الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة حم عسق وتسمى سورة الشورى
مكية وهى ثلاث وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم
حم عسق اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما فى الكتابة وعد آيتين بخلاف كهيعص والمص والمر فانها آية واحدة فالفصل لتطابق سائر الحواميم وفى القاموس آل حاميم وذوات حاميم السور المفتتحة بها ولا تقل حواميم وقد جاء فى شعر وهو اسم الله الأعظم او قسم او حروف الرحمن مقطعة وتمامه الرون انتهى روى الطبري أنه جاء رجل الى ابن عباس رضى الله عنهما وعنده حذيفة اليماني رضى الله عنه فسأله عن تفسير حم عسق فأطرق واعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثا فاعرض فقال له حذيفة انا أنبئك بها قد عرفت لم كرهها وتركها نزلت فى رجل من اهل بيته يقال له عبد الله او عبد الا له ينزل على نهر من انهار المشرق فيبنى عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا فاذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ينزل على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها سالمة متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم اى من اله المدينتين ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فى الليلة القابلة فذلك قوله تعالى حم عسق اى عزمة من عزمات الله وفتنة حم اى قضى وقدر عدلا منه سيكون واقعا فى هاتين المدينتين ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البجلي رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول تبنى مدينتان بين دخلة ودجيل وقطربل والصراة يجتمع فيهما جبابرة الأرض يجبى إليهما الخزائن يخسف بهما وفى رواية باهلهما فلهما اسرع ذهابا فى الأرض من الوتد الحديد فى الأرض الرخوة قوله دخلة بالخاء المعجمة على وزن حمزة قرية كثيرة التمر ودجيل بالجيم كزبير شعب من دجلة نهر بغداد وقطربل بالضم وتشديد الباء الموحدة او بتخفيفها موضعان أحدهما بالعراق ينسب اليه الخمر والصراة بالفتح نهر بالعراق وقال الضحاك قضى عذاب سيكون واقعا وأرجو ان يكون قد مضى يوم بدر وذكر الثعلبي والقشيري أن النبي عليه السلام لما نزلت هذه الآية عرف الكآبة فى وجهه اى اثر الخزن والملالة فقيل يا رسول الله ما أحزنك قال أخبرت ببلايا تنزل بامتى من خسف ومسخ ونار تحشرهم وريح تقذفهم فى البحر وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى وخروج الدجال كفته اند حاحرفست وميم مهلكه وعين عذاب وسين مسخ وقاف قذف وثعلبى كويد ابن عباس رضى الله عنهما حم عسق خواندى وكفتى على رضى الله عنه فتنهارا باين دو لفظ دانست وروى عن على رضى عنه أنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف التي فى او آئل السور وقال شهر بن حوشب حم عسق حرب يذل فيها العزيز ويعز فيها الذليل من قريش ثم تفضى الى العرب الى العجم ثم هى متصلة الى خروج الدجال يقول الفقير الفتن المتصلة بخروج الدجال بعضها قد مضى وبعضها سيقع فيما بين المائتين بعد الالف دل عليه حم وهو ثمان وأربعون والعين وهو سبعون والسين وهو ستون والقاف وهو مائة لأنه
قد صح أن الدجال متأخر عن المهدى وان المهدى يخرج على رأس لمائة الثالثة او على اربعة ومائتين فيقع قبيل ظهور المهدى الطامات الكبرى وقال عطاء الحاء حرب وهو موت ذريع فى الناس وفى الحيوان حتى يبيدهم ويفنيهم والميم تحويل ملك من قوم الى قوم والعين عدو لقريش يقصدهم ثم ترجع إليهم الدولة لحرمة البيت والسين هو استئصال بالسنين كسنى يوسف عليه السلام وسبى يكون فيهم والقاف قدرة الله نافذة فى ملكوت الأرض لا يخرجون من قدرة الله وهى نافذة فيهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما الحاء حكم الله والميم ملك الله والعين علو الله والسين سنا الله والقاف قدرة الله اقسم الله بها فكأنه يقول فبحكمى وملكى وعلوى وسناى وقدرتى لا أعذب عبدا قال لا اله الا لله مخلصا فلقينى بها ومعناه على ما قال ابو الليث فى تفسيره لا يعذبه عذابا دائما خالدا وفى الحديث افتتحوا صبيانكم لا اله الا الله ولقنوا امواتكم لا اله الا الله والحكمة فى ذلك أن حال الصبيان حال حسن لا غل ولا غش فى قلوبهم وحال الموتى حال الاضطرار فاذا قلتم فى أول ما يجرى عليكم القلم وآخر ما يجف عليكم القلم فعسى الله ان يتجاوز ما بين ذلك ويقال الحاء من الرحمن والميم من المجيد والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر ويقال الحاء حلمه والميم مجده والعين عظمته والسين سناه والقاف قدرته ويقال ان القاف اسم لجبل يحيط بالدنيا در كشف اسرار آورده كه اين حروف ايمائيست بان عطايا كه حق سبحانه وتعالى بحضرت رسالت ارزانى داشت حاء حوض مورود اوست يعنى حوض كوثر كه تشنه لبان امت را از ان سيراب كردانند وميم ملك ممدود او كه از مشرق تا بمغرب بتصرف امت او درآيد وعين عز موجود او كه أعز همه اشيا نزد حق سبحانه بوده وسين سناء مشهود او كه مرتبه هيچكس برتبه رفعت او همه نرسيد وقاف مقام محمود او كه در شب معراج درجه او ادناست ودر روز قيامت شفاعت كبرى
مقام تو محمود ونامت محمد
…
بدين سان مقامى ونامى كه دارد
وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بحاء حبه وميم محبوبه محمد وعين عشقه على سيده وقاف قريه الى سيده بكمال لا يبلغه أحد من خلقه يقول الفقير الحاء هو الحجر الأسود والميم مقام ابراهيم والعين عين زمزم والسين والقاف سقياها فمن استلم الحجر الأسود سادسيادة معنوية ومن صلى خلف المقام أكرم الله بالخلة ومن دعا عند زمزم اجابه الله ومن شرب من زمزم سقاه الله شرابا طهورا لا يبقى فيه وجعا ولا مرضا كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الكاف فى حيز النصب على أنه مفعول ليوحى والجلالة قاعله اى مثل ما فى هذه السورة من المعاني يوحى الله العزيز الحكيم إليك فى سائر السور والى من قبلك من الرسل فى كتبهم على ان مناط المماثلة هو الدعوة الى التوحيد والإرشاد الى الحق وما فيه صلاح العباد فى المعاش والمعاد ويجوز ان يكون الكاف فى حيز النصب على انه نعت لمصدر مؤكد ليوحى اى مثل ايحاء هذه السورة يوحى الله العزيز الحكيم إليك عند ايحاء سائر السور والى سائر الرسل عند ايحاء كتبهم إليهم لا ايحاء مغايرا على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك وانما ذكر بلفظ المضارع مع أن مقتضى المقام ان يذكر بلفظ الماضي ضرورة ان الوحى الى الذين من قبله
قد مضى دلالة على استمرار الوحى وتجدده وقتا فوقتا وان ايحاء مثله عادته تعالى ويجوز ان يكون إيذانا ان الماضي والمستقبل بالنسبة اليه تعالى واحد كما فى الكواشي والعزيز الحكيم صفتان مقررتان لعلوشان الموحى به لأنه اثر من اتصف بكمال القدرة والعلم لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى ان الله تعالى يختص به جميع ما فى العوالم العلوية والسفلية خلقا وملكا وعلما وَهُوَ الْعَلِيُّ الشان الْعَظِيمُ الملك والقدرة والحكمة او هو العلى اى المرتفع عن مدارك العقول إذ ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وهو العظيم الذي يصغر عند ذكره وصف كل شىء سواه والعظيم من العباد الأنبياء والعلماء الوارثون لهم فالنبى عظيم فى حق أمته والشيخ عظيم فى حق مريده والأستاذ فى حق تلميذه وانما العظيم المطلق هو الله تعالى تَكادُ السَّماواتُ نزديك شد كه آسمانها يَتَفَطَّرْنَ التفطر شكافته شدن واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته وإجلاله كقوله تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله مِنْ فَوْقِهِنَّ اى يبتدىء التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن أعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر او لا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى أسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم تكاد السموات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الأرض إذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الأجسام ملتبسين بحمده تعالى يعنى تسبيح وحمد با هم ميكويند چهـ يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم أشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى ويسغفرون للذين آمنوا فالمطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعي فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والإلهام وترتيب الأسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى الحديث ما فيها موضع اربع أصابع الا وملك واضع جبهته ساجد الله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى أوائل حم المؤمن الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى
من عداهم فلعله من باب الترقي لان آية حم المؤمن مقيدة بحملة العرش واستغفار المؤمنين وهذه الآية مطلقة فى حق كل من الملائكة والاستغفار أَلا اعلموا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ يغفر ذنوب المقبلين الرَّحِيمُ يرحم بان يرزقهم جنته وقربه ووصاله وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبنى آدم مع كثرة عصيانهم والكفار الذين يرتكبون الشرك والذنوب العظام لا يقطع رزقهم ولا صحتهم ولا تمتعاتهم من الدنيا وان كان يريد ان يعذبهم فى الآخرة يقول الفقير ان الملائكة وان كانوا يستغفرون للمؤمنين فالمؤمنون يسلمون عليهم كما يقولون فى التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذ لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فالمنة لله تعالى على كل حال وفى الآية اشارة الى ان قوما من الجهلة يقولون على الله ما لا يعلمون ومن عظم افترائهم تكاد السموات تنشق من فوقهم لان الله تعالى البسها أنوار قدرته وأدخلها روح فعله حتى عقلت عبوديته صانعها وعرفت قدسه وطهارته عن قول الزائغين واشارة الملحدين والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى الباطلة ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبلغوا حقيقة عبوديته فانهم هم القابلون للاصلاح لاعترافهم بعجزهم وقصورهم دون المصرين المبتدعين
فاسد شده راز روزكار وارون
…
لا يمكن ان يصلحه العطارون
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ شركاه وأندادا واشركوهم معه فى العبادة اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ رقيب على أحوالهم وأعمالهم مطلع ليس بغافل فيجازيهم لا رقيب عليهم الا هو وحده ومعنى الحفيظ بالفارسية نكهبان وقال فى المفردات معناه محفوظ لا يضيع كقوله علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ بموكول اليه أمرهم حتى تسأل عنهم وتؤخذ بهم وانما وظيفتك الانذار وتبليغ الاحكام وفيه اشارة الى ان كل من عمل بمتابعة هواه وترك لله حدا او نقض له عهدا فهو متخذ الشياطين اولياء لانه يعمل باوامرهم وأفعاله موافقة لطباعهم الله حفيظ عليهم باعمال سرهم وعلانيتهم ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم وما أنت عليهم بوكيل لتمنعهم عن معاملاتهم فعلى العاقل أن لا يتخذ من دون الله اولياء بل يتفرد بمحبة الله وولايته كما قال تعالى قل الله ثم ذرهم حتى يتولاه فى جميع أموره وما أحوجه الى أحد سواه وقال الأستاذ ابو على الدقاق قدس سره ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث أعيت الأطباء فقالوا له فى ولايتك رجل صالح يسمى سهل ابن عبد الله لو دعالك لعل الله يستجيب له فاستحضره فقال ادع الله لى فقال كيف يستجاب دعائى فيك وفى حبسك مظلومون فاطلق كل من حبسه فقال سهل اللهم كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفى فعرض ما لا على سهل فأبى ان يقبله فقيل له لو قبلته ودفعته الى الفقراء فنظر الى الحصباء فى الصحراء فاذا هى جواهر فقال من يعطى مثل هذا يحتاج الى مال يعقوب بن الليث فالمعطى والمانع والضار والنافع هو الله الولي الوكيل الذي لا اله غيره
نقش او كردست ونقاش من اوست
…
غير اگر دعوى كند او ظلم جوست
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا ذلك اشارة الى مصدر أوحينا ومحل الكاف النصب
على المصدرية وقرءانا عربيا مفعول لأوحينا اى ومثل ذلك الإيحاء البديع البين المفهم أوحينا إليك ايحاء لا ليس فيه عليك وعلى قومك (وقال الكاشفى) وهمچنانكه وحي كرديم بهر پيغمبر بزبان قوم او ووحي كرديم بتو قرآنى بلغت عرب كه قوم تواند تا كه فهم حاصل شود لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى اى لتخوف اهل مكة بعذاب الله على تقدير إصرارهم على الكفر والعرب تسمى اصل كل شىء بالأم وسميت مكة أم القرى تشريفا لها وإجلالا لاشتمالها على البيت المعظم ومقام إبراهيم ولما روى من أن الأرض دحيت من تحتها فمحل القرى منها محل البنات من الأمهات وَمَنْ حَوْلَها من العرب وهذا اى التبيين بالعرب لا ينافى عموم رسالته لأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينافى حكم ما عداه وقيل من اهل الأرض كلها وبذلك فسره البغوي فقال قرى الأرض كلها وكذا القشيري حيث قال العالم محدق بالكعبة ومكة لأنهما سرة الأرض پس همه اهالى بلاد بر حوالى ويند قال فى التأويلات النجمية يشير الى إنذار نفسه الشريفة لانها أم قرى نفوس آدم وأولاده لأنه صلى الله
تعالى عليه وسلم هو الذي تعلقت القدرة بايجاده قبل كل شىء كما قال أول ما خلق الله روحى ومنه تنشأ الأرواح والنفوس ولهذا المعنى قال آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة فالمعنى كما يوحى إليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم لينذروا الأمم كذلك أوحينا قرءانا عربيا لتنذر نفسك الشريفة بالقرءان العربي لأن نفسك عربية ومن حولها من نفوس اهل العالم لأنها محدقة بنفسك الشريفة ولذلك قال تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وقال عليه السلام بعثت الى الخلق كافة
مه طلعتى كه بر قد قدرش بريده اند
…
ديباى قم فانذر وإستبرق دنا
وَتُنْذِرَ اهل مكة ومن حولها يَوْمَ الْجَمْعِ اى بيوم القيامة وما فيه من العذاب لأنه يجمع فيه الخلائق من الأولين والآخرين واهل السموات واهل الأرض والأرواح والأشباح والأعمال والعمال فالباء محذوف من اليوم كما قال لتنذر بأسا شديدا اى ببأس شديد كما قاله ابو الليث فيكون مفعولا به لا ظرفا كما فى كشف الاسرار وقد سبق غير ذلك فى حم المؤمن عند قوله تعالى لتنذر يوم التلاق لا رَيْبَ فِيهِ اعتراض لا محل له اى لا بد من مجيىء ذلك اليوم وليس بمرتاب فيه فى نفسه وذاته لانه لا بد من جزاء العاملين من المنذرين والمنذرين واهل الجنة واهل النار وارتياب الكفار فيه لا يعتد به او لا شك فى الجمع انه كائن ولا بد من تحققه فَرِيقٌ وهم المؤمنون فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ وهم الكافرون فِي السَّعِيرِ اى النار سميت بها لالتها بها وذلك بعد جمعهم فى الموقف لأنهم يجمعون فيه اولا ثم يفرقون بعد الحساب والتقدير منهم فريق على أن فريق مبتدأ حذف خبره وجاز الابتداء بالنكرة لأمرين تقديم خبرها وهو الجار والمجرور المحذوف ووصفها بقوله فى الجنة والضمير المجرور فى منهم للمجموعين لدلالة لفظ الجمع عليه فان المعنى يوم يجمع الخلائق فى موقف الحساب وفى التأويلات النجمية وتنذر يوم الجمع بين الأرواح والأجساد لا شك فى كونه وكما أنهم اليوم فريقان فريق فى جنة القلوب وراحات
الطاعات وحلاوات العبادات وتنعمات القربات وفريق فى سعير النفوس وظلمات المعاصي وعقوبات الشرك والجحود فكذلك غدا فريق هم اهل اللقاء فريق هم اهل الشقاء والبلاء وفى الحديث ان الله خلق للجنة خلقا وهم فى أصلاب آبائهم وعنه عليه السلام ان الله خلق الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء فاهل الجنة أهلها واهل النار أهلها وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفى يده كتابان وفى رواية خرج ذات يوم قابضا على كفيه ومعه كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا يا رسول الله فقال للذى فى يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين بأسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل ان يستقروا نطفا فى الأصلاب وقبل ان يستقروا نطفا فى الأرحام إذ هم فى الطينة منجدلون فليس بزآئد فيهم ولا بناقص منهم إجمال من الله عليهم الى يوم القيامة فقال عبد الله بن عمرو ففيم العمل إذا فقال اعملوا وسددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل اهل الجنة وان عمل اى عمل وان صاحب النار يختم له بعمل اهل النار وان عمل اى عمل ثم قال فريق فى الجنة وفريق فى السعير عدل من الله تعالى قوله سددوا وقاربوا اى اقصدوا السدادى الصواب ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم فى العبادة لئلا يفضى ذلك بكم الى الملال فتتركوا العمل كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي ونظيره قوله عليه السلام ان هذا الدين يسرو لن يشاد الدين أحد الا غلبه يعنى ان الدين يشتمل على اعمال سهلة فمن تكلف والتزم فى عبادات شاقة وتكلفات لربما لم يتيسر إقامتها عليه فتغلب عليه فالكسب طريق الجنة ولا بد منه وان علم أنه من اهل الجنة
كسب را همچون زراعت دان عمو
…
تا نكارى دخل نبود آن تو
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ اى فى الدنيا والضمير لجميع الناس المشار إليهم بالفريقين أُمَّةً واحِدَةً فريقا واحدا وجماعة واحدة مهتدين او ضالين وهو تفصيل لما أجمله ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله على دين واحد وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ ان يدخله فِي رَحْمَتِهِ وجنته ويدخل من يشاء ان يدخله فى عذابه ونقمه ولا ريب فى أن مشيئته تعالى لكل من الادخالين تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله ومن ضرورة اختلاف الرحمة والعذاب اختلاف حال الداخلين فيهما قطعا فلم يشأ جعل الكل امة واحدة بل جعلهم فريقين وَالظَّالِمُونَ اى المشركون ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ اى مالهم ولى ما يلى أمرهم ويغنيهم وينفعهم فمن مزيدة لاستغراق النفي وَلا نَصِيرٍ يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه وفيه إيذان بان الإدخال فى العذاب من جهة الداخلين بموجب سوء اختيارهم لا من جهته تعالى كما فى الإدخال فى الرحمة قال سعدى المفتى فى حواشيه لعل تغيير المقابل حيث لم يأت المقابل ويدخل من يشاء فى نقمته بل عدل الى ما فى النظم للمبالغة فى الوعيد فان فى نفى من يتولاهم وينصرهم فى دفع العذاب عنهم دلالة على ان كونهم فى العذاب امر معلوم مفروغ عنه وايضا فيه سلوك طريق وإذا مرضت فهو يشفين وايضا ذكر السبب الأصلي فى جانب الرحمة ليجتهدوا فى الشكر
والسبب الظاهري فى جانب النقمة ليرتدعوا عن الكفر وفى التأويلات النجمية ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة كالملائكة المقربين لا يعصون الله ما أمرهم الآية او جعلهم كالشياطين المبعدين المطرودين المتمردين ولكن الحكمة الالهية اقتضت ان يجعلهم مركبين من جوهر الملكي والشيطاني ليكونوا مختلفين بعضهم الغالب عليه الوصف الملكي مطيعا لله تعالى وبعضهم الغالب عليه الوصف الشيطاني متمردا على الله تعالى ليكونوا مظاهر صفات لطفه وقهره مستعدين لمرء آتية صفات جماله وجلاله متخلقين بأخلاقه وهذا سر قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها ومن هاهنا قالت الملائكة سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا ويدل على هذا التأويل قوله ولكن يدخل من يشاء فى رحمته اى ليكون مظهر صفات لطفه والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير اى ليكونوا مظاهر صفات قهره أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة وما فيها من بل للانتقال من بيان ما قبلها الى بيان ما بعدها والهمزة لانكار الوقوع ونفيه على ابلغ وجه وأكده لا لانكار الواقع واستقباحه كما قيل إذ المراد بيان أن ما فعلوا أليس من اتخاذ الأولياء فى شىء لأن ذلك فرع كون الأصنام اولياء وهو أظهر الممتنعات اى بل اتخذوا متجاوزين الله اولياء من الأصنام وغيرها لاف دوستى ايشان مى زند هيهات فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ جواب شرط محذوف كأنه قيل بعد ابطال ولاية ما اتخذوه اولياء ان أرادوا اولياء فى الحقيقة فالله هو الولي الذي يجب ان يتولى ويعتقد أنه المولى والسيد لاولى سواه وهو متولى الأمور من الخير والشر والنفع والضر (قال فى كشف الاسرار) الله اوست كه يار فرياد رس است قال سعد المفتى ولك ان تحمل الفاء على السببية الداخلة على السبب لكون ذكره مسببا عن ذكر السبب فانحصار الولي فى الله سبب لانكار اتخاذ الأولياء من دون الله كما يجوز ان يقال أتضرب زيدا فهو أخوك على معنى لا ينبغى ان تضربه فانه أخوك وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى اى من شأنه ذلك ليس فى السماء والأرض معبود يحيى الموتى غيره وهو قول ابراهيم عليه السلام ربى الذي يحيى ويميت ولما نزل العذاب بقوم يونس عليه السلام لجأوا الى عالم فيهم كان عنده من العلم شىء وكان يونس ذهب مغاضبا فقال لهم قولوا يا حى حين لا حى يا حى محيى الموتى يا حى لا اله الا أنت فقالوها فكشف عنهم العذاب يقول الفقير سره أن الله تعالى انما يرسل العذاب للاماتة والإهلاك وفى الحي والمحيي ما يدفع ذلك إذ لا تجتمع الحياة والموت فى محل واحد وفيه اشارة الى غلبة الرحمة والشفقة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فهو الحقيق بان يتخذ وليا فليتحصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شىء
اوست قادر بحكم كن فيكون
…
غير او جمله عاجزند وزبون
عجز را سوى قدرتش ره نيست
…
عقل ازين كارخانه آگه نيست
وفى التأويلات النجمية وهو يحيى الموتى اى النفوس والقلوب الميتة ويميت النفوس والقلوب اليوم وغدا وهو على كل شىء قدير من الإيجاد والاعدام وقال الواسطي رحمه الله يحيى القلوب بالتجلى ويميت الأنفس بالاستتار وقال سهل لا يحيى النفوس حتى تموت اى من أوصافها
وقال بعضهم فيه شكاية من المشغولين بغيره الباقين فى حجاب الوسائط يعرض نفسه بالجمال والحلال على المقصرين ليجذب بحسنه وجماله قلوبهم الى محبته وعشقه ويحييها بنور أنسه وسنا قدسه فلا بد للمرء من الاجتهاد والتضرع الى رب العباد ليصل الى المطلوب ويعانق المحبوب (قال فى المثنوى)
پيش يوسف نازش وخوبى مكن
…
جز نياز واه يعقوبى مكن
از بهاران كى شود سرسبز سنك
…
خاك شو با كل بروى رنك رنك
سالها تو سنك بودى دلخراش
…
آزمون را يك زمانى خاك باش
