المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عصر الشيخين وخلوه من البدع - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١٢٩

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌جهاد الحجة والبيان

- ‌العقيدة وأهمية الدفاع عنها

- ‌العلماء هم حراس العقيدة

- ‌عصر الشيخين وخلوه من البدع

- ‌المجادلة وورودها في القرآن الكريم

- ‌نقاش منكري البعث

- ‌ادعاءات اليهود والنصارى حول ديانة إبراهيم والرد عليهم

- ‌تقول المشركين حول مصدرية القرآن والرد عليهم

- ‌الرد على الذين حرموا ما رزقهم الله من الأنعام

- ‌الرد على اليهود في مسألة القربان

- ‌الرد على الدهرية الذين ينكرون الخالق

- ‌محاجة المشركين

- ‌الرد على اليهود في زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه

- ‌خيار الأمة يسيرون على منهج الأنبياء

- ‌ابن عباس ومحاجته الشهيرة للخوارج

- ‌أبو حنيفة ومحاجته للدهرية المنكرين للخالق

- ‌أبو العباس السفاح يجادل مجوسياً

- ‌مناظرة لأحد العلماء مع زعيم شيوعي

- ‌حوار مع نصراني

- ‌موقف أهل السنة من فتنة القول بخلق القرآن

- ‌الرد على سفسطة فرقة الحسبانية بسلاحهم

- ‌شبهة نصراني حول طبيعة المسيح والرد عليها

- ‌الباقلاني يناظر النصارى في بساط ملك الروم

- ‌مناظرات أهل السنة للمبتدعة في الأسماء والصفات

- ‌ابن مهدي يرد على المشبهة

- ‌مناظرة الهمداني والجويني في قضية العلو

- ‌مناظرة سحنون لأحد المعتزلة

- ‌الرد على المعتزلة في مسألة خلق القرآن وفي إثبات رؤية الله

- ‌مناظرات مع أهل الكتاب

- ‌مناظرة مع يهودي

- ‌شاعر يرد على النصارى

- ‌المناظرات مع الملاحدة والعلمانيين

- ‌قواعد المناظرة

- ‌آداب المناظرة

- ‌المباهلة

الفصل: ‌عصر الشيخين وخلوه من البدع

‌عصر الشيخين وخلوه من البدع

في عهد الصديق والفاروق ما كان أحد يتجرأ أن يتلفظ ببدعة، لأن اليد الحديدية كانت تضربه وتقمعه، كذلك كان عمر رضي الله تعالى عنه لما بلغه أن صبيغ بن عسل يجلس في المجالس ويثير الشبهات ويسأل عن متشابه القرآن، والقرآن فيه آيات قد تخفى معانيها على العامة؛ فهناك آيات تتحدث أن الكفار يوم القيامة لا ينطقون، وهناك آيات تدل أنهم يتكلمون، فيأتي يقول: هذه تقول كذا وهذه تقول كذا فكيف؟! وما هي النازعات؟ وما هي العاديات؟ ويوم القيامة يوم طويل فهو خمسون ألف سنة، في وقت يتكلم فيه الكفار، ووقت يختم على أفواههم فلا يتكلمون، وهكذا تنزل مثل هذه الآيات على حالٍ دون حال.

أول ما سمع عمر رضي الله عنه بهذا الرجل، استدعاه وقد أعد له عمر عراجين النخل، قال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، قال: وأنا عبد الله عمر، ثم أخذ العراجين، وأخذ يضرب بها على رأس صبيغ ضرباً متوالياً شديداً مبرحاً حتى سال الدم على وجهه ورأسه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فوالله لقد ذهب الذي كنت أجد في رأسي؛ كل الشبهات تبخرت مع هذه العقوبة وهذا الضرب، ولم يكتف بذلك بل نفاه ومنع المسلمين أن يكلموه في المنفى حتى مرض الرجل نفسياً وتأزم، وكتب إلى عمر خطاب استرحام فأذن عمر للناس أن يكلموه ويكلمهم، من كان إذاً يتجرأ أن يرفع رأسه ببدعة في عهد عمر رضي الله تعالى عنه؟ ولما دخل الضعف على المسلمين بدأت بدع القدرية وبدع الخوارج، هذه العوامل أدت إلى ظهور مناقشات ومناظرات، وقام أهل الحق يردون على أهل الباطل، وألفت الكتب وعقدت المجالس، فنريد أن نعرف كيف ندافع عن عقيدتنا، خصوصاً الآن، إذ يوجد -كما قلت لكم- أناس يريدون اللعب بثوابت الأمة ومصادر تلقي الأمة، يريدوننا أن نتحاكم إلى العقل ونترك النص، والنص إذا لم يجئ على مزاجهم نسفوه، ولو كان في صحيح البخاري، ويقومون بليِّ أعناق النصوص لتوافق ما عند الغربيين، ويضعفون أشياء صحيحة، ويصححون أشياء ضعيفة، وربما لم يأخذوا بالحديث أصلاً، وهكذا قام من يشكك بأحكام ثابتة في الشرع كالربا والحجاب وتعدد الزوجات، ويثيرون الشبهات على المسلمين، نريد أن نعرف كيف ندافع، فما هو وضع المنهج؟ وما هي الأصول؟ ما هي الآداب في المناظرة؟ وما هي الأحوال التي يمكن أن تقع فيها؟ ما هي طرق المناظرة؟ فالجهاد بالحجة والبيان قضية في غاية الأهمية، خصوصاً في هذا العصر الذي كثر فيه الرماة على العقيدة والدين وعلى المسلمين، مقالات تكتب، وأشياء تقال في الهواء والفضائيات، وأمور تثير الشبهات، ونحن لا يصح أن نسكت إطلاقاً، بل يجب أن نقوم لله بالواجب، وأن نرد، وأن نعرف كيف نرد، وأن نكون أصحاب علم وحجة وبيان وبلاغة، ويتكلم منا القادر بعلمه وبيانه، فيسكت أهل الباطل ويقمعهم، وسنعرف أمثلة كثيرة لهذا إن شاء الله من خلال هذا الدرس.

ص: 4