المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفراسة معناها وأقسامها - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٤

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌التوسم والفراسة

- ‌الفراسة معناها وأقسامها

- ‌أصحاب الفراسة من السلف

- ‌فراسة أبي بكر الصديق

- ‌عمر صاحب فراسة

- ‌فراسة عثمان بن عفان

- ‌القاضي إياس ممن اشتهروا بالفراسة

- ‌الشافعي وفراسته

- ‌مسألة الحكم بالقرائن

- ‌القيافة يؤخذ بها في معرفة الأنساب

- ‌يؤخذ بالقرائن في أحكام الحوادث الكلية

- ‌يؤخذ بالقرائن في مسألة إقرار المريض بمرض الموت

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بالقرينة

- ‌القاضي إياس والقضاء بالقرائن والشواهد

- ‌الشيخ صالح بن عثمان وشدة فراسته

- ‌القاضي أبو حازم وتأخير الحكم بسبب قرينة

- ‌القضاة كانوا أصحاب فراسة

- ‌فراسة كعب بن سور

- ‌من أنواع الفراسة

- ‌فراسة عبد الملك بن مروان

- ‌فراسة المنصور

- ‌سرعة البديهة جزء من الفراسة

- ‌الفراسة في تحسين اللفظ

- ‌أحمد بن طولون وفراسته الحادة

- ‌تحذير القضاة من الاستعجال في تنفيذ الأحكام

- ‌العلاقة بين القيافة والفراسة

- ‌العلاقة بين الفراسة وتأويل الرؤى

- ‌أسباب في تحصيل الفراسة

الفصل: ‌الفراسة معناها وأقسامها

‌الفراسة معناها وأقسامها

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: فحديثنا في هذه الليلة -أيها الإخوة- عن موضوعٍ فيه شيءٌ من العجب والغرابة ولكنه سمةٌ من سمات المؤمنين، وصفةٌ من صفاتهم ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه واصفاً بها المؤمنين فقال:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر:75].

والتوسم والفراسة من صفات المؤمن، فأما الفراسة: فإنها النظر والتثبت والتأمل في الشيء والبصر به، يقال: تفرست فيه الخير، أي: تعرفته بالظن الصائب، وتفرس في الشيء: أي: توسمه، فالفراسةُ -أيها الإخوة- ناشئة عن جودة القريحة وحدَّة النظر وصفاء الفكر، والفراسة: هي الظن الصائب الناشئ عن تثبيت النظر في الظاهر لإدراك الباطن، والفراسةُ: هي الاستدلال بالأمور الظاهرة على الأمور الخفية، وهي أيضاً ما يقع في القلب بغير نظرٍ وحجة، وقد قسمها ابن الأثير رحمه الله إلى قسمين: الأول: ما دل ظاهر هذا الحديث عليه: (اتقوا فراسة المؤمن) وفي إسناده ضعف ولكن معناه صحيح، إن للمؤمن فراسة، وهو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال بعض الناس بنوعٍ من الكرامات وإصابة الظن والحدس.

الثاني: نوعٌ يتعلم بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق فتعرف به أحوال الناس، وفراسة المؤمن معتبرةٌ شرعاً في الجملة لقوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر:75].

الفراسة: نظر القلب بنورٍ يقع فيه، ويتفرس يعني: يتثبت وينظر، وفي قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر:75] فيه أن التوسم وهو تفعل من الوسم وهي العلامة التي يستدل بها على مطلوبٍ غيرها، كما قال الشاعر يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:

إني توسمت فيك الخير نافلةً والله يعلم أني صادق البصرِ

الفراسة التي هي الاستدلال بالخلق على الخلق، لقد جاءنا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله:[أحسن الناس فراسةً ثلاثة: العزيز حين قال لامرأته: أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا، وابنة شعيبٍ حين قالت في موسى: يا أبتي! استأجره، وأبو بكر الصديق حين ولى عمر] وهذا يحتاج إلى إثبات نسبته إلى هذا الصحابي الجليل فإن مسألة فراسة عزيز مصر في يوسف صحيحة من جهة أنه لم يكن معه علامةٌ ظاهرة، وأما بنت شعيب والراجح أنها بنت رجل صالح ليس بنبي الله شعيب، وإنما هو رجلٌ صالح غير نبي الله شعيب؛ لأن موسى لم يكن معاصراً لشعيب، هذه المرأة كان معها علامة بينة، فأما القوة فعلامتها سقي موسى لغنمها وسط هؤلاء الرعاة، وأما الأمانة فبقوله لها: وكان يوماً رياحاً: امشي خلفي لئلا تصفك الريح بضم ثوبك إليك وأنا لا أنظرُ في أدبار النساء.

فلما رأى الريح تكشف ثوبها وهي ماشية أمامه لتدله على بيت أبيها قال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، أما أبو بكر رضي الله عنه، فقد عرف ولاية عمر بالتجربة في الأعمال والمواظبة على الصحبة وطولها.

ص: 2