ففى هذا الفناء حياة عظيمة ألا ترى أن الأرض تموت عن نفسها وقت الخريف فيحييها الله تعالى وقت الربيع بما لا مزيد عليه وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ حكاية لقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للمؤمنين لقوله بعده ذلكم الله ربى إلخ اى ما خالفكم الكفار فيه من امور الدين فاختلفتم أنتم وهم فَحُكْمُهُ راجع إِلَى اللَّهِ وهو اثابة المحقين وعقاب المبطلين يوم الفصل والجزاء فعلى هذا لا يجوز ان يحمل على الاختلاف بين المجتهدين لأن الاجتهاد بحضرته عليه السلام لا يجوز وفى التأويلات النجمية يشير الى اختلاف العلماء فى شىء من الشرعيات والمعارف الالهية فالحكم فى ذلك الى كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام واجماع الامة وشواهد القياس او الى اهل الذكر كما قال تعالى فسئلوا اهل الذكران كنتم لا تعلمون ولا يرجعون الى العقول المشوبة بافة الوهم والخيال فان فيها للنفس والشيطان مدخلا بإلقاء الشبهات وادنى الشبهة فى التوحيد كفر وقد زلت أقدام جميع اهل الأهواء والبدع والفلاسفة عن الصراط المستقيم والدين القويم بهذه المزلة ذلِكُمُ الحاكم العظيم الشان وهو مبتدأ اللَّهِ خبر رَبِّي ومالكى لقب لله عَلَيْهِ خاصة لا على غيره تَوَكَّلْتُ فى كل أموري التي من جملتها رد كيد أعداء الدين وَإِلَيْهِ لا الى أحد سواه أُنِيبُ ارجع فى كل ما يعن لى من معضلات الأمور التي منها كفاية شرهم والنصر عليهم وحيث كان التوكل امرا وحدا مستمرا والانابة متعددة متجددة حسب تجدد موادها اوثر فى الاول صيغة الماضي وفى الثاني صيغة المضارع وفيه اشارة الى أنه إذا اشتغلت قلوبكم بحديث نفوسكم لا تدرون أبا لسعادة جرى حكمكم أم بالشقاوة مضى اسمكم فكلوا الأمر فيه الى الله واشتغلوا فى الوقت بامر الله دون التفكر فيما ليس لعقولكم سبيل الى معرفته وعلمه من عواقبكم فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر آخر لذلكم اى خالق الآفاق من العلويات والسفليات ويدخل فيه بطريق الاشارة الأرواح والنفوس جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ اى من جنسكم أَزْواجاً نساء وحلائل وبالفارسية چفتال وَمِنَ الْأَنْعامِ اى وجعل للانعام من جنسها أَزْواجاً او خلق لكم من الانعام أصنافا يعنى خلق كرد از چهار پايان صنفهاى كوناكون إكراما لكم لترتفقوا بها إذ يطلق الزوج على معنى الصنف كما فى قوله تعالى وكنتم أزواجا ثلثة او ذكورا وإناثا فانه يطلق على مجموع الزوجين وهو خلاف الفرد يَذْرَؤُكُمْ يكثركم ايها الناس والانعام من الذرء وهو البث قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثره ومنه
الذرية مثلثة لنسل الثقلين فِيهِ اى فى هذا التدبير وهو جعل الناس والانعام أزواجا يكون بينهم توالد فاجتير فيه على به مع أن التدبير ليس ظرفا للبث والتكثير بل هو سبب لهما لأن هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهما ففيه تغليبان تغليب المخاطب على الغائب حيث لم يقل يذرأكم واياهن لأن الانعام ذكرت بلفظ الغيبة وتغليب العقلاء على غيرهم حيث لم يقل يذرأها وإياكم فان كم مخصوص بالعقلاء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ المثل كناية عن الذات كما فى قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة فى نفيه عنه فانه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وهذا لا يتوقف على ان يتحقق مثل فى الخارج بل يكفى تقدير المثل ثم سلكت هذه الطريقة فى شأن من لا مثل له والشيء عبارة عن الموجود وهو اسم لجميع المكونات عرضا كان او جوهرا وعند سيبويه الشيء ما يصح ان يعلم ويخبر عنه موجودا او معدوما والمعنى ليس كذاته شىء من شأن من الشؤون التي من جملتها هذا التدبير البديع لأن ذاته لا يماثل ذات أحد بوجه من الوجوه ولا من جميع الوجوه لأن الأشياء كلها اما أجسام او اعراض تعالى ربنا عن ذلك ولا كاسمه اسم كما قال تعالى هل تعلم له سميا ولا كصفته صفة الا من جهة موافقة اللفظ ولمحال كل المحال ان تكون الذات القديمة مثلا للذات الحادثة وان يكون لها صفة حادثة كما استحال ان تكون للذات المحدثة صفة قديمة
ذات ترا صورت او پيوندند
…
تو بكس وكس بتو مانندند
جل المهيمن ان تدرى حقيقته
…
من لا له المثل لا تضرب له مثلا
(وفى المثنوى)
ذات او را در تصور كنج كو
…
تا در آيى در تصور مثل او
هذا ما عليه المحققون والمشهور عند القوم ان الكاف زائدة فى خبر ليس وشىء اسمها والتقدير ليس مثله شىء والا كان المعنى ليس مثل مثله شىء وهو محال قال بعضهم لعل من قال الكاف زائدة أراد أنه يعطى مغنى ليس مثله شىء غير انه آكد لما ذكر من انه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وقال بعضهم كلمة مثل هى الزائدة والتقدير ليس كهو شىء ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز فالوجه الرجوع الى طريق الكناية لأن القول بزيادة ما له فائدة جليلة وبلاغة مقبولة بعيد كل البعد قال فى بحر العلوم ومما يجب التنبه له ان المثل عبارة عن السماوات فى بعض الصفات لا فى جميعها كما زعم كثير من المحققين فانه سهو بدليل قول تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى الآية فانه ثبت مماثلته بالاشتراك والمساواة فى وصف البشرية فقط لا فى جميع الأوصاف كما لا يخفى للقطع بأن بينه وبينهم مخالفة بوجوه كثيرة من اختصاصه بالنبوة والرسالة والوحى الى غير ذلك ألا يرى ألى قوله يوحى الى كيف اثبت المخالفة بان خصصه بالايحاء اليه ذكرا فظهر أن ما ذكره الامام الغزالي رحمه الله من أن المثل عبارة عن المساوى فى جميع الصفات ليس كما ينبغى انتهى يقول الفقير انما جاء التخصيص من قبل قوله بشر كما فى قوله زيد مثل عمرو فى النحو والا فلو قال انا مثلكم لأفادت المماثلة فى جميع الصفات كما فى قوله زيد مثل عمرو اى من كل الوجوه قال الامام الراغب فى المفردات المثل عبارة عن المشابه لغيره فى معنى من المعاني اى معنى
كان وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال لما يشارك فى الجوهر فقط والشبه يقال فيما يشاركه فى القدر والمساحة فقط والمثل عام فى جميع ذلك ولهذا لما أراد الله سبحانه وتعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال تعالى ليس كمثله شىء انتهى وحيث ترى فى مرءاة القلب صورة او خطر بالخاطر مثال وركنت النفس الى كيفيته فليجزم بأن الله بخلافه إذ كل ذلك من سمات الحدوث لدخوله فى دائرة التحديد والتكييف اللازمين للمخلوقين المنزه عنهما الخالق ولقد اقسم سيد الطائفة الجنيد قدس سره بانه ما عرف الله الا الله وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم المثل ليس بزآئد عند اهل الحقيقة فان الهاء كناية عن الهوية الذاتية والمثل اشارة الى التجلي الإلهي والمعنى ليس كالتجلى الإلهي الذي هو أول التجليات شىء إذ هو محيط بكل التجليات الباقية المرتبة عليه قال الواسطي قدس سره امور التوحيد كلها خرجت من هذا الاية ليس كمثله شى لأنه ما عبر عن الحقيقة بشىء الا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة لأن الحق تعالى لا ينعت على أقداره لان كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ان يشرف عليه المخلوق (قال الشيخ سعدى)
نه بر اوج ذاتش برد مرغ وهم
…
نه در ذيل وصفش رسد دست فهم
توان در بلاغت بسحبان رسيد
…
كنه در نه بيچون سبحان رسيد
چهـ خاصان درين ره فرس رانده اند
…
بلا احصى از تك فرو مانده اند
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ المبالغ فى العلم بكل ما يسمع ويبصر قال الزروقى السميع الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلامه وغيره والبصير الذي يدرك كل موجود برؤيته والسمع والبصر صفتان من صفاته المنعوتة نابتتان له تعالى كما يليق بوصفه الكريم ورده بعضهم للعلم ولا يصح انتهى قال الغزالي رحمه الله السمع فى حقه عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات والبصر عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت والمبصرات وسمع العبد قاصر فانه يدرك ما قرب لا ما بعد بجارحة وربما بطل السمع بعظم الصوت وانما حظ العبد منه امر ان أحدهما ان يعلم أن الله سميع فيحفظ لسانه والثاني ان يعلم أن الله لم يخلق له السمع الا ليسمع كلامه وحديث رسوله فيستفيد به الهداية الى طريق الله فلا يستعمل سمعه الا فيه واستماع صوت الملاهي حرام وان سمع بغتة فلا اثم عليه والواجب عليه ان يجتهد حتى لا يسمع لأنه عليه السلام ادخل إصبعه فى اذنه كما فى البزازية وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر على وجه التهديد وبصر العبد قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب منه وحظه الديني أمران ان يعلم أنه خلق له البصر لينظر الى الآيات الآفاقية والانفسية وان يعلم أنه بمرأى من الله ومسمع اى بحيث يراه ويسمعه فمن قارف معصية وهو يعلم ان الله يراه فما اجسره واخسره ومن ظن أنه لا يراه فما اكفره قال فى كشف الاسرار ثم قال وهو السميع البصير لئلا يتوهم أنه لا صفات له كما لا مثل له فقد تضمنت الآية اثبات الصفة ونفى التشبيه والتوحيد كله بين هذين الحرفين اثبات صفة من غير تشبيه ونفى تشبيه من غير تعطيل فمن نزل عن الإثبات
وادعى اتقاء التشبيه وقع فى التعطيل ومن ارتقى عن الظاهر وادعى اتقاء التعطيل حصل على التشبيه واخطأ وجه الدليل وعلى الله قصد السبيل وفى التأويلات النجمية أن قوما وقعوا فى تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحد والنهاية والكون والمكان وأقبح قولا منهم من وصفه بالجوارح والآلات وقوم وصفوه بما هو تشبيه فى الصفات فظنوا أن بصره فى حدقة وسمعه فى عضو وقدرته فى يد الى غير ذلك وقوم قاسوا حكمه على حكم عباده فقالوا ما يكون من الحق قبيحا فمنه قبيح وما يكون من الخلق حسنا فمنه حسن فهؤلاء كلهم اصحاب التشبيه والحق تعالى مستحق التنزيه لا التشبيه محقق بالتحصيل دون التعطيل والتمثيل مستحق التوحيد دون التحديد موصوف بكمال الصفات مسلوب عن العيوب والنقصان لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الجواليقي فى كتابه المعرب المقليد المفتاح فارسى معرب لغة فى الاقليد والجمع مقاليد فالمقاليد المفاتيح وهى كناية عن الخزائن وقدرته عليها وحفظه لها وفيه مزيد دلالة على الاختصاص لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها الا من بيده مفاتيحها (وقال الكاشفى) كليدهاى آسمانها وزمينها يعنى مفاتيح رزق چهـ خزانه آسمان مطر است وكنجينه زمين نبات قال ابن عطاء مقاليد الأرزاق صحة التوكل ومقاليد القلوب صحة المعرفة بالله ومقاليد العلوم فى الجوع
ندارند تن پروران آگهى
…
كه پر معده باشد ز حكمت تهى
وقال بعضهم مقاليد سمواته ما فى قلوب ملائكته من احكام الغيوب ومقاليد ارضه ما أودع الحق صدور أوليائه من عجائب القلوب يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسع ويضيق إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مبالغ فى الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل على ما ينبغى ان يفعل عليه فلا يوسع الرزق الا إذا علم أن سعته خير للعبد وكذا التضييق وفى التأويلات النجمية له مفاتيح سموات القلوب وفيها خزآئن لطفه ورحمته وارض النفوس وفيها خزآئن قهره وعزته فكل قلب مخزن لنوع من الطافه فبعضها مخزن المعرفة وبعضها مخزن المحبة وبعضها مخزن الشوق وبعضها مخزن الارادة وغير ذلك من الأحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والانس والرضى وغير ذلك وكل نفس مخزن لنوع من أوصاف قهره فبعضها مخزن النكرة وبعضها مخزن الجحود وبعضها مخزن الإنكار وغير ذلك من الأخلاق الذميمة كالشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره والغضب والشهوة وغير ذلك وفائدة التعريف أن المقاليد له قطع أفكار العباد من الخلق اليه فى جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه فانه تعالى يوسع ويضيق رزق النفوس ورزق القلوب والخلق بمعزل عن هذا الوصف وفى الحديث لا اله الا الله مفتاح الجنة ولا شك أن الجنة جنتان جنة صورية هى دار النعيم وجنة معنوية هى القلب ومفتاح كليتهما هو التوحيد وهو بيد الله يعطيه من يشاء من عباده ويجعله من اهل النعيم مطلقا ثم ان الرزق الصوري هى المأكولات والمشروبات الحسية والرزق المعنوي هى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية فالاول داخل فى الآية بطريق العبارة والثاني بطريق الاشارة (وفى المثنوى)
فهم نان كردن نه حكمت اى رهى
…
زانكه حق كفتت كلو من رزقه
رزق حق حكمت بود در مرتبت
…
كان كلو كيرت نباشد عاقبت
اين دهان بستى دهانى باز شد
…
كه خورنده لقمهاى راز شد
كر ز شير ديو تن را وا برى
…
در فطام او بسى حكمت خورى
نسأل الله فيضه وعطاه بحق مصطفاه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ شرع بمعنى سن وجعل سنة وطريقا واضحا اى سن الله لكم يا امة محمد من التوحيد ودين الإسلام واصول الشرائع والاحكام وبالفارسية وراه روشن ساخت شمار از دين ما وَصَّى بِهِ نُوحاً التوصية وصيت كردن وفرمودن والوصية التقدم الى الغير بما يعمل به مقترنا يوعظه اى امر به نوحا امرا مؤكدا فان التوصية معربة عن تأكيد الأمر والاعتناء بشأن المأمور به قدم نوح عليه السلام لأنه أول أنبياء الشريعة فانه أول من اوحى اليه الحلال والحرام وأول من اوحى اليه تحريم الأمهات والأخوات والبنات وسائر ذوات المحارم فبقيت تلك الحرمة الى هذا الآن وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اى وشرع لكم الذي أوحينا الى محمد عليه السلام وتغيير التوصية الى الإيحاء فى جانب النبي صلى الله وسلم للتصريح برسالته القامع لانكار الكفرة والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال الاعتناء بايحائه وهو السر فى تقديمه على ما بعده مع تقدمه عليه زمانا وتقديم توصية نوح للمسارعة الى بيان كون المشروع لهم دينا قديما والتعبير بالأصل فى الموصولات وهو الذي للتعظيم وتوجيه الخطاب اليه عليه السلام بطريق التلوين للتشريف والتنبيه على أنه تعالى شرعه لهم على لسانه وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى وجه تخصيص هؤلاء الخمسة بالذكر انهم أكابر الأنبياء ومشاهيرهم من اولى العزم واصحاب الشرائع العظيمة والاتباع الكثيرة أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ محله النصب على أنه بدل من مفعول شرع والمعطوفين عليه او رفع على الاستئناف كأنه قيل وما ذلك المشروع المشترك بين هؤلاء الرسل فقيل هو اقامة الدين اى دين الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته والايمان بكتبه ورسله وباليوم الآخر وسائر ما يكون الرجل به مؤمنا والمراد بإقامته تعديل أركانه وحفظه من ان يقع فيه زيغ او المواظبة عليه والتشمر له وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ فى الدين الذي هو عبارة عن الأصول والخطاب متوجه الى أمته عليه السلام فهذه وصية لجميع العباد واعلم أن الأنبياء عليهم السلام مشتركون ومتفقون فى اصل الدين وجميعهم أقاموا الدين وقاموا بخدمته وداموا بالدعوة اليه ولم يتخلفوا فى ذلك وباعتبار هذا الاتفاق والاتحاد فى الأصول قال الله تعالى ان الدين عند الله الإسلام من غير تفرقة بين نبى ونبى ومختلفون فى الفروع والاحكام قال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وهذا لاختلاف الناشئ من اختلاف الأمم وتفاوت طبائعهم لا يقدح فى ذلك الاتفاق ثم امر عباده باقامة الدين والاجتماع عليه ونهاهم عن التفرق فيه فان يد الله ونصرته مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة البعيدة النافرة والمنفردة عن الجماعة اوصى حكيم أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصى فجمعها فقال لهم اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها فقال خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها
فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وكذا القائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامته ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان فى نفسه إذا اجتمع فى نفسه على اقامة الدين لم يغلبه شيطان من الانس والجن بما يوسوس به اليه مع مساعدة الايمان والملك بإقامته له قال على رضى الله عنه لا تتفرقوا فان الجماعة رحمة والفرقة عذاب وكونوا عباد الله إخوانا قال سهل الشرائع مختلفة وشريعة نوح هو الصبر على أذى المخالفين انتهى فعلى هذا فشريعة ابراهيم عليه السلام هو الانقياد والتسليم وشريعة موسى عليه السلام هو الاشتياق الى جمال الرب الكريم وشريعة عيسى عليه السلام هو الزهد والتجرد العظيم وشريعة نبينا عليه السلام هو الفقر الحقيقي المغبوط عند كل ذى قلب سليم كما قال اللهم أغنني بالافتقار إليك وهذه الشرائع الباطنة باقية ابدا ومن اصول الدين التوجه الى الله تعالى بالكلية فى صدق الطلب وتزكية النفس عن الصفات الذميمة وتصفية القلب عن تعلقات الكونين وتخلية الروح بالأخلاق الربانية ومراقبة السر لكشف الحقائق وشواهد الحق وكان نبينا عليه السلام قبل البعثة متعبدا فى الفروع بشرع من قبله مطلقا آدم وغيره وفى كلام الشيخ الأكبر قدس سره
الأطهر تعبده عليه السلام قبل نبوته كان بشريعة ابراهيم عليه السلام حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة ولم يكن على ما كان عليه قومه باتفاق الائمة واجماع الامة فالولى الكامل يجب عليه متابعة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يصير الى ارشاد الخلق (وفى المثنوى)
لوح محفوظست او را پيشوا
…
از چهـ محفوظست محفوظ از خطا
نى نجومست ونه رملست ونه خواب
…
وحي حق والله اعلم بالصواب
كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ اى عظم وشق عليهم ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يا محمد من التوحيد ورفض عبادة الأصنام واستبعدوه حيث قالوا أجعل الآلهة الها واحدا ان هذ الشيء عجاب وقال قتادة شهادة ان لا اله الا الله وحده ضاق بها إبليس وجنوده فابى الله الا ان يظهرها على من ناواها اى عاداها اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ قال الراغب جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وهو هنا مأخوذ من الجباية ونهى جلب الخراج وجمعه لمناسبة النهى عن التفرق فى الدين ولأن الاجتباء بمعنى الاصطفاء لا يتعدى بالى الا باعتبار تضمين معنى الضم والصرف والمعنى الله يجتلب الى ما تدعوهم اليه من يشاء ان يجتلبه اليه وهو من صرف اختياره الى ما دعى اليه وَيَهْدِي إِلَيْهِ بالإرشاد والتوفيق وامداد الألطاف مَنْ يُنِيبُ يقبل اليه ويجوز ان يكون الضمير لله فى كلا الموضعين فالمعنى الله يجمع الى جنابه على طريق الاصطفاء من يشاء من عباده بحسب استعداده ويهدى اليه بالعناية من ينيب واجتباء الله تعالى العبد تخصيصه إياه بفيض الهى يتحصل منه انواع من النعم بلا سعى من العبد وذلك للانبياء عليهم السلام ولبعض من يقاربهم من الصديقين والشهداء (قال الكاشفى) يعنى هر كه از همه اعراض كند وحق را خواهد
حق سبحانه راه راست بدو نمايد
نخست از طالبى از جمله بگذر رو بدو آور
…
كر آن حضرت ندا آرد كه اى سركشته راه اينك
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله الله يجتبى اليه الآية الى مقامى المجذوب والسالك فان المجذوب من الخواص اجتباه الله فى الأزل وسلكه فى سلك من يحبهم واصطنعه لنفسه وجذبه عن الدارين بجذبة توازى عمل الثقلين فى مقعد صدق عند مليك مقتدر والسالك من العوام الذين سلكهم فى سلك من يحبونه موفقين للهداية على قدمى الجهد والانابة الى سبيل الرشاد من طريق العناد انتهى والانابة نتيجة التوبة فاذا صحت التوبة حصلت الانابة الى الله تعالى قال بعض الكبار من جاهد فى اقامة الدين فى مقام الشريعة والطبيعة يهديه الله الى إقامته فى مقام الطريقة والنفس ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى إقامته فى مقام المعرفة والروح ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى إقامته فى مقام الحقيقة والسر ومن اقامه فى هذا المقام تم امره وكمل شأنه فى العلم والعرفان والذوق والوجدان والشهود والعيان واليه يشير قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فعليك بإتيان جميع القرب قدر الاستطاعة فى كل زمان وحال فان المؤمن لن تخلص له معصية ابدا من غير ان تخالطها طاعة لأنه مؤمن بها انها معصية فان أضاف الى هذا التخليط استغفارا وتوبة فطاعة على طاعة وقربة على قربة فيقوى جزاء الطاعة التي خالطها العمل السيّء وهو الايمان بانها معصية والايمان من أقوى القرب وأعظمها عند الله فانه الأساس الذي ابتنى عليه جميع القرب وقال تعالى فى الخبر الصحيح وان تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا وان تقرب الى ذراعا تقربت منه باعا وان أتاني يمشى أتيته هرولة وكان قربه تعالى من العبد ضعف قرب العبد منه وعلى كل حال لا يخلو المؤمن من الطاعة والقرب والعمل الصالح يمحو الخطايا فان العبد إذا رجع عن السيئة وأناب الى الله وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأعاد عليه نعمه الفائتة (عن ابراهيم بن أدهم قدس سره) بلغني أن رجلا من بنى إسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس إذ سقط فرخ من وكره وهو يتبصبص فأخذه ورده الى وكره فرحمه الله تعالى لذلك ورد عليه يده بما صنع والوكر بالفتح عش الطائر بالفارسية آشيان والتبصبص التملق وتحريك الذنب وفى الآية اشارة الى اهل الوحدة والرياء والسمعة فكما أن المشركين بالشرك الجلى يكبر عليهم امر التوحيد فكذا المشركون بالشرك الخفي يكبر عليهم امر الوحدة والإخلاص نسأل الله سبحانه ان يجذبنا اليه بجذبة عنايته ويشرفنا بخاص هدايته وَما تَفَرَّقُوا اى وما تفرق اليهود والنصارى فى الدين الذي دعوا اليه ولم يؤمنوا كما آمن بعضهم فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى إلا حال مجيىء العلم او الا وقت مجيىء العلم بحقية ما شاهدوا فى رسول الله والقرآن من دلائل الحقية حسبما وجدوه فى كتابهم او العلم بمبعثه بَغْياً بَيْنَهُمْ من بغى بمعنى طلب وحقيقة البغي الاستطالة بغير حق كما فى المفردات اى لابتغاء طلب الدنيا وطلب ملكها وسياستها وجاهها وشهرتها وللحمية الجاهلية لالأن لهم فى ذلك شبهة وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وهى العدة
