الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصة ابن مهدي مع تلميذه ابن المديني
ومن سعة علم عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله القصة العجيبة التي جاءت لتلميذه علي بن المديني، وقد ذكرنا طرفاً منها في ترجمة علي بن المديني.
قال علي بن المديني: قدمتُ الكوفة، فعُنِيْتُ بحديث الأعمش -أي: جعلت أتتبع حديث الأعمش حديثاً حديثاً، أيُّ واحدٍ عنده حديث عن الأعمش، أذهب إليه وأسمعه منه- فجمعتها -أي: جمعت أحاديث الأعمش - حتى ظننت أني قد استكملت أحاديث الأعمش، فلما قدمتُ البصرة، لقيتُ عبد الرحمن -أي: ابن مهدي، شيخه- فسلمت عليه، فقال: هات يا علي ما عندك.
فقلت: لا أحد يفيدني عن الأعمش شيئاً، يقول لشيخه عبد الرحمن بن مهدي بكل ثقة من كثرة جمعه لأحاديث الأعمش: أنا وصلت إلى مرتبة لا أحد يفيدني في أحاديث الأعمش شيئاً، أي شيء ستقوله لي قد سمعته، جمعته وانتهيت، لا جديد يؤتى إليَّ من أحاديث الأعمش.
قال: فغضب عبد الرحمن بن مهدي -وهذه تربية الشيخ للتلميذ- وقال: أهذا كلام أهل العلم؟! أن يقول الرجل: انتهى العلم، وختمتُ العلم الفلاني، ولا أحد يستطيع أن يفيديني شيئاً؟! ومَن يضبط العلم، ومَن يحيط به؟! مثلك يتكلم بهذا؟ قلت: نعم.
قال: اكتب.
قلت: ذاكرني فلعله عندي، أي: أعطني طرف الحديث شفوياً، فربما يكون عندي فلا أحتاج إلى أن أكتب وأخرج الكرَّاس والأقلام.
قال: اكتب، لستُ أملي عليك إلا ما ليس عندك.
قال: فأملى عليَّ ثلاثين حديثاً من أحاديث الأعمش لم أسمع منها حديثاً.
ولذلك ورد في الرواية الأخرى، قال: فجعلتُ أتعجب من معرفته بما ليس عندي، مع أنه لم يسرد عليه أحاديث الأعمش التي عنده، فأملى عليَّ ثلاثين حديثاً لم أسمع منها حديثاً.
ثم قال: لا تعد.
قلت: لا أعود.
وهذا تربية من عبد الرحمن بن مهدي لـ علي بن المديني.