المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الثانيأبيات متفرقةوتشمل:نصائح - مواعظ - وصايا - حكم - أمثال - أدب - أبيات مختارة تشتمل على عقيدة، نصائح، مواعظ، وصايا، حكم، أمثال، أدب

[عبد الله بن محمد البصيري]

الفصل: ‌القسم الثانيأبيات متفرقةوتشمل:نصائح - مواعظ - وصايا - حكم - أمثال - أدب

‌القسم الثاني

أبيات متفرقة

وتشمل:

نصائح - مواعظ - وصايا - حكم - أمثال - أدب

نزهة الألباب في الحكم والآداب

قال أبو الحسن علي بن عبد الله بن مفرج القرشي النابلسي 1:

الحمدُ لله القديم الماجِدِ

ذي الطَّولِ والإنعامِ والمحامِدِ

حمداً يفوقُ حمدَ كلِّ الخلقِ

وما أطيقُ شُكْرَ بعضِ الحقِّ

ثُمَّ الصلاة بعدُ والسلامُ

على نبي دينه الإسلامُ

سَأَلْتَنِي الإفصاح عن ذا الحِكَمِ

ونزهة الألباب، خذها كالعَلَمِ

خُذ يا بُنَيَّ هذه النَّصائحا

واستعملنها غادياً ورائحا

لتقتني منفعة وحكمةً

وتثنيني عن منن ونعمة

فحفظها يهدي إلى دار البقاء

وحبها يهزم أجناد الشقاءِ

إذا ابتدأت الأمر سمِّ اللهَ

وأحمده وأشكره إذا تناها

وكُلَّما رأيت مصنوعاتِهِ

والْمُبدعاتِ مِن عَلا آياته

فاذكره سراً سرمداً وجهراً

لتشهدن يوم الجزاء أجراً

ما زالَتِ الأيامُ تأتي بالعبر

أفق وسلم للقضاء والقدر

كم آية مرت بنا وآية

في بعضها لمن وعى كفاية

ونحن في ذا كله لا نعتبر

ولا نخاف غيبها فنزدجر

1 نزهة الأبصار في محاسن الأشعار ص 317 وما بعدها.

ص: 43

أليس هذا كله تأديبا

فمالنا لا نتقي الذنوبا

لكن قسى قلب وجفت أدمعٌ

إنا إلى الله إليه المرجعُ

فنسأل الرحمن ستر ما بقي

وعفوه واللطف فيما نتقي

فكم وكم قد أظهر الجميلا

وستر القبيح جيلاً جيلاً

حتى متى لا نرعوي بالوعظ

وأنت تنبو كالغليظ الفَظِّ

تطوي الليالي العمر طيا طيا

وأنت لا تزاد إلا عتيا

فلا تبت إلى على وصية

فإنها عاقبة مرضية

هيهات لابد من النزوح

حقا ولو عمرت عمر نوح

فنسأل الله لنا السلامة

في هذه الدنيا وفي القيامة

أعدد لجيش السيئات توبة

فإنها تهزم كل حوبة

وارجع إلى ربك فاسألنه

ولا تحد طرفة عين عنه

أفضل زاد المرء تقوى اللهِ

سبحانه جل عن التناهي

عليك بالتقوى وكل واجب

وترك ما يخشى وشكر الواهب

العلم والحلم قرينا خيرٍ

فالزمها وُقيت كل ضير

فالعِلْمُ عِزٌّ لا يكاد يَبْلَى

والْحِلْمُ كَنْزٌ لا يكاد يفنى

العلم لا يحصى فخذ محاسنه

ونبه القلب الصدي من السنة

أجمل شيء للفتى من نسبه

إكثاره من علمه وأدبه

إن كنت محتاجاً إليه مانكا

أو غير محتاجاً إليه زانكا

ص: 44

لا خير في علم بغير فهم

ولا عبادات بغير علم

لا تطلبن العلم إلا للعمل

فاعمل بما علمته قبل الأجلِ

فإن فيه غاية السلامة

هذا إذا كان بلا سآمة

نصح الورى من أفضل الأعمالِ

والبِرُّ والرفق بلا اعتلال

إياك إياك الرياء يا صاحِ

فتركه أقرب للفلاحِ

فالعمر ما كان قرين الطاعةِ

هذا ولو قدر بعض ساعةِ

حث كنوز الدمع في الخنادس

بين يدي ربك غير آيسِ

على سوادِ خالِ خدّ الصبح

تتلو المثاني راغِباً في الربحِ

وقل بما جاء به خير البشرِ

هب لي الرضا بالقضاء والقدرِ

واجعل لنا من هم فرجاً

فضلاً، ومن غم وضيقٍ مخرجاً

نصيحةُ الإخوان ومرشدُ الخلانِ

قال ابن الوردي 1:

اعتزل ذكر الأغاني والغزل

وقل الفصل وجانب مَن هزلْ

ودع الذكر لأيام الصِّبا

فلأيام الصبا نجم أفلْ

1 كفاية الإنسان من القصائد الغرر الحسان ص 165 وما بعدها إلى ص 168، وديوان ابن الوردي ضمن مجموعة الرسائل الكمالية ((في الأدب)) ص 338.

ص: 45

واتقِ الله فتقوى الله ما

جاورت قلب امرئ إلا وصل

ليس من يقطع طرقاً بطلاً

إنما من يتقي الله البطل

صدق الشرع ولا تركن إلى

رجل يرصد بالليل زُحَل

حارت الأفكار في قدرة مَن

قد هدانا سبلنا عز وجل

أُطلب العلم ولا تكسل فما

أبعد الخير على أهل الكسل

واحتفل للفقه في الدين، ولا

تشتغل عنه بمال وخول

لا تقل: قد ذهبت أربابه

كلُّ مَن سار على الدرب وصل

في ازدياد العلم إرغام العِدَى

وجمالُ العِلمِ: إصلاحُ العمل

جَمِّلِ المنطق بالنحو، فمن

يحرم الإعراب بالنطق اختبل

اعتبر (نحن قسمنا بينهم)

تلقه حقاً، وبالحقِّ نَزَل

لا تقلْ أصلي وفصلِي أبداً

إنّما أصل الفتى ما قد حصل

لا تلِ الحكم وإن هم سألوا

رغبة فيك وخالف من عذل

إن نصف الناس أعداء لمن

ولي الأحكام، هذا إن عَدَل

ص: 46

غِب، وزُرْ غِبّاً تزد حُباً فمن

أكثر الترداد أضناه الملل

خذ بحد السيف واترك غمده

واعتبر فضل الفتى دون الحلل

حبك الأوطان عجزٌ ظاهرٌ

فاغترب تلق عن الأهلِ بدَل

فبِمُكْثِ الماء يبقى آسِناً

وسرى البدر به البدر اكتمل

إن في الموت لعبرة

قال إبراهيم بن مسعود الألبيري 1:

يا أيها المغتر بالله

فر من الله إلى الله

ولُذ به واسأله من فضله

فقد نجا مَن لاذ باللهِ

وقُم له والليل في جنحه

فحبذا من قام لله

واتل من الوحي ولو آيةً

تُكسى بها نوراً من اللهِ

وعفّر الوجه له ساجداً

فعزّ وجهٌ ذَلَّ لله

فما نعيمٌ كمناجاتِهِ

لفائت يخلص لله

وابعد عن الذنب ولا تأتهِ

فبعده قربٌ من اللهِ

يا طالِباً جاهاً بغير التقى

جهلت ما يدني من اللهِ

1 كفاية الإنسان من القصائد الغرر الحسان ص 233 إلى 235.

