المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابع عشر: الاهتمام باللغة والبلاغة والبيان والبديع - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٢٢

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌كيف تلقي موضوعاً

- ‌أهمية الموضوع

- ‌أولاً: ضرورة الإخلاص لله سبحانه وتعالى

- ‌ثانياً: الافتتاح بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: اختيار العنوان المناسب

- ‌رابعاً: الدخول مباشرة إلى الموضوع

- ‌خامساً: براعة الاستهلال

- ‌سادساً: الاهتمام بدرجة الصوت عند الإلقاء

- ‌سابعاً: الاستشهاد بالأمثلة

- ‌ثامناً: تنويع الأسلوب

- ‌تاسعاً: النظر إلى الحاضرين

- ‌عاشراً: الاهتمام بوضوح الكلمات

- ‌حادي عشر: استخدام الإشارة

- ‌ثاني عشر: جودة التحضير

- ‌ثالث عشر: محاولة الإلمام باللغة العربية

- ‌رابع عشر: الاهتمام باللغة والبلاغة والبيان والبديع

- ‌خامس عشر: ضبط الكلمات المكتوبة بالشكل

- ‌سادس عشر: فتح المجال للأسئلة المهمة

- ‌سابع عشر: الاهتمام بالأمور التي تعين على إزالة الملل

- ‌ثامن عشر: ضبط الوقت

- ‌تاسع عشر: الاهتمام بخاتمة الموضوع

- ‌عشرين: التعود على الإلقاء

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الاعتكاف للمصلي

- ‌من دخل عليه رمضان وهو لم يصم ما عليه

- ‌وضعية الطفل في الطواف

- ‌العدل بين الزوجات

- ‌الصلح بين الأقارب

- ‌كيفية التعود على الإلقاء

- ‌حكم إلقاء السلام على المتحلقين في المسجد

- ‌حكم شراء السلعة ممن ليست عنده

- ‌اعتقاد باطل في العقيقة

- ‌حكم الصور

- ‌توزيع الأسئلة أثناء المحاضرة

- ‌أسلوب التنفس قبل الإلقاء

- ‌كتاب (حوار صحفي مع جني مسلم)

- ‌من أقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة

- ‌موقف محرج

- ‌الدم الخارج بعد السقط

- ‌استخدام الأسلوب العامي في المحاضرات

- ‌خلق الله العرش قبل السماوات والأرض

- ‌ضبط العواطف بين الشباب

- ‌حكم صلاة الرجل في بيته لغير عذر

- ‌اختيار الموضوع المناسب

- ‌حكم الإلقاء بالعامية

- ‌معنى قوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)

- ‌التهيب والخجل من الإلقاء

- ‌الرياء في عمل الخير

- ‌حكم الحج لمن عليه دين

- ‌صيام الست من شوال

- ‌حكم المطلي بالذهب

- ‌حكم القراءة والبقية يسمعون

- ‌زواج الصغير قبل أخيه الكبير

- ‌البداية للمبتدأ بمتن الآجرومية

- ‌الأسلوب العلمي في الإلقاء

- ‌الخروج إلى الأسواق مع الأهل

- ‌حكم إزالة الشعر المجاور للعين

- ‌حكم كشف الزوجة أمام عم الزوج أو خاله

- ‌حكم الدم الذي ينزل في فترة انقطاع الحيض

- ‌حكم الصلاة في مصلى بجواره مسجد

- ‌حكم المني الذي ينزل بعد الاغتسال

- ‌موضع النهي عن استقبال القبلة

- ‌موقف الواعظ إذا خرج شخص وهو يعظ الناس

- ‌اختيار موضوع خطبة الجمعة

الفصل: ‌رابع عشر: الاهتمام باللغة والبلاغة والبيان والبديع

‌رابع عشر: الاهتمام باللغة والبلاغة والبيان والبديع

قيل لـ بشر بن مالك: ما البلاغة؟ قال: التقرب من المعنى، والتباعد عن حشو الكلام، ودلالة بقليل على كثير.

