المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المعاصي جروح نازفة - دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح - جـ ١٠٨

[علي بن عمر بادحدح]

فهرس الكتاب

- ‌سهام المعاصي

- ‌المعاصي جروح نازفة

- ‌طبيعة الإنسان وبيئته

- ‌الدين لا يخالف الفطرة

- ‌أثر البيئة والنوازع على الإنسان

- ‌طبيعة النفس البشرية

- ‌أصول المعاصي

- ‌كيفية تسلل المعصية إلى الإنسان

- ‌حكمة تقدير الذنوب

- ‌أسباب المعاصي

- ‌إلف العقوبة سبب في للوقوع في المعاصي

- ‌الغفلة سبب من أسباب الوقوع في المعاصي

- ‌تذكر حلاوة المعصية من أسباب معاودتها

- ‌المسلم والمعصية

- ‌مزايا معرفة المؤمن لآثار الذنوب والمعاصي

- ‌مبدأ محاسبة النفس

- ‌الورع والاحتياط

- ‌الاستغفار

- ‌استعظام المعصية

- ‌قلة الذنوب

- ‌العلاج من المعاصي والذنوب

- ‌معرفة حقيقة الدنيا

- ‌تزكية القلب

- ‌تذكر الآخرة

- ‌أهمية تحطيم أدوات المعاصي

- ‌ضرورة تغيير بيئة المعصية

- ‌الحسم من أهم الأمور التي يكون بها نجاح التوبة

- ‌استشعار أثر الطاعة

- ‌أهمية الدعاء في نجاح التوبة وترك المعصية

- ‌آثار التوبة وفوائدها

- ‌الأسئلة

- ‌تذكر المعاصي ونسيانها

- ‌كيفية الاستمرار على التوبة

- ‌معرفة حكم الشرع في المعاصي

- ‌فعل المعاصي في الخلوة

- ‌الحذر من الاستغراق في الضحك واللعب

الفصل: ‌المعاصي جروح نازفة

‌المعاصي جروح نازفة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد: أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، هذا موعدنا مع الدرس الثاني والخمسين بعنوان: سهام المعاصي والدواء الشافي، في يوم الجمعة منتصف شهر رجب من عام ثلاث عشرة وأربعمائة وألف، وهذا الموضوع رحب الجوانب متعدد الشعب، ولذلك ينبغي لنا أن ندرك أن الحديث في مثل هذه الموضوعات يحتاج إلى دقة في النظر، وجمع للمتفرقات، وتركيز حتى يكون جامعاً لأكثر ما يحتاج إليه، ولذلك إذا تأملنا في معنى العنوان: سهام المعاصي، نجد أن المعصية سهم جارح؛ فإذا وقعت هذه السهام على اليد شلتها، وإذا جاءت على الأذن أصمتها، وإذا جاءت على العيون أعمتها، وأما إذا جاءت على القلوب فإنها تقتلها، ولذلك قال ابن القيم رحمة الله عليه: الذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل.

فهي جروح، لكن قد يكون الجرح في مكان قاتل فيؤدي إلى ما لم يكن يتصور أنه يؤدي إليه.

الأمر الثاني: إن المعاصي قد كثرت وتفشت، وقلّ من سلم منها، بل قل من سلم من كثرتها، وقد شملت أضراب الناس وأصنافهم، كما قال ابن مفلح في (الآداب الشرعية): والناس على ضربين: عالم يغلبه هواه فيتوانى عن العمل، وجاهل يظن أنه على الصواب، وهذا الأغلب على الخلق.

ثم استعرض أنواع أجناس الناس ومخالفاتهم فقال: فالأمير يراعي سلطنته، ولا يبالي بمخالفة الشرع، أو يرى بجهله جواز ما يفعله، والفقيه همته ترتيب الأسئلة ليقهر الخصم، والقاص همته تزويق الكلام ليعجب السامعين، والزاهد مقصوده تزيين ظاهره بالخشوع لتقبل يده ويتبرك به، والتاجر يمضي عمره في جمع المال كيف اتفق؛ ففكره مصروف إلى ذلك عن النظر إلى صحة العقود، والمغرى بالشهوات منهمك على تحصيل غرضه تارة بالمطعم وتارة بالوطء وغير ذلك، فإذا ذهب العمر في هذه الأشياء، وكان القلب مشغولاً بالفكر في تحصيلها؛ فمتى تتفرغ لإخراج زيف القصد من خالصه، ومحاسبة النفس في أفعالها، ورفع الكدر عن باطل السر، وجمع الزاد للرحيل، والبدار إلى تحصيل الفضائل والمعالي؟! فالظاهر قدوم الأكثرين على حسرات، إما في التفريط للواجب أو للتأسف على فوات الفضائل، فالله الله يا أهل الفهم! اقطعوا القواطع عن المهم قبل أن يقع الاختلاف بغتة على شتات القلب وضياع الأمر، وهذا حال أكثرنا إلا من رحم الله عز وجل.

ص: 2