بتأخير العقوبة إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى وقت معين معلوم عند الله هو يوم القيامة او آخر أعمار هم المقدرة لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ لأوقع القضاء بينهم باستئصالهم لاستيجاب جنايتهم لذلك قطعا وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ اى وان المشركين الذين أوتوا الكتاب اى القرآن من بعد ما اوتى اهل الكتاب كتابهم والا يراث فى الأصل ميراث دادن لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى من القرآن والشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما ومُرِيبٍ موقع فى القلق اى الاضطراب ولذلك لا يؤمنون الا لمحض البغي والمكابرة بعد ما علموا بحقيته كدأب اهل الكتابين والريبة قلق النفس واضطرابها ويسمى الشك بالريب لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة والظاهر أن شك مريب من باب جدجده اى وصف الشك بمريب بمعنى ذى ريب مبالغه فيه وفى القاموس اراب الأمر صار ذاريب فَلِذلِكَ اى فلاجل ما ذكر من التفرق والشك المريب او فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم القديم الحقيق بان يتنافس فيه المتنافسون فَادْعُ الناس كافة الى اقامة ذلك الدين والعمل بموجبه فان كلا من تفرقهم وكونهم فى شك مريب ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبب للدعوة اليه والأمر بها وليس المشار اليه ما ذكر من التوصية والأمر بالإقامة والنهى عن التفرق جتى يتوهم شائبة التكرار وفيه اشارة الى افتراق اهل الأهواء والبدع ثنتين وسبعين فرقة ودعوتهم الى صراط مستقيم السنة لابطال مذاهبهم وفى الحديث (من انتهر) اى منع بكلام غليظ (صاجب بدعة) سيئه مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل (ملأ الله قلبه أمنا وايمانا ومن أهان صاحب بدعة آمنه الله يوم القيامة من الفزع الأكبر) وهو حين الانصراف الى النار كما قال ابن السماك ان الخوف المنصرف للمتفرقين قطع نياط قلوب العارفين وقال فى البزازية روى ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فى الدين فكيف حال القاعد بعد الذكر مع القوم الظالمين وَاسْتَقِمْ عليه وعلى الدعوة اليه كَما أُمِرْتَ واوحى إليك من عند الله تعالى والمراد الثبات والدوام عليهما لأنه كان مستقيما فى هذا المعنى وفى الحديث شيبتنى هود وأخواتها فقيل له لم ذلك يا رسول الله فقال لأن فيها فاستقم كما أمرت وهذا الخطاب له عليه السلام بحسب قوته فى امر الله وقال هو لأمته بحسب ضعفهم استقيموا ولن تخصوا اى لن تطيقوا الاستقامة التي أمرت بها فحقيقة الاستقامة لا يطيقها الا الأنبياء وأكابر الأولياء لانها الخروج من المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الحق على حقيقة الصدق (قال الكاشفي) در تبيان آورده كه وليد مغيره بآن حضرت كفت از دين ودعوى كه دارى رجوع كن تا من نصفى از اموال خود بتو دهم وشيبه وعده كرده كه اگر بدين پدران بازآيى دختر خود در عقد تو ارم اين آيت نازل شد كه بر دعوت خود مقيم ودر دين وملت خود مستقيم باش وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ المختلفة الباطلة والضمير للمشركين وكانوا يهوون ان يعظم عليه السلام آلهتهم وغير ذلك وفى الخبر لكل شىء آفة وآفة الدين الهوى
هوا وهوس را نماند ستيز
…
چوبيند سرپچهـ عقل تيز
وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ اى كتاب كان من الكتب المنزلة لا كالذين آمنوا ببعض منها وكفروا ببعض وذلك فان كلمة ما من ألفاظ العموم وفيه اشارة الى وجوب الايمان بجميع الحقائق وان اختلف مظاهرها فان كلها الهام صحيح من الله تعالى وَأُمِرْتُ بذلك لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ بين شريفكم ووضيعكم فى تبليغ الشرائع والاحكام وفصل القضايا عند المحاكمة والمخاصمة الى فاللام على حقيقتها والمأمور به محذوف او زائدة والباء محذوفة اى أمرت بأن اعدل وأسوي بين شريفكم ووضيعكم فلا أخص البعض بامر او نهى قوله وقل آمنت إلخ تعليم من الله لاستكمال القوة النظرية وقوله وأمرت إلخ لاستكمال القوة العملية روى أن داود عليه السلام قال ثلاث خصال من كن فيه فهو الفائز القصد فى الغنى والفقر والعدل فى الرضى والغضب والخشية فى السر والعلانية وثلاث من كن فيه
أهلكته شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه واربع من أعطيهن فقد اعطى خير الدنيا والآخرة لسان ذاكر وقلب شاكر وبدن صابر وزوجة مؤمنة وفى التأويلات النجمية لأعدل بينكم اى لأسوى بين اهل الأهواء وبين اهل السنة بترك البدعة ولزوم الكتاب والسنة ليندفع الافتراق ويكون الاجتماع اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ اى خالقنا جميعا ومتولى أمورنا لا الأصنام والهوى لَنا أَعْمالُنا لا يتخطانا جزاؤها ثوابا كان او عقابا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا يجاوزكم آثارها لا نستفيد بحسناتكم ولا يتضرر بسيئاتكهم لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الحجة فى الأصل البرهان والدليل ثم يقال لا حجة بيننا وبينكم اى لا إيراد حجة بيننا ويراد به لا خصومة بيننا بناء على أن إيراد الحجة من الجانبين لازم للخصومة فيكنى بذكر اللازم عن الملزوم فالمعنى لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محمل سوى المكابرة وفيه اشارة الى أنه لا خصومة بالإهداء والمعصية اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا يوم القيامة وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ مرجع الكل لفصل القضاء فيظهر هناك حالنا وحالكم وليس فى الآية الا ما يدل على المتاركة فى المقاولة لا مطلقا حتى لا تكون منسوخة بآية القتال يعنى هذه الآية انما تدل على المتاركة القولية لحصول الاستغناء عن المحاجة القولية معهم لأنهم قد عرفوا صدقه من الحجج وانما كفروا عنادا وبعد ما ظهر الحق وصاروا محجوبين كيف يحتاج الى المحاجة القولية فلا يبقى بعد هذا الا السيف او الإسلام وقد قوتلوا بعد ذلك فعلى العبد قبول الحق بعد ظهوره والمشي خلف النصح بعد اضاءة نوره فان المصير الى الله والدنيا دار عبور وان الحضور فى الآخرة والدنيا دار التفرق والفتور فلا بد من التهيؤ للموت قال ابراهيم بن أدهم قدس سره لرجل فى الطواف اعلم انك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات أولاها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد والرابعة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر والخامسة تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر والسادسة تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت وانشدوا
ان لله عبادا فطنا
…
طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا
…
انها ليست لحى وطنا
جعلوها لجة واتخذوا
…
صالح الأعمال فيها سفنا
(وفى المثنوى)
ملك بر هم زن تو آدم وار زود
…
تا بيابى همچواو ملك خلود
اين جهان خود حبس جانهاى شماست
…
هين رويدان سو كه صحراى شماست
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ اى يخاصمون فى دينه نبيه وهو مبتدأ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ اى من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه لظهور حجته ووضوح محجته والتعبير عن ذلك بالاستجابة باعتبار دعوتهم اليه وفيه اشارة الى أنهم استجابوا له تعالى يوم الميثاق بقولهم بلى حين قال لهم الست بربكم ثم لما نزلوا من عالم الأرواح الى عالم الأجسام نسوا الإقرار والعهد فأخذوا فى المحاجة والإنكار بخلاف المؤمنين فانهم ثبتوا على التصديق والإقرار (قال الحافظ)
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد
…
دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود
حُجَّتُهُمْ متبدأ ثان داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ خبر الثاني والجملة خبر الاول اى زالة ز آئلة باطلة يعنى ناچيز ونابر جاى بل لا حجة لهم أصلا وانما عبر عن أباطيلهم بالحجة مجاراة معهم على زعمهم الباطل والمجاراة بالفارسية رفتن وبا كسى چيزى وا راندن وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ عظيم لمكابرتهم الحق بعد ظهوره وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ على كفرهم الشديد وضلالهم البعيد لا يعرف كنهه وهو عذاب النار يقول الفقير وجه الغضب والعذاب ان الدين الحق وما جاء به من القرآن سبب الرحمة والنعمة فاذا اعرضوا عنهما وجدوا عند الله الغضب والنقمة بدلهما نعوذ بالله من ذلك وهذا من نتائج أحوالهم وثمرات أعمالهم
ابرا كر آب زندكى بارد
…
هركز از شاخ بيد برنخورى
با فرومايه روزكار مبر
…
كزنى بور يا شكر نخورى
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ اى جنس الكتاب حال كونه ملتبسا بِالْحَقِّ فى أحكامه واخباره بعيدا من الباطل او بما يحق انزاله من العقائد والاحكام وَالْمِيزانَ اى وانزل الميزان اى الشرع الذي يوزن به الحقوق ويسوى بين الناس على ان يكون لفظ الميزان مستعارا للشرع تشبيها له بالميزان العرفي من حيث يوزن به الحقوق الواجبة الأداء سوآء كان من حقوق الله او من حقوق العباد او انزل نفس العدل والتسوية بان انزل الأمر به فى الكتب الالهية فيكون تسمية العدل بالميزان تسمية المسمى باسم آلته فان الميزان آلة العدل او انزل آلة الوزن والوزن معرفة قدر الشيء يعنى منزل كردانيد ترازو را كه موزونات رابان سنجد تا در باره خزنده وفروشنده ستم نرود فيكون المراد بالميزان معناه الأصلي وانزاله اما حقيقة لما روى أن جبرائيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح عليه السلام فقال له مرقومك يزنوا به وقيل نزل آدم عليه السلام بجميع آلات الصنائع واما مجاز عن إنزال الأمر به
واستعماله فى الإيفاء والاستيفاء ودر عين المعاني آورده كه مراد از ميزان حضرت بهتر كائنات محمد است صلى الله تعالى عليه وسلم قانون عدل بدل وتمهيد مى بايد ونزال وإرسال اوست وفى التأويلات النجمية يشير الى كتاب الايمان الذي كتب الله فى القلوب وميزان العقل يوزن به احكام الشرع والخير والشر والحسن والقبح فانهما قرينان متلازمان لا بد لاحد هما من الآخر وسماهما البصيرة فقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمى فعليها ففى انتفاء أحدهما انتفاء الآخر كما قال تعالى صم بكم عمى فهم لا يعقلون فنفى العقل والبصيرة بانتفاء الايمان وَما يُدْرِيكَ الإدراء بمعنى الاعلام اى اى شىء يجعلك داريا اى عالما بحال الساعة التي هى من العظم والشدة والخفاء بحيث لا يبلغه دراية أحد وانما يدرى ذلك بوحي منا وبالفارسية و چهـ چيز دانا كرد بر او چهـ دانى قال الراغب كل موضع ذكر فى القرآن وما ادراك فقد عقب ببيانه نحو وما ادراك ماهيه نار حامية وكل موضع ذكر فيه وما يدريك لم يعقبه بذلك نحو وما يدريك لعل الساعة قريب لَعَلَّ السَّاعَةَ التي يخبر بمجيئها الكتاب الناطق بالحق قَرِيبٌ اى شىء قريب او قريب مجيئها والا فالفعيل بمعنى الفاعل لا يستوى فيه المذكر والمؤنث عند سيبويه فكان الظاهر ان يقال قريبة لكونه مسند الى ضمير الساعة الا أنه قد ذكر لكونه صفة جارية على غير من هى له وقيل القريب بمعنى ذات قرب على معنى النسب وان كان على صورة اسم الفاعل كلا بن وتامر بمعنى ذو لبن وذو تمر اى لبنى وتمرى لا على معنى الحدث كالفعل فلما لم يكن فى معنى الفعل حقيقة لم يلحقه تاء التأنيث او الساعة بمعنى البعث تسمية باسم ما حل فيه وقال الزمخشري لعل مجيىء الساعة قريب بتقدير المضاف والمعنى أن القيامة على جناح الإتيان فاتبع الكتاب يا محمد واعمل به وواظب على العدل قبل ان يفاجئك اليوم الذي يوزن فيه الأعمال ويوفى جزاؤها امام زاهدى فرموده كه لعل براى تحقيق است يعنى البتة ساعتى كه بدان قيامت قائم شود نزديكست وفيه زجرهم عن طول الأمل وتنبيههم على انتظار الاجل وهجومه نبهنا الله تعالى وإياكم أجمعين آمين يَسْتَعْجِلُ بِهَا شتاب ميكنند بساعت يعنى بامد او الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها استعجال انكار واستهزاء ولا يشفقون منها ويقولون متى هى ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق اهو الذي نحن عليه أم الذي عليه محمد وأصحابه فانهم لما لم يؤمنوا بها لم يخافوا ما فيها فهم يطلبون وقوعها استبعادا لقيامها والعجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَالَّذِينَ آمَنُوا بها مُشْفِقُونَ مِنْها خائفون منها مع اعتنائها لتوقع الثواب فان المؤمنين يكونون ابدا بين الخوف والرجاء فلا يستعجلون بها يعنى ترسانند از قيامت چهـ ميدانند كه خداى تعالى با ايشان چهـ كند ومحاسبه ومجازات بر چهـ وجه بود فالآية من الاحتباك ذكر الاستعجال اولا دليلا على حذف ضده ثانيا والإشفاق ثانيا دليلا على حذف ضده اولا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ اى الكائن لا محالة وفيه اشارة الى ان المؤمنين لا يتمنون الموت خوف الابتلاء بما بعده فيستعدون له وإذا ورد لم يكرهوه وذلك ان الموت لا يتمناه الا جاهل او مشتاق أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يجادلون فيها وينكرون مجيئها عنادا
من المرية فمعناه فى الأصل تداخلهم المرية والشك فيؤدى ذلك الى المجادلة ففسر المماراة بلازمها قال الراغب المرية التردد فى الأمر وهوا خص من الشك والمماراة المحاجة فيما فيه مرية انتهى ويجوز ان يكون من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة الحلب فيكون تفسيره بيجادلون حملا له على الاستعارة التبعية بأن شبه المجادلة بمماراة الحالب للضرع لاستخراج ما فيه من اللبن من حيث أن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عن الحق فان البعث أشبه الغائبات بالمحسوسات لأنه كاحياء الأرض بعد موتها فمن لم يهتد الى تجويزه فهو من الاهتداء الى ما وراءه ابعد وابعد وصف الضلال بالبعد من المجاز العقلي لأن العبد فى الحقيقة للضال لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق فوصف به فعله ويحتمل ان يكون المعنى فى ضلال ذى بعد او فيه بعد لأن الضال قد يضل عن الطريق مكانا قريبا وبعيدا وفى التأويلات النجمية لفى ضلال بعيد لأنه ازلى وفى الآية امور الاول ذم الاستعجال ولذا قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة متواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل التوبة إذا أذنب والثاني الايمان والتصديق فانه الأصل وذلك بجميع ما يكون به المرء مؤمنا خصوصا الساعة وكذا الاستعداد لها بالأعمال الصالحات روى أن رجلا من الاعراب قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعة فقال عليه السلام وما اعددت لها قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله فقال أنت مع من أحببت ولا شك أن من أحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحب الاقتداء به فى جميع الأحوال فاذا كان محبا لرسول الله والاقتداء به كان رسول الله محبا له كما قال عليه السلام متى ألقى احبائى فقال أصحابه بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله او لسنا احباءك فقال أنتم أصحابي احبائى قوم لم يرونى وآمنوا بي انا إليهم بالاشواق وخصهم بالاخوة فى الحديث الآخر فقال أصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال لا أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ويرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم قالوا بل منهم يا رسول الله قال بل منكم رددها ثلاثا ثم قال لأنكم تجدون على الخير أعوانا والثالث مدح العلم لكن إذا قرن بالخوف والخشية والعمل كان امدح فان العلم ليس جالبا للسودد الا من حيث طرده الجهل فلا تعجب بعلمك فان فرعون علم بنبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا بنبوة محمد وحرموا التوفيق للايمان والرابع ذم الشك والتردد فلا بد من اليقين الصريح بل من العيان الصحيح كما قال على كرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
حال خلد وجحيم دانستم
…
بيقين آنچنانكه مى بايد
كر حجاب از ميانه بركيرند
…
آن يقين ذره نيفزايد
والخامس ان السعادة والشقاوة از ليتان وانما يشقى السعيد لكون سعادته عارضة وانما يسعدا لشقى لكون شقاوته عارضة فكل يرجع الى أصله فنسأل الله الهدى ونعوذ به من الهوى اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ اى بر بليغ البر بهم يفيض عليهم من فنون الطافه ما لا يكاد يناله أيدي الافكار والظنون قوله من فنون الطافه يؤخذ ذلك من صيغة لطيف فانها للمبالغة وتنكيره ايضا
وقوله ما لا يكاد إلخ مأخذه مادة الكلمة فان اللطف إيصال نفع فيه دقة يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ أن يرزقه كيفما يشاء فيخص كلا من عباده الذين عمهم جنس لطفه بنوع من البر على ما تقتضية مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا مخالفة بين عموم الجنس وخصوص النوع يعنى أن المخصوص بمن يشاء هو نوع البر وصنفه وذلك لا ينافى عموم جنس بره بجميع عباده على ما أفادته اضافة العباد الى ضميره تعالى حتى يلزم التناقص بين الكلامين فالله تعالى يبرهم جميعا لا بمعنى ان جميع انواع البر واصنافه يصل الى كل أحد فانه مخالف للحكمة الالهية إذ لا يبقى الفرق حينئذ بين الا على والأدنى بل يصل بره إليهم على سبيل التوزيع بان يخص أحد بنعمة وآخر بأخرى فيرجع بذلك كل واحد منهم الى الآخر فيما عنده من النعمة فينتظم به أحوالهم ويتم اسباب معاشهم وصلاح دنياهم وعمارتها فيؤدى ذلك الى فراغهم لاكتساب سعادة الآخرة وقال بعضهم يرزق من يشاء بغير حساب إذا الآيات القرآنية يفسر بعضها بعضا وَهُوَ الْقَوِيُّ الباهر القدرة الغالب على كل شىء وهو يناسب عموم لطفه للعباد والقوة فى الأصل صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف ولما كانت محالا فى حق الله تعالى حملت على القدرة لكونها مسببة عن القوة الْعَزِيزُ المنيع الذي لا يغلب وهو يلائم تخصيص من يشاء بما يشاء قال بعض الكبار لطفه بعباده لطف الجذبة للوصلة وايضا لطيف بعباده بأن جعلهم عباده لا عباد الدنيا ولا عباد النفس والهوى والشيطان خاطب العابدين بقوله لطيف بعباده اى يعلم غوامض أحوالكم من دقيق الرياء والتصنع لئلا يعجبوا بأحوالهم وأعمالهم وخاطب العصاة بقوله لطيف لئلا ييأسوا من إحسانه وخاطب الفقراء بقوله لطيف اى انه محسن بكم لا يقتلكم جوعا فانه محسن بالكافرين فكيف بالمؤمنين
أديم زمين سفره عام اوست
…
برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وخاطب الأغنياء بقوله لطيف ليعلمو أنه يعلم دقائق معاملاتهم فى جميع المال من غير وجه بنوع تأويل ومن لطفه بعباده انه جعلهم مظهر صفات لطفه ومن لطفه بعباده انه عرفهم انه لطيف ولولا لطفه ما عرفوه ومن لطفه بعباده انه زين أسرارهم بانوار العرفان وكاشفهم بالعين والعيان در فصول آورده كه لطيف چند معنى دارد أول مهربان امام قشيرى فرموده كه لطف اوست كه بيشتر از كفايت بدهد وكمتر از قوت كار فرمايد دوم تو از نده وكذا نوازندكى سوم پوشيده كار كسى بر قضا وقدر او راه نبرد ودركاه او چهـ و چون دخل ندارد
كسى ز چون و چرا دم نمى تواند زد
…
كه نقش كار حوادث وراى چون و چراست
چرا مكو كه چرا دست بسته قدرست
…
ز چون ملاف كه چون تير پايمال قضاست
در موضح آورده كه لطيف آنست كه عوامض امور را بعلم داند وجرائم مجهور را بحلم كذراند در كشف الاسرار آورده كه لطيف آنست كه نعمت بقدر خود داد وشكر بقدر بنده خواست وقال بعضهم اللطيف الذي ينسى العباد ذنوبهم فى الآخرة لئلا يتشوشوا وقال ابو سعيد الخراز قدس سره الله لطيف بعباده موجود فى الظاهر والباطن والأشياء كلها موجودة
به لكن يوجد ذكره فى قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره اليه وقال جعفر الصادق رضى الله عنه لطفه فى الرزق الحلال وتقسيمه على الأحوال يعنى انه رزقك من الطيبات ولم يدفعه إليك مرة واحدة وقال على بن موسى رضى الله عنه هو تضعيف الاجر وقال الجنيد قدس سره هو الذي لطف باوليائه فعرفوه ولو لطف بأعدائه ما جحدوه وقيل هو الذي ينشر المناقب ويستر المثالب وقال بعضهم لطف وى بود از تو طاعات موقت خواست ومثوبات مؤبد داد خدايرا لطف است وهم قهر بلطف او كعبه ومسجدها را بنا كردند وبقهر او كليساها وبتكدها برآوردند پس بعضى بطريق لطف سلوك ميكند بسبب توفيق وبعضى بطريق قهر ميرود بمقتضاى خذلان مؤذنى بود چندين سال بانك نماز كفته روزى بر مناره رفت ديده وى بر زنى ترسا افتاد تعشق كرد چون از مناره فرو آمد بدر سرايش رفت قصه با وى بكفت آن زن كفت اگر دعوى راستست ودر عشق صادقى موافقت شرطست زنار بر ميان بايد بست آن بدبخت بطمع آن زن زنار ترسايى بربست وخمر خورد و چون مست گشت قصد آن زن كرد زن بگريخت ودر خانه شد آن بدبخت بر بام رفت تا بحيلتى خويشتن را در ان خانه افكند بخذلان ازلى از بام درفتاد وبترسايى هلاك شد چندين سال مؤذنى كرد در شرائع اسلام ورزيد وبعاقبت بترسايى هلاك شد وبمقصود نرسد (قال الحافظ)
حكم مستورى ومستى همه بر خاتمتست
…
كس نداست كه آخر بچهـ حالت برود
وقال الامام الغزالي رحمه الله اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى العلم والإدراك ثم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا الله وحده ومن لطفه خلقه الجنين فى بطن امه فى ظلمات ثلاث وحفظه فيها وتغديته بواسطة السرة الى ان ينفصل فيستقل بالتناول للغذاء بالفم ثم الهامه إياه عند الانفصال التقام الثدي وامتصاصه ولو فى ظلمات الليل من غير تعليم ومشاهدة بل تتفتق البيضة عن الفرخ وقد ألهمه التقاط الحب فى الحال ثم تأخير خلق السن من أول الخلقة الى وقت انباته للاستغناء باللبن عن السن ثم انباته السن بعد ذلك عند الحاجة الى طحن الطعام ثم تقسيم الأسنان الى عريضة للطحن والى أنياب للكسر والى ثنايا حادة الأطراف للقطع ثم استعمال اللسان الذي الغرض الا ظهر منه النطق ورد الطعام الى المطحن كالمجرفة فيكون الإنسان فى زمرة الجمادات وأول نعمة عليه أن الله تعالى كرمه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم عظم شأنه فنقله من عالم النبات الى عالم الحيوان فجعله حساسا متحركا بالارادة ثم نقله الى عالم الإنسان فجعله ناطقا وهى نعمه اخرى أعظم مما سبق ومن لطفه أنه يسر لهم الوصول الى سعادة الابد بسعى خفيف فى مدة قصيرة وهو العمر القليل ومن لطفه إخراج اللبن الصافي من بين فرث ودم وإخراج الجواهر النفيسة من الأحجار الصلبة وإخراج العسل من النحل والا بريسم من الدود والدر من الصدف الى غير ذلك وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله والتلطف بهم فى الدعوة الى الله والهداية الى سعادة الآخرة من غير ازراء وعنف ومن غير
تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فانها أوقع والطف من الألفاظ المزينة ولذلك قال عليه السلام صلوا كما رأ يتمونى أصلي ولم يقل صلوا كما قلت لكم لأن الفعل أرجح فى نفس المقتدى من القول (وفى المثنوى)
پند فعلى خلق را جذاب تر
…
كه رسد در جان هر با گوش كر
ثم أن الأرزاق صورية ومعنوية فالصورية ظاهرة والمعنوية هى علم التوحيد والمعارف الالهية التي تتغذى بها الأرواح يقال غذآء الطبيعة الاكل والشرب وغذآء النفس التكلم بما لا يعنى وغذآء القلب الفكر وغذآء الروح علم التوحيد من حيث الافعال والصفات والذات وسائر المعارف الالهية مما لا نهاية لها والمنظر الإلهي فى الوجود الإنساني هو القلب فاذا صلح هو بالتوحيد والذكر ونور الايمان والعرفان صلح سائر الأحوال ومن الله البر واللطف والإحسان والنوال والإفضال مَنْ هر كه كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ الحرث فى الأصل إلقاء البذر فى الأرض يطلق على الزرع الحاصل منه ويستعمل فى ثمرات الأعمال ونتائجها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة من البذور المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور من حيث انها فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة والمعنى من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ تضاعف له ثوابه بالواحد عشرة الى سبعمائة فما موقها (قال الكاشفى) چنانكه كشت دانه مى افزايد تا يكى از ان بسيار ميشود همچنين عمل مؤمن روز بروز افزونى ميكيرد تا حدى كه يك ذره برابر كوه أحد ميشود ولم يقل فى حقه وله فى الدنيا نصيب مع أن الرزق المقسوم له يصل اليه لا محالة للاستهانة بذلك والاشعار بأنه فى جنب ثواب الآخرة ليس بشىء ولذلك قال سليمان عليه السلام لتسبيحة خير من ملك سليمان كفته اند كه بر سليمان عليه السلام مال وملك وعلم عرضه كردند كه زين سه يكى اختيار كن سليمان علم اختيار كرد مال وملك فرا فرود نداد
