المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب التمسك بالكتاب والسنة - دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي - جـ ٦

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌رسالة من طالب علم

- ‌وصايا لطلاب العلم

- ‌وجوب التمسك بالكتاب والسنة

- ‌الإخلاص أساس الدين وطريق الخلاص

- ‌الجد والاجتهاد في طلب العلم

- ‌الأسباب المعينة لطالب العلم على ضبط العلم وإتقانه

- ‌ضرورة التعرف على العوائق والشواغل المثبطة عن طلب العلم واجتنابها

- ‌ابتاع العلم بالعبادة والقول بالعمل

- ‌الأسئلة

- ‌لزوم طلب العلم على أيدي المشايخ لا الأشرطة والكتب

- ‌من علامات الساعة اتخاذ الناس الجهال أمناء على الدين

- ‌حكم من تمتع بالعمرة إلى الحج يوم التروية

- ‌من تعجل بالخروج من منى قبل غروب الشمس ثم عاد بعد الغروب لأخذ متاعه

- ‌لا يلزم التتابع في صيام فدية الحج

- ‌تقديم نية طواف الإفاضة ويجعل نية طواف الوداع تبعاً له

- ‌من اعتمر لغيره وحج لنفسه في أشهر الحج لا يعتبر متمتعاً

- ‌حكم من خرج من مكة ولم يطف طواف الوداع لأجل الزحام ثم رجع بعد يومين وطاف

- ‌حكم من طاف للوداع وخرج من مكة ثم رجع لغرض نسيه

- ‌حكم من شك في طواف الإفاضة بعد انتهائه منه

- ‌التفصيل فيمن اعتمر متمتعاً إلى الحج ثم خرج إلى جدة

الفصل: ‌وجوب التمسك بالكتاب والسنة

‌وجوب التمسك بالكتاب والسنة

وآخر ما نختم به هذا المجلس: وصية بالتمسك بالكتاب والسنة، وعدم الالتفات إلى الفتن والمحن، والاستعصام بحبل الله عز وجل، فإن الله عز وجل وصى عباده بالرجوع إلى دينه، والاستمساك بحبله، والاستعصام به، وقرن النجاة في ذلك، فقال لنبيه عليه الصلاة والسلام -والأمر له ولأمته-:{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف:43] فمن أراد النجاة من الفتن الظاهرة والباطنة فليستمسك بكتاب الله عز وجل، وليعلم أن الله جعل القرآن نوراً وشفاءً وهدى ورحمة لمن استهدى به.

والاستعصام بكتاب الله والسنة يعني الرجوع إليهما في الصغير والكبير والجليل والحقير، وتطبيق ما قال الله وقال رسوله؛ حتى يكون الإنسان المسلم مستسلماً لله ومنقاداً لشرعه كما أمر الله عز وجل، وأي حكم من أحكام الله عز وجل في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يبلغك تطبقه بكل تسليم وإذعان، كما قال تعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65].

ولا يمكن للإنسان أن يحكم كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا بمحبة العلماء، والرجوع إلى العلماء الربانيين الموثوق بدينهم وعلمهم، وسؤالهم، والعمل بما يقولون، وأن يحرص طالب العلم عند سؤال العلماء على الأدب، ورعاية الحرمة، وعدم التشويش والتضييق عليهم؛ فإن أذية العلماء عواقبها وخيمة، وكم من مصاحب للعلماء رفع الله قدره بصحبتهم! وكم من صاحب لعالم جعله الله في سفال في صحبته من الأذية له والتضييق عليه، وعدم الإحسان في السؤال، وعدم التهذب في الألفاظ، وعدم رعاية الحرمة.

ولذلك ينبغي لطالب العلم أن يوطن نفسه بالرجوع إلى الكتاب والسنة، وإذا كان العالم يرى من سائله ما يعينه على أداء الحق وبيان الحق بين له.

إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما فاقنع بدائك إن جفوت طبيبها واقنع بجهلك إن جفوت معلما فعلى الإنسان أن يحرص على الرجوع إلى الكتاب والسنة، ففيهما نجاة من الفتن والمحن، حتى إن طالب العلم الموفق السعيد قد جعل القرآن أمام عينيه في جميع أموره، ولذلك الفتن لا تجد سبيلاً لما قد يقال بالعلم، الموفق المسدد يخرج من بيته فيرى فتنة من الفتن أمام عينيه يتذكر أن الله يقول له:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30] فيغض بصره.

يجلس في مجلس فيسمع أحداً يغتاب مسلماً يقول له: لا تغتب.

فإن امتنع قام من المجلس؛ لأنه يعلم أن الله نهاه أن يغتاب مسلماً، ونهاه أن يجلس في مجلس فيه ظلم للمسلمين، وخوض في آيات الله، وانتهاك لحرمة أولياء الله.

هكذا إذا حرص الإنسان على تطبيق الإسلام -كما ينبغي- في نفسه وأخلاقه وشئونه وفقه الله وسدده، وجماع الخير كله في تقوى الله عز وجل، ومن اتقى الله وقاه وجعل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، ونسألك أن تبلغنا مقام الرضا، اللهم اعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم لا تقدمنا إلى شر ولا تؤخرنا إلى شر، اللهم احفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك وعنايتك، سدد أقوالنا وصوب آراءنا يا حي يا قيوم! وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، وكمل نقصنا، والطف بنا، يا حي يا قيوم! سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

ص: 3