المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في الشبرم إنه حار يار.وقال الكسائي: حار من الحرارة، ويار إتباع، كقولهم، عطشان نطشان، وجائع نائع، وحسن بسن، ومثله كثير في الكلام، وإنما سمى اتباعا لأن الكلمة الثانية إنما هي تابعة للأولى على وجه التوكيد لها، وليس يتكلم بالثانية - الإتباع للسيوطي

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ في الشبرم إنه حار يار.وقال الكسائي: حار من الحرارة، ويار إتباع، كقولهم، عطشان نطشان، وجائع نائع، وحسن بسن، ومثله كثير في الكلام، وإنما سمى اتباعا لأن الكلمة الثانية إنما هي تابعة للأولى على وجه التوكيد لها، وليس يتكلم بالثانية

‌الإتباع للسيوطي

قَالَ ابْن فَارس فِي فقه اللُّغَة: للْعَرَب الإتباع، وَهُوَ أَن تتبع الْكَلِمَة الْكَلِمَة على وَزنهَا، أَو رويها إشباعاً وتوكيداً. وَقد شاركت الْعَجم الْعَرَب فِي هَذَا الْبَاب.

وَقَالَ أَبُو عبيد فِي غَرِيب الحَدِيث: فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ فِي الشبرم إِنَّه حَار يار.

وَقَالَ الْكسَائي: حَار من الْحَرَارَة، ويار إتباع، كَقَوْلِهِم، عطشان نطشان، وجائع نائع، وَحسن بسن، وَمثله كثير فِي الْكَلَام، وَإِنَّمَا سمى اتبَاعا لِأَن الْكَلِمَة الثَّانِيَة إِنَّمَا هِيَ تَابِعَة للأولى على وَجه التوكيد لَهَا، وَلَيْسَ يتَكَلَّم بِالثَّانِيَةِ

مُنْفَرِدَة، فَلهَذَا قيل الإتباع.

قَالَ: وَأما حَدِيث آدم عليه السلام: أَنه استحرم حِين قتل ابْنه، فَمَكثَ مائَة سنة لَا يضْحك، ثمَّ قيل لَهُ: حياك الله وبياك، قَالَ: وَمَا بياك؟ قيل: أضْحكك، فَإِن بعض النَّاس يَقُول فِي بياك: إِنَّه اتِّبَاع، وَهُوَ عِنْدِي -

ص: 88

على مَا جَاءَ تَفْسِيره فِي الحَدِيث - إِنَّه لَيْسَ بِاتِّبَاع، وَذَلِكَ أَن الِاتِّبَاع لَا يكَاد يكون بِالْوَاو، وَهَذَا بِالْوَاو.

وَمن ذَلِك قَول الْعَبَّاس فِي زَمْزَم: هِيَ لشارب حل وبل، فَيُقَال إِنَّه أَيْضا إتباع، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَذَلِك لمَكَان الْوَاو.

وَأَخْبرنِي الْأَصْمَعِي عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان أَنه قَالَ: بل، هُوَ مُبَاح بلغَة حمير، قَالَ: وَيُقَال: بل، شِفَاء، من قَوْلهم: قد بل الرجل من مَرضه وأبل، إِذا برأَ. انْتهى كَلَام أبي عبيد.

وَقَالَ التَّاج السُّبْكِيّ فِي شرح منهاج الْبَيْضَاوِيّ: ظن بعض النَّاس أَن التَّابِع من قبيل المترادف لشبهه بِهِ، وَالْحق الْفرق بَينهمَا، فَإِن المترادفين يفيدان فَائِدَة وَاحِدَة من غير تفَاوت، وَالتَّابِع لَا يُفِيد وَحده شَيْئا، بل شَرط كَونه مُفِيدا تقدم الأول عَلَيْهِ، كَذَا قَالَه الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ.

وَقَالَ الْآمِدِيّ: التَّابِع لَا يُفِيد معنى أصلا، وَلِهَذَا قَالَ ابْن دُرَيْد: سَأَلت أَبَا حَاتِم عَن معنى قَوْلهم: بسن، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ.

قَالَ السُّبْكِيّ: وَالتَّحْقِيق أَن التَّابِع يُفِيد التقوية، فَإِن الْعَرَب لَا تضعه سدى، وَجَهل أبي حَاتِم بِمَعْنَاهُ لَا يضر، بل مُقْتَضى قَوْله: إِنَّه لَا يدْرِي، مَعْنَاهُ أَن لَهُ معنى، وَهُوَ لَا يعرفهُ.

قَالَ: وَالْفرق بَينه وَبَين التَّأْكِيد، أَن التَّأْكِيد يُفِيد مَعَ التقوية نفى احْتِمَال الْمجَاز، وَأَيْضًا فالتابع من شَرطه أَن يكون على زنة الْمَتْبُوع، والتأكيد لَا يكون كَذَلِك.

وَقَالَ ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سَأَلت الْعَرَب أَي شَيْء معنى شَيْطَان ليطان؟ فَقَالُوا: شَيْء نتد بِهِ كلامنا: نشده.

ص: 89