دنيا طلبى بهره دنيات دهند
…
عقبى طلبى هر دو بيك جات دهند
فان قيل ظاهر اللفظ يدل على أن من صلى لاجل طلب الثواب او لاجل دفع العقاب فانه تصح صلاته واجمعوا على انها لا تصح لأن الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد لأنه يكون عليلا مريضا والجواب أن الحرث لا يتأتى الا بإلقاء البذر الصحيح فى الأرض والبذر الصحيح الجامع للخيرات والسعادات ليس الا عبودية الله تعالى فلا يكون العمل أخرويا الا بان يطلب فيه رضى الله وَمَنْ كانَ يُرِيدُ بأعماله حَرْثَ الدُّنْيا وهو متاعها وطيباتها والمراد الكافر أو المنافق حيث كانوا مع المؤمنين فى المغازي وغرضهم الغنيمة ودخل فيه اصحاب الأغراض الفاسدة جميعا نُؤْتِهِ مِنْها اى شيأ منها حسبما قسمنا له لا ما لا يريده ويبتغيه فمنها متعلق بكائنا المحذوف الواقع صفة للمفعول الثاني ويجوز أن يكون كلمة من للتبعيض اى بعضها ومآل المعنى واحد دلت الآية على أن طالب الدنيا لا ينال مراده
من الدنيا وفى الحديث من كانت نيته الاخرة جمع الله شمله وجعل غناه فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه امره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما كتب الله له وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ من مزيدة للاستغراق اى ما له نصيب ما فى الاخرة إذ كانت همته مقصورة على الدنيا ولكل امرئ مانوى فيكون محروما من ثواب الاخرة بالكلية وقال الامام الراغب ان الإنسان فى دنياه حارث وعمله حرثه ودنياه محرثه ووقت الموت وقت حصاده والآخرة بيدره ولا يحصد الا ما زرعه ولا يكيل الا ما حصده (حكى) أن رجلا ببلخ امر عبده ان يزرع حنطة فزرع شعيرا فرآه وقت الحصاد وسأله فقال العبد زرعت شعيرا على ظن أن ينبت حنطة فقال مولاه يا أحمق هل رأيت أحدا زرع شعيرا فحصد حنطة فقال العبد فكيف تعصى أنت وترجو رحمته وتغتر بالأماني ولا تعمل العمل الصالح
از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست
…
زاد راهى بر نميدارى ازين منزل چرا
وكما ان فى البيد
رمكيا لا وموازين وأمناء وحفاظا وشهودا كذلك فى الآخرة مثل ذلك وكما أن للبيدر تذرية وتمييزا بين النقاوة والحطام كذلك فى الآخرة تمييز بين الحسنى والآثام فمن عمل لآخرته بورك له فى كيله ووزنه وجعل له منه زادا للابد ومن عمل لدنياه خاب سعيه وبطل عمله فاعمال الدنيا كشجرة الخلاف بل كالدفلى والحنظل فى الربيع يرى غض الأوراق حتى إذا جاء حين الحصاد لم ينل طائلا وإذا حضر مجتناه فى البيدر لم يفد نائلا ومثل اعمال الاخرة كشجرة الكرم والنخل المستقبح المنظر فى الشتاء فاذا حان وقت القطاف والاجتناء افادتك زادا وادخرت عدة وعتادا ولما كانت زهرات الدنيا رائقة الظاهر خبيثة الباطن نهى الله تعالى عن الاغترار بها فقال ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى فالقذر قذر وان كان فى ظرف من الذهب فالعاقل لا يتناوله وفى التأويلات النجمية من كان يريد حرث الآخرة بجهده وسعيه نزد له فى حرثه بهدايتنا وتوفيق مزيد طاعتنا وصفاء الأحوال فى المعارف بعنايتنا اليوم ونزيده فى الآخرة قربة ومكانة ورفعة فى الدرجات وشفاعة الأصدقاء والقرابات ومن كان يريد حرث الدنيا مكتفيا به نؤته منها اى من آفات حب الدنيا من عمى القلب وبكمه وصممه وسفهه والحجب التي تتولد منها الأخلاق الذميمة النفسانية والأوصاف الرديئة الشيطانية والصفات السبعية والبهيمية الحيوانية وماله فى الآخرة من نصيب اى فى الأوصاف الروحانية والأخلاق الربانية وفى عرائس البيان حرث الآخرة مشاهدته ووصاله وقربه وهذا للعارفين وحرث الدنيا الكرامات الظاهرة ومن شغلته الكرامات احتجب بها عن الحق وما يريد من حرث الدنيا فهو معرفة الله ومحبته وخدمته والا فلا يزن الكون عند اهل المعرفة ذرة قال بعضهم فى هذه الآية من عمل لله محبة له لا طلبا للجزاء صغر عنده كل شىء دون الله ولا يطلب حرث الدنيا ولا حرث الآخرة بل يطلب الله عن الدنيا والآخرة وقال سهل حرث الدنيا القناعة وحرث الآخرة الرضى وقال ايضا حرث الآخرة القناعة فى الدنيا والمغفرة فى الآخرة والرضى من الله فى كل الأحوال وحرث الدنيا قضاء الوطر منها والجمع منها والافتخار بها ومن كان بهذه الصفة فما له فى الاخرة من نصيب قال
الشيخ العطار قدس سره
همچوطفلان منكر اندر سرخ وزرد
…
چون زنان مغرور رنك وبو مكرد
فالدنيا امرأة عجوز ومن افتخر بزينتها وزخار فها فهو فى حكم المرأة فعلى العاقل تحصيل الجاه الا خروى بالأعمال الصالحة الباقية فان الدنيا وما فيها بأسرها زائلة فانية كما قال لبيد
ألا كل شىء ما خلا الله باطل
…
وكل نعيم لا محالة زائل
والمراد نعيم الدنيا أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة قيل للاضطراب عن قوله شرع لكم من الدين والهمزة للتقرير والتحقيق وشركاؤهم شياطينهم من الانس والجن والضمير للمشركين من قريش والاضافة على حقيقتها والمعنى بل لهم شركاء من الشياطين اى نظراء يشاركونهم فى الكفر والعصيان ويعاونونهم عليه بالتزيين والإغراء شَرَعُوا لَهُمْ بالتسويل وبالفارسية نهاده اند براى ايشان يعنى بياراسته اند در دل ايشان مِنَ الدِّينِ الفاسد ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ كالشرك وانكار البعث والعمل للدنيا وسائر مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة لأنهم لا يعلمون غيرها وتعالى الله عن الاذن فى مثل هذا والأمر به والدين للمشاكلة لأنه ذكر فى مقابلة دين الله او للتهكم وقيل شركاؤهم أوثانهم فالهمزة للانكار فان الجماد الذي لا يعقل شيأ كيف يصح ان يشرع دينا والحال أن الله تعالى لم يشرع لهم ذلك الدين الباطل واضافتها إليهم لأنهم الذين جعلوها شركاء لله واسناد الشرع إليها مع كونها بمعزل عن الفاعلية اسناد مجازى من قبيل اسناد الفعل الى السبب لأنها سبب ضلالتهم وافتنانهم كقوله تعالى انهم اضللن كثيرا من الناس وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ اى القضاء السابق بتأخير العذاب او العدة بان الفصل يكون يوم القيامة والفصل القضاء بين الحق والباطل كما فى القاموس ويوم الفصل اليوم الذي فيه يبين الحق من الباطل ولفصل بين الناس بالحكم كما فى المفردات لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ حكم كرده شده بودى ميان كافران ومؤمنان يا ميان مشركان وشركاء وهر يك جزا بسزا يافته بودندى اما وعده فصل ميان ايشان در قيامتست وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فى الآخرة اى نوع من العذاب متفاقم ألمه وبالفارسية عذابى درو نان دائم وبى انقطاع بود واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم ودلالة على ان العذاب الأليم الذي لا يكتنه كنهه انما يلحقهم بسبب ظلمهم وانهما كهم فيه وفى الآية إشارات منها ان كفار النفوس شرعوا عند استيلائهم على الدين بالهوى للارواح والقلوب ما لم يرض به الله من مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة كاهل الحرب شرعوا لا سارى المسلمين عند استيلائهم عليهم ما ليس فى دينهم من أكل لحم الخنزير وشرب الخمر وعقد الزنار ونحوها فلا بد من التوجه الى الله ليندفع الشر وينعكس الأمر (روى) ان سالم بن عوف رضى الله عنه اسره العدو فشكاه أبوه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام اتق الله واكثر قول لا حول ولا قوة الا بالله ففعل فجاء ابنه ومعه مائة من الإبل (قال الحافظ)
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد
…
كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند
ومنها أن الله تعالى لم يقض بين الخلق بالتكاليف والمجاهدات قبل البلوغ لضعف البشرية وثقل حمل الشريعة واخر بحكمته تكاليف الشرع تربية للقالب ليحصل القوة لقمع الطبع (قال الصائب)
تا چهـ آيد روشن است از دست اين يك قطعه خاك
…
چرخ نتوانست كردن زه كمان عشق را
ومنها أن من ظلم نفسه بمتابعة الهوى فله عذاب اليم بعد البلوغ من الفطام عن المألوفات الطبيعية بالاحكام الشرعية وهذا العذاب للنفس والطبيعة رحمة عظيمة للقلب والروح ولذا من قال هذه الطاعات جعلها الله عذابا علينا من غير تأويل كفر فان أول مراده بالتعب لا يكفر ولو قال لو لم يفرض الله لكان خيرا لنا بلا تأويل كفر لأن الخير فيما اختاره الله الا ان يؤول ويريد بالخير الا هون والا سهل وفى القصيدة البردية
وراعها وهى فى الأعمال سائمة
…
وان هى استحلت المرعى فلا تسم
اى راع النفس فى اشتغالها بالأعمال عما هو مفسد ومنقص للكمال من الرياء والعجب والغفلة والضلال وان عدت النفس بعض التطوعات حلوا واعتادت به والفت فاجتهد فى ان تقطع نفسك عنها واشتغل بما هو أشق عليها لأن اعتبار العبادة انما هو بامتيازها عن العادة وانما ترتفع الكلفة مطلقا عن العارفين
كم حسنت لذة للمرء قاتلة
…
من حيث لم يدران السم فى الدسم
يعنى كثيرا من المرات زينت النفس لذة للمرء من اللذات قاتلة للمرء كالدسم والمرء لا يدرى أن السم فى الدسم لا سيما إذا كان المرء من اهل المحبة والوداد فهلاكه فى لذة الطعام وطيب الرقاد ومن الله التوفيق لاصلاح النفس وتزكيتها تَرَى الظَّالِمِينَ اى المشركين يوم القيامة يا من بصلح للرؤية مُشْفِقِينَ خائفين مِمَّا كَسَبُوا اى إشفاقا ناشئا من السيئات التعملوها فى الدنيا ومن أجلها فكلمة من للتعليل وليست صلة مشفقين حتى يحتاج الى تقدير المضاف هنا مع أنه ايضا معنى صحيح لأن الاول ابلغ وادخل فى الوعيد وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ اى وباله وجزاؤه لا حق بهم لا محالة اشفقوا أو لم يشفقوا والجملة حال من ضمير مشفقين او اعتراض قال سعدى المفتى يعنى ينعكس الحال فى الآخرة فالآمنون فى الدنيا يشفقون فى الآخرة والمشفقون فى الدنيا يأمنون فى الآخرة (وفى المثنوى)
لا تخافوا هست نزل خائقان
…
هست در خور از براى خائف آن
هر كه ترسد مرورا ايمن كنند
…
هر دل ترسنده را ساكن كنند
آنكه خوفش نيست چون كويى مپرس
…
درس چهـ دهى نيست او محتاج درس
وفيه اشارة الى أن عذاب اهل الهوى والشهوات واقع بهم اما فى الدنيا بكثرة الرياضات وانواع المجاهدات لتزكية النفس من أوصافها وتحليتها بأضدادها واما فى الآخرة بورودها النار لتنقيتها وعذاب الدنيا أهون فلا بد من الاجتهاد قبل فوات الوقت وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى استعملوا تكاليف الشرع لقمع الطبع وكسر الهوى وتزكية النفس وتصفية القلب وتحلية الروح فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ مستقرون فى أطيب بقاعها
وأنزهها فان روضة الأرض تكون كذلك وبالفارسية اندر مرغزارهاى بهشت اند يعنى خوشترين بقعها ونزهت فزاى ترين آن قال فى حواشى الكشاف الروضة اسم لكل موضع فيه ماء وعشب وفى كشف الاسرار هى الأماكن المتسعة المونقة ذات الرياحين والزهر انتهى وفى الحديث ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنها والإثمد عند النوم قال الراغب قوله فى روضات الجنات اشارة الى ما أعد لهم فى العقبى من حيث الظاهر وقيل اشارة الى ما أهلهم له من العلوم والأخلاق التي من تخصص بها طاب قلبه لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم على ان عند ربهم ظرف للاستقرار العامل فى لهم وقيل ظرف ليشاؤون على ان يكون عبارة عن كونهم عند الله والآية من الاحتباك أنبت الإشفاق اولا دليلا على حذف الا من ثانيا والجنات ثانيا دليلا على حذف النيران اولا ذلِكَ المذكور من اجر المؤمنين هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ الذي يصغر دونه ما لغيرهم من الدنيا او تحقر عنده الدنيا بحذافيرها من أولها الى آخرها وهذا فى حق الامة واما النبي عليه السلام فمخصوص بالفضل العظيم كما قال تعالى وكان فضل الله عليك عظيما ذلِكَ اى الفضل الكبير وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي اى الثواب الذي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى يبشرهم به على لسان النبي عليه السلام فحذف الجار ثم العائد الى الموصول لأنهم لا يجوزون حذف المفعول الجار والمجرور الا على التدريج بخلاف مثل السمن منوان بدرهم اى منه (قال الكاشفى) وتقديم خبر باين كرامتها جهت ازدياد سرور مؤمنانست وآنكه دانند كه عمل ايشان ضائع نيست پس در مراسم عبوديت اجتهاد نمايند وبر وظائف عبادت بيفزايند
كار نيكو كن اگر مرد نكو ميطلبى
…
كز چرا هر كه نكوتر بنكوكار دهند
كار اگر نيست ترا در طمع اجر مباش
…
مزد مزدور باندازه كردار دهند
يقول الفقير وجه تخصيص الروضة وتعميم المشيئة أن اكثر بلاد العرب خالية عن الأنهار الجارية والروضات وانهم لا يجدون كل المشتهيات فيشوقهم بذلك ليكونوا على اهبة وتدارك ولا يقيسوا الآخرة على الدنيا فان الدنيا محل البلاء والآفات والآخرة دار النعيم والضيافات وتدارك كل مافات فمن أحب مولاه اجتهد فى طريق رضاه قال شقيق البلخي قدس سره رأيت فى طريق مكة مقعدا يزحف على الأرض فقلت له من اين أقبلت قال من سمرقند قلت وكم لك فى الطريق فذكر أعواما تزيد على العشرة فرفعت طرفى انظر اليه متعجبا فقال لى يا شقيق ملك تنظر الى فقلت متعجبا من ضعف مهجتك وبعد سفرتك فقال لى يا شقيق اما بعد سفرتى فالشوق يقربها واما ضعف مهجتى فمولاها يحملها يا شقيق أتعجب من عبد ضعيف يحمله المولى اللطيف فمن وصل اليه بشارة الله بفضله وجوده هان عليه بذل وجوده قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ روى أنه اجتمع المشركون فى مجمع لهم فقال بعضهم أترون محمدا يس. ل على ما يتعاطاه اجرا يعنى هيچ دريافته آيد كه محمد عملى كه مباشر آنست از إبلاغ مزدى ميخواهد يا نى فنزلت والمعنى لا اطلب منكم على ما انا عليه من التبليغ
والبشارة كما لم يطلب الأنبياء من فبلى أَجْراً اى نفعا قال سعدى المفتى فسر الاجر بالنفع ليظهر جعل استثناء المودة منه متصلا مع أن ادعاء كونها من افراد الاجر يكفى فى ذلك كما فى قوله (وبلدة ليس بها أنيس الا اليعافير والا العيس) وفى التأويلات النجمية قل يا محمد لا اسألكم على التبشير أجرا لأن الله ليس يطلب منكم على الفضل عوضا فانا ايضا لا اسألكم على التبشير أجرا فان المؤمن أخذ من الله خلقا حسنا فكما أن الله تعالى بفضله يوفق العبد للايمان ويعطى الثواب لمن آمن به وليس يرضى بان يعطيك فضله مجانا بل يعطيك عليه اجرا كذلك ليس يرضى لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بان يطلب منك اجرا على التبليغ والتبشير بل يشفع لك ايضا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى المودة مودة الرسول عليه السلام والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة التي هى بمعنى الرحم وفى للسببية وبمعنى اللام متعلقة بالمودة ومودته كناية عن ترك اذيته والجري على موجب قرابته سمى عليه السلام المودة اجرا واستثناها منه تشبيها لها به والاستثناء من قبيل قول من قال
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
…
بهن فلول من قراع الكتائب
وذلك لأنه لا يچور من النبي عليه السلام ان يطلب الا جرايا كان على تبليغ الرسالة لأن الأنبياء لم يطلبوه وهو اولى بذلك لأنه أفضل ولأنه صرح بنفيه فى قوله قل ما اسألكم عليه من اجر ولأن التبليغ واجب عليه لقوله تعالى بلغ ما انزل إليك وطلب الاجر على أداء الواجب لا يليق ولأن متاع الدنيا اخس الأشياء فكيف يطلب فى مقابلة تبليغ الوحى الإلهي الذي هو أعز الأشياء لأن العلم جوهر ثمين والدنيا خزف مهين ولأن طلب الاجر يوهم التهمة وذلك ينافى القطع بصحة النبوة فمعنى الآية لا اسألكم على التبليغ اجرا أصلا الا ان تودونى لاجل قرابتى منكم وبسببها وتكفوا عنى الأذى ولا تعادونى ان كان ذلك اجرا يختص بي لكنه ليس بأجر لأنه لم يكن بطن من بطونكم يا قريش الا وبينى وبينها قرابة فاذا كانت قرابتى قرابتكم فصلتى ودفع الأذى عنى لازم لكم فى الشرع والعادة والمروءة سوآء كان منى التبليغ اولا وقد كنتم تتفاخرون بصلة الرحم ودفع الأذى عن الأقارب فما لكم تؤذوننى والحال ما ذكر ويجوز ان يراد بالقربى اهل قرابته عليه السلام على إضمار المضاف وبالمودة مودة أقربائه وترك اذيتهم فكلمة فى على هذا للظرفية والظرف حال من المودة والمعنى الا ان تودوا اهل قرابتى مودة ثابتة متمكنة فيهم روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناى اى الحسن والحسين رضى الله عنهم ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال شكوت الى رسول الله عليه السلام حسد الناس لى فقال اما ترضى ان تكون رابع اربعة اى فى الخلافة أول من يدخل الجنة انا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا
وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا قال سعدى المفتى فيه ان السورة مكية من غير استثناء منها ولم يكن لفاطمة حينئذ أولاد وعنه عليه السلام حرمت الجنة على من ظلم اهل بيتي وآذاني فى عترتى ومن اصطنع صنيعة الى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقينى يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من مات على حب آل محمد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفور اله الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير الا ومن مات على حب آل محمد يزف الى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها الا ومن مات على حب آل محمد فتح له فى قبره بابان الى الجنة الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة وآل محمد هم الذين يؤول أمرهم اليه عليه السلام فكل من كانه مآل امر هم اليه أكمل وأشد كانواهم الآل ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله أشد التعلقات بالنقل المتاتر فوجب ان يكونوا هم الآل در تفسير ثعلبى آورده كه خويشان حضرت رسول الله بنو هاشم اند وبنو المطلب كه خمس بر ايشان قسمت بايد كرد وفى الكواشي قرابته عليه السلام فاطمة وعلى وابناهما او آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس او من حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وو بنو المطلب وقيل آل الرسول أمته الذين قبلوا دعوته قال ابن عطاء لا اسألكم على دعوتكم اجرا الا ان تتود دوا الى بتوحيد الله وتتقربوا اليه بدوام طاعته وملازمة او امره وقال الحسين كل من تقرب الى الله بطاعته وجبت عليكم محبته اى فان المحب يحب المحب لكونهما محبين لمحبوب وأحد وكذا المطيع مع المطيع لشركتهما فى الا طاعة والانقياد (حكى) عن الشيخ ابن العربي قدس سره أنه قال بلغني عن رجل انه يبغض الشيخ أبا مدين فكرهت ذلك الشخص لبغضه الشيخ أبا مدين فرأيت رسول الله فى المنام فقال لى لم تكره فلانا فقلت لبغضه فى ابى مدين فقال أليس يحب الله ورسوله فقلت له بلى يا رسول الله فقال لى فلم تبغضه لبغضه أبا مدين وما تحبه لحبه الله ورسوله فقلت له يا رسول الله الى الآن انى والله زللت وغفلت فاما الآن فأنا تائب وهو من أحب- الناس الى فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك وسلم فلما استيقظت جئت الى منزله فاخبرته بما جرى فبكى واعتد الرؤيا تنبيها من الله فزال بغضه أبا مدين وأحبه وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً اى يكتسب اى حسنة كانت سيما حب آل رسول الله قال الراغب اصل القرف والاقتراف قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجذع وما يؤخذ منه قرف واستعير الاقتراف للاكتساب حسنيا كان او سوئيا وفى الاساءة اكثر استعمالا ولهذا يقال الاعتراف يزيل الاقتراف نَزِدْ لَهُ فِيها اى فى الحسنة يعنى براى آن حسنه كما قال الكاشفى حُسْناً بمضاعفة والتوفيق لمثلها والإخلاص فيها وبزيادة لا يصل العبد إليها بوسعه مما لا يدخل تحت طوق- البشر إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن أذنب شَكُورٌ لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة فالشكر من الله مجاز عن هذا المعنى لأن معناه الحقيقي وهو فعل ينىء عن تعظيم المنعم لكونه منعما لا يتصور من الله لامتناع ان ينعم عليه أحد حتى يقابل بالشكر شبهت الاثابة والتفضل بالشكر من حيث ان كل واحد منهما يتضمن الاعتداد بفعل الغير وإكراما لاجله
وفى بحر العلوم او معتد بالحسنة القليلة حتى يضاعفها فان القليل عند الله كثيرو فى الحديث ان عيسى بن مريم قال أخبرني يا رب عن هذه الامة المرحومة فأوحى الله اليه انها امة محمد حكماء علماء كأنهم من الحكمة والعلم أنبياء يرضون باليسير من العطاء وارضى منهم باليسير من العمل ادخل أحدهم الجنة بان يقول لا اله الا الله قال الامام الغزالي رحمه الله العبد يتصور ان يكون شاكرا فى حق عبد آخر مرة بالثناء عليه بإحسانه اليه واخرى بمجازاته اكثر مما صنعه اليه وذلك من الخصال الحميدة قال رسول الله عليه السلام من لم يشكر الناس لم يشكر الله واما شكره لله تعالى فلا يكون الا بنوع من المجاز والتوسع فانه ان اثنى فثناؤه قاصر لأنه لا يحصى ثناء عليه فان أطاع فطاعته نعمة اخرى من الله عليه بل عين شكره نعمة اخرى ورلء النعمة المشكورة وانما احسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعته وذلك ايضا بتوفيق الله وتيسيره
عطايست هر موى ازو بر تنم
…
چهـ كونه بهر موى شكرى كنم
ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش
…
اگر عاقلى در خلافش مكوش
أَمْ يَقُولُونَ أم منقطعة اى بل أيقولون يعنى كفار مكة على انه إضراب عن قوله أم لهم شركاء إلخ افْتَرى محمد عَلَى اللَّهِ كَذِباً بدعوى النبوة وتلاوة القرآن على ان الهمزة للانكار التوبيخي كأنه قيل أيتمالكون ان ينسبوا مثله عليه السلام وهو هو الى الافتراء لا سيما الافتراء على الله الذي هو أعظم الفري وأفحشها والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ استشهاد على بطلان ما قالوا ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله لمنعه من ذلك قطعا وتحقيقه ان دعوى كون القرآن افتراء على الله قول منهم بأنه تعالى لا يشاء صدوره عن النبي بل يشاء عدم صدوره عنه ومن ضرورته منعه عنه قطعا فكأنه قيل لو كان افتراء عليه تعالى لشاء عدم صدوره عنه وان يشأ ذلك يختم على قلبك بحيث لم يخطر ببالك معنى من معانيه ولم تنطق بحرف من حروفه وحيث لم يكن الأمر كذلك بل تواتر الوحى حينا فحينا تبين أنه من عند الله كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان افترينه ختم الله على قلبك ولكنك لم تكذب على ربك فلم يختم على قلبك يعنى مهر نهد بر دل تو و پيغام خويش از ان ببرد وفيه اشارة الى أن الملائكة والرسل والورثة محفوظون عن المغالطة فى بيان الشريعة والافتراء على الله فى شىء من الأشياء در حقائق سلمى از سهل بن عبد الله التستري قدس سره نقل ميكند كه مهر شوق ازلى ومحبته لم يزلى بر دلى تو نهد تا التفات بغير نكنى واز اجابت واباى خلق فارغ كردى وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ استئناف مقرر لنفى الافتراء غير معطوف على يختم كما ينبىء عنه اظهار الاسم الجليل وصيغة المضارع للاستمرار وكتبت يمح فى المصحف بحاء مرسلة كما كتبوا ويدع الإنسان ويدع الداع وسندع الزبانية مما ذهبو فيه الى الحذف والاختصار نظرا الى اللفظ وحملا للوقف على الوصل يعنى أن سقوط الواو لفظا للالتقاء الساكنين حال الوصل وخطا ايضا حملا للخط على اللفظ
