المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢١١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌جوانب التكامل في شخصيات السلف

- ‌لا يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها

- ‌أبو بكر الصديق يبذل ماله ونفسه في سبيل الله

- ‌عمر بن الخطاب رضي الله عنه المحدث الملهم

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه أصدق الأمة حياءً

- ‌علي بن أبي طالب رضي الله عنه أقضى الأمة بعد نبيها

- ‌طلحة بن عبيد الله الذي فدى الرسول بيده

- ‌الزبير بن العوام الذي تولى الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سعد بن أبي وقاص صاحب الدعوة المستجابة

- ‌أبو عبيدة أمين الأمة

- ‌حمزة رضي الله عنه أسد الله ورسوله

- ‌بلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌عمار بن ياسر الصابر في الفتنة

- ‌ابن مسعود صاحب النعلين والوساد

- ‌مصعب بن عمير داعية الإسلام

- ‌البراء بن مالك البطل الكرار

- ‌جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه صاحب الجناحين

- ‌أبو دجانة آخذ سيف رسول الله بحقه

- ‌خبيب بن عدي رضي الله عنه يقتل صبراً

- ‌عمرو بن الجموح يطأ بعرجته الجنة

- ‌عبد الله بن حرام يكلم ربه كفاحاً

- ‌سعد بن معاذ يهتز عرش الرحمن لموته

- ‌ثابت بن قيس خطيب الأنصار

- ‌معاذ بن عمرو بن الجموح رضي الله عنه وغيرته على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سعد بن الربيع وإيثاره للصحابة

- ‌ابن أم مكتوم خليفة النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة

- ‌خالد بن الوليد ومواهبه العسكرية

- ‌النجاشي وإكرامه للنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته

- ‌جرير بن عبد الله ومبايعته للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمان الفارسي الباحث عن الحق

- ‌أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وتثبيتها للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عائشة بنت الصديق العالمة الكريمة

- ‌حذيفة بن اليمان أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب الصوت الحسن

- ‌أبو أيوب الأنصاري وإكرامه للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌زيد بن ثابت شيخ أهل الفرائض

- ‌أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حسان بن ثابت وكعب بن مالك شاعرا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو هريرة أحفظ الصحابة للحديث

- ‌نماذج من شخصيات التابعين

- ‌عامر بن عبد قيس وزهده وعبادته

- ‌أويس القرني وبره بأمه

- ‌علقمة بن قيس مقرئ الكوفة

- ‌مسروق بن الأجدع الإمام القدوة

- ‌عقبة بن نافع فاتح أفريقيا

- ‌سعيد بن المسيب عالم أهل المدينة

- ‌الربيع بن خثيم من عباد التابعين

- ‌سعيد بن جبير وثباته أمام الحجاج

- ‌زين العابدين وصدقته في ظلمة الليل

- ‌عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة

- ‌ابن سيرين وزهده وورعه

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة في الاطلاع على سير الصحابة والسلف وكتبهم

- ‌المرء مع من أحب

- ‌حكم من يعيش في البيت مع غير محارمه

- ‌ذكر مراجع تتكلم عن آل البيت

- ‌كيفية تقوية الإيمان في حب الصالحين

- ‌ضرورة ضبط النفس عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌حكم من فضَّل علياً على أبي بكر

- ‌ضوابط تتعلق بموضوع المساهمة

- ‌حكم من ترك صلاة الوتر والضحى

- ‌حكم من عمل بدون راتب ابتغاء الأجر

- ‌حكم لبس الأحمر من الثياب

- ‌حكم استئجار الذهب ليلة العرس

- ‌حكم كشف المرأة لخطيب ابنتها

- ‌حكم كشف والدة زوج البنت أمام أبي البنت

الفصل: ‌لا يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها

‌لا يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71].

أما بعد: فأرحب بكم -أيها الإخوة- في هذه الليلة في هذا اللقاء الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون لقاء خير وبر، وأن يجعلنا وإياكم فيه من المتعظين، وأن يرزقنا الاقتداء بسيرة السلف الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين.

