الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: في بيان مقدار المسافة المرخص فيه بالفطر
…
رخصة الفطر في سفر رمضان وَمَما يَتَرَتب عَلَيهَا مِن الآثارِ
الحلقة الثانية
للدكتور أحمد طه الريان الأستاذ المساعد بكلية الحديث
(المطلب الثاني) : في بيان مقدار المسافة في السفر المرخص فيه بالفطر:
اختلفت النقول عن السلف رضي الله تعالى عنهم، في تحديد المسافة التي يباح الفطر فيها لمن أراد قطعها أو تجاوزها، اختلافا كثيراً، فقد نقل عن دحية بن خليفة «أنه خرج من قرية بدمشق إلى قرية عقبة من الفسطاط1 وذلك ثلاثة أميال في رمضان، ثم أنه أفطر وأفطر معه أناس، فكره ذلك آخرون، فلما رجع إلى قريته، قال: والله قد رأيت أمرا ما كنت أظن أني أراه، إن قوما رغبوا عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ذلك للذين صاموا، ثم قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك 2.
ونقل ابن حزم بسنده إلى اللجلاج قال: كنا نسافر مع عمر بن الخطاب ثلاثة أميال فيتجوز في الصلاة ويفطر ويقصر3. كما نقل بسنده إلى وكيع عن مسعد بن كدام عن محارب بن دثار قال سمعت ابن عمر يقول: إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر4 وأيضا بما رواه بسنده إلى سحيم عن ابن عمر: لو خرجت ميلا لقصرت الصلاة5.
1 قرية عقبة: اسم للمكان دفن فيه عقبة بن عامر الجهني، الصحابي المعروف والذي كان واليا لمعاوية على مصر، والفسفاط: مكان آخر بمصر كان قد نصب عمرو بن العاص عليه خيامه حين فتحه لمصر.
2 السنن الكبرى للبيهقي جـ4ص241 دار الفكر ببيروت
3 المحلى جـ 6ص11
4 المحلى جـ 6ص366
5 المحلى جـ 6ص366
كما روى بسنده إلى يزيد بن أبي حبيب، أن كليب بن ذهيل الحضرمي أخبره أن عبيد بن جبر، قال كنت مع أبا بصرة الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان فرفع- وفي رواية: فدفع- ثم قرب غذاءه، قال اقترب، فقلت: ألست ترى البيوت؟ فقال: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأكل، ثم قال ابن حزم:«والروايات في هذا كثيرة» 1.
ونقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قصر الصلاة في سفره إلى ذي الحليفة- وهى على ستة أميال من المدينة- ونسب ذلك إلى إقتدائه بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال جبير بن نفير «خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلا، فصلى ركعتين فقلت له: فقال رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له، فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل» 2.
وروى مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر قصر الصلاة إلى خيبر 3، كما روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قصر الصلاة إلى خيبر. وقال: هذه ثلاث قواصد يعنى ثلاث ليال 4، وروى نافع عن سالم بن عبد الله أن أباه عبد الله بن عمر: ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد 5.
كما روى مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسير ذلك، قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد 6، وقررت هذه المسافة في المصنف لعبد الرزاق بمقدار ثلاثين ميلا 7، ولكن ابن عبد البر قد رجح تقدير مالك بكونها أربعة برد، يعني أنها ثمانية وأربعون ميلا 8.
وعن مالك بلغه: أن عبد الله بن عباس كان يقوله: تقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وجدة، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، قال مالك: وذلك أربعة برد 9.
1 المحلى جـ 6ص 367.
2 صحيح مسلم جـ 2ص 145.
3 السنن الكبرى للبيهقي جـ 3ص 136 والموطأ جـ 1ص 298 من شرح الزرقاني عليه.
4 المصنف جـ 2ص 523. السنن الكبرى جـ 3ص 136.
5 السنن الكبرى جـ 3ص136 والموطأ جـ 1ص 298. من شرح الزرقاني عليه.
6 السنن الكبرى جـ 3ص 336 والموطأ جـ 1ص 298 من شرح الزرقاني عليه.
7 المصنف جـ 2ص 525.
8 شرح الزرقاني على الموطأ جـ 1ص 298.
9 السنن الكبرى جـ 2ص 137 والموطأ جـ 1ص 299 مطبوع مع شرح الزرقاني عليه.