ص: 47

لا جاه إلا جاه يوم القضا

إذ ليس حكم لسوى اللهِ

وصار مّن؟ يسعد في جنة

عالية في رحمة اللهِ

ستسكن في الفردوس في قبة

من لؤلؤ في جيرة الله

ومن يكن يقضى عليه الشقا

في حاحم في سخط الله

يسحب في النار على وجهه

بسابق الحكم من الله

يا عجباً من موقنا بالجزا

وهو قليل الخوف لله

كأنه قد جاءه مُخبرٌ

بأمنه من قِبَلِ اللهِ

يا رُبَّ جَبَّارٌ شديدُ القوى

أصابه سهم من اللهِ

فأنقد المقتل منه وكم

أصمت وتصمى أسهم الله

وغاله الدهر ولم تغنه

أنصاره شيئاً من الله

واسْتُلَّ قَسْرأ من قصور إلى

أجداث واستسلم لله

مرتهناً فيها بما قد جنى

يُخشى عليه غضب اللهِ

ليس له حول ولا قوة

الحول والقوة لله

يا صاح سر في الأرض كيفما ترى

ما فوقها من عبر الله

وكم لنا من عبرة تحتها

في أمم صارت إلى الله

من ملك منهم ومن سوقة

حشرهم هين على الله

والحظ بعينك أديم السما

وما بها من حكمة الله

ترى بها الأفلاك دوارة

شاهدة بالملك لله

وهي وما غاب وما قد بدا

من آية في قبضة الله

ص: 48

توحد الله على عرشه

في ملكه فالأمر لله

وما تسمى أحد في السماء

والأرض غير الله بالله

إنّ حمى الله منيعٌ فما

يقرب شيء من حمى اللهِ

لا شيء في الأفواه أحلى من الت

وحيدِ والتمجيد لله

ولا اطمأن القلب إلا لمن

يعمره بالذكر لله

وإن رأى في دينه شبهة

أمسك عنها خشية الله

من الأبيات السائرة قول أبي العتاهية 1:

المَوتُ بابٌ وكلُّ الناس داخِلُهُ

يا ليتَ شِعْرِي بعدَ البابِ ما الدارُ

الجواب:

الدَّارُ جنّةُ عدنٍ إنْ عَمِلتَ بِما

يُرضِي الإلهَ، وإنْ خالَفْتَ فالنَّارُ

آخر 2:

مَنْ يشتري قُبّةً في الخلدِ عالِيةً

في ظِلِّ طوبى رفيعات مبانيها

دلاّلُها المصطفى واللهُ بائِعُها

ممن أراد، وجبريل مُنَادِيها

قال أبو العتاهية 3:

إنّ الشبابَ والفراغَ والْجِده

مُفسدةٌ للمرء أي مَفسدة 4

1 الديوان ص 141.

2 ثمار القلوبِ في المضاف والمنسوب لأبي منصور الثعالبي ص 695-696.

3 الديوان ص 448.

4 هذه الخصال تكون مفسدة إذا لم تشتغل في الخير، أما إذا استعملت في الخير فنعمةِ المصلحة.

ص: 49

وقال عبد الله بن رواحة –رضي الله عنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم 1:

وفِينا رسول الله يتلو كتابه

إذا انشقَّ معروف من الفجرِ ساطعُ

أرانا الهُدى بعد العمى فقلوبنا

به مُوقناتٍ أن ما قالَ واقِعُ

يبيتُ يُجافي جنبه عن فِراشِهِ

إذا استثقلت بالكافرين المضاجِعُ

وقال عبد الله بن رواحة أيضاً 2:

شَهِدتُ بإنَّ وعد الله حقٌّ

وأنّ النارَ مثوى الكافرينَ

وأنّ العرشَ فوق الماءِ طافٍ

وفوقَ العرشِ ربُّ العالمينَ

وتحمِلُهُ ملائكَة كِرام

ملائكة الإله مسومينا

وقال عبد الله بن المبارك 3:

رأيتُ الذنوب تميتُ القلوبَ

ويتْبَعُها الذل إدمانها

وترك الذنوب حياةُ القُلوبِ

وخير لنفسكَ عِصيانُها

وهل بَدَّلَ الدينَ إلا الملوك

وأحبارُ سوءٍ ورُهبانُها

وكان عبد الله بن المبارك يتمثل بهذه الأبيات 4:

اغتنمْ ركعتينِ زلفى إلى الل

ـهِ إذا كنتَ فارِغاً

وإذا ما هممتَ بالنطقِ بالبا

طِلِ فاجعل مكانه تسبيحاً

1 فتح الباري في شرح صحيح البخاري 3/48 رقم (1155) .

2 اجتماع الجيوش الإسلامية ص 308.

3 ديوان عبد الله بن المبارك ص 67.

4 طبقات الشافعية 1/286.

ص: 50

فاغتنام السُّكُوتِ أفضل مِن خَوْ

ضٍ وإن كنتَ بالكلامِ فصيحاً

قال أبو العتاهية 1:

إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقلْ

خلوتُ، ولكن قلْ: عليّ رقيبُ

ولا تحسبنّ الله يغفلُ ما مضى

ولا أنّ ما يخفى عليه يغيبُ

لهونا لعمر الله حتى تتابعتْ

ذنوبٌ على آثارهِنَّ ذنوبُ

فياليت أن الله يغفِرُ ما مضى

ويأذن في توباتنا فنتوبُ

قال الإمام الشافعي 2:

ولمّا قسا قلبي وضاقت مذاهِبي

جعلتُ رجائي نحو عفوكَ سُلّماً

تعاظَمَنِي ذنبِي فلمّا قرنتهُ

بعفوكَ ربّي كان عفوكَ أعظَمَاً

فمازلتَ ذا عفوٍ عن الذنبِ لم تَزَل

تجودُ وتعفو مِنّةً وتكرُّماً

وذكر ابن عبد البر أن الحسن البصري رحمه الله كان في طريقه إلى مكة يحدو 3:

يا فالِقَ الإصباح أنت ربّي

... وأنتَ مولاي وأنت حسبِي

... فأصلِحن باليقينِ قلْبِي

1 الديوان ص 21.

2 الديوان ص 120.

3 بهجة المجالس 2/277.

ص: 51

.. ونجِّنِي من كَرْبِ يوم الكربِ

قال أبو نواس 1:

يا ربِّ إن عظُمت ذنوبي كثرةً

فلقد علمت بأنّ عفوكَ أعظَمُ

إن كان لا يرجوك إلا مُحْسِنٌ

فبمن يلوذ ويستجيرُ المجرمُ

أدعوك ربِّي كَما أمرت تضرعاً

فإن رددت يدي فمن ذا يرحمُ

ما لي إليك وسيلة إلا الرجا

وجميلُ عفوك ثم إنّي مُسلِمُ

وقال أيضاً 2:

سبحان من خلَق الْخل

قَ من ضعيفٍ مهينِ 3

يسوقه من هواء

إلى قرارٍ مكينِ

في الحجب شيئاً فشيئاً

يحور دون العيونِ

حتى بدتْ حركات

مخلوقة من سكونِ

وقال أحدهم 4:

فلا تغرنك الأيام يا رجل

واعمل فليس وراء الموت معتمل

وانظر لنفسك لا تشقى لعيشتها

قبل الفراق إذا ما جاءك الأجلُ

واحذر أخي فإن الموت مقتربٌ

ولا يغرنك التسويف والأملُ

1 الديوان ص 618.

2 الديوان ص 619.

3 يشير إلى قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} سورة السجدة: 8.

4 التدوين في أخبار قزوين 4/67.

ص: 52

وقال آخر 1:

قد كُنتَ ميتاً فصرتُ حيّاً

وعن قريب تصيرُ ميتاً

عز بدار الهوان بيت

فابن بدار البقاء بيتاً

وقال محمد بن الربيع الموصِلي 2:

الناس من جهة التفضيل أكفاء

أبوهم آدم والأمّ حواءُ

فإن يكن لهم في أصلهم شرفٌ

يُفاخرون بِهِ فالطينُ والماءُ

ما الفخرُ إلا لأهلِ العلمِ أنهمُ

على الهدى لمن استهدى أدلاّءُ

وقيمة المرء ما كان يُحسِنُهُ

والجاهِلُون لأهلِ العلم أعداءُ

فعشْ بعلمٍ تفز حيّاً به أبداً

الناس موتى وأهل العلمِ أحياء

وقال آخر:

أبِي الإسلامُ لا أبَ لي سِواهُ

إذا افتخروا بِقيسٍ أو تميمِ 3

وقال علي بن الجهم 4:

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلاً أن تُعَدّ معايِبُه

1 التدوين في أخبار قزوين 1/303.

2 الشوارد 1/35.

3 هذا الدين بين جهل أبنائه وكيد أعدائه، د/ محمد الوكيل 47.

4 ديوان ابن الجهم 118 سجاياه: طباعه وأخلاقه.