اى على أنه خلاف القياس وليس سقوطها منه لكونه مجزو ما بالعطف على ما قبله لاستحالة المعنى لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقا لا معلقا بالشرط والمعنى ومن عادته تعالى ان يمحو الباطل ويثبت الحق بوحيه او بقضائه فلو كانه افتراء كما زعموا لمحقه ودفعه ويجوز ان يكونه عدة لرسول الله عليه السلام بانه تعالى يمحو الباطل الذي هم عليه عن البهت والتكذيب ويثبت الحق الذي هو عليه بالقرءان او بقضائه الذي لا مرد له بنصرته عليم فالصيغة على هذا للاستقبال إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بما تضمره القلوب فيجرى عليها أحكامها اللائقة بها من المحو والإثبات (قال الكاشفى) راستى تو ومظنه افتراي ايشان بتو برو مخفى نيست ولم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات هاهنا تأنيث ذى بمعنى صاحب فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه اى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور وهى الخواطر القائمة بالقلب من الدواعي والصوارف الموجودة فيه وجعلت صاحبة للصدور بملازمتها وحلولها فيها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة هو جنين ذو بطنها وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى يتصرف فى عباده بما يشاء من ابعاد قريب وادناء بعيد (روى) أن رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من أوليائي فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى عليه السلام يا رب أنت تسمع مقالة الناس فقال الله يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة أشياء لو سأل من جميع المذنبين لغفرت لهم الاول انه قال يا رب أنت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصي بتسويل الشيطان وقرين السوء ولكنى كنت أكرهها بقلبي والثاني انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين أحب الى والثالث لو استقبلني صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح فبهذه الثلاثة أدناه الله منه وجعله من المقربين عنده بعد ما أبعده هو والناس فعلى العاقل إصلاح الصدر والسريرة وفى الخبر ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم يعنى ان كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونوا مقبولين مطلقا والا فلا وربما يهتدى الى الطريق المستقيم من مضى عمره فى الضلال وذلك لأن شقاوته كانت شقاوة عارضة والعبرة للحكم الأزلي والسعادة الاصلية فاذا كان كذالك فيمحو الله الباطل وهو الكفر ويثبت الحق وهو الإسلام وربما يختم على قلب من مضى وقته على الطاعة فيصير عاقبة الى المعصية بل الى الكفر كبلعام وبرصيصا ونحوهما مما كانت شقاوته اصلية وسعادته عارضة (قال الحافظ)
چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست
…
آن به كه كار خود بعنايت رها كنند
والله المعين وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ بالتجاوز عما تابوا عنه لأنه ان لم يقبل كان إغراء بالمعاصي عدى القبول بعن لتضمنه معنى التجاوز قال ابن عباس رضى الله عنهما هى عامة للمؤمن والكافر والولي والعدو ومن تاب منهم قبل الله توبته والتوبة هى الرجوع عن المعاصي بالندم عليها والعزم ان لا يعاودها ابدا وقال السرى البوشنجي هو ان لا تجد حلاوة الذنب فى القلب عند ذكره (وروى) جابر رضى الله عنه ان أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
وقال اللهم انى استغفرك وأتوب إليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له على رضى الله عنه يا هذا ان سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين وتوبتك هذه تحتاج الى التوبة فقال يا امير- المؤمنين وما التوبة قال التوبة اسم يقع على ستة معان على الماضي من الذنوب بالندامة وتضييع الفرائض بالاعادة ورد المظالم واذابة النفس فى الطاعة كما ربيتها فى المعصية واذاقتها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته وفى الأثر لله تعالى افرح بتوبة العبد من المضل الواجد ومن العقيم الوالد ومن الظمآن الوارد فمن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع الأرض خطاياه (روى) عبد العزيز بن اسمعيل قال يقول الله تعالى ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفر فاغفر له لا هو يترك ذنوبه ولا هو ييأس من رحمتى أشهدكم انى قد غفرت له وفى التأويلات النجمية إذا أراد الله تعالى ان يتوب على عبد من عباده ليرجع من أسفل سافلين البعد الى أعلى عليين القرب يخلصه
من رق عبودية ما سواه بتصرف جذبات العناية ثم يوفقه للرجوع بالتقرب اليه كما قال من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا اى من تقرب الى شبرا بالتوبة تقربت اليه ذراعا بالقبول ولو لم يكن القبول سابقا على التوبة لما تاب كما قال بعضهم لبعض المشايخ ان أتب الى الله هل يقبل قال ان يقبل الله تتوبو فى الخبر أن بعض مواضع الجنة تبقى خالية فيخلق الله تعالى خلقا جديدا فيملأها بهم اگر روا باشد از روى كرم كه خلقى آفريند عبادت نابرده ورنج نابرده درجات جنت بايشان دهد او بر سرو سزاوار بر كه بندگان ديرينه را ودرويشان دلخسته راز در بيرون نكند واز ثواب وعطاى خود محروم نكرداند فكيف بالتائبين منهم والمستغفرين وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ صغيرها وكبيرها غير الشرك لمن يشاء بمحض رحمته وشفاعة شافع وان لم يتوبوا وهو مذهب اهل السنة وفى التأويلات النجمية ويعفو عن كثير من الذنوب التي لا يطلع العبد عليها ليتوب عنها وايضا ويعفو عن كثير من الذنوب قبل التوبة ليصير العبد به قابلا للتوبة والا لما تاب وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ كائنا ما كان من خير وشر فيجازى التائب ويتجاوز عن غير التائب حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وفى التأويلات النجمية ويعلم ما تفعلون من السيئات والحسنات مما لا تعلمون انها من السيئات والحسنات فبتلك الحسنات يعفو عن السيئات وعن عرائس البقلى يقبل توبتهم حين خرجوا من النفس والكون وصاروا أهلا له مقدسين بقدسه ويعفو عن سيئاتهم ما يخطر بقلوبهم من غير ذكره ويعلم ما تفعلون من التضرع بين يديه فى الخلوات وفى صحف ابراهيم عليه السلام على العاقل ان يكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه ويفكر فى صنع الله وساعة يحاسب نفسه فيما قدم وأخر وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال فى المطعم والمشرب وغيرهما وروى ان رجلا قال للدينورى رحمه الله ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه فكلما ضربته يجزع بين يديها ويتضرع فلا يزال كذلك حتى تضمنه إليها وفى الخبران بعض المذنبين يرفع يده الى جناب الحق فلا ينظر اليه اى بعين الرحمة ثم يدعو ثانيا فيعرض عنه ثم يدعو ويتضرع ثالثا فيقول يا ملائكتى قد استحييت من عبدى وليس له رب غيرى فقد غفرت له
واستحيت اى حصلت مرامه فانى استحيى من تضرع العباد
كرم بين ولطف خداوندكار
…
كنه بنده كردست واو شرمسار
ومعنى استحيائه تعالى تركه تخييب العبد فى رجائه وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الفاعل ضمير اسم الله والموصول مفعول به على إضمار المضاف اى ويستجيب الله دعاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات اى المؤمنين الصالحين إذا دعوه ويثيبهم على طاعاتهم يعنى يعطيهم الثواب فى الآخرة والاثابة معنى مجازى للاجابة لأن الطاعة لما شبهت بدعاء ما يترتب عليها من النواب كانت الانابة عليها بمنزلة اجابة الدعاء فعبر بها عنها ومنه قوله عليه السلام أفضل الدعاء الحمد لله يعنى اطلق الدعاء على الحمد لله لشبهه به فى طلب ما يترتب عليه ويجوز ان يكون التقدير ويستجيب الله لهم فحذف اللام كما فى قوله وإذا كالوهم اى كالوا لهم قال سعدى المفتى الأظهر حمل الكلام على إضمار المضاف فانه كالمنقاس بخلاف حذف الجار وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ على ما سألوا منه تفضلا وكرما ويجوز ان يكون الموصول فاعل الاستجابة والاستجابة فعلهم لا فعل الله تعالى واستجاب بمعنى أجاب او على ان يكون السين للطلب على أصلها فعلى هذا الوجه يكون ويزيدهم من فضله معطوفا على مقدر والمعنى ويستجيبون لله بالطاعة ويزيدهم على ما استحقوه من الثواب تفضلا ويؤيد هذا الوجه ما روى عن ابراهيم ابن أدهم قدس سره انه قيل ما لنا ندعو فلا نجاب قال لأنه دعاكم فلم تجيبوه ثم قرأ والله يدعو الى دار السلام ويستجيب الذين آمنوا فاشار بقراءته والله يدعو الى دار السلام الى ان الله تعالى دعا عباده وبقراءته ويستجيب الذين آمنوا الى انه لم يجيب الى دعائه الا البعض قال فى بحر العلوم هذا الجواب مع سؤاله ليس بمرضى عند اهل التحقيق من علماء الاخبار بل الحق الصريح ان الله يجيب دعاء كل عبد مؤمن بدليل قول النبي عليه السلام ان العبد لا يخطئه من الدعاء أحد ثلاث اما ذنب يغفر واما خير يدخر واما خير يعمل رواه انس رضى الله عنه وقوله عليه السلام ما من مسلم ينصب وجهه لله فى مسألة الا أعطاه إياها اما ان يعجلها له واما ان يدخرها له وقوله عليه السلام ان المؤمن ليؤجر فى كل شىء حتى فى الكظ عند الموت وقوله عليه السلام ان الله يدعو بعبده يوم القيامة فيقول انى قلت ادعوني استجب لكم فهل دعوتنى فيقول نعم فيقول أرأيت يوم نزل امر كذا وكذا مما كرهت فدعوتنى فجعلت لك فى الدينا فيقول نعم ويقول دعوتنى يوم نزل بك كذا فلم تر فرجا فقد ادخرته لك فى الجنة حتى يقول العبد ليته لم يستجب لى فى الدنيا دعوة رواه جابر رضى الله عنه وبدليل قوله عليه السلام من اعطى الدعاء لم يحرم من الاجابة وقال على رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبدا صب عليه البلاء صبا وثجه عليه ثجا فاذا دعا العبد ربه قال جبريل اى رب اقض حاجته فيقول تعالى دعه فانى أحب ان اسمع صوته فاذا دعا يقول تعالى لبيك عبدى وعزتى لا تسألنى شيأ الا أعطيك ولا تدعونى بشىء الا استجيب فاما ان اعمل لك واما ان ادخر لك أفضل منه والأحاديث فى هذا الباب كثيرة وان الله يجيب الدعوات كلها من عبده المؤمن ولا يخيبه فى شى من دعواته
وكيف يخيب ولا يجيب من إذا لم يسأله عبده يغضب عليه قال ابو هريرة رضى الله عنه قال النبىء عليه السلام ان الله يغضب على من لم يسأله ولا يفعل ذلك أحد غيره انتهى ما فى بحر العلوم يقول الفقير هذا كله مسلم مقبول فانه يدل على أن دعاء المؤمن المطيع لربه مستجاب على كل حال ولكن لا يلزم منه ان يستجاب لكل مؤمن فان بعضا من الذنوب يمنع الاستجابة ويرد الدعوة كما إذا كان الملبوس والمشروب حراما والقلب لاهيا غافلا وعلى الداعي مظالم وحقوق للعباد ونحو ذلك وبدل على ما ذكرنا ما قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله عنه حين قال له يا رسول الله ادع الله ان يستجيب دعائى يا سعد اجتنب الحرام فان كل بطن دخل فيه لقمة من حرام لا تستجاب دعوته أربعين يوما وايضا ما قال عليه السلام الرجل يطيل السفر اى
فى طريق الحق اشعث اغبر يمديده الى السماء قائلا يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فانى يستجاب لذلك الرجل دعاؤه وايضا ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنت يا عم لواطعته أطاعك إطاعتي حين قال له عمه ابو طالب ما أطوعك ربك يا محمد وغير ذلك ثم ان الزيادة فى الآية مفسرة بالشفاعة لمن وجبت له النار وبالرؤية فان الجنان ونعيمها مخلوقة تقع فى مقابلة مخلوق مثلها وهو عمل العبد والرؤية مما يتعلق بالقديم ولا تقع الا فى مقابلة القديم وهو الفضل الرباني (وفى كشف الاسرار) بنده كه بديدار الله رسد بفضل الله ميرسد نه از طاعت خود وفى الخبر الصحيح إذا دخل اهل الجنة الجنة نودوا يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيكشف الحجاب فينظرون اليه ابو بكر الشبلي قدس سره وقتى در غلبات وجد وخروش كفت اى بار خدا فردا همه را نابينا انگيز تا جز من ترا كس نبيند باز وقتى ديكر كفت بار خدا يا شبلى را نابينا انگيز كه دريغ بود كه چون منى ترا بيند وآن سخن أول غيرت بود بر جمال از ديده اغيار وآن سخن ديكر غيرت بود بر جمال از ديده خود ودر راه جوانمردان اين قدم از ان قدم تمام ترست وعزيز تر
از رشك تو پر كنم دل وديده خويش
…
تا اين تو نه بيند ونه آن را بيش
وچون حق تعالى ديدار خود را دوستانرا كرامت كند بتقاضاى جمال خود كند نه بتقاضاى بنده كه بشر محض را هركز زهره آن نبود كه با اين تقاضا پيدا آيد وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بدل ما للمؤمنين من الثواب والفضل المزيد (قال الكاشفى) مر ايشانراست عذابى سخت كه ذل حجاب ودوام عقابست وهيچ عقاب بدتر از مذلت حجاب نيست
ز هيچ رنج تو مطلق دلم نتابد روى
…
جز آنكه بند كنى در حجاب حرمانش
وفى التأويلات النجمية لما ذكر انه تعالى يقبل توبة التائبين ومن لم يتب يغفر زلتهم والمطيعون يدخلهم الجنة فلعله يخطر ببال أحدهم ان هذه النار لمن هى قال الله تعالى والكافرون لهم عذاب شديد فلعله خطر ببالهم ان العصاة من المؤمنين لا عذاب لهم فقال والكافرون لهم عذاب شديد فدليل الخطاب ان المؤمنين لهم عذاب ولكن ليس بشديد ثم ان العبد لو لم يتب خوفا من النار ولا طمعا فى الجنة لكان من حقه ان يتوب ليقبل الحق سبحانه توبته ثم ان
العامي ابدا منكسر القلب فاذا علم ان الله يقبل الطاعة من المطيعين يتمنى ان له طاعة ميسرة ليقبلها الله فيقول الحق عبدى ان لم يكن لك طاعة تصلح للقبول فلك توبة ان أتيت بها تصلح لقبولها وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لو وسعه عليهم لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ لطغوا فى الأرض وعصوا فمن العصمة ان لا تجد او لظلم بعضهم على بعض لان الغنى مبطرة مأشرة اى داع الى البطر والأشر او البغي بمعنى الكبر فيكون كناية عن الفساد وقال ابن عباس رضى الله عنهما بغيهم فى الأرض طلبهم منزلة بعد منزلة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس وقال بعضهم لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب لتفرغوا للفساد فى الأرض ولكن شغلهم بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد ونعم ما قيل
ان الشباب والفراغ والجده
…
مفسدة للمرء اى مفسده
اى داعية الى الفساد ومعنى الفراع عدم الشغل ولزوم البغي على بسط الرزق على الغالب والا فقد يكون الفقير مستكبرا وظالما يعنى ان البغي مع الفقر اقل لأن الفقر مؤد الى الانكسار والتواضع غالبا ومع الغنى اكثر واغلب لأن الغنى مؤد الى البغي غالبا فلو عم البسط كل واحد من العباد لغلب البغي وانقلب الأمر الى عكس ما عليه الآن (قال الكاشفى) واين در غالبست چهـ ذى النورين رضى الله عنه مالدارترين مردم بودند وهركز از ايشان بغى وطغيان ظاهر نشد وكفته اند مال دنيا بمثال بارانست كه بر تمام زمين بارد واز هر قطعه از ان كياه ديكر رويد
باران كه در لطافت طبعش خلاف نيست
…
در باغ لاله رويد ودر شوره بوم خس
وچون اغلب طباع خلق بجانب هوى وهوس مائلست و پرورش صفات سبعى وبهيمى بر ايشان غالب ومال دنيا درين أبواب قوى ترين اسبابست پس اگر حق سبحانه وتعالى روزى بر خلق فراخ كرداند اكثر باغي وطاغى كردند وكفا بحال فرعون وهامان وقارون ونحوهم عبرة قال عليه السلام ان أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها (قال الصائب) نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن آب ونان وسير كاهل ميكند مزدور را وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ اى بتقدير يعنى باندازه كما فى كشف الاسرار (وقال الكاشفى) بتقدير ازلى وفى القاموس قدر الرزق قسمه والقدر قياس الشيء بالشيء وفى بحر العلوم يقال قدره قدر او قدرا وقوله عليه السلام فان غم عليكم فاقدروا بكسر الدال والضم خطأ رواية اى فقدروا عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما ما يَشاءُ ان ينزله مما تقتضيه مشيئته وهو مفعول ينزل إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ محيط بخفايا أمورهم وجلاياها فيقدر لكل واحد منهم فى كل وقت من أوقاتهم ما يليق بشأنهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطى ويقبض ويبسط حسبما تقتضيه الحكمة الربانية ولو أغناهم جميعا لبغوا ولوا فقرهم لهلكوا روى انس بن مالك رضى الله عنه عن النبي عليه السلام عن جبرائيل عن الله تعالى انه قال من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة وانى لأسرع شىء الى نصرة أوليائي وانى لأغضب لهم كما يغضب الليث الجريء وما تقرب الى عبدى المؤمن بمثل أداء
ما افترضت عليه وما زال عبدى المؤمن يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا مؤيدا ان دعانى أجبته وان سألنى أعطيته وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض روح عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بدله منه وان من عبادى المؤمنين لمن يسألنى الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الغنى ولو أفقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى بعبادي خبير بصير وكان يقول انس رضى الله عنه اللهم انى من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم الا الغنى فلا تفقرنى برحمتك وفى التأويلات النجمية يشير الى قلب الفقير كأنه يقول انما لم ابسط ايها الفقير عليك الدنيا لما كان لى من المعلوم انى لو وسعت عليك لطغوت وسعيت فى الأرض بالفساد ويشير ايضا الى وعيد الحريص على الدنيا لينتبه من نوم الغفلة ويتحقق له ان لو بسط الله له الرزق بحسب الطلب لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله ولتسكن نائرة حرصه على الدنيا ثم قال بطريق الاستدراك ان لم أوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم امنع عنك الكل ولكن ينزل بقدر ما يشاء لعلمه بصلاح ذلك وهو قوله انه بعباده خبير بصير روى ان اهل الصفة رضى الله عنهم تمنو الغنى فنزلت يعنى اصحاب صفه كه بفقر فاقه ميكذرانيدند روزى در خاطر ايشان كذشت كه چهـ باشد كه ما توانكر شويم ومال خود بفلان وفلان چيز صرف كنيم اين آيت آمد قال خباب بن الأرض رضى الله عنه فينا نزلت هذه الآية وذلك انا نظرنا الى اموال بنى قريظة والنضير وبنى قينقاع فتمنيناها فانزل الله تعالى الآية قال سعدى المفتى وفيه أن الآية حينئذ مدنية فكان ينبغى ان يستثنى وقيل نزلت فى العرب كانوا إذا اخصبوا تحاربوا وإذا اجدبوا اى أصابهم الجدب والقحط انتجعوا اى طلبو الماء والكلاء وتضرعوا وفى ذلك يقول الشاعر
قوم إذا نبت الربيع بأرضهم
…
نبتت عداوتهم مع البقل
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ اى المطر الذي يغيث الناس من الجدب ولذالك خص بالنافع منه فان المطر قد يضر وقد لا يكون فى وقته قال الراغب الغيث يقال فى المطر والغوث فى النصرة مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا اى يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه ايضا لتذكير كمال النعمة فان حصول النعمة بعد اليأس والبلية أوجب لكمال الفرح فيكون ادعى الى الشكر وَيَنْشُرُ و پراكنده كند رَحْمَتَهُ اى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان وفى فتح الرحمن وينشر رحمته وهى الشمس وذلك تعديد نعمة غير الاولى وذلك أن المطر إذا جاء بعد القنوط حسن موقعه فاذا ادام سئم وتجيىء الشمس بعده عظيمة الوقع وَهُوَ الْوَلِيُّ المالك السيد الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة (قال الكاشفى) واوست دوست مؤمنان وسازنده كار ايشان بفرستادن باران ونشر رحمت واحسان
تو از فشاندن تخم اميد دست مدار
…
كه در كرم نكند ابر نوبهار إمساك
الْحَمِيدُ المستحق للحمد على ذلك وغيره لا غيره وقال بعضهم وهو الولي اى مولى المطر ومتصرفه يرسله مرة بعد مرة الحميد اى الأهل لأن يحمد على صنعه إذ لا قبح فيه لأنه بالحكمة ودل الغيث على الاحتياج وعند الاحتياج تتقوى العزيمة والله تعالى يجيب دعوة المضطر وقيل لعمر رضى الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال مطروا اذن وأراد هذه الآية (وفى المثنوى)
تا فرود آيد بلاي دافعى
…
چون نباشد إذ تضرع شافعى
تا سقاهم ربهم آيد خطاب
…
تشنه باش الله اعلم بالصواب
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ووزن وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره فى كل عام لأنه لا يختلف فيه البلاد وفى الحديث ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفى الحديث القدسي لو أن عبادى أطاعوني سقيتهم المطر بالليل واطلعت الشمس عليهم بالنهار وما اسمعتهم صوت الرعد قال سفيان رحمه الله ليس الخائف من عصر عينيه وبكى انما الخائف من ترك الأمر الذي يخاف منه وروى مرفوعا ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء وفيه اشارة الى دوام فيضه تعالى ظاهرا وباطنا والا لانتقل الوجود الى العدم وفى الآية اشارة الى أن العبد إذا ذبل غصن وقته وتكدر صفو ورده وكسف شمس أنسه وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره امطار الرحمة ويعود عوده طريا وينبت من مشاهد أنسه وردا جنيا وفى عرائس البيان يكشف الله لهم أنوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانهم فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لأن وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع ويأس فاذا طمعوا فيه أيأسهم بصفاتهم وإذا ايسوا أطمعهم بصفاته وإذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه أتاه من الله الفرج ألا تراه يقول وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب أوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية ابر جود باران وجود ريزد سحاب إفضال در اقبال فشاند كل وصال در باغ نوال شكفته كردد آخر كار باول كار باز شود يقول الفقير لا شك أن القبض والبسط يتعاقبان وان الإنسان لا يضحك دائما ولا يبكى دائما ومن أعاجيب ما وقع لى فى هذا الباب هو انه أغار العرب على الحجاج فى طريق الشام فى سنة الألفات الاربعة وكنت إذ ذاك معهم فتجردت باختياري عن جميع ما معى غير القميص والسراويل ومشيت على وجهى فقيل لى فى باطني على يمينك فأخذت
