار
وما لعينك تبكي حرفة وأسىً
…
وما لقلبك قد ضجت به النار
على الأحبة تبكى أم على طلل
…
لم يبق فيه أحباء وسمّار
وهل من الدهر نشكو سوء عشرته
…
لم يوف عهدا ولم يهدأ له ثار
هيهات يا صاحبي آس على زمن
…
ساد العبيد به وأقتيد أحرار
أو أذرف الدمع في حب يفاركني
…
أو في اللذائذ والآمال تنهار
فما سبتني قبل اليوم غانية
…
ولا دعاني إلى الفحشاء فجار
أَمَتُّ في الله نفسا لا تطاوعني
…
في المكرمات لها في الشر أضرار
وبعت في الله دنيا لا يسود بها
…
حق ولا قادها في الحكم أبرار
وإنما حزني في صبية در جوار
…
غفلٍ عن الشر لم توقد لهم نار
قد كنت أرجو زماناً أن أقودهم
…
للمكرمات فلا ظلم ولا عار
والآن قد سارعتْ دربي إلى كفن
…
يوماً سليبه بر وجبار
بالله يا صبيتي لا تهلكوا جزعاً
…
على أبيكم طريق الموت أقدار
1 شعراء الدعوة الإسلامية 2/46
تركتكم في حمى الرحمن يكلؤكم
…
من يهده الله لا توبقه وزار
وأنتم يا أهيل الحي صبينكم
…
أمانة عندكم هل يهمل الجار
أفدى بنفس أما لا يفارقها
…
هم وتنهار حزناً حين أنهار
فكيف تسكن بعد اليوم من شجن
…
يا لوعة الثكل ما في الدار ديار
وزوجة منحتتي كل ما ملكت
…
من صادق الود تحنان وأنبار
عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا
…
فكم يؤرق بعد العز إدبار
وأخوة جعلوني بعد فقد أبي
…
أباً لآمالهم روض وأزهار
استودع الله صحباً كنت أدخرهم
…
للنائبات لنا أنس وأسمار
الملتقى في جنات الخلد إن قبلت
…
منا صلاة وطاعات وأذكار
قصيدة عمر بهاء الدين الأمير «أب» 1:
أين لضجيج العذب والشغب
…
أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها
…
أين الدرس في الأرض والكتب
أين التشاكس دونما غرض
…
أين التشاكي ماله سبب
أين التباكي والتضاحك في
…
وقت معاً والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي
…
شغفنا إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي
…
والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسوق فطرتهم
…
نحوي إذا رهبوا وإن رغبو
1 شعراء الدعوة الإسلامية 2/17.
فنشيدهم بابا إذا فرحوا
…
ووعيدهم بابا إذا غضبوا
وهتافهم "بابا" إذا ابتعدوا
…
ونجيهم "بابا" إذا اقتربوا
بالأمن كانوا ملء منزلنا
…
واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت
…
أثقاله في الدار إذ غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها
…
فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم
…
في القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتت
…
نفسي وقد سكنوا وقد وتبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم
…
في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا
…
ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر
…
وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا
…
في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه
…
وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا
…
في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من التفاحة قضموا
…
في فضلة الماء التي سكبوا
أنى أراهم حيثما اتجهت
…
عيني كأسراب القطا سربوا
دمعي الذي كتمته جلدا
…
لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا
…
من أضعلي قلباً بهم يجب
ألفيتني كالطفل عاطفة
…
فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل
…
يبكي ولو لم أبكِ فالعجب
هيهات ما كل البكاء خور
…
أنى وبي عزم الرجال أبُ
من قصيدة محمود غنيم 1:
ما لي وللنجم يرعاني وأرعاه
…
أمس كلانا يعاف الغمض جفناه
لي فيك ياليل آهات ارددها
…
أواه لواجدت المحزون آواه
لا تحسبني محباً اشتكي وصباً
…
أهون بما في سبيل الحب ألقاه
إني تذكرت والذكرى مورقة
…
مجداً تليدا بأيدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها
…
فأصبحت تتوارى في رواياه
أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد
…
تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يدكنا نصرفها
…
وبات يحكمنا شعب ملكناه
هل تطلبون من المختار معجزة
…
يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى صار واثرهم
…
إذا رأى ولد الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة
…
ما ساسها قيصر من قبل أو وشاه
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا
…
أن الإخاء وأن العدل منزاه
يا من رأى عُمَراً تكسوه بردته
…
والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً
…
من بأسه وملوك الروم تخشاه
هي الحنيفية عين الله تكلؤها
…
فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
استرشد الغرب بالماضي فأرشده
…
ونحن كان لنا ماض نسيناه
1 شعراء الدعوة الإسلامية 2/64، (وقفة على طلل) .
أنا مشينا وراء الغرب نقبس منه
…
ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب
…
بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثب
…
فسائل الصرح أين المجد والجاه
وانزل دمشق وخاطب صخرمسجدها
…
عمن بناه لعل الصرخ ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها
…
علّ امرأ من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به
…
فحين جاوز بغداد تحداه
لاهم قد أصبحت أهواؤنا شيعاً
…
فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع بعيد للإسلام سيرته
…
يرعى بنيه وعين الله ترعاه
وهذه أبيات لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني 1:
من فلق البحر للكليم ومن
…
ألهم نوحاً لصنعة السفن
ونار نمرود حين أججها
…
حتى غدت قنة من القنن
تدرك طير السما فتصرعه
…
فهو يراد منة من الدمن
على خليل الإله قد جعلت
…
برداً سلاماً بقوله فكن
وضر أيوب إذ دعاه وقد
…
أصيب منه بأعظم المحن
أجابه ربه وأبدله
…
بأهله مثلهم من السكن
وحبذا حبذا إجابته
…
ليونس فهو منة المنن
من ظلمات البحار أخرجه
…
من بطن حوت من ظلمة الدجن
1 انظر ديوانه ص 411-412.
ويوسف من تراه كلاه وقد
…
ألقى في الجب عاري البدن
وبيع بيع الرقيق مبتذلاً
…
شراه قوم بأبخس الثمن
وكيد حتى غدا بسجنهم
…
مرتهنا برهة من الزمن
وصار من بعد ذا وذا ملكا
…
تهدي إليه البرود من عدن
ومن من اليم أخرج الكليم وقد
…
ألقى طفلا لم يغذ باللبن
عاد إلى حجر أمه فغدت
…
قريرة لا تراع بالحزن
رباه من كان قبل يطلبه
…
مبدلاً للقبيح بالحسن
وللمسيح اليهود حين غدت
…
تشب نار الفساد والإحن
وأجمعوا قتله فخلصه
…
وخاتم الرسل كم أراد به
إلى السما ذو الجلال والمنن
…
وقاه ما كان من غوائلهم
كل النكايات عابدوا الوثن
…
لا بسيوف العباد والختن
برغمهم تم ما أراد به
…
من نشره للفروض والسنن