المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثمامة بن أثال ومفاصلته للكفر وأهله - دروس للشيخ علي القرني - جـ ٣٧

[علي القرني]

فهرس الكتاب

- ‌السماء والسماوة

- ‌سمو ماضينا وسماوة حاضرنا

- ‌حقيقة سماوة حاضرنا

- ‌سمو ماضينا وأسرار السمو

- ‌توحيد مصدر التلقي عند الجيل الأول

- ‌مصدر التلقي عند عمر بن الخطاب

- ‌تربية النبي صلى الله عليه وسلم للجيل الأول

- ‌سماوة الجيل الحاضر ومصدر التلقي

- ‌العمل بالكتاب والسنة عند الجيل الأول

- ‌تطبيق الكتاب والسنة عند السعدين

- ‌العمل بالكتاب والسنة عند الصديق

- ‌تطبيق الكتاب والسنة عند نساء الصحابة

- ‌تطبيق السنة عند ابن رواحة

- ‌أبو طلحة وتطبيقه لكتاب الله

- ‌تطبيق السنة عند الشافعي وأحمد

- ‌تطبيق الوحي عند الأجيال المتأخرة

- ‌صدق التميز والمفاصلة مع الكفر وأهله عند الجيل الأول

- ‌مفاصلة عمر الفاروق للكفر وأهله

- ‌ثمامة بن أثال ومفاصلته للكفر وأهله

- ‌التميز والمفاصلة عند الجيل الحاضر

- ‌معرفة المنهج الصحيح لمنزلة الدنيا من الآخرة عند الجيل الأول

- ‌حقيقة الدنيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو عقيل الأنصاري وإيثاره الآخرة على الدنيا

- ‌حقارة الدنيا عند عبادة بن الصامت

- ‌الجيل الحاضر واغتراره بالدنيا

- ‌عزة وشجاعة الجيل الأول

- ‌عزة يزيد بن معاوية أمام قيصر

- ‌عزة أبي يوسف المراكشي أمام ملك كستانة

- ‌نصائح وتوجيهات إلى أفراد جيل هذا الزمان

الفصل: ‌ثمامة بن أثال ومفاصلته للكفر وأهله

‌ثمامة بن أثال ومفاصلته للكفر وأهله

أخرج الشيخان {أن ثمامة سيد أهل اليمامة وقع في الأسر ورُبط في سارية في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحسن النبي صلى الله عليه وسلم إساره، ثم قال: أطلقوا ثمامة، فرغب في الإسلام، وتغيرت الصورة القاتمة التي كان يحملها عن الإسلام إلى صورة مشرقة استنارت بها بصيرته، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد وشهد الشهادتين، ثم قال: يا رسول الله! والله ما كان على وجه الأرض وجه ولا دين ولا بلد أبغض عندي من وجهك ودينك وبلدك، فقد أصبحت أحب الوجوه كلها، والدين كله، والبلاد كلها إلي، يا رسول الله! إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فما ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر} .

انجلت الرغوة عن اللبن الصريح ولا يصح إلا الصحيح، محيت ألوان الغشاوة التي كانت مهيمنة على قلبه، فأعلن بدء تاريخ جديد يمحو به آثار ما سلف، ويتميز به ويفاصل في عزة وأنف.

رُوي أنه قدم مكة فلبى، فأخذته قريش، وقالوا:[[لقد اجترأت علينا والله لولا ما بيننا وبينك لقتلناك، أصبوت؟! قال: ما صبوت ولكني أسلمت لله، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم]].

حاله:

ولقد وجدت ولاء قوم سُبةً فاجعل ولاءك للعزيز الأكرم

لم يكن بائع كلام، ولا مكثر أوهام، قام بتنفيذ التهديد، ومنع عنهم الحنطة حتى اضطروا خاضعين إلى أن يكتبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ متوسلين قائلين:[[إنك تأمر بصلة الرحم، وقد قطعت أرحامنا قتلت آباءنا بالسيف وأبناءنا بالجوع]] فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمح لهم بحمل الحنطة إلى مكة، فامتثل وفعل، كيف ورسول الله قد أمر.

ولو تقطع جذع عن منابته ماتت على غصنها تلك العناقيدُ

مفاصلة حاسمة، وفكر نزيه، وتميز صريح، وهدىً صحيح، خاب من قال فلم يفعل، فما يفلح القائل حتى يفعل.

إنه التميز الذي جعل من ذلك الشاعر الذي كان يستعدي على المسلمين، ويسمهم بالسفه وسوء الاختيار قبل إسلامه، يستعلي على تلك الكلمات والموروثات التي كان يفاخر بها؛ قيل له بعد إسلامه:[[أنشدنا من شعرك؟ فقال: لقد أبدلني الله من الشعر الزهراوين: البقرة وآل عمران، لا أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير]] تميز محسوس، وتحول ملموس، ولا يكابر في المحسوس إلا ممسوس

قد فاته أن الهداية بلسمٌ ومذاق طعم الشهد لن يتغيرا

ص: 19