وقيل البلاغة ليست كثرة الكلام، ولا خفة اللسان، ولكن إصابة المعنى، وقيل لرجل: ما البلاغة؟ فقال: حسن الإشارة، وإيضاح الدلالة، والبصر بالحجة، وانتهاز موضع الفرصة.

وقال خالد بن صفوان: خير الكلام ما غرست معانيه، وشرفت مبانيه، فالتذت به آذان سامعيه.

وقال الحسن بن سهل العسكري في كتاب الصناعتين: الكلام -أيدك الله- يحصل بسلاسته، وسهولته، ونصاعته، وتخيل لفظه، وإصابة معناه، وجودة مطالعه، ولين مقاطعه، واستواء تقاسيمه، وتعادل أطرافه، وموافقة مآخذه من مبادئه، فإذا كان الكلام كذلك، كان بالقبول حقيقاً، وبالتحفظ خليقاً.

ولا بأس من استعمال السجع غير المتكلف، هناك سجع متكلف، وسجع غير متكلف، انظر مثلاً في قوله صلى الله عليه وسلم:(يا أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) تلاحظ هذا السجع الجميل ليس بمتكلف، ولكنه طبيعي خرج من النبي عليه الصلاة والسلام الذي أعطي جوامع الكلم.

وكذلك لا بد من الابتعاد عن وحشي الألفاظ، ألم تر أنه صلى الله عليه وسلم كره لنا التشدق في الكلام، بل إنه قد أخبر بمثل شنيع، فقال:(إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة) هل رأيت البقرة كيف تتخلل بلسانها؟ كره لنا عليه الصلاة والسلام التكلف في الكلام، والتشدق، والإتيان بالألفاظ الغريبة الوحشية والتقعر في الكلام، كره لنا هذا وشبه من يفعل ذلك بالبقرة التي تتخلل بلسانها.

ولا شك أن التقعر في الكلام واستخدام الألفاظ الوحشية والغريبة مما يسبب عدم الفهم، ويسبب النفور أيضاً.

دخل أبو علقمة على أعين الطبيب، وأبو علقمة هذا لغوي مشهور باستخدام الألفاظ الغريبة، فدخل وهو يشتكي، فكيف وصف مرضه؟ قال: أمتع الله بك! إني أكلت من لحوم هذه الجوازل، فطفئت طفأة فأصابني وجع ما بين الوابلة -طرف الكبد- إلى دأنة العنق -يعني الفقرة- فلم يزل يربو وينمي حتى خالط الخلب والشراتيت، فهل عندك دواء؟ فهذا اللغوي يقول للطبيب هذا الكلام، فقال أعين: نعم.

خذ خربقاً وشلفقاً وشبرقاً فزهزقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه، فقال أبو علقمة: لم أفهم عنك، فقال أعين: أفهمتك كما أفهمتني.

ومر أبو علقمة ببعض الطرق بـ البصرة فهاج به مرة -يعني عصارة المرارة هاجت به- فنزل على الأرض من الألم، فسقط ووثب عليه قوم -يعني ظنوه صرعته الجن- فأقبلوا يعصرون إبهامه ويؤذنون في أذنه، ظنوا به جناً، فأفلت من أيديهم وقال: ما لكم تتكأكئون علي كما تتكأكئون على ذي جنة؟! افرنقعوا عني، فقال رجل منهم: دعوه فإن شيطانه هندي.

أما تسمعونه يتكلم بالهندية؟ وجلس أعرابي إلى أبي المكنون النحوي في حلقته وهو يريد أن يدعو بدعاء الاستسقاء فشرع في الدعاء، ثم قال: ومن أراد بنا سوءاً فأحط ذلك السوء به كإحاطة القلائد على كرائد الولائد، ثم أرسخه على هامته كرسوخ السجيل على هام أصحاب الفيل، ثم قال: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً مجلجلاً مسحنفراً مزجاً سحاً طبقاً غدقاً متعنجراً -ألاحظ بعض الألفاظ وردت في الحديث، وبعض الألفاظ من تقعراته- فقال الأعرابي: يا خليفة نوح! هذا الطوفان ورب الكعبة، دعني آوي إلى جبل يعصمني من الماء.

ص: 16