المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نعمة الصحة والفراغ - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٩٧

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌اقتضاء العلم العمل

- ‌ترجمة الخطيب البغدادي

- ‌رحلات الخطيب البغدادي في جمع الحديث

- ‌رحلته إلى البصرة

- ‌رحلة الخطيب إلى نيسابور

- ‌رحلة الخطيب إلى دمشق وتوجهه إلى بلد الله الحرام

- ‌الخطيب ومرحلة التصنيف والكتابة والإسماع والإملاء

- ‌الخطيب والتحديث بجامع المنصور

- ‌فتنة البساسير وخروج الخطيب إلى دمشق

- ‌رجوع الخطيب إلى بغداد بعد الفتنة

- ‌مرض الخطيب البغدادي ووفاته

- ‌بيان عفة الخطيب البغدادي وبعض سجاياه

- ‌تواضع الخطيب رحمه الله

- ‌كرم الخطيب البغدادي

- ‌مصنفات الخطيب البغدادي رحمه الله

- ‌سبب تأليف رسالة اقتضاء العلم العمل

- ‌أهمية التوازن بين العلم والعمل

- ‌الغاية من طلب العلم

- ‌الأحاديث والآثار في بيان أهمية العمل بالعلم

- ‌كيفية المحافظة على العلم وتثبيته

- ‌خوف العلماء من عاقبة عدم العمل بالعلم

- ‌انتزاع العلم ورفعه

- ‌ذم طلب العلم للمباهاة والمراءاة

- ‌الوعيد الشديد لمن قرأ القرآن للصيت ولم يقرأه للعمل

- ‌ذم السلف لظاهرة الجدل

- ‌ذم الاستكثار من الطلب وترك العمل

- ‌نعمة الصحة والفراغ

الفصل: ‌نعمة الصحة والفراغ

‌نعمة الصحة والفراغ

قد يفتن الناس بنعمة الصحة والفراغ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قال:(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحية والفراغ) عنده مال؛ بعض الناس ورث عن أبيه عقارات، يأتيه رزقه بكرةً وعشياً، لا ينقصه شيء، تراه في الصباح في نوم، وفي الليل يلعب البلوت إلى الفجر، وعنده عقارات تدر عليه:(اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.

ونظم الشاعر المعنى فقال:

بادر شبابك أن يهرمَ وصحة جسمك أن يسقما

وأيام عيشك قبل الممات فما دهر من عاش أن يسلما

ووقت فراغك بادر به ليالي شغلك في بعض ما

وقدم فكل امرئ قادمٌ على بعض ما كان قد قدما

وقال معاوية بن قرة: أكثر الناس حساباً يوم القيامة الصحيح الفارغ، ورأى شريح جيراناً له يجولون مثلما تجد الآن الشباب في الشوارع يتسكعون، فقال: ما لكم؟ قالوا: فرغنا اليوم -أكملنا أشغالنا، والذي عنده حلقة علم أكملها- قال: وبهذا أمر الفارغ؟! أي: هل أمر بأن يتسكع.

ولذلك لمّا قال البخاري رحمه الله:

اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ فعسى أن يكون موتك بغتة

كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ ذهبت نفسه الصحيحة فلتة

وفعلاً مات البخاري رحمه الله فجأةً.

ولما دخلوا على أبي بكر النهشلي وهو في الموت يومئ برأسه يصلي، لأنه لا يستطيع أن يقوم، فقالوا له: سبحان الله! على هذه الحال، فقال: أبادر طي الصحيفة، الآن صحيفتي ستطوى، فأنا أنتهز آخر لحظة من عمري في هذه العبادة:

اغتنم ركعتين زلفى إلى الله إذا كنت ريحاً مستريحاً

وإذا ما هممت بالنطق في البـ ـاطلِ فاجعل مكانه تسبيحاً.

ولذلك أهل العلم إذا جاء إليه من يجادل بين يديه، قال: سبح سبح، إذا هممت بالنطق بالباطل فاجعل مكانه تسبيحاً، فينبغي اغتنام الصحة والفراغ والحذر من التأجيل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ص: 27