المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى المدينة - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٤١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌المدينة قبل الإسلام

- ‌اليهود وهجرتهم إلى المدينة

- ‌هجرة العرب إلى المدينة

- ‌اليهود والكيد بين الأوس والخزرج

- ‌مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى المدينة

- ‌أهمية الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار سببها وأهميتها

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين أنفسهم

- ‌المؤاخاة الأساسية بين المهاجرين والأنصار

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار تحقيق للتكافل الاجتماعي

- ‌عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع والتآخي بينهما

- ‌عقيدة الولاء والبراء عند الصحابة

- ‌إنفاق الصحابة أحب أموالهم في سبيل الله

- ‌أهل الصفة في المدينة

- ‌أهل الصفة رهبان بالليل فرسان بالنهار

- ‌اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأهل الصفة

- ‌اهتمام الصحابة بأهل الصفة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إعطاء الزكاة بصورة هدية

- ‌الذي يفقد التمييز يسقط عنه التكليف

- ‌حكم صلة الأرحام غير المحارم

- ‌حكم رفع الصوت عند القنوت بالدعاء

- ‌حكم مراجعة المرأة للطبيب

- ‌حكم الاستمتاع بالزوجة في نهار رمضان

- ‌حكم التقبيل في الخد من غير الزوج

- ‌حكم الجمعية المعمولة بين عدة أشخاص يأخذها كل مرة شخص

- ‌حكم تأخير قضاء أيام من رمضان

- ‌الجمع بين قوله تعالى: (أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً) وبين قول رسول الله: (لا هجرة بعد الفتح)

- ‌وقت التأمين للمأموم

- ‌وجوب الزكاة في عروض التجارة

- ‌حكم تعويد الطفل على الصيام إلى وقت الظهر أو العصر

- ‌إخراج الزكاة من مدينة لأخرى

- ‌حكم الزكاة على المنزل المعد للسكن

الفصل: ‌مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى المدينة

‌مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى المدينة

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة، بعدما صارت بيعة العقبة الأولى والثانية، وصار هناك قاعدة من الأنصار من أهل المدينة تنصر النبي صلى الله عليه وسلم، فهب المسلمون متفانين بالهجرة، وضحوا بأوطانهم وأموالهم وأهليهم استجابة لنداء الله ورسوله، حتى إن قريشاً لما اعترضت صهيباً الرومي بحجة أنه جمع أمواله من العمل في مكة، ولم يكن له مال قبل قدومه إلى مكة، ترك لهم أمواله وهاجر بنفسه، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:(ربح البيع أبا يحيى).

ومنع المشركون أبا سلمة رضي الله عنه من الهجرة بزوجته وابنه فلم يمنعه ذلك من الهجرة وحيداً تاركاً زوجته وطفله في مكة، وقد ظلت زوجته أم سلمة تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تمسي نحو سنة، حتى تمكنت من الهجرة بابنها ولحقت بزوجها، وهكذا كانت الهجرة في ظروف صعبة، وكانت تمحيصاً لإيمان المؤمنين، واختباراً لقوة عقيدتهم واستعلاء إيمانهم، وقدم لنا أولئك المهاجرون درساً عظيماً في كيفية ترك المسلم أعز ما عنده من أجل الله ورسوله.

كيف يهجر المسلم بلده التي يحن إليها والمكان الذي تربى فيه وترعرع وشب لله ورسوله؟ بل تركوا الأموال والتجارات وتركوا بيوتهم التي كانت لديهم مهاجرين إلى الله ورسوله، ولذلك كان المهاجرون فعلاً أعظم المؤمنين على الإطلاق في ذلك الوقت، وصاروا مؤهلين للاستخلاف في الأرض بما جعلهم الله تعالى في الرتبة العالية.

اختار الله عز وجل لنبيه المدينة للهجرة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين) فاللابتان هما الحرتان، الحرة الشرقية والحرة الغربية، وبينهما الأرض ذات نخل، وهاجر المسلمون وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق، حتى أذن الله تعالى له بالهجرة.

وقد أحس المشركون بهجرة المسلمين، فغاظهم ذلك فتعاقدوا على قتل النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن الله عز وجل أعمى أبصارهم فلم يروه، فخرج هو وصاحبه الصديق إلى المدينة يقطعان الصحراء، والنبي عليه الصلاة والسلام كان في الثالثة والخمسين من العمر، والصديق في الحادية والخمسين، ومع ذلك فإنهما خرجا إلى المدينة مهاجرين، ووصلا المدينة وقد جعل الله للمسلمين فرجاً ومخرجا، مصداقاً لقوله تعالى:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء:100].

ولذلك نعى الله عز وجل ولام الذين قدروا على الهجرة فلم يهاجروا، بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء:97 - 99] وعسى من الله موجبة، فإذا قال الله: عسى الله، أي: فإن هذا هو ما سيحدث.

ص: 6