أيها الإخوة: إن هذا الدين يحمله من كل خلف عدوله، يحمل هذا الدين رجالٌ صدقوا بالله وآمنوا، وصدقوا المرسلين، هذا الدين لا يمكن أن يتحرك في الواقع ولا يمكن أن يؤثر إلا إذا كان هناك أناس آمنوا به فجعلوه عقيدة تحركهم، وجعلوه حياتهم وهمهم، فصار يحركهم للعمل لأجل رفعة شأنه ونصرة أمره هذا الدين العظيم دين الإسلام، وخيرية هذه الأمة على بقية الأمم من أسبابها ما وجد في هذه الأمة من الرجال الذين حملوا لواء الإسلام، ما وجد فيها من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23]، {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36 - 37] هؤلاء الرجال هم الذين يحملون هذا الدين، وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يوجد في هذه الأمة من هذه النوعية من حملة الدين عدداً كثيراً والحمد لله على فضله وإحسانه.

أيها الإخوة: إنا حين ننشد التغيير الذي نحلم به من منطلق إسلامي من قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] عندما ننشد هذا التغيير في الواقع المر الذي نعيش فيه، إننا لنعلم علماً يقينياً أن هذا التغيير لن يحدث إلا إذا وجد هناك النفر المخلصون من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، هم الذين يخلصون الأمة وينقذونها من الشتات وعالم الضياع، إن هذه الفئة -جيل الإنقاذ- التي تريد أن تصل بسفينة المجتمع وسفينة الأمة إلى بر الأمان هم من نوعية مخصوصة اختارها الله سبحانه وتعالى، جعل فيهم من الصفات والميزات ما يستطيعون به حمل هذا الدين، والصبر على تبليغه، وعلى أذى المخالفين في سبيل الله سبحانه وتعالى، ونحن لا نريد أن نكون بمنأى عن هؤلاء الأشخاص، ولا نريد أن نقف متفرجين، وأن نرقب النصر المنشود من أناس آخرين، نحن نريد أن نكون من هذا الركب، ومن هذه الطائفة، ولكن المسألة تخليص الأمة من الهاوية التي انحدرت إليها أمرٌ في غاية الصعوبة، ويحتاج إلى تربية عميقة تصقل مواهب الرجال، وتنشئ فيهم حب الله ورسوله، وتجعل منهم قادة يقودون الأمة نحو الصلاح المنشود، وإننا في هذا الطريق نتلفت إلى الوراء لنرى من سلفنا عَبر تاريخنا فننشد من تلكم الشخصيات هذه الصفات التي ينبغي أن يكون فينا بعضها، ودرجات منها على الأقل، ولا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

من أجل هذا سنتحدث في هذه الليلة عن موضوع بعنوان: جوانب التكامل في شخصيات السلف.

الشخصيات التي خرجت في صدر الإسلام، والتي كُتبت سيرتهم في تاريخ هذه الأمة، هذه الشخصيات قد تميزت بميزات، من أجل ذلك كانت الأمة منصورة، وكان علم الدين قائماً، وكانت راية الجهاد مرفوعة، وكان المسلم يسير عزيزاً من شرق بلاد المسلمين إلى غربها رافعاً رأسه، كان الكفر في ذلة، وكان أهل الذمة في صغار، وكان أعداء الدين يَرهبون المجتمع الإسلامي، كان المجتمع فيه من الخصائص ما ضاع كثير منه في هذه الأيام، طبقت الشريعة، وأقيمت الحدود، وعقدت حلق العلم، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وجردت السيوف للجهاد، وعقدت الألوية، وحورب أهل البدعة، كان مجتمعاً فيه من الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية ما يفوق الوصف.

لقد جاء على المسلمين يوم يقدمون فيه المال للزكاة والصدقة فلا يوجد من يقبل منه؛ لأن أمير المؤمنين عمر قد أغنى الناس.

ونحن في هذه المحاضرة سنستعرض بعض الجوانب من تلكم الشخصيات التي ظهرت في هذه الأمة، وإن هذه الشخصيات كثيرة وكثيرة جداً لمن استعرض كتب التراجم والسير والتاريخ الإسلامي، ولعلنا سنذكر بعضاً منها من جيل الصحابة وتابعيهم، إذ أن الوقت لن يُسعف في أن نستقصي حتى جيل الصحابة والتابعين، ولن تخلو الأمة من خير أبداً، ولا تزال الشخصيات التي تحمل لواء هذا الدين تظهر بين آونة وأخرى، ولا يزال المجددون الذين تكفل الله بإظهارهم يظهرون بين حين وآخر، والحمد لله على نعمه وآلائه.

ص: 2