اليمين حتى لم يبق لى طاقة على المشي من الجوع والعطش فوقعت على الرمل فأيست من الحياة وليس معى أحد الا الله فقيل لى فى سمعى قول الشاعر
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
…
بكون وراءه فرج قريب
ثم ان الله تعالى فرج عنى بعد ساعات بما يطول بيانه بل يجب خفاؤه وهو الولي الحميد وَمِنْ آياتِهِ اى دلائل قدرته تعالى خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فانها بذاتها او صفاتها تدل على شؤونه العظيمة قال فى الحواشي السعدية قوله فانها اشارة الى ما تقرر فى الكلام من المسالك الاربعة فى الاستدلال على وجود الصانع تعالى حدوث الجواهر وإمكانها وحدوث الاعراض القائمة بها وإمكانها ايضا وفيه اشارة الى ان خلق السموات من اضافة الصفة الى الموصوف اى السموات المخلوقة انتهى وَما بَثَّ فِيهِما عطف على السموات او الخلق ومعنى بث فرق يعنى پراكنده كرده وقال الراغب اصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما نطوت عليه من الغم والسرور وقوله وبث اشارة الى إيجاده تعالى ما لم يكن موجودا وإظهاره إياه مِنْ دابَّةٍ حى على اطلاق اسم المسبب على السبب اى الدبيب مجازا أريد به سببه وهو الحياة فتكون الدابة بمعنى الحي فتتناول الملائكة ايضا لأن الملائكة ذووا حركت طيارون فى السماء وان كانوا لا يمشون على الأرض ويجوز أن يكون المعنى مما تدب على الأرض فان ما يختص بأحد الشيئين المجاورين يصح نسبته إليهما يعنى ما يكون فى أحد الشيئين يصدق انه فيهما فى الجملة كما فى قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وانما يخرج من الملح وقد جوزان يكون للملائكة مشى مع الطيران فيوصفون بالدبيب وان يخلق الله فى السماء حيوانات يمشون فيها مشى الأناسي على الأرض كما ينبىء عنه قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون وقد روى ان النبي عليه السلام قال فوق السابعة بحربين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية او عال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوقه العرش العظيم يقول الفقير يقول الفقير ان للملائكة أحوالا شتى وصورا مختلفة لا يقتضى موطنهم الحصر فى شىء من المشي والطيران فطير انهم اشارة الى قوتهم فى قطع المسافة وان كان ذلك لا ينافى ان يكون لهم اجنحة ظاهرة فلهم اجنحة يطيرون بها ولهم ارجل يمشون بها والله اعلم وَهُوَ تعالى عَلى جَمْعِهِمْ اى حشر الأجسام بعد البعث للمحاسبة إِذا يَشاءُ فى اى وقت يشاء قَدِيرٌ متمكن منه يعنى تواناست ومتمكن از ان وغير عاجز در ان قوله هو مبتدأ وقدير خبره وعلى جمعهم متعلق بقدير وإذا منصوب بجمعهم لا بقدير لفساد المعنى فان المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته وإذا عند كونها بمعنى الوقت كما تدخل على الماضي تدخل على المضارع قال تعالى والليل إذا يغشى وفى الآية اشارة الى سموات الأرواح وارض الأجساد وما بث فيهما من دابة النفوس والقلوب فلا مناسبة بين كل واحد منهم فان بين الأرواح والأجساد بونا بعيدا فى الفناء لان الجسد من أسفل سافلين والروح من أعلى عليين والنفس تميل الى الشهوات الحيوانية الدنيوية والقلب يميل الى الشواهد الروحانية الاخروية الربانية وهو على جمعهم على طلب الدنيا وزينتها وعلى طلب الآخرة ودرجاتها وعلى طلب الحضرة وقرباتها إذا يشاء قدير والحشر على انواع عام وهو خروج
الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وخاص وهو خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية يحرق الحجب الظلمانية وأخص وهو خروج الاسرار من قبور الروحانية الى عالم الهوية بقطع الحجب النورانية فعند ذلك يرجع الإنسان الى أصله رجوعا اختياريا مرضيا ليس فيه شائبة غضب أصلا ونعم الرجوع والقدوم وهو قدوم الحبيب على الحبيب والخلوة معه
خلوت كزيده را بتماشا چهـ حاجتست
…
چون روى دوست هست بصحرا چهـ حاجتست
ولا يمكن الخروج من النفس الا بالله وكان السلف يجهدون فى إصلاح نفوسهم وكسر مقتضاها وقمع هواها (حكى) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر وعلى ظهره قربة ماء فقيل له فى ذلك فقال ليس لى حاجة الى الماء وانما أردت به كسر نفسى لما حصل لها من إطاعة ملوك الأطراف ومجىء الوفود فكما انه لا بعث الى المحشر الا بعد فناء ظاهر الوجود فكذا لا حشر الى الله الا بعد فناء باطنه نسأل الله سبحانه ان يوصلنا الى جنابه وَما أَصابَكُمْ وهر چهـ شما را رسدا اى مؤمنان فما شرطية وقال بعضهم موصول مبتدأ دخلت الفاء فى خبره لئضمنه معنى الشرط اى الذي وصل إليكم ايها الناس مِنْ مُصِيبَةٍ اى مصيبة كانت من الآلام والأسقام والقحط والخوف حتى خدش العود وعثرة القدم واختلاج العرق وغير ذلك فى البدن او فى المال او فى الأهل والعيال ويدخل فيها الحدود على المعاصي كما انه يدخل فى قوله ويعفوا عن كثير ما لم يجعل له حد فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ اى فهو بسبب معاصيكم التي اكتسبتموها فان ذكر الأيدي لكون اكثر الأعمال مما يزاول بها فكل نكد لاحق انما هو بسبب ذنب سابق أقله التقصير (وفى المثنوى)
هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم
…
آن ز بى باكى وگ ستاخيست هم
وفى الحديث لا يرد القدر الا بالدعاء ولا يزيد فى العمر الا البر وان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه قوله لا يرد إلخ لان من جملة القضاء ردا لبلاء بالدعاء فالدعاء سبب لدفع البلاء وجلب الرحمة كما ان الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النباتات من الأرض قال الضحاك ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه الا بذنب واى معصية أقبح من نسيان القرآن وتلا الآية وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ من الذنوب فلا يعاقب عليها ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة وفى الآية تسلية لقلوب العباد واهل المصائب يعنى ان أصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصي الموجبة للعقوبة الاخروية الابدية تداركناها باصابة المصيبة الدنيوية الفانية لتكون جزاء لما صدر منكم من سوء الأدب وتطهير لما تلوثتم به من المعاصي ثم إذا كثرت الأسباب من البلايا على عبد وتوالى عليه ذلك فليفكر فى أفعاله المذمومة لم حصلت منه حتى يبلغ جزاء ما يفعله مع عفو الكثير هذا المبلغ فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجلته لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم ربه وعفوه وغفرانه قيل لابى سليمان الداراني قدس سره ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم قال لانهم علموا ان الله تعالى انما ابتلاهم بذنوبهم وقرأ هذه الاية وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ فائتين ما قضى عليكم من المصائب
وان هربتم من أقطار الأرض كل مهرب يعنى إذا أراد الله ابتلاءكم وعقوبتكم فلا تفوتونه حيثما كنتم ولا تسبقونه ولا تقدرون ان تمنعوه من تعذيبكم وبالفارسية ونيستيد عاجز كنندكان خدايرا از إنفاذ امر يا از عذاب كردن مستحق قال اهل اللغة أعجزته اى صيرته عاجزا وأعجزته فيه سبقته قال فى تفسير المناسبات لما كان من يعاقب بمادون الموت ربما ظن انه عاجز قال وما أنتم اى أجمعون العرب وغيرهم بمعجزين فى الأرض لو أريد محقكم بالكلية ولا فى شىء اراده منكم كائنا ما كان وَما لَكُمْ اى عند الاجتماع فكيف عند الانفراد مِنْ دُونِ اللَّهِ المحيط بكل شىء عظمة وكبرا وعزة مِنْ وَلِيٍّ يكون متوليا لشىء من أموركم بالاستقلال يحميكم من المصائب وَلا نَصِيرٍ يدفعها عنكم وهذه الآية الكريمة داعية لكل أحد الى المبادرة عند وقوع المعصية الى محاسبة النفس ليعرف من اين أتى فيبادر الى التوبة عنه لينقذ نفسه من الهلكة وفائدة ذلك وان كان الكل بخلقه وإرادته اظهار الخضوع والتذلل
واستشعار الحاجة والافتقار الى الله الواحد القهار ولولا ورود الشريعة لم يوجد سبيل الى هذه الكمالات البديعة ومثل هذه التنبيهات تستخرج من العبد ما أودع فى طبيعته وركز فى غريزته كغرس وزرع سيق اليه ماء وشمس لاستخراج ما فى طبيعته من المعلومات الالهية والحكم العلية قال الامام الواحدي رحمه الله هذه الآية أرجى آية فى كتاب الله لان الله جعل ذنب المؤمن صنفين صنفا كفر عنهم بالمصائب وصنفاعفا عنه فى الدنيا وهو كريم ولا يرجع فى الآخرة فى عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين واما الكافر فلا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال بعضهم إذا كسب العبد شيأ من الجرائم فهو من اسباب القهر ويكون محجوبا به فاذا كان أهلا لله تعالى يعاقبه الله فى الدنيا ببعض المصائب ويخرجه من ذلك الحجاب والا فيمهله فى ضلالته والآية مخصوصة بالمجرمين فان ما أصاب غيرهم من الأنبياء وكمل الأولياء والأطفال والمجانين فلأسباب اخر لا بما كسبت أيديهم لانهم معصومون محفوظون منها التعريض للاجر العظيم بالصبر عليه قال بعضهم شوهد منه عليه السلام كرب عند الموت ليحصل لمن شاهده من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الأطفال من الكرب الشديد وفى نوادر الأصول للحكيم الترمذي قدس سره البلاء على ثلاثة اضرب منها تعجيل عقوبة للعبد كمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذي هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله إذ كرنى عند ربك فانسيه الشيطان ذكر ربه ولبث فى السجن بضع سنين ومنها امتحانه ليبرز ما فى ضميره فيظهر لحلقه درجته اين هو من ربه كمثل ما نزل بأيوب عليه السلام قال تعالى انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب ومنها كرامته ليزداد عنده قربة وكرامة كمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى إسرائيل وقد سأل النبي عليه السلام العافية من كل ذلك حيث قال واسأل الله العافية من كل بلية والعافية ان يكون فى كل وجه من هذه الوجوه إذا حل به شىء من ذلك ان لا يكله الى نفسه ولا يخذله اى يكلاءه ويرعاه فى كل من هذه الوجوه هذا
وجه والوجه الآخر ان يسأله ان يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل أكثرها من أجل الذنوب فكانه يسأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التي من أجلها تحل الشدة بالنفس فقد قال عز وجل وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير وقال تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة فاذا ابتلى بشىء من البلايا صبر عليه ليكون مأجورا ومفكرا عنه ذنوبه ومصححا له حاله ومصفى باله ونعم ما قيل ترى الناس دهنا فى القوارير صافيا ولم تدر ما يجرى على رأس سمسم (وقال الحافظ)
شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت
…
نخست در شكن تنك از آن مكان كيرد
(وما قال)
كويند سنك لعل شود در مقام صبر
…
آرى شود وليك بخون جكر شود
نسأل الله العافية وَمِنْ آياتِهِ دلائل وحدته تعالى وقدرته وعظمته وحكمته الْجَوارِ السفن الجارية وهى بالياء فى الأصل حذفت الكسر الدال عليها فِي الْبَحْرِ در دريا كَالْأَعْلامِ جمع علم بفتحتين بمعنى الجبل وكل مرتفع علم أي كالجبال على الإطلاق لا التي عليها النار للاهتداء خاصة وبالفارسية مانند كوها در عظمت فقوله جوار جمع جارية بمعنى سائرة صفة للسفن المقدرة وفى البحر متعلق بالجوار وحال منه ان كانت الجارية جامدة اسما للسفينة بالغلبة سميت بها لجريها وكالاعلام حال منه على التقديرين إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى وهو شرط جوابه قوله يُسْكِنِ الرِّيحَ التي تجريها يعنى ساكن كرداند بادى را كه سبب رفتن كشتى است فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ عطف على قوله يسكن وظل بمعنى صار وركدت السفينة إذا سكنت وثبتت اى فيصرن تلكن السفن ثوابت بعد ما كانت جوارى برياح طيبة وحاصل المعنى فيبقين ثوابت على ظهر البحر غير جاريات لا غير متحركات أصلا و چون آن كشتيها ساكن شوند بسبب سكون باد اهل كشتى در كرداب اضطراب افتد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من السفن اللاتي يجرين تارة ويركدن تارة اخرى على حسب مشيئة الله تعالى لَآياتٍ عظيمة فى أنفسها كثيرة فى العدد دالة على ما ذكر من شؤونه لِكُلِّ صَبَّارٍ بليغ الصبر على احتمال البلايا فى طاعة الله تعالى شَكُورٍ بليغ الشكر له على نعمائه باستعمال كل عضو من الأعضاء فيما خلق له (وقال الكاشفى) مرهر صبر كننده را در كشتى سپاس دارنده برقت خروج از كشتى ويجوز أن يكون مجموع صبار شكور كناية عن الآتي بجميع ما كلف به من الافعال والتروك فالمعنى لكل مؤمن كامل فى خصائل الايمان وثمراتها ترجع كلها الى الصبر والشكر فان الايمان نصفه صبر عن المعاصي ونصفه شكر وهو الإتيان بالواجبات أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا عطف على يسكن يقال أوبقه أهلكه كما فى القاموس والايباق بالفارسية هلاك كردن كما فى تاج المصادر والمعنى ان يشأ يسكن الريح فيركدن او يرسلها فتغرق بعضها اى السفن بعدله وإيقاع الايباق عليهن مع انه حال أهلهن للمبالغة والتهويل يعنى ان المراد إهلاك أهلها بسبب ما كسبوا من الذنوب موجباب الهلاك على إضمار المضاف او التجوز بعلاقة الحلول قال سعدى المفتى والظاهر انه لا منع من ابقاء الكلام على حقيقته فالآية مثل قوله تعالى وما أصابكم من مصيبة
إلخ اى يوبق سفائنهم بشؤم ما كسبوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ فلا يوبق أموالهم انتهى واجراء حكمه على العفو فى قوله تعالى ويعف عن كثير لما ان المعنى او يرسلها فيوبق ناسا وينجى آخرين بطريق العفو عنهم وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا عطف على علة مقدرة مثل لينتقم منهم وليعلم الذين يكذبون ويسعون فى دفعه وابطاله وقرىء بالرفع على الاستئناف عطفا على الشرطية وبالجزم عطفا على يعف فيكون المعنى وان يشأ يجمع بين إهلاك قوم وإنجاء قوم وتحذير قوم ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ اى من مهرب من العذاب والجملة معلق عنها الفعل فكما لا مخلص لهم إذا وقفت السفن او عصفت الرياح كذا لا مهرب لهم من عذابه بعد البعث فلا بد من الاعتراف بان الضار والنافع ليس الا الله وان كل امر عرض فانما هو بتأثيره وفى الآيات إشارات منها ان الله تعالى حثهم على الفكرة المنبهة لهم فى السفن التي تجرى فى البحار فيرسل الله الرياح تارة ويسكنها اخرى وما يريهم من السلامة والهلاك والاشارة فى هذا الى إمساك الناس فى خلال فتن الوقت عن الأنواع المختلفة ثم حفظ العبد فى إيواء السلامة وذلك يوجب خلوص الشكر الموجب له جزيل المزيد ومنها كما ان السفن تجرى فى البحر بالريح الطيبة فتصل الى الساحل كذلك بعض الهمم تجرى فى الدنيا بريح العناية فتصل الى الحضرة وكما ان لبعض السفن وقفة لانقطاع الريح فكذا لبعض الهمم بانقطاع الفيض وكما ان بعضها نهلك فكذا بعض النفوس فى بحر الدنيا نعوذ بالله تعالى ومنها ان الريح لا تتحرك بنفسها بل لها محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له وهو الله تعال فلا يجوز الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها والا فقد جاء الشرك فى توحيد الافعال والجهل بحقائق الأمور ومنها ان الصابر من صبره الله والشكور من شكره الله فان الصبر الحقيقي والشكر الحقيقي لا يكون الا لمن كان صبره بالله وشكره بالله فانه تعالى هو الصبور الشكور ومنها أن علم الله قديم ليس بحادث واما علم الخلق فحادث متأخر ولذلك قال ويعلم إلخ فالعاقل يرى عاقبة الأمر فيحذر كما قيل (ع) در انتهاى كار خود از ابتدا ببين فَما أُوتِيتُمْ پس آنچهـ داده شده آيد مِنْ شَيْءٍ مما ترغبون ايها الناس وتتنافسون فيه من مال ومعاش وأولاد فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى فهو متاعها ومنفعتها تتمتعون وتنتفعون به مدة حياتكم القليلة فيزول ويفنى فما موصولة متضمنة لمعنى الشرط من حيث ان إيتاء ما أوتوا سبب للتمتع به فى الحياة الدنيا ولذا دخلت الفاء فى جوابها وقدر المبتدأ لان الجواب لا يكون الا جملة يعنى ان سببيته مقصود فيها الاعلام لتضمنها الترغيب فى الشكر بخلاف الثانية وهى قوله تعالى وما عند الله إلخ فان المقصود فيها بيان حال ان ما عند الله سبب للخيرية والدوام وقد يقال ان ما شرطية على انها مفعول ثان لأوتيتم بمعنى أعطيتم والاول وهو ضمير المخاطبين قائم مقام الفاعل ومن شىء بيان لها لما فيها من الإبهام وَما عِنْدَ اللَّهِ من ثواب الآخرة أشير اليه آنفا خَيْرٌ ذاتا لخلوص نفعه وهو خبر ما وَأَبْقى زمان حيث لا يزول ولا يفنى بخلاف ما فى أيدي الناس وفيه اشارة الى ان الراحات فى الدنيا لا تصفو ومن الشوائب لا تخلو وان اتفق لبعضهم منها فى الأحايين فانها سريعة الزوال وشيكة الارتحال وما عند الله من الثواب الموعود خير وأبقى من هذا القليل الموجود بل ما عند الله من الألطاف الخفية والمقامات العلية
والمواهب السنية خير وأبقى مما فى الدنيا والآخرة لِلَّذِينَ آمَنُوا أخلصوا فى الايمان وهو متعلق بأبقى وفى الحواشي السعدية الظاهر ان اللام للبيان اى للبيان من له هذه النعمة وقد بينه ابو الليث فى تفسيره بقوله ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال للذين آمنوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ لا على غيره تعالى اى خصوا ربهم بالتوكل عليه فيما يعرض لهم من الأمور لا يسندون امرا الا اليه ولا يعتمدون الا عليه وعن على رضى الله عنه انه تصدق ابو بكر رضى الله عنه بما له كله فلامه جمع من المسلمين فنزلت
مستغرق كار خود چنانم كه دكر
…
پرواى ملامتكر بى كارم نيست
بين
ان ثواب الاخرة مع كونه خيرا مما فى الدنيا وأبقى يحصل لمن اتصف بصفات وجمع بينهما وهو الايمان والتوكل وما ذكر بعدهما فالمؤمن والكافر يستويان فى ان الدنيا متاع لهما يتمتعان بها كما قال فى البستان
أديم زمين سفره عام اوست
…
برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وإذا صار الى الآخرة كان ما عند الله خيرا للمؤمن فمن عرف فناء متاع الدنيا وتيقن ان ما عند الله خير وأبقى ترك الدنيا واختار العقبى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (حكى) انه كان لهرون الرشيد ابن فى سن ست عشرة فزهد فى الدنيا وتجرد واختار العبادة فمر يوما على الرشيد وحوله وزراؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة الدنية فدعاه هرون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك هذه فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طائرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك الا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل أنت فضحتنى بين الأولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما ومصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت عمل الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر الواعظ البصري رحمه الله استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذه افعال الأولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال (يا صاحبى لا تغترر بتنعم
فالعمر ينفذ والنعيم يزول)
…
وإذا حملت الى القبور جنازة
فاعلم بابك بعدها محمول) ثم وصانى بالغسل والتكفين فى جبته فقلت يا حبيبى ولم لا أكفنك فى الحديد فقال الحي أحوج الى الجديد من الميت يا أبا عامر الثياب تبلى والأعمال تبقى ثم قال ادفع هذا المصحف والخاتم الى الرشيد وقل له يقول لك ولدك الغريب لا تدومن على غفلتك قال ابو عامر فلما غسلته وكفنته بما اوصى ودفنته دفعت المصحف والخاتم الى الرشيد وحكيت ما جرى فبكى وقال فيم استعملت قرة عينى وقطعة كبدى قلت فى الطين والحجارة قال استعملته فى ذلك وله اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما عرفته قال ثم أنت غسلته قلت نعم فقيل يدى وجعلها على صدره ثم زار قبره ثم رأيته فى المنام على سرير عظيم فى قبة عظيمة فسألته عن حاله فقال صرت الى رب راض أعطاني مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب
بشرو آلى على نفسه الشريفة اى قال والله الذي خلقنى لا يخرج عبد من الدنيا كخروجى الا أكرمه مثل كرامتى قال بعضهم ما ظهر من افعالك وطاعتك لا يساوى اقل نعمة من نعيم الدنيا من سمع وبصر وكيف ترجو بها نجاة الآخرة فالنعيم كله بالفضل لا بالاستحقاق ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوز ماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعد هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشانا فهل كنت تعطيه قال نعم فقال لو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يستوى بشربة ماء يعنى فشربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس كذلك فلو أخذ لحظة ثم انقطع الهولء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام حار او بئر عميق مات فعلى العبد التوغل فى العبادة شكرا لنعم الله تعالى ومن أفضل الطاعات التوكل وهو ترك التدبير والانخلاع عن الحول والقوة قال الجنيد قدس سره حقيقة التوكل ان يكون العبد مع الله بعد وجوده كما كان قبل وجوده وهو مقتضى الحال كما ان الكسب مقتضى العلم (روى) ان النوري قدس سره تعبد مع عالم فى مسجد وكان النوري يجمع ما نبذه الناس فى آخر النهار ويغسله ويأكل معه فسأله سائل فاعطاه فقال له رفيقه العالم قد قنعنا من الدنيا بما يطرحه الناس وأنت تنفقه ايها العابد لو كان معك علم فبعد ساعة جاء طعام من غنى فأكلا ثم قال النوري ايها العالم لو كان معك حال فانظر حال التوكل واليقين والاتكال على الملك المتعال من خصائص توحيد الافعال الحاصل بإصلاح الطبيعة فى مقام الشريعة پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدراى كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وَالَّذِينَ إلخ فى موضع الجر عطفا على الذين آمنوا عطف الصفة على الصفة لان الذات واحدة والعطف انما هو بين الصفات يَجْتَنِبُونَ الاجتناب با يك سو شدن وترك كردن كَبائِرَ الْإِثْمِ الإثم الذنب كما فى القاموس وقال الراغب الإثم والأثام اسم للافعال المبطئة عن الثواب وقوله تعالى فيهما اثم كبيراى فى تناو لهما إبطاء عن الخيرات وتسمية الكذب اثما كتسمية الإنسان حيوانا لكونه من جملتهم والكبيرة ما أوجب الله عليه الحد فى الدنيا والعذاب فى الآخرة وفى المفردات الكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظم عقوبته والمعنى يجتنبون الكبائر من هذا الجنس فالاضافة بمعنى من ولكون المراد جنس الإثم لم يقل كبائر الآثام قال فى كشف الاسرار أضاف الكبائر الى الإثم فان اثم الصغيرة مغفور إذا اجتنب الكبيرة كما قال الله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم قرأ حمزة والكسائي وخلف كبير الإثم على التوحيد ارادة الجنس قال الراغب قوله والذين يجتنبون كبائر الإثم وقوله ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قيل أريد بهما الشرك لقوله ان الشرك لظلم عظيم قال ابن عباس كبير الإثم هو الشرك قال الامام الرازي هو عندى ضعيف لان ذكر الايمان يغنى عنه يقول الفقير لا يغنى فانه بالايمان يحصل الاجتناب عن مطلق الشرك الشامل للجلى والخفي بل عن الجلى فقط وقد اطلق عليه السلام الشرك على الرياء حيث قال اتقوا الشرك الأصغر فالقول ما قال ترجمان القرآن رضى الله عنه وقرأ الباقون