ص: 53

وقال أبو مسلم الخراساني 1:

ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ

ونام عنها تولّى رعيها الأسدُ

وفي تفضيل الربيع على سائر الف

ـصول يقول الصنوبري 2:

إن كان في الصيف ريحانٌ وفاكِهةٌ

فالأرض مُسْتَوقِدٌ والجوُّ تَنُّورُ

وإن يكن في الخريف النخل مخترفاً

فالأرض محسورة والجو مأسورُ

وإنْ يكن في الشتاء الغيث متصلاً

فالأرض عرياناً والجو مقرور

ما لدهر إلا الربيع المستنير إذا

جاء الربيع أتاك النَّور والنُّور

فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة

والنبتُ فَيرُوزجٌ والماء بِلّورُ

ما يعدم النبت كأساً من سحائبهِ

فالنبت ضربان: سكران ومخمورُ

فيه لنا الورد منضود مورده

بين المجالس والمنثور منثورُ

ونرجس ساحر الأبصار ليس لما

كانت له من عمر الأبصار مسحورُ

هذا البنفسج هذا الياسمينُ وذا

النبريق مذ قرنا فالحسن مشهورُ

يظل ينثر فيه السحب لؤلؤها

فالأرض ضاحكة والطير مسرور

حيث التفت فقمري وفاختة

يغنيان وشفنين وزَرزُورُ

إذا الهزازان فيه صوتا فهما

بحسنِ صوتيهما عود وطنبور

1 أمثال الشعر العربي ص 107.

2 تاريخ مدينة دمشق 7/210، نزهة الأبصار في محاسن الأشعار ص 436، محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء 2/569.

ص: 54

تطيب فيه الصحارى للسقيم بها

كما تطيبُ له في غيره الدّورُ

من شم ريح تحيات الربيع يقل

لا المسكُ مسكٌ ولا الكافور كافورُ

وقال ابن رشيق 1:

مما يُبَغِّضني في أرض أندلسٍ

أسماء مقتدر فيها ومعتضدِ

ألقابُ مملكةٍ في غيرِ موضِعِها

كالهِرِّ يحكي-انتفاخاً-صولة الأسدِ

قال العتبي 2:

قالت عهدتُك مجنوناً فقلتَ لها

إنّ الشبابَ جنون بُرؤُهُ الكِبَرُ

وقال المتنبي يصف حُمّى كانت تُعتادُهُ 3:

وَزائرتي كأنّ بِها حياءً

فليس تزُورُ إلا في الظلامِ

بَذلتُ لها المطارفَ والحشايَا

فَعافَتْها وباتَتْ في عِظَامِي

يضيق الجلدُ عن نفسي وعنها

فتوسعه بأنواع السقامِ

كأنّ الصبح يطردُها فتجري

مدامعها باربعة سجامِ

أراقب وقتها من غير شوقٍ

مراقبة المشوق المستهامِ

ويصدق وعدها والصدق شرٌّ

إذا ألقاك في الكرب العظامِ

أبِنتَ الدهر عندي كلُّ بنتٍ

فكيف وصلتِ أنتِ من الزّحامِ

1 أمثال الشعر العربي 127، سير أعلام النبلاء 17/144.

2 التمثيل والمحاضرة ص 88.

3 الديوان 4/146 بشرح العكبري 2/362 بشرح ناصيف اليازجي.

ص: 55

قال الإمام الشافعي 1:

تَعلّم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً

وليسَ أخو عِلمٍ كمنْ هو جاهِلُ

وإنّ كبيرَ القومِ لا عِلْمَ عنده

صغيرٌ إذا ردّتْ إليه المسائلُ

وإنّ صغيرَ القومِ إذ كان عالماً

كبير إذا التفّتْ عليهِ المَحافِلُ

وقول الآخر:

العلم زين وخير الناس يطلبه

والجاهلون لأهل العلم أعداء

فعِشْ بعلمٍ ولا تبغِ بهِ بدلاً

الناسُ موتى وأهلُ العلمِ أحياءُ

وقول آخر:

فكابد إلى أن تبلغ النفس عذرها

وكن في اقتباس العلم طلاع انجد

وقول آخر:

اصبر على مرِّ الجفا من معلّمٍ

فإن رسوخ العلم في نفَراتِهِ

فمَن لم يذق مر التعلم ساعة

تجرع كأس الجهلِ طولَ حياتِه

ومن فاته التعليم وقت شبابِهِ

فكَبِّر عليه أربعاً لوفاتِهِ

حياةُ الفتى والله بالعلم والتقى

إذا لم يكونا لاعتبار لذاتِهِ

وقول آخر:

إذا أنت لم تفقه ولم تدرِ ما الهدى

فأنت وعيرٌ في الفلاةِ سواءُ

1 الديوان 106.

ص: 56

غيره:

مَنْ فاته العلم وأخطأه الغِنى

فذاك والكلب على حدّ سواءُ

حمد المدلجون غب سراهم

ويكفي من تخلف الإبطاءُ

غيره:

إذا لم يذاكر ذو العلم بعلمِهِ

ولم يذكر علماً نسي ما تعلَما

آخر:

شمّر إلى طلب العلم الشريف وإنْ

ضاقت ولم تصف أوقات وأقواتُ

ولا تؤخر لصفو أو رجاء سعة

فهم يقولون للتأخير آفات

آخر:

تزوجت البطالة بالتواني

فأولدها غلاماً مع غلامِه

فأما الإبن فسموهُ بفقرٍ

وأما البنت فسموها ندامةً

وهذه أبيات سابق البربري رحمه الله التي أرسلها إلى عمر بن عبد العزيز حين طلب منه أن ينصحه، فبعث بها إليه، وفيها يقول 1:

بِسم الذي أُنْزِلَتْ مِن عندهِ السُّورُ

الحمدُ لله أما بعد يا عمر

إن كنت تعلم ما تأتي وما تذرُ

فكن على حذرٍ قد ينفعُ الحذرُ

واصبرْ على القدرِ المقْدُور وأرضَ بهِ

وإنْ أتاكَ بما لا تشتهي القدرُ

فما صفا لامرئ عيش فَسُرَّ بِهِ

إلا سيتْبَعُ يوماً صفوه كدرُ

1 الأبيات في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/181.

ص: 57

أصبحتم جزراً للموت يأخذكم

كما البهائِم في الدّنيا لهم جزر

وليس يزجركم ما توعظون به

والبهمُ يزجرها الراعي فتنزجر

ما يشعرون بما في دينهم نقصوا

جهلاً وإن نقصوا في دنياهم شعروا

أبعد آدم ترجون البقاء وهل

تبقى فروع لأصلٍ حين ينعقرُ

لا ينفعُ الذكرُ قلباً قاسياً آبداً

والحبلُ في الحجرِ القاسي له أثرُ

والعلمُ يجلو العمى عن قلب صاحبهِ

كما يجلّى سواد الظلمةِ القمرُ

والعلم فيهِ حياة للقلوب كما

تحيا البلاد إذا ما مسها المطر

وهذه أبيات علي بن عبد العزيز "أبو الحسن الجرجاني" رحمه الله، وهي 1:

يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما

رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

أرى الناس من داناهُم هان عندهم

ومن أكرمته عزة النفس أكرما

إذا قِيلَ هذا مَنهلٌ، قلتُ: قد أرى

ولكنّ نفسَ الحرِ تحتملُ الظّمأ

ولم أقضِ حقّ العلمِ إن كُنت كلما

بدا مطمعٌ صيّرتُه لي سُلّما

وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستفزُّنِي

ولا كلُّ من لاقيتُ أرضاه منعما

ولم أبتذلْ في خِدمَةِ العلمِ مهجتي

لا خدم من لاقيت لكن لا خدما

أأشقي به غرساً وأجنيه ذلةً

إذا فاتباع الجهلِ قد كان أسلما

ولو أنّ أهل العلمِ صانوهُ صانهم

ولو عظّموه في النفوس لعظما

1 الأبيات في طبقات السكبي 3/460.

