المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب الإيمان بالبعث وذكر بعض أدلته - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٤٣

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌مواقف القيامة وأشراط الساعة

- ‌معنى اليوم الآخر

- ‌القيامة الصغرى وعذاب القبر

- ‌فوائد تذكر القيامة الصغرى

- ‌القبر أول منازل الآخرة

- ‌صفة الموت

- ‌مآل أرواح المؤمنين وأرواح الفجار

- ‌سؤال منكر ونكير

- ‌مشاهد يوم القيامة

- ‌النفخ في الصور

- ‌تغير الكون والأجرام السماوية

- ‌الإتيان بجهنم تقاد

- ‌العرض الأكبر على الله

- ‌المرور على الصراط

- ‌ذبح الموت بين الجنة والنار

- ‌أنواع العرض على الله

- ‌نصب الموازين

- ‌وجوب الإيمان بالجنة والنار

- ‌أبواب الجنة والنار

- ‌وصف الجنة والنار

- ‌دخول الجنة برحمة الله لا بالأعمال

- ‌أدلة وجوب الإيمان بعذاب القبر

- ‌ذكر الأشراط الكبرى الساعة

- ‌طلوع الشمس من مغربها وفتنة الدجال

- ‌خروج الدابة ورفع القرآن والخسوف المتزامنة من العلامات الكبرى

- ‌خروج يأجوج ومأجوج وخروج المهدي من العلامات الكبرى

- ‌ذكر العلامات الصغرى للساعة

- ‌وجوب الإيمان بالبعث وذكر بعض أدلته

- ‌مراتب القدر

- ‌الأسئلة

- ‌عقوق الأمهات

- ‌النار التي تضيء لها أعناق الإبل ببصرى

- ‌الملاحم والفتن التي تقع آخر الزمان

- ‌أسماء أبواب الجنة

- ‌آليات قتال الدجال

- ‌قتال اليهود آخر الزمان

- ‌هدم الكعبة آخر الزمان

- ‌دنو الشمس من الخلائق قدر ميل

- ‌التكفير في مسألة خلق القرآن

- ‌الفرق التي كفرها أئمة السلف

- ‌مصطلحات في التوحيد

- ‌المنارة البيضاء التي ينزل عندها المسيح

- ‌خروج الدابة ثلاث خرجات

الفصل: ‌وجوب الإيمان بالبعث وذكر بعض أدلته

‌وجوب الإيمان بالبعث وذكر بعض أدلته

ومما يجب الإيمان به البعث بعد الموت، وقد جاء فيه سبعمائة وسبع وستون آية من القرآن، وذكر الله سبحانه وتعالى كثيراً من أدلته العجيبة في كتابه، ومنها ما في خواتيم سورة يس، فقال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:77]، فهذا إخراج الشيء من ضده، فهذا الإنسان القوي المتماسك، خلق من هذه النطفة التي هي أمشاج مستقذرة:{فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:77].

{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:78]، هذا البعث بعد الموت:{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس:79]، هذا الدليل الثاني، وهو الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، كما جاء أيضاً في سورة الواقعة.

وقوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:79]، هذا الاستدلال بعلم الله تعالى الذي لا يفوته شيء، فهو قادر على إعادة الذرات، وما هو أقل منها على هيئاتها {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:79].

ثم استدل بتمام قدرته، فقال:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا} [يس:80]، وهذا خلق الشيء من ضده تماماً:{فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس:80].

وقوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} [يس:81] في هذه الآية الاستدلال بالخلق الأكبر على الخلق الأصغر: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]، (بلى) هذا قسم أيضاً، وهو نوع آخر من أدلة البعث، يقسم الله عليه؛ لقوله:{قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس:53]، {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] معناه: لتبعثن.

وفي قوله تعالى: {وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]؛ كذلك إثبات صفات التأثير لله سبحانه وتعالى، دليل من أدلة البعث بعد الموت؛ لأنه أخبر عن ذلك، وهو قادر عليه متى شاء فعله.

وقول الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82]، فيها أن من تمام قدرته أنه يفعل ما يشاء، ولا يصيبه لغوب ولا تعب، ولا تأخذه سنة ولا نوم، بل (إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون) ولا يمكن أن يتأخر ولا أن يتقدم؛ لهذا قال الله سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:82 - 83]، ختم هذه الآيات بالبعث لقوله:{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:83].

وهذا البعث بعد الموت للبشر قطعاً، وللجن أيضاً؛ لأن الله أرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالشرائع فهم مجزيون عليها لا محالة، والبعث كذلك للبهائم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وقت الجزاء الأخروي:(حتى يقتص للشاة الجمَّاء من الشاة القرناء)، ولكن اختلف في البهائم بعد ذلك ما مصيرها، فقيل: تعود كما كانت تراباً، والأرض كلها تكون خبزة يتكفؤها الجبار بيمينه كما يتكفأ أحدكم خبزته نزلاً لأهل الجنة، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه حدثهم بذلك، فدخل عليه حبر من اليهود فقال:(بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، أما علمت أن الأرض تكون يوم القيامة خبزة يتكفؤها الجبار بيمينه كما يتكفأ أحدكم خبزته، نزلاً لأهل الجنة، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابتسم)، عجب من تصديق الحبر له، هذا حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين، فقال:(أتدرون ما إدامها؟ إدامها بالام ونون، فقيل: ما هذا؟ فقال: ثور وسمك -أي: ثور وحوت- يشبع من زيادة كبده سبعون ألفاً)، زيادة الكبد فقط يشبع منها سبعون ألفاً، وهذا تفسير:{إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128]، وفي تفسير آخر: أن ذلك في الدنيا، حيث يجعل الله العاقبة للمتقين، ويمكن لهم في الأرض دائماً، ويهلك عدوه.

كذلك مما يجب الإيمان به الصراط، الذي هو الجسر الذي ينصب على متن جهنم: والرب لا يعجزه إمشاؤهم عليه إذ لم يعيه إنشاؤهم أي: فكما أنشأهم لا يعجزه إمشاؤهم على الصراط، وقد ذكرنا تفاوت مرور الناس وعبورهم عليه.

ص: 28