المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نظرة المسلمين الصالحين إلى أخيهم المسلم المذنب - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٩٢

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌استوصوا بالتائبين خيراً

- ‌بيان أهمية توبة الصالحين

- ‌التوبة مهمة لأصلح الصلحاء كأكبر الفجار

- ‌التوبة العامة وأهميتها

- ‌تأخير التوبة إصرار على الذنب

- ‌التوبة من التقصير والخلل

- ‌استوصوا بالتائبين خيراً (نصائح وتوجيهات)

- ‌نظرة المسلمين الصالحين إلى أخيهم المسلم المذنب

- ‌حسن استقبال المذنب في المجتمع الإسلامي

- ‌أهمية الاعتناء بالتائبين

- ‌مخالطة التائبين

- ‌ستر المذنب منهم

- ‌إرشاد المذنب إلى باب التوبة

- ‌إزالة العوائق النفسية لدى بعض التائبين

- ‌سبب الاستيصاء بالتائبين خيراً

- ‌أهمية إيجاد الحلول العملية للتائبين

- ‌إرشاد التائب إلى أهل العلم ليرشدوه إلى ما يفعله بما تحت يده من الحرام

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من أخطأ في التعامل مع التائب مما أدى إلى انتكاسه

- ‌حكم الصلاة على المنتحر الذي علم صلاحه

- ‌حكم الصلاة على من عزم على التوبة وشهد بأنه مات عليها

- ‌حكم من تاب وهو يفكر بالملذات السابقة

- ‌حكم من تاب من بعض ذنوبه

- ‌حكم من تزوج بامرأة واكتشف أنها حبلى من الزنا

الفصل: ‌نظرة المسلمين الصالحين إلى أخيهم المسلم المذنب

‌نظرة المسلمين الصالحين إلى أخيهم المسلم المذنب

ولذلك فإننا نقول الآن: ما هو موقع المذنب في المجتمع الإسلامي؟ كيف يجب أن تكون نظرة المسلمين الصالحين في المجتمع الإسلامي إلى أخيهم المسلم المذنب؟ بعض الناس يقول: ينبغي أن تكون نظرة قاتمة؛ وعنده أن هذا الشخص الذي أذنب ينبغي أن نهجره ونقاطعه ولا نكلمه ولا نزوره ولا نسلم عليه؛ لأنه وقع في ذنب، وهذا الموقف في هذا الزمن بالذات في غاية الخطأ والخطورة؛ وإذا قاطعته وهجرته فهذا الهجر غير شرعي، فإن هناك آلافاً من شياطين الإنس مستعدون لإيوائه واحتوائه وجذبه إليهم.

كعب بن مالك رضي الله عنه، لما أخطأ وترك الخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم للجهاد في مجتمع إسلامي الهجر فيه مفيد، قاطعه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر الصحابة بمقاطعته، ولكن ماذا فعل ملك غسان الكافر وأصحابه؟ لقد اصطادوا الخبر فوراً وأرادوا انتهازه، فكتب ملك غسان إلى فرد مسلم في المدينة رسالة، فجاء بها نبطي من أنباط الشام فدخل المدينة، وأخذ يسأل في السوق عن كعب بن مالك، فطفق الناس يشيرون إليه، يقول كعب: فأتاني فدفع إليّ رسالة من ملك غسان، يقول فيها: قد سمعنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك.

هذا موقف خطير جداً، ملك الكفار مهتم بموضوع شخص في المجتمع الإسلامي؛ لأن كيد أهل الباطل لأهل الإسلام لا يتوقف، ولذلك فهم يحاولون الاصطياد في الماء العكر دائماً، وأي واحد يأنسوا فيه ضعفاً من الدعاة والصالحين حاولوا فوراً التقاطه وجذبه إليهم.

كعب بن مالك صحابي جليل فقيه، يعلم تماماً بمؤامرات أعداء الإسلام، ويعلم أن هذه محنة وابتلاء فصمد، قال كعب: فقلت في نفسي: وهذا أيضاً من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرتها.

لكن قل لي: كم من المسلمين من لو وقع في ذنب، وصار عنده ضعف سيكون موقفه لو عرض عليه بعض أهل الباطل مثلما عرض على كعب؟ كم منهم سيكون موقفه مثل موقف كعب بن مالك رضي الله عنه؟ فاستوصوا بالتائبين خيراً، أول ما يقع الإنسان في الذنب فمن الخطأ الكبير أن نهجره مباشرة، فنقاطعه ولا نكلمه، ولا نسلم عليه ولا نزوره، ولا نعوده ولا نساعده في شيء، هذا خطأ كبير، إلا إذا كان الهجر نافعاً له -كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وسيعيده إلى صوابه فعند ذلك نهجره، أما إذا كان هجره سيتسبب في إمعانه في الضلال وزيادته في الانتكاس، فإن من الجرم هجره والحالة هذه.

ص: 8