ص: 58

ولكن أذلّوهُ فهان ودنسوا

محيّاهُ بالأطماعِ حتى تجهّما

ومن قصيدة عدي بن زيد العبادي 1:

أيّها الشامتُ المعير بالدهرِ

أأنت المبرأ الموفورُ

أم لديك العهد الوثيق من الأ

يامِ أم أنت جاهل مغرور

من رأيت المنايا خلدن أم من

ذا عليه من أن يضام خفير

أين كسرى، كسرى الملوك أبو سا

سان أم أين قبله سابور

وبنو الأصفرِ الكرامِ ملوك الرومِ

لم يبق منهم مذكورُ

وأخو الخضرِ إذ بناهُ وإذ دجلة

تجبى إليه والخابورُ

شاده مرمراً وجلله كلسا

فللطير في ذراه وكورُ

وتبين رب الخورنق إذ أشرف

يوماً وللهدى تفكيرُ

سره حاله وكثرة ما يملك

والبحر معرضاً والسديرُ

فارعوى قلبه فقال وما غبطة

حي إلى الممات يصير

ثم بعد الفلاح والملك والآ

مة وارتهم هناك القبورُ

ثم اضحوا كأنهم ورق جف

فألوت به الصباء والدبورُ

وقال أحدهم 2:

كلُّ المصائبِ مبدأها من النظرِ

ومعظمُ النارِ من مستصغرِ الشررِ

1 الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/225.

2 ابن القيم، الجواب الكافي ص 134، روضة المحبين ص 107.

ص: 59

كم نظرةٍ فتكت في قلبِ صاحِبِهَا

فتكَ السّهامِ بلا قوس ولا وَتَرِ

يسرّ مقلَتهُ ما ضرّ مهجتّهُ

لا مرْحباً بسرورٍ عادَ بالضَّرَرِ

وقال غيره 1:

أخْلِقُ بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتِه

ومدمن القرعِ للأبواب أن يلجأ

وقال المتنبي 2:

وكم من عاتبٍ قولاً صحيحاً

وآفته من الفهم السقيم

ولكن تأخذ الآذان منه

على قدر القريحةِ والفهومِ

وقال غيره:

وما كل من يبدي البشاشة كائناً

أخاكَ إذا لم تلفه لك مُنجِداً

وقال آخر:

قد تنكر العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدٍ

وينكر الفمّ طعمَ الماءِ من سقَمِ

...

وقال آخر:

لسانُك لا تذكر بهِ عورةَ امرئٍ

فَكُلُّكَ عوراتٍ وللناسِ ألسنُ

وقال آخر:

قد قيل ما قيل إنْ صدقاً وإن كذباً

فما اعتذاركَ من قولٍ إذا قيلَ

...

...

1 لمحمد بن بشير، انظر أمثال الشعر العربي ص 87.

2 الديوان 4/120.

ص: 60

وقال أحدهم:

والنجم تستصغر الأبصارُ صورتَهُ

والذنب للطرف لا للنجم في الصِغَرِ 1

وقال آخر:

وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ

جاءتْ محاسنُه بألفِ شفيعِ

وللمتنبي:

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ

فهي الشهادةُ لي بأنّي كاملٌ 2

إنّ العُلى حدثتني وهي صادقَةٌ

أنّ العز في النقل

وقال أحدهم:

فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً

فأفعاله اللائي سَررنَ ألوف

وقال أحدهم:

ولئن نطقتُ بشكر برك مفصحاً

فلسان حالي بالشكايةِ أنطقُ

وقال آخر:

وليس يصِحُّ في الأذهانِ شيءُ

إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ 3

وقال آخر 4:

إذا لَمْ تَخْشَ عاقِبَةَ الليالي

ولَمْ تستَحِ فاصنعْ ما تشاءُ

1 أبو العلاء المعري، انظر سقط الزند ص 61.

2 الديوان 3/260.

3 المتنبي، الديوان 3/92.

4 تنسب للشافعي أو أبي تمام، انظر الشوارد 1/40، أمثال الشعر العربي ص 16.

ص: 61

..

فلا وأبيك ما في العيشِ خيرٌ

ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ

وقال أحدهم:

رأيتُ الفتى يرمي سواه بدائِهِ

ويشكو إليك الظلمَ وهو ظُلومُ

وقال آخر:

فلا تمنعنّ ذا حاجةٍ جاءَ طالِباً

فإنك لا تدري متى أنتَ راغِبُ

وقال آخر:

وإذا التمستَ دخول أمر فالتمس

من قبل مدخله المخرج

وقال آخر:

فإن يك صدر هذا اليوم ولّى

فإن غداً لناظِرِهِ قريبُ

وقال بعضهم:

وقد تلتقي الأشتات بعد تفرقٍ

وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعيدُ

وقال آخر:

إنّ السعيدَ له في غيرهِ عِظَةً

وفي التجارُبِ تحكيمٌ ومعتَبَرُ

وقال آخر:

شرُّ البِلادِ مكانٌ لا صَدِيقَ بِهِ

وشرُّ ما يُكسب الإنسان ما يصم 1

وقال آخر:

فألقت عصاها واستقر بها النّوى

كما قرّ عينٌ بالإيابِ المسافِرِ

1 المتنبي، الديوان 3/373.

ص: 62

وقال آخر:

إذا لم تستطع شيئًا فدعهُ

وجاوِزْهُ إلى ما تستطيعُ

وقال الشاعر:

ولا تجلس إلى أهلِ الدنايا

فإن خلائق السفهاءِ تعدِي

وقال أحدهم:

وما كلُّ أزهارِ الرياضِ أريجةٌ

وما كلُّ أطيارِ الفلا تترنّمُ

وقال لبيد بن ربيعة 1:

وما المالُ والأهْلون إلا ودائعٌ

ولا بدّ يوماً أنْ تُسْتَردَّ الودائِعُ

وقال آخر:

وإذا افتقرت إلى الذخائِر لم تجد

ذخراً يكونُ كصالح الأعمالِ

وقال شاعِر:

لا تقعدن على ضر ومسغبةٍ

لكي يُقالُ عزيز النفسِ مسطير

وقال الأفوه الأودي 2:

تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت

فإن تولت فبالأشرار تنقاد

لا يصلح الناسُ فوضى لا سراةَ لهم

ولا سراةَ إذا جُهّالُهُم سادُوا

1 الديوان 88.

2 أمثال الشعر العربي ص 118.

ص: 63

وقال الحطيئة 1:

من يفعلِ الخيرَ لا يُعدم جوازيه

لا يذهب العرف بين الله والناسِ

وقال آخر:

والنفسُ كالطّفلِ إن تهملهُ شبّ على

حبِّ الرَّضاعِ وإن تفطِمْهُ ينفَطِمِ

وقال آخر:

إنَّ الغصونَ إذا عدلْتها اعتدلَتْ

ولا تلينُ إذا كان من الخشبِ

وقال آخر:

ولو سُئل الناس الترابَ لأوشَكُوا

إذا قيل هاتوا أن يملُّوا ويَمنعوا

وقال آخر:

فعينُ الرضا عن كلِّ عيب كليلةٌ

كما أنّ عينَ السّخطِ تبدي المساويا

وقال أحدهم:

لكل داء دواء يستطب بهِ

إلا الحماقة أعيت من يُداويها

وقال آخر:

كل المصائب قد تمر على الفتى

فتهون غير شماتة الأعداءِ

وقال المتنبي 2:

لعل عتبك محمودٌ عواقبه

وربما صحّتِ الأجسامُ بالعِلَلِ

1 ديوانه 284.

2 ديوانه 3/86.

ص: 64

وقال طرفة بين العبد 1:

ستُبدي لكَ الأيامُ ما كُنتَ جاهِلاً

ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ

وقال دكين الراجز 2:

إذا المرءُ لم يدنس من اللوم عرضه

فكلّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ

وإنْ هو لم يحمل على النفس ضيمَها

فليس إلى حسن الثناء سبيلُ

وقال السموأل بن عاديا 3:

تعيرنا أنّا قليلُ عديدنا

فقلت لها إن الكرامَ قليلُ

وما قلّ من كانت بقاياهُ مثلنا

شبابٌ تسامى إلى العلى وكهولُ

وما ضرنا أنّا قليل وجارنا عزيز

وجار الأكثرين ذليلُ

وقال أحدهم:

ترفق أيها المولى عليهم

فإنّ الرفقَ بالجاني عتابُ

وقال المتنبي 4:

على قدرِ أهلِ العلمِ تأتي العزائِمُ

وتأتِي على قدرِ الكرامِ المكارِمُ

وتعظم في عين الصغير صغارُها

وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ

1 ديوانه ص 57.

2 الشعر والشعراء 2/612.

3 الحماسة لأبي تمام 1/79.

4 الديوان 3/378.

