المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مكانة المذنب في المجتمع الإسلامي - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٠٧

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌أريد أن أتوب ولكن [1، 2]

- ‌مسائل متعلقة بموضوع التوبة

- ‌واقع الناس مع المعاصي

- ‌حاجة جميع المؤمنين إلى التوبة

- ‌علاقة التوبة بعقيدة أهل السنة

- ‌نفسية اليأس والقنوط

- ‌أهمية التوبة ومعناها

- ‌خطر الاستهانة بالذنوب واستصغارها

- ‌حرص الصحابة على إصلاح الخطأ

- ‌عدم لزوم الاعتراف بالفاحشة

- ‌خطر استعظام الذنوب

- ‌تبديل سيئات التائبين إلى حسنات

- ‌بقاء حسنات التائب السابقة

- ‌طريقة لتكفير المعاصي

- ‌إضمار التوبة قبل إيقاع الذنب

- ‌مكانة المذنب في المجتمع الإسلامي

- ‌مسامحة المذنب إذا تاب

- ‌النهي عن التعيير بالذنب

- ‌قرب الداعية إلى نفسيات المدعوين

- ‌ذنوب لها فائدة

- ‌حكم التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره

- ‌رجوع التائب من المعصية إلى منزلته قبلها

- ‌أنواع غير مقبولة من التوبة

- ‌تذكرة للمشتاقين إلى التوبة

- ‌الجهل بالأحكام من معوقات التوبة

- ‌أحكام توبة تارك الصلاة أو الصيام

- ‌أحكام التوبة المتعلقة بالزكاة

- ‌توبة أهل الأفكار المنحرفة

- ‌أحكام التوبة من جريمة القذف

- ‌أحكام التوبة من انتهاك الأعراض

- ‌كيفية التحلل فيما يتعلق بالأموال والجنايات

- ‌إرجاع الأموال المسروقة

- ‌حكم الأموال المحرمة حين يتعذر إرجاعها

- ‌الأسئلة

- ‌بطلان أسباب التردد في التوبة

- ‌نصيحة للموسوسين

الفصل: ‌مكانة المذنب في المجتمع الإسلامي

‌مكانة المذنب في المجتمع الإسلامي

ما هو موقع المذنب في المجتمع المسلم؟ سؤال مهم جداً، كيف ينظر إلى من تاب؟ وهذا كلام مهم بالذات للدعاة إلى الله، ما هو الموقف من المذنب؟ شخص أذنب، فما هو موقفنا منه؟ كيف نعامله؟ كيف نواجهه؟ بأي وجه نتلقاه؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، فقال: اضربوه -اضربوه الحد- قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده ومنا الضارب بنعله ومنا الضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هذا، لا تعينوا عليه الشيطان).

هذه مسألة مهمة يجب أن يكون موقفنا تجاه المذنب عندما يقام عليه الحد، أو عندما يأخذ جزاءه، أو عندما تصح توبته وفعلاً يستقيم، فلا نقول: هذه فعلة فعلتها سود الله وجهك، وهذا عمل أخزاك الله تفعله، وهذا كذا، هذا العمل ما الذي يفعل في نفس المذنب؟ إنه يرى أن الناس كلهم ينظرون إليه بمنظار أسود، بالرغم من أنه تاب وأقيم عليه الحد وطهر، فكيف يقال له: أخزاك الله؟! فإذاً ينفر من الوسط ويترك ولا يجلس مع الصالحين فنعين عليه الشيطان، إذاً: مراعاة شعور التائب إذا صلح حاله، نقطة هامة فتجب مراعاة شعور التائب إذا صلح حاله.

وحديث المرأة المخزومية وهذا طريق من طرق حديث هذه المرأة، فشأن هذه المرأة فيه فائدة مهمة، فقد سرقت المرأة المخزومية وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقطع يدها، فكلم الناس أسامة أن يشفع عند الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب خطبةً مهمة وقال القاعدة الإسلامية في هذا الموضوع وأمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها، قالت عائشة رضي الله عنها [فحسنت توبتها بعد -المرأة المخزومية هذه التي قطعت يدها حسنت توبتها بعد- وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر حسنت التوبة، فلما حسنت التوبة استقبل الصحابة المرأة هذه استقبالاً حسناً فوجدت مكاناً في المجتمع المسلم، فصارت تأتي إلى عائشة وتجلس عند عائشة وتزوجت وصلح حالها، وعائشة طبعاً ترفع أمرها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

إذاً: لولا أن المرأة وجدت مكانة في المجتمع هل كانت ستأتي وتجلس عند عائشة وتتحدث عندها، فحسن استقبال الصحابة للتائب هذا يؤدي إلى أن يكون التائب لبنة صالحة في المجتمع، الآن خطأ بعض الدعاة إلى الله وبعض الناس أنهم يستقبلون التائب استقبالاً سيئاً يقولون: اذهب أنت بعد كل هذه الأعمال تأتي الآن، اذهب من هنا، لا مكان لك عندنا، ماذا يحدث عند الشخص؟ يفور وربما رجع وانتكس انتكاسةً أشد من الأولى، من هو السبب؟ أنت السبب، أنت الذي نفرته، هذه المشكلة، المشكلة الأسلوب، المشكلة مشكلة الأسلوب عند الكثيرين، فلو دخل واحد إلى طريق الاستقامة، وحصل سوء تفاهم بينه وبين واحد من إخوانه الدعاة، فصار فيه كلام فذهب لشخص ثانٍ يشكو حاله، يقول له: لقد حصل بيني وبين فلان خلاف وكذا، وأنه أخطأ علي بكذا وقال كذا وكذا، فقال الشخص الثاني كلمة واحدة فقط فصلت الموضوع، قال له: أحسن، تستاهل، طبعاً باقي القصة متوقعة، تائب جديد يلجأ لمن؟ لقد أغلقت الطريق أمامه فإلى أين يذهب؟ وحتى في الردة في الحديث الصحيح عن ابن عباس قال: كان رجلٌ من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم ندم فأرسل إلى قومه: سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة؟ ندم مع أنه ارتد، لكنه ندم، فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن فلاناً قد ندم وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة، فنزلت:{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران:86]{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} [البقرة:160] هؤلاء الله عز وجل لهم غفور رحيم، حتى لو ارتد يرجع.

شخص سافر إلى الخارج، كان مسلماً واعتنق الأفكار العلمانية، ثم جاءنا كافراً، ثم بعد ذلك تاب، وقال: أنا يا جماعة كنت في يوم من الأيام ملحداً فهل لي من توبة؟ نقول: نعم لك توبة، لا أحد يمنعك من التوبة، تعال، نعلمه ونرفق به ونتلقاه تلقياً حسناً، فلا يلبث أن يكون داعيةً إلى الله.

ص: 16