المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذم طلب العلم للمباهاة والمراءاة - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٩٧

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌اقتضاء العلم العمل

- ‌ترجمة الخطيب البغدادي

- ‌رحلات الخطيب البغدادي في جمع الحديث

- ‌رحلته إلى البصرة

- ‌رحلة الخطيب إلى نيسابور

- ‌رحلة الخطيب إلى دمشق وتوجهه إلى بلد الله الحرام

- ‌الخطيب ومرحلة التصنيف والكتابة والإسماع والإملاء

- ‌الخطيب والتحديث بجامع المنصور

- ‌فتنة البساسير وخروج الخطيب إلى دمشق

- ‌رجوع الخطيب إلى بغداد بعد الفتنة

- ‌مرض الخطيب البغدادي ووفاته

- ‌بيان عفة الخطيب البغدادي وبعض سجاياه

- ‌تواضع الخطيب رحمه الله

- ‌كرم الخطيب البغدادي

- ‌مصنفات الخطيب البغدادي رحمه الله

- ‌سبب تأليف رسالة اقتضاء العلم العمل

- ‌أهمية التوازن بين العلم والعمل

- ‌الغاية من طلب العلم

- ‌الأحاديث والآثار في بيان أهمية العمل بالعلم

- ‌كيفية المحافظة على العلم وتثبيته

- ‌خوف العلماء من عاقبة عدم العمل بالعلم

- ‌انتزاع العلم ورفعه

- ‌ذم طلب العلم للمباهاة والمراءاة

- ‌الوعيد الشديد لمن قرأ القرآن للصيت ولم يقرأه للعمل

- ‌ذم السلف لظاهرة الجدل

- ‌ذم الاستكثار من الطلب وترك العمل

- ‌نعمة الصحة والفراغ

الفصل: ‌ذم طلب العلم للمباهاة والمراءاة

‌ذم طلب العلم للمباهاة والمراءاة

عقد الخطيب رحمه الله باباً مهماً بعنوان: باب (ذم طلب العلم للمباهاة به والمراءاة فيه ونيل الأغراض وأخذ الأعواض عليه).

مثل الذين يطلبون العلم للشهادات، يريد وظيفة، يقول: لم نقبل في القسم العلمي ولا الجامعة، لم نقبل في الطب والهندسة، ندخل شريعة لنأخذ شهادة، أكون قاضياً أو مدرساً وهكذا يريد شهادة فقط!! وأصبحت عملية الدراسة كلها من أولها إلى آخرها في كلية الشريعة لأجل الشهادة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري بها السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار) هذا الحديث أخرجه الخطيب البغدادي رحمه الله بإسناد ضعيفٍ جداً في هذا الكتاب، لكن الحديث رواه ابن ماجة وله طرق أخرى، والحديث حسَّنه الألباني في صحيح الجامع.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علماً يُبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) حديث صحيح، أخرجه أحمد وغيره، ومعناه: لو أن واحداً جاء إلى العلم الشرعي الذي يبتغى به وجه الله -علم الشريعة- وتعلمه لأجل أن يصيب به عرضاً من الدنيا فقط، فلا يجد عرف الجنة يوم القيامة، وعرفها هو ريحها.

وقال الحسن: [من طلب العلم ابتغاء الآخرة أدركها، ومن طلب العلم ابتغاء الدنيا، فهو حظه منها].

وضرب مثل العالم السوء، فقيل: مثل عالم السوء كمثل حجرٍ وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء ولا هو يخلي عن الماء فيحيا به الشجر.

ولو أن علماء السوء نصحوا لله في عباده، فقالوا: يا عباد الله! اسمعوا ما نخبركم به عن نبيكم، وصالح سلفكم فاعملوا به، ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه فإنَّا قومٌ مفتونون، كانوا قد نصحوا لله في عباده، ولكنهم يريدون أن يدعوا عباد الله إلى أعمالهم القبيحة فيدخلوا معهم فيها.

وجاء في بعض المواعظ القديمة: "يا علماء السوء! جعلتم الدنيا على رءوسكم، والآخرة تحت أقدامكم، قولكم شفاء، وعلمكم داء، مثلكم مثل شجرة الدفل، تعجب من رأها، وتقتل من آكلها"، شجرة الدفل هذه شجر مر أخضر، حسن المنظر، (من الخارج خلاخل والبلاء من الداخل) فهذا مثل الذي عنده كلام وعلم لكنه لا يعمل.

ويلكم يا عبيد الدنيا، ماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها؟ كذلك لا يغني عن العالم كثرة علمه إذا لم يعمل به، ما أكثر أثمار الشجر، وليس كلها ينفع ولا يؤكل، وما أكثر العلماء وليس كلهم ينتفع بما علم، فاحتفظوا -هذه نصيحة للناس أن يحتفظوا وينتبهوا ويحذروا من العلماء الكذبة الذين عليهم لباس الصوف، منكسين رءوسهم إلى الأرض، قولهم مخالف فعلهم، يشتري من الشوك العنب، ومن الحنظل التين، كذلك لا يثمر قول العالم الكذاب إلا زوراً، وإن البعير إذا لم يوثقه صاحبه في البرية، نزع إلى وطنه وأصله، وإن العلم إذا لم يعمل به صاحبه خرج من صدره وتخلَّى عنه وعطّله، وإن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب، كذلك لا يصلح الإيمان إلا بالعلم والعمل.

ص: 23