المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عقوبة عبدة العجل - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٣٣

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌السامري دروس لأهل التربية

- ‌قصة موسى مع قومه

- ‌إغراق فرعون وجنده

- ‌السامري وتشكيله للعجل وافتتان بني إسرائيل به

- ‌عتاب موسى لهارون عليه السلام

- ‌النقاش الذي دار بين موسى والسامري

- ‌عقوبة عبدة العجل

- ‌من قصة السامري

- ‌أثر الاستعباد على النفوس

- ‌كيف واجه موسى قومه بعد اتخاذهم العجل

- ‌اتباع أصحاب الخوارق والفرق بين الكرامة والخارقة

- ‌الحذر من شخصيات كشخصيات السامري

- ‌يجب على الداعية ألا يصاب بخيبة الأمل عندما يرى انتكاس من يدعو

- ‌التعلق بالمنهج لا بالشخص

- ‌مراعاة أدنى المفسدتين

- ‌غياب المربي عمن يربيه والداعية عمن يدعو

- ‌طريقة موسى في عتابه لهارون

- ‌الخلط بين المسئوليات والعاطفة

- ‌ليس الخبر كالمعاينة

- ‌تقبل الوصية ولو كان فيها شدة

- ‌لا ينبغي التوقف في الحرام

- ‌فائدة من قوله تعالى: (هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الصلاة على المنتحر

- ‌نصائح لمن يؤخر الصلاة عن ميقاتهم

- ‌السيارة ليس عليها زكاة إنما على المال الذي يدخل بسببها

- ‌حكم إعطاء المرأة زكاة مالها لزوجها

- ‌رمضان ليس اسماً من أسماء الله

- ‌العقيقة

- ‌النهي عن كف الثوب والشعر

- ‌حكم طواف الوداع للمعتمر

- ‌ماذا يفعل من أقيمت الصلاة وهو يصلي سنة المسجد

- ‌كيف نفرق بين السحرة والدجالين وبين الصالحين في العلاج بالقرآن

الفصل: ‌عقوبة عبدة العجل

‌عقوبة عبدة العجل

هذه عقوبة السامري، فما هي عقوبة الذين عبدوا العجل؟ وما هي عقوبة الذين سكتوا؟ وما هي عقوبة الذين لم ينكروا المنكر؟ قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة:{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [البقرة:51] لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة، وكانت أربعين يوماً وهي المذكورة في الأعراف:{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الأعراف:142] بعد خلاصهم من قوم فرعون ونجاتهم من البحر، أنزل الله عليه التوراة، وهذا -أيضاً- بعد خروجهم من البحر، واتخذوا العجل، فماذا قال موسى لقومه عن قضية توبتهم من عبادة العجل؟ {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة:54] هذه هي الطريقة الوحيدة للتوبة من عبادة العجل، حين وقع في قلوبهم عبادة العجل والشرك والكفر بالله يقولون: الله هو هذا العجل، ما أسفه عقولهم! قال تعالى:{فلمَا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا} [الأعراف:149] فعند ذلك قال موسى: {يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة:54] الذي خلقكم؛ لعظم جرمكم {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة:54] لا بد أن تقتلوا أنفسكم، لا بد أن يقتل بعضكم بعضاً، وفي هذا وردت عدة آثار عن السلف رحمهم الله تعالى، فمما ورد عن ابن عباس قال: إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كلما لقي من ولد ووالد فيقتله بالسيف، ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن.

وكذلك جاء أنهم أخذوا الخناجر بأيديهم وأصابتهم ظلة شديدة، أي: أظلم الجو في ظلة أرسلها الله حتى لا يرى بعضهم البعض عند القتل، فجعل يقتل بعضهم بعضاً، فانجلت الظلة عن سبعين ألف قتيل، وتاب الله على القاتل والمقتول؛ لأن القتل كان هو التوبة، كل شخص يرفع السيف على الآخرين ويقتل من يلقى، بهذه الظلة أو بهذه الظلمة لم يعد أحد يرى من أمامه فيقتل من يلقاه من ولد ووالد وقريب وصاحب، لا يدري من أمامه فيقتله، فجعل بعضهم يقتل بعضاً، وربما قتل الولد أباه، وربما قتل الأب ولده أو عمه وخاله وهكذا.

وقال بعض السلف: قام بعضهم إلى بعض بالخناجر فقتل بعضهم بعضاً، لا يحنو رجل على قريب ولا بعيد، حتى أوقف الله ذلك بأمر منه، فانكشف عن سبعين ألف قتيل.

وقال قتادة: أمر القوم بشديد من الأمر فقاموا يتناحرون بالشفار، يقتل بعضهم بعضاً، حتى بلغ الله فيهم نقمته، فأمسك عنهم القتل فجعله لحيهم توبة، ولمقتولهم شهادة.

وقال الحسن البصري: أصابتهم ظلمة الحندس؛ أي: الحديدة، فقتل بعضهم بعضاً، ثم انكشف عنهم فجعل توبتهم في ذلك.

وجاء -أيضاً- في كلام بعض السلف: كل من قتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي كانت له توبة.

فقال الله سبحانه وتعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:54].

أصاب موسى الحزن على قومه، لكن الله عز وجل أخبره أنه تاب عليهم، وأن المقتول شهيد، والباقي تاب الله عليهم.

فانتقلوا بعد ذلك إلى المرحلة التي تليها في قصة موسى مع بني إسرائيل.

هذه خلاصة قصة العجل، وكيف انتهت هذه النهاية المأساوية التي كان يجب عليهم للتوبة أن يقتل بعضهم بعضاً، حتى كاد بعضهم أن يفني بعضاً.

ص: 7