المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مريم واجتنابها للشبهات - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٧٥

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌عبر من قصص النساء في القرآن

- ‌ما يتطلبه الواقع من المرأة المسلمة

- ‌امرأة عمران تبني بيتها

- ‌حسن اختيار الاسم للمولود

- ‌دعاء الوالد لولده

- ‌شخصية مريم المؤمنة العابدة

- ‌مواجهة يوسف لفتنة امرأة العزيز

- ‌جرأة امرأة العزيز على الفاحشة

- ‌فضيلة رجوع المرأة عن خطئها

- ‌جدية التوبة بين صفوف النساء

- ‌مريم واجتنابها للشبهات

- ‌إيمان بلقيس ورجاحة عقلها

- ‌ثبات أم موسى أمام الابتلاءات

- ‌عظم توكل أم موسى وتفويض أمرها إلى الله

- ‌أخت موسى وتنفيذها أمر أمها

- ‌شخصية خولة بنت ثعلبة في القرآن

- ‌فاسألوا أهل الذكر

- ‌أثر فساد المرأة حتى على الأنبياء

- ‌مشكلة صلاح أحد الزوجين وفساد الآخر

- ‌أهمية كتمان الزوجة لأسرار الزواج وفوائد ذلك

- ‌الأسئلة

- ‌المرأة وظاهرة التدخين

- ‌حكم الأمور التي تفعل في القرقيعان

- ‌حكم قيء الطفل الرضيع

- ‌استحباب الوضوء بعد تنظيف الولد

- ‌حكم زكاة الحلي

- ‌حكم أولاد زوج البنت من امرأة أخرى

- ‌نزع المرأة ملابسها في غير بيتها

- ‌مخاطبة المرأة المحادة للرجال

الفصل: ‌مريم واجتنابها للشبهات

‌مريم واجتنابها للشبهات

ننتقل الآن إلى قصة أخرى، وهي استمرار لقصة مريم السابقة، إنها قصتها في سورة سميت باسمها إنها سورة مريم، لماذا سميت؟ لأن المرأة إذا تمسكت بمنهج الله فقد ترتفع فوق مستوى كثير من الرجال المسلمين (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) مريم عليها السلام لا شك أنها أفضل من كثير من الرجال الصالحين، وأن منزلتها عند الله عالية يا ترى! بسبب أي شيء؟ إن الله قد أرسل إليها جبريل فنفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة إلى فرجها فدخلت فصار هذا الحمل المبارك في بطنها رحمها الله ورضي عنها وأرضاها، ولكن هذه المرأة تواجه الآن مشكلة عويصة، إنها ليست متزوجة -كما يظهر للناس- وكذلك هي في الحقيقة، والناس قد لا يفهمون أن هذا خلقٌ خلقه الله في بطنها، بل إن الناس سيتبادر إلى أنفسهم ظن السوء، وسيقولون لمريم: أنت زنيتِ وفعلتِ الفاحشة، ولذلك فقد فرت مريم في البداية من الأمر وحاولت أن تتخفى عن الناس، {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً} [مريم:22]، لأنها لا تريد الكلام من الناس، وهذا صحيح.

ينبغي على المرأة المسلمة أن تبتعد عن مجالات التهمة، وإذا وجدت طريقاً تستطيع بواسطته حماية نفسها من كلام الناس ينبغي عليها أن تسلكه، لا يصلح للمسلم ولا للمسلمة أن يضع نفسه مواضع التهم وإنما يحاول أن يبرئ نفسه من كل ما يُلصق به.

هذه مريم عليها السلام حاولت أن تتفادى نظر الناس: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم:22 - 23] وهنا تقول بكلمات منبعثة من نفس متأسفة من نفس تتحرك، وتخشى من كلام الناس عليها، فقالت:{يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} [مريم:23] لماذا تمنت الموت؟ لأن الموقف شديد عليها، امرأة في بطنها ولد وهي ليست متزوجة، هنا الدرس: مريم بريئة وتتمنى الموت مع ذلك، وتقول:{يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} [مريم:23] فماذا يكون الحال بالنسبة لبعض النساء -والعياذ بالله- اللاتي وقعن في الفاحشة وفي هذا الأمر المنكر وهن لا يشعرن بأدنى درجة من الندم؟ كيف ينبغي أن يكون الحال؟ والله سبحانه رحم مريم ونوديت من تحتها: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً} [مريم:24 - 26] هذه نِعم من الله، ولذلك قال بعض أهل التفسير: إن الرطب من أنفع الطعام للمرأة النفساء.

ثم أتت به قومها تحمله وهي صائمة عن الكلام كما أمرت فاتهموها: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم:28] من أين خرجت؟ هذا يدل على أن الناس يحكمون على المرأة من خلال البيت الذي تعيش فيه، فأشارت إليه، وعند ذلك تكلم عيسى عليه السلام وشهد ببراءة أمه، ولذلك نحن الآن نعلم أيتها الأخوات عظم الفرية التي يفتريها اليهود على مريم، فإنهم يقولون: إن مريم زانية، وإن عيسى ولد زنا، نستغفر الله العظيم من هذا البهتان، لنعلم ولتعلمن مدى ما وصل إليه ٍاليهود من الخبث والكيد لأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ص: 11