المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عمل الصحابة في باب سد الذرائع - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٧٨

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌إغلاق منافذ الشر

- ‌مقدمة في باب سد الذرائع

- ‌الأدلة على مفهوم سد الذرائع

- ‌الأدلة من القرآن

- ‌أدلة من السنة على باب سد الذرائع

- ‌سد ذريعة الفواحش

- ‌أبواب متفرقة في سد الذرائع

- ‌سد ذريعة الفحشاء والبغضاء

- ‌عمل الصحابة في باب سد الذرائع

- ‌فتاوى عصرية في مسائل سد الذرائع

- ‌فتاوى في حكم الاعتناء بالآثار

- ‌فتوى في عدم جواز إظهار النصراني لدينه في الجزيرة

- ‌فتوى في عدم جواز التجنس بجنسية الدولة الكافرة

- ‌فتوى في تحريم تمثيل أدوار الصحابة في الأفلام وغيرها

- ‌فتوى في تحريم قيادة المرأة للسيارة في المدن

- ‌فتوى في تحريم دراسة المرأة لبعض التخصصات

- ‌فتوى بخصوص الزواج من الكتابيات

- ‌سد الذرائع في الدعوة إلى الله وفي السياسة الشرعية

- ‌التوسع في باب سد الذرائع

- ‌مسألة فتح الذرائع إلى الخير من الشريعة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم المأموم الذي سبقه الإمام بركوع أو سجود دون علمه

- ‌حكم تزين الشاب الوسيم

- ‌حكم الجلوس مع أناس لا تظهر عليهم التقوى

- ‌تحريم كل عمل يوصل إلى حرام

- ‌الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌امرأة تدعو رجلاً أجنبياً إلى الله

- ‌حكم الدش

- ‌الضابط في تحريم الألعاب المسلية

- ‌حكم إعفاء اللحية إذا ترتب عليها ضرر

- ‌مشكلة ضعف الالتزام

- ‌الطريقة المثلى لإنكار التبرج

- ‌حكم تخطي المسجد المجاور إلى غيره بغرض طلب العلم

- ‌صيام أربعة أيام من شوال

- ‌تشريع سد الذرائع

- ‌نصيحة للنساء

- ‌مسألة تقديم الدَّين على الحج أو العكس

- ‌لا يجوز الاتصال بالمشعوذات والمشعوذين

- ‌إثم من لم يحج وعنده استطاعة

- ‌الصلاة في المقابر محرمة

- ‌الأشهر الحرم

- ‌حكم سماع أشرطة أناشيد تثير الشهوة

- ‌حكم مجالسة أهل البدع بقصد الدعوة

- ‌لا تخن من خانك

- ‌حكم مخالطة أبناء الأقارب وفيهم بعض الفساد

- ‌حكم الجلوس في المقاهي

- ‌حكم لبس الذهب المحلق

- ‌حكم الصلاة السببية في وقت النهي

الفصل: ‌عمل الصحابة في باب سد الذرائع

‌عمل الصحابة في باب سد الذرائع

أما في عمل الصحابة رضوان الله عليهم فالشواهد كثيرة وكثيرة جداً، فمن ذلك أن الصحابة قتلوا الجماعة بالواحد، اجتمع جماعة على واحد فقتلوه، لئلا يكون ذريعة إلا ضياع دماء المسلمين، كلما أرادوا قتل واحد جاءت جماعة فقتلوه وضاع دمه، فالصحابة قضوا بقتل الجماعة بالواحد.

وكذلك نفى عمر من كان سبباً في فتنة النساء بجماله؛ سَمع عمر أن فلاناً يذكر على أنه أجمل أهل المدينة فقال: عليَّ به.

أتى به فحلق رأسه لعل الفتنة تزول، فازداد الرجل حسناً لما زال شعره وظهرت جبهته كاملة، فقيل إنه عممه بعمامة فلا زال جميلاً! فقرر عمر أن يبعده إلى بلدة أخرى حتى لا يكون سبباً لفتنة المسلمات في هذا البلد، وزوجه وأحسن إليه، لأنه رجل ليس بمذنب، فليس ذنبه أن يكون جميل الخلقة فإن الله قد كتب أن يكون جميلاً، لكن سداً لذريعة فتنة النساء مادام أن خبره واسمه وذكره منتشر بين النساء ومتداول أبعده عمر.

قطع عمر رضي الله عنه شجرة بيعة الرضوان التي تبايع الصحابة عندها في غزوة الحديبية لأجل ألا يكون اجتماع الناس عليها ذريعة إلى الشرك.

ولما وجد الصحابة قبر دانيال عليه السلام -هذا أحد الأنبياء- في الفتوحات، وجدوه عند قوم كان يستسقون به، يخرجون جسده وقت القحط، وأجساد الأنبياء لا تأكلها الأرض، قالوا: مات منذ مئات السنين لكن ما تغير جسمه.

قالوا: فحفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان بالليل دفنوه في واحد منها وسووا القبور كلها لتعميته على الناس حتى لا ينبشوه، كل هذا من حرص الصحابة على سد ذرائع الشرك وتعظيم الموتى.

لماذا عزل عمر خالداً رضي الله عنهما؟ أخبر عمر أنه ما عزله عن سخط ولا عن كره ولا عن خيانة، لكن قال: ولكن الناس فُتنوا به فِخفت أن يوكلوا إليه -بدلاً أن يتوكلوا على الله يقولون: مادام أن الجيش فيه خالد فنحن منصورون- فتنوا به فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، هو الذي يصنع النصر وهو الذي يقدر النصر سبحانه وتعالى.

من يخبرني لماذا أمر عمر ببناء الكوفة والبصرة؟ خاف عمر على المسلمين إذا سكنوا في بلاد الفرس والروم أن يختلطوا ويتأثروا بعاداتهم وأخلاقهم، وقد يؤدي إلى الوقوع في شيء من المحرمات، أراد عمر أن يجعل بلداناً خاصة للمسلمين، يكون المسجد في الوسط وحوله المساكن، ويجعل له قاضياً وإماماً، فـ عمر خشي من اختلاط المسلمين إذا سكنوا في بلدان الكفرة أن يتفرق المسلمون فيها ويتأثرون بهم، فمصَّر للمسلمين أمصاراً خاصة.

هذه بعض من أفعال الصحابة في مسألة سد الذرائع، ولا زال العلماء يفتون بقاعدة سد الذرائع، وهذا مشهور في المذاهب ومن أعظمها مذهب الإمام مالك رحمه الله فإن المالكية يعتمدون كثيراً على هذا الباب، لكن ينبغي أن يعلم أنه لا بد أن تكون الذريعة واضحة للتحريم والمنع، لا متوهمة ولا قليلة.

ص: 9