ص: 65

وقال أبو الأسود الدؤلي:

والناسُ ألف منهم كواحدُ

وواحد كالألف إن أمر عنى

وقال أبو الأسود الدؤلي:

يا أيها الرجلُ المعلِّمُ غيرَهُ

هلاّ لِنفسِكَ كان ذا التعلِيمُ

تَصِفُ الدواء لذي السِّقَامِ وذي الضنى

كيما يصحّ به وأنتَ سقيمُ

وأراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عقولَنا

أبداً وأنت من الرشادِ عقيمُ

لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثلَهُ

عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ

فابدأ بِنفسكَ فانْهَهَا عن غيِّهَا

فإذا انتهتْ عنهُ فأنتَ حَكِيمُ

فهناك يُقبلُ ما تقُول ويقتدي

بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ

وقال بعضهم 1:

دعِ الأيامَ تفعلُ ما تشاءُ

وطب نفساً إذا حكَمَ القضاءُ

فمن نزلتْ بساحَتِهِ المنايا

فلا أرضٌ تقيهِ ولا سمَاءُ

وأرضُ اللهِ واسعةٌ ولكنْ

إذا نزلَ القضاء ضاق الفضاءُ

وقال الشاعر خلف بن فرج السميسري 2:

وقفت بالزهراء مستعبراً معتبراً

أندب أشتاتاً

فقلتُ يا زهرا هل من رجعةٍ

فقالتْ وهل يرجِعُ من ماتا

1 تنسب للشافعي، الديوان ص 38.

2 نفح الطيب 1/527.

ص: 66

وقال آخر:

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها

ولكن أخلاق الرجالِ تضيقُ

وقال آخر:

بلادي وإن جارتْ عليّ عزيزةٌ

وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام

وقال ابن الرومي 1:

ولِي وطنٌ آليتُ ألا أبيعهُ

وألا أرى غيري له الدهر مالكاً

وحبب أوطان الرجال إليهمُ

مآربُ قضاها الشباب هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهمو

عهود الصِّبا فيها فحنّوا لذلكا

وقال بعضهم 2:

وكلما ذُكِر اسم الله في بلدٍ

عددتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني

وقال ابن نباته السعدي 3:

من لم يمتْ بالسيفِ ماتَ بغيرِهِ

تعددت الأسبابُ والموتُ واحِدُ

وقال أبو العتاهية 4:

ترجو النجاةَ ولم تسلكْ مسالكها

إن السفينَة لا تجري على اليبسِ

1 ديوانه 5/1825-1826.

2 هذا الدين بين جهل أبنائه وكيد أعدائه ص 49.

3 وفيات الأعيان 3/193.

4 ديوانه ص 194.

ص: 67

وقال المتنبي 1:

ما كلُّ ما يتمنّى المرءُ يدركُهُ

تجري الرِّياحُ بما لا تشتهي السَّفِنُ

وقال آخر:

إنّ الكريم إذا أكرمته ملكتَهُ

وإنّ اللئيمَ إذا أكرمْتَهُ تمرداً

وقال أحدهم:

صلاح أمرِكَ للأخلاقِ مرجعةُ

فقوّم النفس بالأخلاق تستَقِمِ

وقال شوقي:

إنما الأمَمُ الأخلاقُ ما بقِيَتْ

فإن هُم ذهبَتْ أخلاقهُم ذَهَبُوا

وقال أبو ذؤيب الهذلي 2:

وإذا المنية أنشبت أظفارُها

ألفيتَ كل تميمة لا تنفعُ

وقال المتنبي 3:

إذا رأيت نيوبَ الليث بارزةً

فلا تظنّ أنّ الليث يبتسِمُ

وقال المتنبي 4:

الرأي قبل شجاعَةِ الشُّجعانِ

هو أول وهي المحلُّ الثاني

فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرةٍ

نالتْ من العلْياءِ كل أمانِي

1 ديوانه 4/236.

2 جمهرة أشعار العرب 2/683.

3 ديوانه 3/368.

4 ديوانه 4/174.

ص: 68

وقال الفزاري 1:

ولم أرَ كالمعروف أمّا مذاقُه فحلوٌ

وأمّا وجهُهُ فجميلُ

وقال أحدهم 2:

صلى المصلي لأمر كان يطلبه

فلما قضى الأمرَ لا صلّى ولا صامَا

وقال بشار 3:

متى يبلغ البنيان تمامه

إذا كنت تبنيه وغيرُك يهدمُ

وقال غيره:

عسى الكرب الذي أمسيتَ فيه

يكون وراءه فرج قريبُ

وقال أحدهم:

وما عن رضىً كان الحمار مطيتي

ولكن من يمشي سيرضى بما يركبُ

وقال أبو الأسود الدؤلي 4:

حسدوا الفتى إذ لم ينالُوا سعيهُ

فالقومُ أعداءٌ له وخصومُ

كضرائر الحسناءِ قلنَ لوَجْهِهَا

حسداً وبغياً إنه لدميمُ

1 منهاج الطلب ص 229.

2 من القائل 2/592.

3 أمثال الشعر العربي 317.

4 أمثال الشعر العربي 326.

ص: 69

وقال الفخر الرازي 1:

المرء ما دام حياً يُستَهانُ بِهِ

ويعظم الرزء فيه حين يُفتَقَدُ

وقال بعضهم:

لا تعجبن من هالكٍ كيف هوى

بل فاعجبن من سالمٍ كيف سلم

وقال آخر:

تعزّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقياً

ولا وزرٌ مما قضى الله واقياً 2

وقال آخر:

لأستسهلنّ الصعب أو أُدرِكَ المُنى

فما انقادَتِ الآمالُ إلا لِصابِرِ

وقال آخر:

لها أحاديث من ذكراك تشغلُها

عن الشراب وتلهيها عن الزادِ

لها بوجهِكَ نور تستضيء به

ومن أحاديثكَ في أعْقابِها حادي

إذا اشتكتْ من كلال السير أوعدها

روح اللقاء فتقوى عند ميعادِ 3

وقال آخر:

من لي بمثلِ سيرك المدلل

تمشي رويداً وتجيء في الأولِ

وقال آخر:

سأطلب علماً أو أموت ببلدة

يقل بها قطر الدموع على قبرِ

1 اعتقادات فرق المسلمين 25.

2 شرح ابن عقيل 1/313.

3 ابن القيم، روضة المحبين 83.

ص: 70

فإن نلتُ علماً عشتُ في الناسِ سيداً

وإن متُّ قال الناسُ بالغٍ في العذرِ

ألا إنّما الخسران ليالي

تمر بلا نفع وتحسب من عمري

وقال آخر:

تعوّد فعل الخير جمعاً

فكل ما تعوّدَهُ المرء صار له خلقاً

وقال آخر 1:

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم

إن التشبه بالكرام فلاحُ

وقال الحطيئة 2:

أقلو عليهم لا أبا لأبيكم

من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

وقال آخر:

حمد المدلجون غب سراهم

وعند الصباح يحمد القوم السُّرى

وكان سفيان الثوري رحمه الله

كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين 3:

تفنى اللذاذة ممن نالَ صفوتها

من الحرامِ ويبقى الوزر والعارُ

تبقى عواقبُ سوء في مغبّتها

لا خيرَ في لذةٍ من بعدها النارُ

قال الشاعِرُ 4:

نجيت يا رب نوحاً واستجبت له

في فلك ماخر في اليَمِّ مشحوناً

1 الشوارد 1/14.

2 ديوانه 140.

3 روضة المحبين لابن القيم ص 354.

4 شرح ابن عقيل 2/259.

ص: 71

وعاش يدعوا بآياتٍ مبينةٍ

في قومِهِ ألف عام غير خمسيناً

وقال أنس بن مدركة الخثعمي 1:

إني وقتلي سُليكاً ثمّ أعقلهُ

كالثّور يُضْرَبُ لَمَّا عافَتِ البَقَرُ 2

غيره:

إذا مررت بأشجارٍ لها ثمرٌ

فخذ الثمارَ واترك العود للنارِ

قال محمد بن عامر البلخي 3:

أيَا فارِجَ الهمِّ عنْ نُوحٍ وأسرتِهِ

وصاحبِ الحوتِ مولى كلِّ مكروبِ

وفالِق البَحر عن موسى وشيعَتِهِ

ومُذهِبَ الحزن عن ذي البيت يعقوب

وجاعل النارِ لإبراهيمَ بارِدَةً

ورافِعُ السقمِ عن أوصالِ أيوبِ

إن الأطبّاء لا يُغُنونَ عن وصَبٍ

أنتَ الرحيم رحيمٌ غيرُ مغلوبِ

وقال آخر 4:

ربما تكرهُ النُفوسِ من الأمرِ

له فرجةٌ كحل العِقالِ

ما بين غفوةِ عينٍ وانتباهَتِها

ويبدّل اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ

1 شرح ابن عقيل 4/21.

