المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسلوب ابن القيم رحمه الله ونبذ من قدرته على التعبير - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٣٢١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌ابن القيم العالم الرباني

- ‌نبذة مختصرة عن سيرة ابن القيم الشخصية

- ‌حياة ابن القيم العلمية والعملية

- ‌أسفار ابن القيم وتأليفه للكتب فيها

- ‌أعمال ابن القيم رحمه الله

- ‌أخلاق ابن القيم وتواضعه

- ‌عبادة ابن القيم وزهده

- ‌ابن القيم وشيخه ابن تيمية

- ‌ابن القيم قبل لقائه بابن تيمية

- ‌اعتناء ابن تيمية بتلميذه ابن القيم

- ‌طريقة ابن القيم في التفقه

- ‌محاربة ابن القيم للتعصب والتقليد الأعمى

- ‌منهج ابن القيم في التأليف والفتوى

- ‌ثناء العلماء على حسن تأليف ابن القيم

- ‌مع مؤلفات ابن القيم

- ‌تعرض مؤلفات ابن القيم للحرق

- ‌كلام الكوثري على ابن القيم وبيان خطئه في ذلك

- ‌أسلوب ابن القيم رحمه الله ونُبذ من قدرته على التعبير

- ‌دقة استنباطات ابن القيم وأمثلة عليها

- ‌كلام ابن القيم عن قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا)

- ‌استنباطات ابن القيم من قوله تعالى: (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل

- ‌آية ضيافة إبراهيم وفقه ابن القيم فيها

- ‌فقه الواقع عند ابن القيم

- ‌موقف ابن القيم من أهل البدع

- ‌نبذة عن إغاثة اللهفان تبين تصدي ابن القيم للتصوف المنحرف

- ‌نبذة من النونية في ذم التأويل

- ‌كلام ابن القيم عن المرجئة من النونية

- ‌مقتطفات متفرقة من حياة ابن القيم

- ‌مميزات مؤلفات ابن القيم

- ‌حث ابن القيم على طلب العلم

- ‌حث ابن القيم على ذكر الله

- ‌تفاؤل ابن القيم

- ‌مساهمة ابن القيم في حلول المشاكل الاجتماعية والأمراض النفسية

- ‌شهرة ابن القيم بضرب الأمثال

- ‌قدرة ابن القيم على التحليلات النفسية

- ‌وفاة ابن القيم رحمه الله

الفصل: ‌أسلوب ابن القيم رحمه الله ونبذ من قدرته على التعبير

‌أسلوب ابن القيم رحمه الله ونُبذ من قدرته على التعبير

نتعرض الآن- أيها الإخوة- لبعض الأمور في أسلوب ابن القيم رحمه الله تعالى، وهذا أمرٌ مهمٌ جداً، فمثلاً: تجد هذه الحلاوة في الأسلوب، والقدرة على التعبير، والجمال والجلال في أسلوب ابن القيم رحمه الله يستخدمه في عرض حقائق التوحيد على الناس، فمثلاً: اسمع إليه يقول في وصف الله عز وجل، وبيان وحدانيته وقدرته سبحانه وتعالى:"قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، ووسع كل شيء رحمةً وحكمةً، ووسع سمعه الأصوات، فلا تختلف عليه، ولا تشتبه عليه؛ بل يسمع ضجيجها باختلاف لغاتها، على تفنن حاجاتها، فلا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلقه كثرة المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين ذوي الحاجات".

الآن الناس يدعون الله، منهم من يدعو الله باللغة العربية، ومنهم من يدعو بالإنجليزية، ومنهم من يدعو بالأردية، ومنهم من يدعو بلغات كثيرة جداً، ومنهم من يطلب شفاء مريض، ومنهم من يطلب رحمة ميت، ومنهم من يطلب رزقاً، ومنهم من يطلب ولداً، ومنهم من يطلب نجاحاً، ومنهم من يطلب أشياء كثيرة، وهم يطلبون في وقت واحد ويلحون إلحاحاً، والله عز وجل لا تغلطه، انظروا الواحد إذا أمسك بسماعتي هاتف لا يستطيع أن يتابع في نفس الوقت، والله عز وجل يسمع أصوات البشر كلهم بلغات مختلفة، وحاجاتهم مختلفة، ويعلم ماذا يقولون، ولا يتبرم بإلحاح الملحين:

الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حي يسأل يغضبُ

والإنسان يتبرم بالإلحاح؛ والله عز وجل يريد من عباده أن يلحوا عليه بالدعاء، فعندما يأتي لنا رجل مثل: ابن القيم رحمه الله يبين لنا هذه المسألة، يزداد الذين آمنوا إيماناً.

وكذلك يقول عند قوله تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29] يغفر ذنباً، ويفرج هماً، ويكشف كرباً، ويجبر كسيراً، ويغني فقيراً، ويعلم جاهلاً، ويهدي ضالاً، ويرشد حيراناً، ويغيث لهفاناً، ويفك عانياً، ويشبع جائعاً، ويكسو عارياً، ويشفي مريضاً، ويعافي مبتلىً، ويقبل تائباً، ويجزي محسناً، وينصر مظلوماً، ويقصم جباراً، ويقيل عثرةً، ويستر عورةً، ويؤمن روعةً، ويرفع أقواماً، ويضع آخرين، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع له عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

إذاً- أيها الإخوة- نحن نحتاج -حقيقة- إلى علماء نشعر عندما نقرأ لهم بأن إيماننا بالله يزداد نحتاج إلى أهل علم عندهم بلاغة في التعبير والأسلوب؛ حتى نقبل على قراءة هذا الكلام النابع من ذلك القلب الحي انظر إلى ابن القيم رحمه الله مثلاً يقول: تبارك وتعالى، أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأحق من حمد، وأولى من شكر، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأعفى من قدر، وأكرم من قصد، وأعدل من انتقم حكمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن عزته، ومنعه عن حكمته، هو الملك الذي لا شريك له، والفرد فلا ند له، والغني فلا ظهير له، والصمد فلا ولد له ولا صاحبة له، وكل ملك زائل إلا ملكه، وكل ظل قالص إلا ظله، وكل فضلٍ منقطع إلا فضله، لن يطاع إلا بإذنه، ولن يعصى إلا بعلمه، يطاع فيشكر، ويعصى فيغفر، كل نقمةٍ منه عدل، وكل نعمةٍ منه فضل، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حال دون النفوس، وأخذ بالنواصي، وسجل الآثار، وكتب الآجال، فالقلوب له مفضية، والسر عنده علانية، والغيب عنده شهادة، عطاؤه كلام، وعذابه كلام {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82].

هذا إبداع- أيها الإخوة- شيء يزيد الذين آمنوا إيماناً هذه كلمات سطرها ابن القيم رحمه الله في كتابه العظيم الفوائد.

ص: 18