2 أراد أن البقر إذا امتنعت عن ورود الماء لم يضربها راعيها لأنها ذات لبن، وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب.

3 شعب الإيمان 7/207.

4 شعب الإيمان 7/208.

ص: 72

وقال آخر 1:

إذا ضاق أمرٌ فانتظِر فَرَجاً

فأصعب الأمر أدناهُ مِن الفَرَجِ

ولأبي محجن الثقفي 2:

إذا اشتدّ عسرٌ فارجُ يسراً فإنّهُ

قضى الله أن العسرَ يعقبهُ يسرُ

وقال أبو إسحاق الصولي 3:

ولربَّ نازِلَةٌ يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المخرجُ

كملتُ فلما استحكمت حلقاتها

فُرجت وكان يظنّها لا تُفرجُ

وقال الإمام الشافعي 4:

شكوتُ إلى وكيعٍ سوء حفظي

فأرشدَني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلمَ نورٌ

ونُورُ اللهِ لا يُهدى لعاصي

وقال أبو العتاهية 5:

ألا ليتَ الشبابَ يعُودُ يوماً

فأخبِرُه بما فعلَ المشيب

قال عمرو بن الغوث بن طيء 6:

وإذا تكونُ كريهةٌ أُدعى لها

وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

1 شعب الإيمان 7/208.

2 الأرج في الفرج ص 75.

3 الأرج في الفرج ص 83.

4 الديوان ص 88.

5 الشوارد ص 43، ديوانه 32.

6 الشوارد ص 58.

ص: 73

قال أحمد بن عبد ربه 1:

ألا إنما الدنيا نضارةُ أيكةٍ

إذا اخضرَّ منها جانبٌ جفَّ جانِبُ

هي الدارُ ما الآمالُ إلا فجائعٌ

عليها وما اللذات إلا مصائبُ

فكم سخنت بالأمس عين قريرةٌ

وقرّت عيونٌ دمعها الآن ساكِبُ

فلا تكتحِل عيناكَ منها بعبرةٍ

على ذاهبٍ منها فإنكَ ذاهِبُ

قال بشار 2:

إذا كنت في كلّ الأمورِ معاتِباً

صديقك لم تلقِ الذي لا تعاتبه

وإن أنت لم تشرب مراراً على القذى

ظمئتُ وأي الناس تصفو مشاربه

فعش واحداً أو صِل أخاك فإنهُ

مقارف ذنب مرة ومجانيه

قال سلم الخاسر 3:

صلّى وصام لأمر كان يأمله

حتى قضاهُ فما صلّى ولا صاما

قال الصنوبري 4:

إن المعلّم والطبيبَ كلاهُما

لا ينصَحانِ إذا لم يُكرما

قال صفي الدين الحلي 5:

إذا كنت ما تدري فتلك مصيبة

وإنْ كُنتَ تدرِي فالمصيبةُ أعظَمُ

1 الشوارد ص 77، ديوانه 13.

2 الشوارد ص 85،86، ديوانه 1/326.

3 أمثال الشعر العربي ص 310.

4 أمثال الشعر العربي ص 311.

5 أمثال الشعر العربي ص 315.

ص: 74

قال أبو الحسين بن حمد بن فارس 1:

إذا كُنت في حاجَةٍ مُرسِلاً

وأنت بها كلفٌ مغرم

فأرسِل حكيماً ولا تُوصِهِ

وذاك الحكيمُ هو الدرهم

قال الإمام أحمد بن حنبل 2:

فما مِن يد إلا يد الله فوقها

ولا ظالِمٌ إلا سيبلى بظالم

وقال الزبرقان بن بدر 3:

تعدوا الذئابُ على من لا كلاب له

وتتقي مربض المستأسد الضاري

وقال أحدهم 4:

كُن ابن من شئتَ واكتسبْ أدباً

يغنِيكَ محموده عن النسبِ

إن الفتى من يَقُولُ ها أنا ذا

ليس الفتى مَنْ يَقولُ كانَ أبِي

قال الحريري -صاحب المقامات- أنشدني والدي لنفسه 5:

...

فاصبر إذا ما ناب روع فالزمان أبو العجب

... ترج من روح الإله لطائفاً لا تحتسب

...

1 أمثال الشعر العربي ص 319.

2 أمثال الشعر العربي ص 329.

3 الشوارد ص 211.

4 الشوارد ص 91.

5 الأرج في الفرج 88.

ص: 75

قال ابن النجار 1:

عسَى فرجٌ يأتي به الله إنّه

له كلّ يومٍ في خليقَتِه أمرُ

قال الشهاب الباعوني 2:

سلم إلى الله ما قضاهُ

لابدّ أن ينفذ القضاءُ

سيجعلُ الله بعد العسرِ

يسراً به يذهب العناءُ

يدبر الأمر منه جميعاً

ويفعل الله ما يشاءُ

وقال هدبة بن حشرم العذري:

عسى الكربُ الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريبُ 3

وقال أحدهم 4:

أنست بوحدتي وقصدت ربي

فدام الأنس لي ونما السرورُ

وأدبني الزمانُ فما أُبالي

هجرت فلا أزار ولا أزورُ

متى تقنع تعش مِلكاً كريماً

يذلّ لعزك المرء الفخورُ

ولستُ بقائل ما دمتُ حياً

أَساَرَ الجندُ أم ركِبَ الأميرُ

1 الأرج في الفرج ص 88.

2 الأرج في الفرج ص 112.

3 من القائل 2/147.

4 أخبار قزوين 4/193، الشوارد 1/252.

ص: 76

وقال الإمام الحافظ ابن عبد البر يوصِي ابنه 1:

تجاف عن الدنيا وهوِّن لقدرِها

ووفّ سبيل الدينِ بالعروةِ الوثقَى

وسارِع بتقوى الله سراً وجهرةً

فلا ثمّة أقوى هديت من التقوى

ولا تنسَ شُكرَ الله في كلّ نعمةٍ

يمنّ بها فالشكْرُ مستجلب النعمى

فدع عنك ما لا حظ فيه لعاقِلٍ

فإن طريقَ الحق أبلجَ لا يخفى

وشح بأيام بقين قلائلٌ

وعمرٌ قصيرٌ لا يدومُ ولا يبقَى

ألم تر أنّ العمر يمضي مولّياً

فجدّته تبلى ومدّته تفنى

نخوض ونلْهُو غفلةً وجهالةً

وننشر أعمالاً وأعمارنا تُطُوَى

تواصلنا فيه الحوادث بالردي

وتنتابنا فيه النّوائبُ بالبلْوَى

عجبتُ لنفسٍ تبصر الحقّ بيناً

لديها وتأبى أن تفَارِقَ ما تَهوَى

وتسعى لِما فيهِ عليها مضرة

وقد علمت أن سوف تُجزى بما تسعى

ذنوبِي أخشاها ولستُ بآيسٍ

وربّي أهل أن يخافُ وأنْ يُرجَى

وإنْ كان ربي غافِراً ذنب من يشا

فإني لا أدري أَأُكرَمُ أم أُخْزَى

وقال مسفر بن مهلهل الينبعي 2:

دعِ المقاديرَ تجري في أعنّتها

ولا تَبِيتَنَّ إلا خاليَ البالِ

ما بين غمْضةِ عين وانتباهتِها

يغيّر الله مِنْ حالٍ إلى حالِ

1 مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس ص 296.

ص: 77

وقال الأحيمرالسعدي 1:

عوى الذئبُ فاستأنستُ للذئبِ إذ عوى

وصَوَّتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ

وقال آخر 2:

إنِّي رأيتُ في الأيامِ تجربةً

للصبْرِ عاقِبَةٌ محمودَةٌ الأثرِ

وقل من جدّ في أمر يحاوله

فاستصحب الصبر إلا فاز بالظَّفَرِ

وللأعشى 3:

كناطِحٍ صخرةٍ يوماً ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنَه الوعلُ

وقال آخر 4:

سوفَ ترى إذا انجلا الغبارُ

أفرسٌ تحتكَ أمْ حِمارُ

وقال آخر 5:

أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا يا سعد تورَدُ الإبلُ

وقال معن بن أوس 6:

أعلِّمُهُ الرمايَةَ كلّ يومٍ

فلَمّا اشتدَّ ساعِدَهُ رَماني

1 الشوارد 220.

2 الشوارد 1/228.

3 شرح ابن عقيل 3/109.

4 الشوارد 1/211.

5 أمثال الشعر العربي 303.

6 انظر الأمثال لابن سلام ص 296.

ص: 78

وكم علّمتُه نظْمَ القوافِي

فلمّا قالَ قافيةً هجانِي

وقال شمر بن عمرو الحنفي 1:

ولقد أمرُّ على اللئيمِ يسبُّنِي

فمضيتُ ثَمَّتَ قلتُ لا يَعْنِينِي

وقال أبو تمام 2:

لو كانتِ الأرْزاقُ تجري على الحجا

هَلكنَ إذاً من جَهْلِهنَّ البَهائِمُ

وقال الوليد بن عبيد البحتري 3:

ولم أرَ أمثال الرجالِ تفاوَتَت

إلى الفضلِ حتى عُدَّ ألفٌ بواحِدِ

وقال التكلام الضبعي 4:

المستجير بعمرو عندَ نائِبَةٍ

كالْمُستَجِيْرُ من الرَّمضاء بالنَّارِ

وقال أبو الحسن التهامي 5:

حكم المنية في البريةِ جاري

ما هذه الدنيا بدارِ قرارِ

إن الكواكِبَ في علوِّ مكانِها

لَتُرَى صِغاراً وهي غيرُ صِغَارِ

وقال غيره:

لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها

إن كنت شهما فألحق رأسَها الذنبا

1 من القائل؟ 1/415.

2 ديوانه 503.

3 ديوانه 1/625.

4 أمثال ابن سلام 263.

5 ديوان التهامي 308،310.

ص: 79

إنّ العدوّ وإن أبدى مسالَمَةً

إذا رأى منك يوماً فرصةً وثبا

قال أحدهم:

سارتْ مشرقة وسرتُ مغربة

شتّانَ بين مشرِّقٍ ومُغرِّبِ

وقال شوقي:

فإنما الأمم الأخلاق ما بقيتْ

فإن هُموا ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا

وقال غيره:

وللحروب أناسٌ يُعرَفُون بِها

وللدّواوين كُتَّابٌ وحُسَّابُ

وقال غيره:

إن الأفاعي وإن لانَتْ مَلامِسُها

عند التقلّبِ في أنيابِها العَطَبُ

وقال غيره:

ألم تر أن السيف ينقُصُ قدرُه

إذا قيل إن السيفَ أمضى من العَصا

وقال الطغرائي:

يا صاحِبَ العلم مهلاً لا تدنّسه

بالموبقاتِ فما للعلم من خلفِ

العلمُ يرفعُ بيتاً لا عِمادَ له

والجهلُ يهدِمُ بيتَ العزِّ والشَّرَفِ

وقال آخر 1:

تعلّم العلم واجلس في مجالسه

ما خاب قط لبيبٌ جالَسَ العلماء

1 منهاج الطلب 261.

ص: 80

وقال غيره 1:

تأنّ ولا تعجلْ بلومكَ صاحِبا

لعلَّ له عذرٌ وأنت تلومُ

وقال ابن هشام 2:

ومَن يصطَبِر للعلم يظفر بنَيْلِهِ

ومَن يخطبِ الحسناءَ يصبِرْ على البذلِ

ولطرفة بن العبد 3:

وظلم ذوي القُربَى أشدُّ مضاضةً

على المرءِ من وقْعِ الْحُسامِ المهنّدِ 4

ولدي 5

ولدي يا نبضةً في خافقي

ولدي يا فلذةً من كبدي

ولدي يا كوكباً أرقبه

كي أرى فيه ضياء الفرقدِ

كلما جفّت ينابيع الصفا

بك يصفو سلسبيلاً موردي

ورياضي إن ذوت أزهارُها

أنت فيها الطل والزهر الندِي

إذا مزّق صدري زفرةً

كنت أنت الطب يشفي جسدي

1 منهاج الطلب 261.

2 منهاج الطلب 260.

3 ديوانه 51.

4 أشد مضاضة: أشد تأثيراً وإيلاماً.

5 المختار من الفوائد والآداب والعبر والأخبار، جمع وإعداد سمير بن عدنان الماضي، ص523-524.

ص: 81

أو تخلّى الصمتُ عن موعده

أنت من يصدقني في الموعدِ

إن سألت الله يوماً أن أرى

في خريف العمر أزكى مشهدي

فشباب خاشع في طاعة

طاهر النظرة معصوم اليدِ

أو سألت الله يوماً أملاً

قبل أن ألقى الردي في مرقدي

فلذتي يخشع في محرابهِ

ويباري النجم عند السؤدد

ولدي إن كنت ترجو رحمةً

وسلاماً من إله سرمدي

فاتخذ خير دليل قبساً

من سنا القرآن حتى تهتدي

وليكن خير مكان في الدنا

يا هناء الروح ركن المسجدِ

ولدي إن كان يومي حالكاً

أنت إطلالة فجري وغدي

وندائي في الحنايا أبداً

وهتافي وحنيني ولدي

أنت تكون ماجد نبيل

إذا تهب شمأل بليل 1

أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل 2

أيها المنكح الثريا سهيلاً

عمرك الله كيف يلتقيان

1 البيت لأم عقيل بن أبي طالب، انظر شرح ابن عقيل 1/292.

2 البيت لنوار بنت مالك، انظر طبقات الشعراء 1/30.

ص: 82

هي شاميه إذا ما استقلت

وسهيل إذا ما استقل يمان 1

لقد اسمعت لو ناديت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في رمادي 2

يا باري القوس برياً ليس يحسنه

لا تفسد القوس اعط القوس باريها 3

وعالم بعلمه لم يعملن

معذب في قبره قبل عباد الوثن 4

قال المتنبي 5:

أعز مكان في الدنيا سرج سابح

وخير جليس في الزمان كتاب

تقول ذا جنى النحل تمدحه

وإن شئت قلت ذا قيء الزنابير

مدحاً وذما وما جاوزت صفة

والحق قد يعتريه سوء تعبير 6

إذا ما الخبز تأدمه بلحم

فذاك أمانة الله الثريد 7

1 الأبيات لعمر بن أبي ربيعة، انظر ديوانه ص 358.

2 عمرو بن معد يكرب، أمثال العرب ص 121، نيل الأوطار 5/102.

3 معجم شواهد النحو الشعرية 182،686.

4 روضة الناظرين، لمحمد القاضي 1/20.

5 الديوان: 1/193.

6 ابن الرومي الديوان 3/1145.

7 لسان العرب 14/274 [أدم] ، فتح الباري 7/135.

ص: 83

ومنها:

نحن في المشتات 1 ندعو الجفلى 2

لا ترى الداعي منا ينتقر 3 4

ومنها:

فعند مراد الله تفنى كميت

وعند مراد النفس تسدي 5 وتلحم 6 7

ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا

ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني 8

1 المشتات: الليالي الباردة في الشتاء.

2 الجفلى: المجموعة الكبيرة من الناس.

3 ينتقر: أي يدعو الأفراد.

4 البيت لطرفة بن العبد، انظر ديوانه ص 84، خزانة الأدب 8/190.

5 أي تغلب وتقهر [المعجم الوسيط سدى] .

6 أي تقوى وتكون لك صولات وجولات ولا تمل ولا تكسل.

7 البيت لابن قيِّم الجوزية رحمه الله في قصيدته الميمية المشهورة.

8 قصة البيت: روى البخاري رحمه الله في صحيحه "فتح الباري 1/635" عن عائشة رضي الله عنها أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم، قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، قالت: فوضعته -أو وقع منها- فمرت به حدياة وهو ملقى فحسبته لحما فخطفته. قالت: فالتمسوه فلم يجدوه، قالت: فاتهموني به، قالت: فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قبلها، قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته، قالت: فوقع بينهم قالت: فقلت: هذا الذي اتهمتموني به زعمتم وأنا منه بريئة وهو ذا هو، قالت: فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد أو حفش، قالت: فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: فلا تجلس عندي مجلساً إلا وقالت:

ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني

قالت عائشة: فقلت لها: ما شأنك لا تقعدين معي مقعداً إلا قلت هذا قالت: فحدثتني بهذا الحديث.

ص: 84

قصيدة د/ مصطفى السباعي رحمه الله (وداع راحل)

أهاجك الوجد أم شاقتك آثار

كانت مناني نعم الأهل والدار

وما لعينك تبكي حرفة وأسىً

وما لقلبك قد ضجت به النار

على الأحبة تبكى أم على طلل

لم يبق فيه أحباء وسمّار

وهل من الدهر نشكو سوء عشرته

لم يوف عهدا ولم يهدأ له ثار

هيهات يا صاحبي آس على زمن

ساد العبيد به وأقتيد أحرار

أو أذرف الدمع في حب يفاركني

أو في اللذائذ والآمال تنهار

فما سبتني قبل اليوم غانية

ولا دعاني إلى الفحشاء فجار

أَمَتُّ في الله نفسا لا تطاوعني

في المكرمات لها في الشر أضرار

وبعت في الله دنيا لا يسود بها

حق ولا قادها في الحكم أبرار

وإنما حزني في صبية در جوار

غفلٍ عن الشر لم توقد لهم نار

قد كنت أرجو زماناً أن أقودهم

للمكرمات فلا ظلم ولا عار

والآن قد سارعتْ دربي إلى كفن

يوماً سليبه بر وجبار

بالله يا صبيتي لا تهلكوا جزعاً

على أبيكم طريق الموت أقدار

1 شعراء الدعوة الإسلامية 2/46

ص: 85

تركتكم في حمى الرحمن يكلؤكم

من يهده الله لا توبقه وزار

وأنتم يا أهيل الحي صبينكم

أمانة عندكم هل يهمل الجار

أفدى بنفس أما لا يفارقها

هم وتنهار حزناً حين أنهار

فكيف تسكن بعد اليوم من شجن

يا لوعة الثكل ما في الدار ديار

وزوجة منحتتي كل ما ملكت

من صادق الود تحنان وأنبار

عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا

فكم يؤرق بعد العز إدبار

وأخوة جعلوني بعد فقد أبي

أباً لآمالهم روض وأزهار

استودع الله صحباً كنت أدخرهم

للنائبات لنا أنس وأسمار

الملتقى في جنات الخلد إن قبلت

منا صلاة وطاعات وأذكار

قصيدة عمر بهاء الدين الأمير «أب» 1:

أين لضجيج العذب والشغب

أين التدارس شابه اللعب

أين الطفولة في توقدها

أين الدرس في الأرض والكتب

أين التشاكس دونما غرض

أين التشاكي ماله سبب

أين التباكي والتضاحك في

وقت معاً والحزن والطرب

أين التسابق في مجاورتي

شغفنا إذا أكلوا وإن شربوا

يتزاحمون على مجالستي

والقرب مني حيثما انقلبوا

يتوجهون بسوق فطرتهم

نحوي إذا رهبوا وإن رغبو

1 شعراء الدعوة الإسلامية 2/17.

ص: 86

فنشيدهم بابا إذا فرحوا

ووعيدهم بابا إذا غضبوا

وهتافهم "بابا" إذا ابتعدوا

ونجيهم "بابا" إذا اقتربوا

بالأمن كانوا ملء منزلنا

واليوم ويح اليوم قد ذهبوا

وكأنما الصمت الذي هبطت

أثقاله في الدار إذ غربوا

إغفاءة المحموم هدأتها

فيها يشيع الهم والتعب

ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم

في القلب ما شطوا وما قربوا

إني أراهم أينما التفتت

نفسي وقد سكنوا وقد وتبوا

وأحس في خلدي تلاعبهم

في الدار ليس ينالهم نصب

وبريق أعينهم إذا ظفروا

ودموع حرقتهم إذا غلبوا

في كل ركن منهم أثر

وبكل زاوية لهم صخب

في النافذات زجاجها حطموا

في الحائط المدهون قد ثقبوا

في الباب قد كسروا مزالجه

وعليه قد رسموا وقد كتبوا

في الصحن فيه بعض ما أكلوا

في علبة الحلوى التي نهبوا

في الشطر من التفاحة قضموا

في فضلة الماء التي سكبوا

أنى أراهم حيثما اتجهت

عيني كأسراب القطا سربوا

دمعي الذي كتمته جلدا

لما تباكوا عندما ركبوا

حتى إذا ساروا وقد نزعوا

من أضعلي قلباً بهم يجب

ألفيتني كالطفل عاطفة

فإذا به كالغيث ينسكب

قد يعجب العذال من رجل

يبكي ولو لم أبكِ فالعجب

ص: 87

هيهات ما كل البكاء خور

أنى وبي عزم الرجال أبُ

من قصيدة محمود غنيم 1:

ما لي وللنجم يرعاني وأرعاه

أمس كلانا يعاف الغمض جفناه

لي فيك ياليل آهات ارددها

أواه لواجدت المحزون آواه

لا تحسبني محباً اشتكي وصباً

أهون بما في سبيل الحب ألقاه

إني تذكرت والذكرى مورقة

مجداً تليدا بأيدينا أضعناه

ويح العروبة كان الكون مسرحها

فأصبحت تتوارى في رواياه

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد

تجده كالطير مقصوصاً جناحاه

كم صرفتنا يدكنا نصرفها

وبات يحكمنا شعب ملكناه

هل تطلبون من المختار معجزة

يكفيه شعب من الأجداث أحياه

من وحد العرب حتى صار واثرهم

إذا رأى ولد الموتور آخاه

وكيف ساس رعاة الشاة مملكة

ما ساسها قيصر من قبل أو وشاه

ورحب الناس بالإسلام حين رأوا

أن الإخاء وأن العدل منزاه

يا من رأى عُمَراً تكسوه بردته

والزيت أدم له والكوخ مأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرقاً

من بأسه وملوك الروم تخشاه

هي الحنيفية عين الله تكلؤها

فكلما حاولوا تشويهها شاهوا

استرشد الغرب بالماضي فأرشده

ونحن كان لنا ماض نسيناه

1 شعراء الدعوة الإسلامية 2/64، (وقفة على طلل) .

ص: 88

أنا مشينا وراء الغرب نقبس منه

ضيائه فأصابتنا شظاياه

بالله سل خلف بحر الروم عن عرب

بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا

فإن تراءت لك الحمراء عن كثب

فسائل الصرح أين المجد والجاه

وانزل دمشق وخاطب صخرمسجدها

عمن بناه لعل الصرخ ينعاه

وطف ببغداد وابحث في مقابرها

علّ امرأ من بني العباس تلقاه

أين الرشيد وقد طاف الغمام به

فحين جاوز بغداد تحداه

لاهم قد أصبحت أهواؤنا شيعاً

فامنن علينا براع أنت ترضاه

راع بعيد للإسلام سيرته

يرعى بنيه وعين الله ترعاه

وهذه أبيات لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني 1:

من فلق البحر للكليم ومن

ألهم نوحاً لصنعة السفن

ونار نمرود حين أججها

حتى غدت قنة من القنن

تدرك طير السما فتصرعه

فهو يراد منة من الدمن

على خليل الإله قد جعلت

برداً سلاماً بقوله فكن

وضر أيوب إذ دعاه وقد

أصيب منه بأعظم المحن

أجابه ربه وأبدله

بأهله مثلهم من السكن

وحبذا حبذا إجابته

ليونس فهو منة المنن

من ظلمات البحار أخرجه

من بطن حوت من ظلمة الدجن

1 انظر ديوانه ص 411-412.

ص: 89

ويوسف من تراه كلاه وقد

ألقى في الجب عاري البدن

وبيع بيع الرقيق مبتذلاً

شراه قوم بأبخس الثمن

وكيد حتى غدا بسجنهم

مرتهنا برهة من الزمن

وصار من بعد ذا وذا ملكا

تهدي إليه البرود من عدن

ومن من اليم أخرج الكليم وقد

ألقى طفلا لم يغذ باللبن

عاد إلى حجر أمه فغدت

قريرة لا تراع بالحزن

رباه من كان قبل يطلبه

مبدلاً للقبيح بالحسن

وللمسيح اليهود حين غدت

تشب نار الفساد والإحن

وأجمعوا قتله فخلصه

وخاتم الرسل كم أراد به

إلى السما ذو الجلال والمنن

وقاه ما كان من غوائلهم

كل النكايات عابدوا الوثن

لا بسيوف العباد والختن

برغمهم تم ما أراد به

من نشره للفروض والسنن

ص: 90