كبائر الإثم على ارادة جميع المعاصي الموبقة وهو الشرك بالله اى الكفر مطلقا وان لم يعبد الصنم وقتل النفس بغير حق سوآء قتل نفسه او غيره وقذف المحصنة اى شتم الحرة المكلفة المسلمة العفيفة التي أحصنها الله عن القبائح والزنى وهو وطئ فى قبل المرأة خال عن ملك وشبهة فوطئ البهيمة واللواطة ليس بزنى والسحر ويقتل الساحر ذكرا كان او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض واما إذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر وتضرب الأنثى وتحبس وأكل مال اليتيم الا بجهة الشرع كما قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى احسن واما ما اخذه قضاة الزمان حقا للقسمة فأصله مشروع إذا لم يعين له من بيت المال حق وكميته مشكلة وعقوق الوالدين المسلمين إذا كان مؤديا الى اضاعة الحقوق والا فلا صاعة المخلوق فى معصية الخالق واما إذا كانا كافرين قال الله تعالى فى حقهما وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك
به علم فلا تطعمها والإلحاد فى الحرم اى الذنب فيه ولو صغيرة فالكبيرة فيه كبيرتان وقيل الإلحاد فيه منع الناس عن عمارته ومن عمارته الحج فالأعراب الذين يقطعون طريق الحجاج فى هذه الزمان ان استحلوا ذلك كفروا والا أثموا انما كبيرا وأكل الربا اى الانتفاع بالربا سوآء كان أكلا او غيره وانما ذكر أكله لكونه معظم منافعه والسرقة ونصابها عند ابى حنيفة قدر عشرة دراهم عينا او قيمة وهذا نصاب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فأخذ ما دون عشر يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وشرب الخمر وقطع الطريق خصوصا إذا كان مع أخذ المال فانه فوق السرقة وشهادة الزور واليمين الغموس وسوء الظن بالله وحب الدنيا ولعن الرجل والديه سوآء كان بوسط او بغيره ومعنى بوسط ان يسب أبا رجل وامه فيسب هو أباه وامه واذية الرسول عليه السلام فانها فوق عقوق الوالدين وسب الشيخين ابى بكر وعمر رضى الله عنهما قال القهستاني سب أحد من الصحابة ليس بكفر كما فى خزانة المفتين وغيرها لكن فى مجموع النوازل لو قال أحد من يسب الشيخين او يلعنهما رضى الله عنهما لم يقتص منه فانه كافر لان سبهما ينصرف الى سب النبي عليه السلام وسب الختنين ليس بكفر كما فى الخلاصة وهو مشكل لان سب اهل العلم على وجه الاهانة إذا كان كفرا فكيف لا يكون سب الختنين كفرا وسب العالم بالعلوم الدينية على وجه المزاح فانه يعزر والإصرار على الصغيرة فانه عليه السلام قال لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وقد قال الامام علاء الدين التركستانى الحنفي رحمه الله فى منظومته عدد الكبائر سبعون فمنها الغناء بالكسر والمد وقد يقصر وهو رفع الصوت بالاشعار والأبيات على نحو مخصوص قال الامام الغزالي رحمه الله فى الاحياء واحتجوا على حرمة الغناء بما رواه ابو امامة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال ما رفع أحد صوته بغناء الا بعث الله له شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك قال بعضهم المراد به الغناء الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبه المخلوقين لا ما يحرك الشوق الى الله ويرغب فى الآخرة ومنها الظلم والغيبة والتجسس والتطفيف فى الكيل والوزن والكبر والعجب والحسد وترك الوفاء بالعهد والخيانة فى نسوة الجيران وترك الصلاة والصوم والزكاة والحج
إذا كان له استطاعة وفى الطريق أمن ونسيان القرآن وكتم الشهادة وقطع الرحم والسعى بين اثنين بالفساد والحلف بغير الله والسجدة لمخلوق فانها كعبادة الصنم وترك الجمعة والجماعة وان يقول لمسلم يا كافر ومصادقة الأمير الجائر ونكاح الكف وفى الحديث ناكح الكف ملعون وهو من يعالج ذكره بيده حتى يدفق كما فى شرح المنار لابن الملك وقال الرهاوي لم أجده فى كتب الحديث وانما ذكره المشايخ فى كتب الفقه وفى حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه قال سمعت ان قوما يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وأراد تسكين الشهوة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته عند الضرورة ومنها تعييب أحد من الناس والقصاص بغير عدل وترك العدل فى القسم وترك الشكر فى القسم واللواطة وإتيان المرأة فى الحيض والسرور بالغلاء والخلوة بالاجنبية وإتيان البهيمة وقد كان بعض الجهال من الزهاد يفعله تسكينا للشهوة ثم علم حرمته وتاب وفى نوادر ابى يوسف وطئ بهيمة نفسه تذبح وتحرق ان لم تكن مأكولة وان كانت مما يؤكل تذبح ولا تحرق وان كانت لغيره تدفع الى الفاعل على القيمة وتذبح وتحرق وقال بعضهم تؤكل وفى الأجناس من أصحابنا من قال تذبح وتحرق على وجه الاستحباب اما بهذا الفعل لا يحرم أكل الحيوان المأكول كذا فى خزانة الفتاوى ومنها تصديق الكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل
الزمان ويدعى معرفة الاسرار ومطالعة علم الغيب واللعب بالنردشير وفى الحديث من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير الشطرنج معرب صد رنك ورنك فى الفارسية الحيلة والنرد شير اللعب المعروف بالنرد قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر وكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ومنها النياحة واستباحتها واظهار الصلاح وإخفاء الفسق وتعييب الطعام واستماع الملاهي وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر وهو على وجه التهديد ولو امسك شيا من المعازف كالطنبور والمزمار ونحوهما يأثم وان كان لا يستعملهما لان امساكهما يكون للهو عادة ومنها الرقص بالرباب ونحوه ودخول بيت الغير بغير اذنه والنظر فيه والنظر الى الوجه المليح عن شهوة قان الصبيح فى حكم النساء بل أشد ولذا قيل ان مع كل امرأة شيطاتين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة رحمه الله يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سنرية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه وفى بستان الفقيه ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ورؤى واحد فى المنام بعد موته وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال نظرت الى غلام فاحترق وجهى فى النار ومنها ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والسخرية وأخذ الصلة والعطاء من اهل الجور وقال قوم ان صلات السلاطين تحل للغنى والفقير إذا لم يتحقق انها حرام وانما التبعة على المعطى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا كان ظاهر الإنسان
الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم وَالْفَواحِشَ واز كارها زشت جمع فاحشة وهى القبيحة او المفرطة فى القبح قال فى القاموس الفاحشة الزنى وما يشتد قبحه من الذنوب فيكون عطف الفواحش على الكبائر من عطف البعض على الكل إيذانا بكمال شناعته وقيل هما واحد والعطف لتغاير الوصفين كانه قيل يجتنبون المعاصي وهى عظيمة عند الله فى الوزن وقبيحة فى العقل والشرع وفى التأويلات النجمية كبائر الإثم حب الدنيا ومتابعة الهوى فانها رأس كل خطيئة ومنشأها والفواحش هى الاشتغال بطلب الدنيا وصرفها فى اتباع الهوى وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ إذا ظرفية عمل فيها يغفرون والجملة الاسمية هى المعطوفة على الصلة وهى يجتنبون عطف اسمية على فعلية والتقدير والذين يجتنبون وهم يغفرون لا انها شرطية والاسمية جوابها لخلوها عن الفاء وما زائدة مع إذا فانها وان كانت تزاد مع إذا التي للشرط لكن فى إذا الزمانية معنى الشرط وهو ترتب مضمون جملة على اخرى فتضمنت معنى حرف الشرط فلذلك اختير بعدها الفعل لمناسبة الفعل الشرط وإذا الزمانية للمستقبل وان كانت داخلة على المضي كما عرف فى النحو والغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه وقوله هم مبتدأ ويغفرون خبر والمغفرة هنا بمعنى العفو والتجاوز والحلم وكظم الغيظ والمعنى وهم يعفون ويتجاورون ويحلمون ويكظمون الغيظ وقت غضبهم على أحد ويتجرعون كاسات الغضب النفسانية بأفواه القلوب الروحانية الربانية ويسكنون صورة الصفة الشيطانية وبالفارسية ووقتى كه خشم كيرند بر مردمان نيست رنجى وزيانى ومكروهى كه بديشان رسانند ايشان در ميكذرانند انرا وعفو ميكنند وفيه دلالة على انهم الاخصاء بالمغفرة حال الغضب لعزة منالها لا يريل الغضب اخلاقهم كسائر الناس وذلك لان تقديم الفاعل المعنوي او التقديم مطلقا يفيد الاختصاص ثم يجور فى النظم ان يكون هم تأكيدا للفاعل فى قوله غضبوا وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط كذا فى الحواشي السعدية قال بعض الكبار فى قوله للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون اشارة الى مقام الرضى وتوحيد الافعال والصفات فتوحيد الافعال بإصلاح الطبيعة وتوحيد الصفات بإصلاح النفس بالاجتناب عن كبائر الإثم وفواحش الشرك والسيئات والاحتراز
عن الغضب وسائر رذائل الصفات قيل لبعض الأنبياء إذا خرجت من بيتك غدا فكل من استقبلك اولا واستر الثاني وأعرض عن الثالث فلما كان الغد استقبله جبل عظيم فقصد الى أكله امتثالا للامر فصار تفاحة فأكلها فوجدها ألذ الأشياء ثم وجد طشتا من ذهب فكلما ستره خرج ثم رأى مزابل فأعرض عنها فقيل اما الجبل فالشدة والغضب فعند ظهورها ترى كالجبل فبالصبر وقصد الهضم تصير حلوا
تحمل نمايد چورهرت نخست
…
ولى شهد كردد چودر طبع رست
واما الطشت فالحسنات وحسن الحال فكلما قصد صاحبها الى سترها انكشفت
اگر مسك خالص ندارى مكوى
…
وكر هست خود فاش كردد ببوى
واما المزابل فالدنيا
جاى روح پاك عليين بود
…
كرم باشد كش وطن سركين بود
وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ نزلت فى الأنصار دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الايمان فاستجابوا له اى لرسول الله من صميم القلب كما هو المفهوم من اطلاق الاستجابة وفيه اشارة الى ان الاستجابة للرسول استجابة للمرسل فهو من عطف الخاص على العام لمزيد التشريف وذلك لان الاستجابة داخلة فى الايمان فما وجه العطف مع عدم التغاير بين الوصفين ولا يلزم فيه ان تكون الآية مدنية فان كثيرا منهم اسلموا بمكة قبل الهجرة وفى الآية اشارة الى استجابة خطاب ارجعي الى ربك فانها استجابة مخصوصة بالنفس حاصلة لها بالسلوك وَأَقامُوا الصَّلاةَ من أوصاف الأنصار ايضا والمراد الصلوات الخمس فانهم يجدون أوقاتها وان كان تفاوت قليل فى ساعات الليل والنهار فى الحرمين الشريفين على ما جربناه قال العلماء من الناس من لم يجد وقت المغرب والعشاء لانه يطلع الفجر حين تغرب الشمس فيسقط عنهم ما لا يجدون وقته وهذا كما ان رجلا إذا قطع يداه مع المرفقين او رجلاه مع الكعبين ففرائض وضوئه ثلاث لفوات محل الرابعة وانما ذكر اقامة الصلاة ولم يذكر غيرها من العبادات كايتاء الزكاة والصوم مثلا لانه ما بين العبد والايمان الا اقامة الصلاة كما انه ما بينه وبين الكفر الا ترك الصلاة فاذا اقام الصلاة فقد آمن واقام الدين كما إذا تركها فقد كفر وهدم الدين وفى الحديث أول ما يحاسب العبد يوم القيامة بصلاته فان صلحت أفلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر وقال عليه السلام أول ما يحاسب الرجل على صلاته فان كملت والا أكملت بالنافلة ثم يأخذ الأعمال على قدر ذلك وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ مصدر كالفتيا بمعنى التشاور وأصله من الشور وهو الإخراج تسمى به لان كل واحد من المتشاورين فى الأمر يستخرج من صاحبه ما عنده والمعنى وأمرهم ذو شورى لا ينفردون برأى حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وبالفارسية كار ايشان با مشورتست ميان ايشان قال سعدى المفتى فان قلت لا حاجة الى إضمار المضاف لظهور صحته وشأنهم تشاور قلت المصدر المضاف من صيغ العموم فيكون المعنى جميع أمورهم تشاور ولا صحة له الا ان يقصد المبالغة فى كثرة ملا بستهم به وعلى هذا فيجوز أن يكون قوله ذو شورى لبيان حاصل المعنى انتهى وكانوا قبل الهجرة وبعدها إذا حزبهم امر اجتمعوا وتشاوروا وذلك من فرط تدبرهم وتفقههم فى الأمور
مشورت بهر آن صواب آمد
…
در همه كار مشورت بايد
وفى عين المعاني وأمرهم شورى بينهم حين سمعوا بظهوره عليه السلام فاجتمع رأيهم فى دار ابى أيوب على الايمان به والنصر له وقيل لها العموم اى لا يستبدون برأيهم فيما لا وحي فيه من امر الدين بل يشاورون الفقهاء وقيل فى كل ما يعرض من الأمور انتهى قال على رضى الله عنه نعم الموازنة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد قال حكيم اجعل سرك الى واحد ومشورتك الى ألف وقيل ان من بدأ بالاستخارة وثنى بالاستشارة لحقيق ان لا يضل رأيه قال الإسكندر لا يستحقر الرأى الجزيل من الرجل الحقير فان الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها يقال اعقل
الرجال لا يستغنى عن مشاورة اولى الألباب وأفره الدواب لا يستغنى عن السوط وأورع النساء لا يستغنى عن الزوج وفى الآية اشارة الى التمسك بذيل ارادة المشايخ فى السلوك الى لحضرة ليتسلكوا بمشاورتهم وإرشادهم لا باسترسال النفس والهوى وتلقين الشيطان كما قال الجنيد قدس سره من لم يكن له أستاذ فاستاذه الشيطان وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من الأموال يُنْفِقُونَ اى فى سبيل الخير ولا التفات الى انفاق الكافر فانه لم يستجب لربه بالايمان والطاعة فخيره محبط بكفره ولعل فصله عن قرينه بذكر المشاورة لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات كما فى الإرشاد وقال سعدى المفتى ثم ان إدخال هذه الجملة فى مرهم العين لعله لمزيد الاهتمام بشأن التشاور للمبادرة الى التنبيه على ان استجابتهم للايمان كانت عن بصيرة ورأى سديد انتهى وفى الآية دلالة على فضيلة الانفاق والتوكل على الغنى الخلاق (حكى) ان بعض الشيوخ اخذه الناس ليشهدوا عند سلطان المغرب بفسقه وبكونه واجب القتل فمر الشيخ فى الطريق بخباز فاستقرض منه نصف خبز فتصدق به فلما حضروا فى الديوان شهد واله بالخير ولم يقدر وأعلى خلافه وذلك
ببركة الصدقة كما قال عليه السلام اتقوا النار ولو بشق تمرة فاذا كان نصف تمرة وقاية من النار الكبرى فكيف لا يكون نصف خبز وقاية من النار الصغرى رسول الله فرموده است كه صدقه نهانى خشم حق را بنشاند ودر موقف قيامت صدقه را سايه است كه از حرارت آفتاب آن روز نكاه دارد ودو سايه صدقه خود آسوده باشد تا حكم خلق بآخر رسد (قال الصائب)
زمان خويش بإحسان تمتعى بردار
…
مشو چوكنج بنامى چواژدها قانع
سئل الشبلي قدس سره عن الزكاة فقال اما عليك ففى عشرين درهما خمسة دراهم واما على ففى عشرين درهما عشرون درهما يعنى ان مذهب الصوفية بذل الكل والتوجه من الأسباب الى المسبب فقال هذا مذهب من فقال مذهب ابى بكر الصديق رضى الله عنه وذلك ان الصديق رضى الله عنه أنفق جميع ماله للتجرد والخلاص من الشح ولم يبق له شىء يتستر به فارسلت اليه فاطمة رضى الله عنها خرقة فتستر بها وعزم الى مجلس النبي عليه السلام فنزل جبرائيل عليه السلام على زى ابى بكر فسأله النبي فقال ان ملائكة السماء كلهم على هذا الزي اتباعا لابى بكر ثم قال ان الله تعالى يسلم عليك ويقول قل لابى بكر رضى الله عنه هل رضى منى فقد رضيت عنه وعلم منه ان ترك الدنيا وسيلة الى رضى الله تعالى كما ان ترك ما سوى الله موصل الى الله ثم ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل برو معروف كما قال عليه السلام كل معروف صدقة والمراد ما عرف فيه رضى الله تعالى من الأموال والأقوال الافعال وانفاق الواصلين الى التوحيد والمعرفة أشرف وأفضل لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلب والأرواح در كشف الاسرار فرموده كه ابو بكر شبلى بيش از انكه قدم در كوى طريقت نهاد پيش از ايشان ببغداد ميرسيد عادت داشت كه دزديده بمجلس جنيد رفتى روزى بر زبان جنيد برفت كه اگر همه بت پرستان وناكسان عالم را بفردوس أعلى فرود آرد هنوز حق سبحانه وتعالى كرم خود را نكزارده باشد شبلى از جاى برجست
نعره زنان وجامه در آن كفت منم از ناكسان چهـ كويى مرا پذيرد درين حال جنيد كفت اى جوان بمراسلت موسى وهرون چندين سال فرعون مدبر را ميخواندند تا بپذيرد اگر سوخته موحد كه به پاى خود آيد او را چون نپذيرد شبلى در كار آمد وهر چهـ داشت از ضياع وأثواب واموال جمله در باخت ومجرد ماند انكه كفت اى شيخ مرا چهـ بايد كرد كفت در بازار بايد شد ودر يوزه بايد كرد همچنان كرد تا چنان كشت كه كس بوى خبرى ندارد پس جنيد تازيانه بوى داد وكفت درين سردابه شو درد را باندوه وخشم باب حسرت سپار وهركاه كه خبر حق بر خاطر كذر كند باين تازيانه اندامهاى خويش در هم شكن شبلى سه سال در ان سردابه آب حسرت از ديدكان همى ريخت وبروزكار كذشته دريغ وتحسر همى خورد بعد از سه سال سكرى در وى پديد آمد همچومستان واله وسر كردان از ان سردابه برون آمد كاردى بدست كرفت ودر بغداد همى كشت وميكفت بجلال قدر حق كه هر كه نام دوست برد باين كارد سرش از تن جدا كنم آن خبر بجنيد رسيد جنيد كفت او را شربتى داده اند مست كشته از مستى وبيخودى ميكويد آنچهـ ميكويد چون با خود آيد ساكن شود يكسال در ان مقامش بداشتند چون از ان مقام دركذشت دامن خويش پر از شكر كرده بكرد محلها ميكشت وميكفت هر كه بگويد الله دهانش پر از شكر كنم پس عشق وى روى در خرابى نهاد پيوسته در همه اوقات همى كفت الله تا روزى كه جنيد كفت يا أبا بكر اگر دوست غايبست اين غيب كردن چراست واگر حاضر است اين كستاخى وترك ادب از كجاست سخن جنيد او را ساكن كرد پس جنيد بفرمود تا او را بحمام بردند وموى چند ساله از سر وى فرو كردند آنكه دست وى كرفت وبمسجد شو نيزيه برد هشتاد كس از جوانمردان طريقت وسلاطين حقيقت حاضر بودند چون ابو الحسين نورى وابو على رودبارى وسمنون المحب ورويم بغدادى وجعفر خلدى وأمثال ايشان جنيد كفت اى مشايخ واصحاب هر چهـ پير سرى سقطى
از رياضت ومجاهده از ما بديد ما ازين كودك بديديم اگر اجازت فرماييد با لباس بگرداند باشد كه بركات اين لباس او را بر استقامت دين بدارد واگر حق اين لباس فرو نهد لباس خود از وى داد خود بستاند جنيد بر پاى خاست ومرقع از سر خود بركشيد ودر كردن شبلى افكند يقول الفقير فى هذه الحكاية إشارات منها ان الشبلي قدس سره خرج من جميع ماله فصار نظير الصديق رضى الله عنه من هذه الامة
صائب حريف سيلىء باد خزان نه
…
پيش از خزان خود بفشان برك وبار را
ومنها ان الجنيد قدس سره أنفق على الشبلي من معارفه وأنعم عليه حال إرشاده من عوارفه لان الغنى مأمور بانفاق بعض ماله عند وجد ان مصارفه (قال الحافظ)
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت
…
روزى تفقدى كن درويش بى نوا را
ومنها ان المريد لا يصلح لخرقة المشايخ الا بعد الاستعداد لها بمدة وان الخرقة من شأن اهل التجرد (قال الجامى)
وصلش مجوى در اطلس شاهى كه دوخت عشق
…
اين جامه بر تنى كه نهان زير ژنده بود
ومنها ان ابتداء الأمر من الله وانتهاءه ايضا الى الله الا الى الله تصير الأمور والله خير وأبقى چند پويد بهواي تو بهر سو حافظ يسر الله طريقا بك يا ملتمسى وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ معطوف على ما قبله من الموصول والاصابة بالفارسية پرسيدن والبغي الظلم والتجاوز عن الحد والقصر المفهوم من تقديم هم إضافي والانتصار طلب النصرة وفى تاج المصادر داد ستدن والمعنى إذا وصل إليهم الظالم والتعدي من ظالم متعد ينتقمون ويقتصون ممن بغى عليهم على الوجه الذي جعله الله ورخصه لهم لا يتجاوزون ذلك الحد المعين وهو رعاية المماثلة واما غيرهم فليسوا كذلك فهذا هو معنى التخصيص هنا وبه ايضا تندفع المخالفة بين وصفين كل منهما على طريق القصر وهذا وصف لهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمهات الفضائل من الدين والتيقظ والحلم والسخاء وذلك لان البغي انما يصيبهم من اهل الشوكة والغلبة وإذا انتقموا منهم على الحد المشروع كراهة التذلل باجتراء الفساق عليهم وردعا للجانى عن الجراءة على الضعفاء فقد ثبت شجاعتهم وصلابتهم فى دين الله وكان النخعي رحمه الله إذا قرأ هذه الآية يقول كانوا يكرهون ان ينالوا أنفسهم فتجترىء عليهم السفهاء قال الشاعر
ولا يقيم على ضيم يراد به
…
الا الأذلان غير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته
…
وذا يشج فلا يرثى له أحد
اى لا يصبر على ظلم يراد فى حقه الا الأذلان اللذان هما فى غاية الذل وهما الحمار المربوط على الذل بقطعة حبل بالية والوتد الذي يدق ويشق رأسه فلا يرحم له أحد ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه فان قلت لما كان عطف الذين استجابوا من عطف الخاص تضمن وصف المعطوف عليه وصف المعطوف قلت هذا الانتصار لا ينافى وصفهم بالغفران فان كلا منهما فضيلة محمودة فى موقع نفسه ورزيلة مذمومة فى موقع صاحبه فان الحلم عن العاجز وعورات المكرام محمود وعن المتغلب وهفوات اللئام مذموم فانه إغراء على البغي وعليه قول من قال
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
…
وان أنت أكرمت اللئيم تمردا
فوضع الندا فى موضع السيف بالعلى
…
مضر كوضع السيف فى موضع الندا
فالعفو على قسمين أحدهما ان يصير العفو سببا لتسكين الفتنة ورجوع الجاني عن بغايته فايات العفو محمولة على هذا القسم فزال التناقض فمن أخذ حقه من ظالم غير عاد لامر الله فهو مطيع وقال ابن زيد وبعض المالكية جعل الله المؤمنين صنفين صنفا يعفون عن ظالميهم فبدأ بذكرهم فى قوله وإذا ما غضبوا هم يغفرون وصنفا ينتصرون من ظالميهم وقال بعضهم الاول وصف الخواص وهذا وصف العوام (وقال الكاشفى) چون برسد ايشانرا ستمى از كافران ايشان از دشمنان خود انصاف بستانند بشمشير يعنى از ايشان انتقام كشند زيرا كه انتقام از كفار فرض است وجهاد كردن با ايشان لازم واشارت الآية الى
ان الظالم مغلوب قال على كرم الله وجهه لا ظفر مع البغي
هر كه از راه بغى خيرى جست
…
ظفر از راه او عنان برتافت
ور ظفر يافت منفعت نكرفت
…
پس چنانست آن ظفر كه بتافت
وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ و پاداش كرداريد سَيِّئَةٌ مِثْلُها كرداريست مانند آن رهو بيان لوجه كون الانتصار من الخصال الحميدة مع كونه فى نفسه إسائة الى الغير بالاشارة الى ان البادي هو الذي فعله لنفسه فان الافعال مستتبعة لأجزيتها حتما ان خيرا فخير وان شرا فشر وفيه تنبيه على حرمة التعدي واطلاق السيئة على الثانية مع انها جزاء مشروع مأذون فيه وكل مأذون حسن لا سيىء لانها تسوء من نزلت به او للازدواج يعنى المشاكلة كما فى قوله تعالى فان عاقبتم وعلى هذا فالسيئة مقابل الحسنة بخلافها فى الوجه الاول والمعنى انه يجب إذا قوبلت الاساءة ان تقابل بمثلها من غير زيادة قال الحسن إذا قال لعنك الله او أخزاك الله فلك ان تقول أخزاك الله او لعنك الله وإذا شتمك فلك ان تشتمه بما شتم ما لم يكن فيه حد كلفظ الزنى او كلمة لا تصلح فلا تجرى المقابلة فى الكذب والبهتان قال فى التنوير قال لآخر يا زانى فقال له الآخر لا بل أنت الزاني حدا بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال أنت تكافئا ولو لم يجب بل رفع الأمر الى القاضي ليؤدبه جاز وعن بعض الفقهاء فى هذه الآية وقد قيل انه الشافعي رحمه الله ان للانسان ان يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه واستشهد فى ذلك بقول النبي عليه السلام لهند زوجة ابى سفيان خذى من ماله ما يكفيك وولدك فأجاز لها أخذ ذلك بغير اذنه كذا ذكره القرطبي فى تفسيره فَمَنْ عَفا عن المسيء اليه جنايته اى ترك القصاص (وقال الكاشفى) پس هر كه عفو كند از ستمكار خود كه مسلمان باشد وترك انتقام نمايد از وى وَأَصْلَحَ بينه وبين من يعاديه بالعفو والإغضاء قال فى الحواشي السعدية الفاء للتفريع اى إذا كان الواجب فى الجزاء رعاية المماثلة من غير زيادة وهى عسرة جدا فالاولى العفو والإصلاح إذا كان قابلا للاصلاح بأن لم يصر على البغي وفى الحديث ما زاد الله عبد العفو إلا عزا فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عدة مبهمة منبئة عن عظمة شأن الموعود وخروجه عن الحد المعهود إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ البادئين بالسيئة والمتعدين فى الانتقام وهو استئناف تعليلى متعلق بقوله وجزاء إلخ وقوله قمن عفا إلخ اعتراض يعنى انما شرعت المجازاة وشرطت المساواة لانه لا يحب الظالمين وذكر ان أبا بكر الصديق رضى الله عنه كان عند النبي صل الله عليه وسلم ورجل من المنافقين يسبه وابو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يتبسم فأجابه ابو بكر فقام النبي عليه السلام وذهب فقال ابو بكر يا رسول الله مادام يسبنى كنت جالسا فلما أجبته قمت فقال النبي عليه السلام ان ملكا كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب المك وجاء الشيطان وانا لا أكون فى مجلس يكون هناك الشيطان فنزل فمن عفا وأصلح فاجره على الله وفى الحديث إذا كان يوم القيامة نادى مناد اين العافون عن الناس هلموا الى ربكم وخذوا أجوركم وحق لكل مسلم إذا عفا ان يد خله الجنة
عفو از كناه سيرت اهل فتوتست
…
بي حلم وعفو كار فتوت تمام نيست
وعنه عليه السلام إذا جمع الله الخلائق يوم القيمة نادى مناد أين أهل الفضل فيقوم ناس وهم قليلون فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون وما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا اغتفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقولون لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارباب القلوب الذين أصابهم الظلم من قبل أنفسهم هم ينتصرون من الظالم وهو نفسهم بكج عنانها عن الركض فى ميدان المخالفة وجزاء سيئة صدرت من النفس من قبل الحرص او الشهوة او الغضب او البخل او الجبن او الحسد او الكبر او الغل سيئة تصدر من القلب مثل ما يصادف علاجها اى يضد تلك الأوصاف فان العلاج بأضدادها ولا يجاوز عن حد المعالجة فى رياضة النفس وجهادها فان لنفسك عليك حقا فمن عفا عن المبالغة فى رياضة النفس وجهادها بعد ان أصلح النفس بعلاج أضداد أو صافها فاجره على الله بان يتصف بصفاته فان من صفاته العفو وهو عفو يحب العفو فيكون العبد عفوا محبو بالله تعالى انه لا يحب الظالمين الذين يضعون شدة الرياضة مع النفس موضع العفو وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ اللام لام الابتداء ومن شرطية لدخول الفاء فى جوابها وهو فاولئك او موصولة ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط وقوله بعد ظلمه من اضافة المصدر الى المفعول اى بعد ما ظلم وقرىء به وتذكير الضميرين باعتبار لفظ من والمعنى ولمن انتقم واقتص بعد ظلم الظالم إياه يعنى فى الحقوق المالية والجزاء فيما إذا ظفر بالجنس عندنا وعند الشافعي بغير الجنس ايضا فَأُولئِكَ المنتصرون فهو اشارة الى من والجمع باعتبار المعنى ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ بالمعاتبة او المعاقبة لانهم فعلوا ما أبيح لهم من الانتصار يا ايشانرا كناهى نيست والسبيل الطريق الذي فيه سهولة والآية دفع لما تضمنه السياق من اشعار سد باب الانتصار إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ اى يبتدئو انهم بالإضرار او يعتدون فى الانتقام وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
اى يتكبرون فيها تجبرا وإفسادا أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الظلم والبغي بغير الحق لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بسبب ظلمهم وبغيهم وَلَمَنْ صَبَرَ على الأذى واللام للابتدآء ومن موصولة مبتدأ وَغَفَرَ لمن ظلمه ولم ينتصر وفوض امره الى الله تعالى وعن على رضى الله عنه الجزع اتعب من الصبر
در حوادث بصبر كوش كه صبر
…
برضاى خداى مقرونست
إِنَّ ذلِكَ منه لانه لا بد من العائد الى المبتدأ فحذف ثقة بغاية ظهوره كما فى قوله السمن منوان بدرهم وفى حواشى سعدى المفتى قد يقال لا حاجة الى تقدير الراجع لان ذلك اشارة الى صبره لا الى مطلق الصبر فهو متضمن للضمير فان قلت ان دلالة الفعل انما هى على الزمان ومطلق الحدث كما قرر فالظاهر رجوع الضمير اليه قلت نعم ولكن اسناده الى ضمير من يفيده لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ اى من معزومات الأمور اى مما يحب العزم عليه من الأمور بايجاب العبد على نفسه لكونه من الأمور المحمودة عند الله تعالى والعزم عقد القلب على إمضاء الأمر والعزيمة الرأى الجد كما فى المفردات وبالفارسية از مهم ترين كارها است واين
فى الحقيقة از كار مردانست كه همه كس را قوت اين نباشد كه جفا كشد ووفا كند (قال الحافظ) جفا خوريم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافريست رنجيدن قال فى برهان القرآن قوله تعالى ان ذلك لمن عزم الأمور وفى لقمان من عزم الأمور لان الصبر على الوجهين صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما فمن قتل بعض أعزته وصبر على المكروه ليس كمن مات بعض أعزته فالصبر على الاول أشد والعزم عليه او كد وكان ما فى هذه السورة من الجنس الاول لقوله ولمن صبرو غفر فأكد الخبر باللام والآية فى المواد التي لا يؤدى العفو فيها الى الشر كما أشير اليه فان العفو مندوب اليه ثم قد ينعكس الأمر فى بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا اليه وذلك إذا احتيج الى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى (يحكى) ان رجلا سب رجلا فى مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق ثم قام فتلا هذه الاية فقال الحسن عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون قال ابو سعيد القرشي رحمه الله الصبر على المكاره من علامات الانتباه فمن صبر على مكروه يصيبه ولم يجزع أورثه الله تعالى حالة الرضى وهو أجل الأحوال ومن جزع من المصائب وشكاها وكله الله الى نفسه ثم لم ينفعه شكواه وقال بعضهم من صبر فى البلوى من غير شكوى وعفا بالتجاوز عن الخصم فلا يبقى لنفسه عليه دعوى بل يبرأ خصمه من جهة ما عليه من كل دعوى فى الدنيا والعقبى ان ذلك لمن عزم الأمور وروى ان ازواج النبي عليه السلام اجتمعن فارسلن فاطمة رضى الله عنها اليه يطلبن منه ان يحبهن كعائشة فدخلت عليه وهو مع عائشة فى مرطها وهو بالكسر كساء من صوف او خز فقالت ما قلن رضى الله عنهن فقال عليه السلام لفاطمة أتحبينني فقال نعم قال فاحبيها اى عائشة فرجعت إليهن فاخبرتهن بما قال لها اى لفاطمة فقلن لم تصنعى شيأ فاردن ان يرسلنها ثانيا فلم ترض فارسلن زينب بنت جحش رضى الله عنها وكانت ازهد أزواجه حتى قالت عائشة فى حقها لم ارقط امرأة خيرا فى الدين من زينب وكانت لها منزلة عنده عليه السلام تضاهى منزلة عائشة فقالت ان نساءك يسألنك العدل فى بنت ابن ابى قحافة يعنى يسألنك التسوية بينهن وبين عائشة فى المحبة ثم أقبلت على عائشة فشتمتها فلما استطالت عليها استقبلتها عائشة وعارضتها بالمدافعة حتى قهرتها وأسكتتها وفى الكشاف ان زينب أسمعت بحضرته وكان ينهاها فلا تنتهى فقال لعائشة دونك فانتصرى اى تقديم واقربى فانتقمى من زينب فأفحمتها فقال عليه السلام انها ابنة ابى بكر اشارة الى كمال فهمها وحسن منطقها قال ابن الملك وفى الحديث دلالة على جواز الانتقام بالحق لكن العفو أفضل لقوله تعالى فمن عفا وأصلح فأجره على الله (قال الصائب) در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ دادن جواب مردم نادان چهـ لازمست وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ يخلق فيه الضلالة من الهوى او بتركه على ما كان عليه من ظلم الناس فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ من ناصر يتولاه من بعد خذلانه تعالى إياه وبالفارسية وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى پس نيست مر او را هيچ دوستى كه كار سازى كند پس از فرو كذشتن خداى تعالى مر او را وَتَرَى الظَّالِمِينَ الخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية البصرية والظالمون المشركون والعاصون لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ اى حين يرونه وصيغة الماضي للدلالة على التحقق يَقُولُونَ
إلخ فى موضع الحال من الظالمين لان الرؤية بصرية هَلْ آيا هست إِلى مَرَدٍّ بمعنى الرد أي الرجعة الى الدنيا مِنْ سَبِيلٍ هيچ راهى يا جاده تا برويم وتدارك ما فات كنيم از ايمان وعمل صالح وقد سبق بيانه فى قوله فى حم المؤمن فهل الى خروج من سبيل وَتَراهُمْ تبصرهم ايها الرائي حال كونهم يُعْرَضُونَ عَلَيْها اى على النار المدلول عليها بالعذاب وقد سبق معنى العرض فى حم المؤمن عند قوله النار يعرضون عليها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ من للتعليل متعلق بخاشعين اى حال كونهم خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل والهوان وقد يعلق من الذل بينظرون ويوقف على خاشعين يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ الطرف مصدر فى الأصل ولهذا لم يجمع وهو تحريك الجفن وعبر به عن النظر إذ كان تحريك الجفن يلازم النظر كما فى المفردات والمعنى حال كونهم يبتدىء نظرهم الى النار من تحريك لاجفانهم ضعيف يعنى يسارقون النظر الى النار خوفا منها وذلة فى أنفسهم كما ينظرون الى المقتول الى السيف فلا يقدر ان يملأ عينيه منه وهكذا نظر الناظر الى المكاره لا يقدر ان يفتح أجفانه عليها ويملأ عينيه منها كما يفعل فى نظره الى المحاب وقال الكلبي ينظرون بأبصار قلوبهم ولا ينظرون بأبصار ظواهر هم لانهم يسحبون على وجوههم او لانهم يحشرون عميا فينظرون كنظر الأعمى إذا خاف حساء يقول الفقير لا حاجة الى حمل الآية على ما ذكر من الوجهين لان لهم يوم القيامة أحوالا شتى بحسب المواطن فكل من النظر والسحب والحشر أعمى ثابت صحيح وفى الآية اشارة الى ان النفوس التي لم تقبل الصلاح بالعلاج فى الدنيا تتمنى الرجوع الى الدنيا يوم القيامة لتقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريقية وتخشع إذ لم تخشع فى الدنيا من القهار فلا تنفعها ندامة ولا نسمع منها دعوة ولها نظر من طرف خفى من خجالة المؤمنين إذ يعيرونها بما ذكروها فلم تسمع وهى نفوس الظالمين (كما قال السعدي)
ترا خود بماند سر از تنك پيش
…
كه كردت برآيد عملهاى خويش
برادر ز كار بدان شرم دار
…
كه در روى نيكان شوى شرمسار
وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا وجاهدوا فى الله تعالى حق جهاده وربحوا على ربهم إِنَّ الْخاسِرِينَ اى المتصفين بحقيقة الخسران وهو انتقاص رأس المال وينسب الى الإنسان فيقال خسر فلان والى الفعل فيقال خسرت تجارته ويستعمل ذلك فى القنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الأكثر وفى القنيات النفيسة كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذي جعله الله الخسران المبين وكل خسران ذكره الله فى القرآن فهو على هذا المعنى الا خير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية وخبران قوله تعالى الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ آنانند كه زيان كردند بنفسهاى خويش وكسان خود بالتعريض للعذاب الخالد يَوْمَ الْقِيامَةِ اما ظرف لخسروا والقول فى الدنيا او لقال اى يقولون لهم حين يرونهم على تلك الحالة وصيغة الماضي للدلالة على تحققه (وقال الكاشفى) زيان در نفسها آنست آنرا بعبادت بتان مستوجب آتش دوزخ كردانيدند وزمان زيان در اهالى اگر دوزخى اند بانكه ايشانرا از ايمان باز داشتند واگر بهشتى اند بانكه از ديد از ايشان محروم ماندند قال ابن الملك فى شرح المشارق الأهل
يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع وفى التأويلات النجمية ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بابطال استعدادهم إذ صرفوه فى طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها وخسروا أهليهم إذ لم بقوا أنفسهم وأهليهم نارا بقبول الايمان وأداء الشرائع أَلا بدانيد إِنَّ الظَّالِمِينَ اى المشركين الذين كانوا فى جهنم شهوات النفس جثيا فى الدنيا فِي عَذابٍ مُقِيمٍ فى الآخرة الى الا بد وبالفارسية در عذابى پيوسته اند يعنى باقى وبى انقطاع اما من تمام كلامهم او تصديق من الله لهم وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ بدفع العذاب عنهم مِنْ دُونِ اللَّهِ حسبما كانوا يرجون ذلك فى الدنيا وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ يؤدى سلوكه الى النجاة وفى التأويلات النجمية ومن يضلل الله بان يشغله بغيره فماله من سبيل يصل به الى الله تعالى قال ذو النون المصري قدس سره رأيت جارية فى جبل انطاكية فقالت لى الست ذا النون قلت كيف عرفت قالت عرفتك بمعرفة الحبيب ثم قالت ما السخاء قلت البذل والعطاء قالت ذاك سخاء الدنيا فما سخاء الدين قلت المسارعة الى طاعة رب العالمين قالت تريد شيأ قلت نعم قالت تأخذ العشرة بواحد لقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فاين السخاء قلت فما السخاء عندك قالت انما هو أن يطلع على قلبك فلا يرى فيه غيره ويحك يا ذا النون انى أريد ان اسأل شيأ منذ عشرين سنة واستحيى منه مخافة أن أكون كأجير السوء إذا عمل طلب الاجرة فلا تعمل الا تعظيما لهيبته فعلم ان إخراج الغير من القلب والاشتغال بالله تعالى من أوصاف الخواص فمن اهتدى به ربح ومن ضل عنه خسر وهو بيد الله تعالى إذ هو الولي فعلى العبد ان يسأل الهداية ويطلب العناية حتى يخرجه الله من ظلمات نفسه الامارة الى أنوار تجليات الروحانية ويجعل له اليه سبيلا ينجو به من المهالك (حكى) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلأى شىء تتعب فبكى الشيخ فقال فالى اى باب ألتجئ فقيل له قد قبلناك فهذا من هداية الله الخاصة فافهم جدا (قال الصاحب)
بنوميدى مده تن كرچهـ در كام نهنك افتى
…
كه دارد در دل كرداب بحر
عشق ساحلها اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ إذا دعاكم الى الايمان على لسان نبيه عليه السلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ اى لا يرده الله بعد ما حكم به على ان من صلة مرد أي من قبل ان يأتى من الله يوم لا يمكن رده وفى تعليق الأمر بالاستجابة باسم الرب ونفى المرد والإتيان بالاسم الجامع نكتة لا تخفى كما فى حواشى سعدى المفتى ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ اى مفر تلتجئون اليه اى ما لكم مخلص ما من العذاب على ما دل عليه تأكيد النفي بمن استغراقية والملجأ بالفارسية پناه وكريزكاه وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ اى انكار ما لما اقترفتموه لانه مدون فى صحائف أعمالكم وتشهد عليكم جوارحكم وهو مصدر أنكر على خلاف ولعل المراد الإنكار المنجى والا فهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين وغير ذلك ولذلك تشهد عليهم أعضاؤهم قال الجنيد قدس سره استجابة الحلق لمن يستمع هواتفه وأوامره وخطابه فيتحقق له الاجابة بذلك السماع ومن يستمع الهواتف كيف يجيب وأتى له محل الجواب وفى التأويلات النجمية
يشير بقوله استجيبوا لربكم للعوام الى الوفاء بعهده والقيام بحقه والرجوع عن مخالفته الى موافقته وللخواص الى الاستسلام للاحكام الازلية والاعراض عن الدنيا وزينتها وشهواتها اجابة لقوله تعالى والله يدعوا الى دار السلام ولأخص الخواص من اهل المحبة الى صدق الطلب بالاعراض عن الدارين متوجها لحضرة الجلال ببذل الوجود فى نيل الوصول والوصال مجيبا لقوله وداعيا الى الله باذنه والطريق اليوم الى الاستجابة مفتوح وعن قريب سيغلق الباب على القلوب بغتة ويأخذ فلتة وذلك قوله تعالى من قبل ان يأتى إلخ ونعم ما قال الشاعر
تمتع من شميم عرار نجد
…
فما بعد العشية من عرار
اى استمتع بشم عرار نجد وهى وردة ناعمة صفرآء طيبة الرائحة فانا نعدمه إذا أمسينا لخروجنا من أرض نجد ومنابته فالاشارة الى شم عرار الحقيقة فانه انما يكون مادام الروح الإنساني فى نجد الوجود الشهودى وحده فان انتقل منه الى حد البرزخ بزوال شمس الحياة والانتهاء الى عشية العمر فلا يمكن شمه أصلا
چون بى خبران دامن فرصت مده از دست
…
تا هست پر وبال ز عالم سفرى كن
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد أمرهم بالاستجابة وتوجيه له الى الرسول عليه السلام اى فان لم يستجيبوا واعرضوا عما تدعوهم اليه فما أرسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم وحافظا لاعمالهم وبالفارسية نكهبانى كه از عمل بد ايشانرا نكاه دارى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ اى ما يجب عليك الا تبليغ الرسالة وقد فعلت فلا يهمنك اعراضهم وفى التأويلات النجمية فان أعرضوا عن الله بالإقبال على الدارين ولم يجيبوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم من الالتفات الى الدارين لان الحفظ من شانى لامن شأنك فانى حفيظ فليس عليك الا تبليغ الرسالة ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق او بالخذلان قال الغزالي رحمه الله فى شرح الأسماء الحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه من سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه المهلكات المفضية الى النار وقد عرف كلها من لسان الشارع صلى الله عليه وسلم فليسارع العبد الى دفع الموبقات وجلب المنجيات بإصلاح النفس والتخلق بالأخلاق الالهية فان النفس طاغية مؤدية الى الإفلاس والخسار وفى الحديث أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال عليه السلام المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا او سفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم يطرح فى النار فلا ينبغى للعاقل ان يبقى مع النفس فانه إذا نزل عليه العذاب غضبا للنفس لا يجد وليا يتولاه ولا نصيرا ينصره ولا ملجأ يفر اليه فهذه حال المعرضين واما حال المقبلين القابلين للبلاغ والإرشاد فالله تعالى يحفظهم مما يخافونه يوم المعاد
خجل آنكس كه رفت وكار نساخت
…
كوس رحلت زدند وبار نساخت
وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا از نزديك
خود رَحْمَةً اى نعمة من الصحة والغنى والأمن فَرِحَ بِها بطر لاجلها (وقال الكاشفى) خوش شود بدان وشادى كند اعلم ان نعمة الله وان كانت فى الدنيا عظيمة الا انها بالنسبة الى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة الى البحر فلذلك سمى الانعام بها اذاقة وبالفارسية چشانيدن فالانسان إذا حصل له هذا القدر الحقير فى الدنيا فرح به ووقع فى العجب والكبر وظن انه فاز بكل المنى ودخل فى قصر السعادات ولذا ضعف اعتقاده فى سعادات الآخرة والا لاختار الباقي على الفاني لان الفاني كالخزف مع انه قليل والباقي كالذهب مع انه كثير
افتد هماى دولت اگر در كمند
…
ما از همت بلند رها ميكنيم ما
وَإِنْ تُصِبْهُمْ اى الإنسان لان المراد به الجنس سَيِّئَةٌ اى بلاء من مرض وفقر وخوف مما يسوءهم بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بسبب ما عملت أنفسهم من كفرانهم بنعم الله وعصيانهم فيها وذكر الأيدي لان اكثر الأعمال تباشر بها فجعل كل عمل كالصادر بالأيدي على طريق التغليب فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ قال الراغب كفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها
وأعظم الكفر جحودهم الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا والمعنى فان الإنسان بليغ الكفر ينسى النعمة بالكلية ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم انها أصابته بغير استحقاق لها واسناد هذه الخصلة الى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الافراد يعنى انه حكم على الجنس بحال اغلب افراده للملابسة على المجاز العقلي وتصدير الشرطية الاولى بإذا مع اسناد الاذاقة الى نون العظمة للتنبيه على ان إيصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع وانه مقتضى الذات كما ان تصدير الثانية بان واسناد الاصابة الى السيئة وتعليلها بأعمالهم للايذان بندرة وقوعها وانها بمعزل عن الانتظام فى سلك الارادة بالذات ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على ان هذا الجنس مرسوم بكفران النعم امام ابو منصور ما تريدى رحمه الله فرموده كه كفران مؤمن آنست كه ترك شكر كند قال بعض الكبار (ع) در شكر همچو چشمه ودر صبر خاره ايم وعن على رضى الله عنه إذا وصلت إليكم أطراف النعمة قلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر يعنى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة اليه حرم النعم الغائبة منه القاصية عنه
چون بيابى تو نعمتى در چند
…
خرد باشد چونقطه
موهوم شكران يافته فرو مكزار
…
كه زنا يافته شوى محروم
وعنه رضى الله عنه ايضا أقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن إذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وقد مد الله عمر بعض الإنسان واكثر عليه فضله كنمرود وفرعون ونحوهما ثم انهم لم يزداد وأكل يوم الا كفرانا فعاملهم الله بالعدل حتى هلكوا أقبح الهلاك وفى الآية اشارة الى ان من خصوصية الإنسان إذا وكله الله الى نفسه ان لا يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب الالهية وفتوحات الغيب وانواع الكرامات التي تربى بها أطفال الطريقة ليزيده الله بل ينظر الى نفسه بالعجب ويفشى سره على الحاق إراءة وسمعة فيغلق الله أبواب الفتوحات بعد فتحها
(قال الصائب)
نجام بت پرست بود به ز خود پرست
…
در قيد خود مباش وبقيد فرنك باش
ومن الله العون (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى يختص به ملك العالم كله لا يقدر أن يملكه أحد سواه فله التصرف فيه وقسمة النعمة والبلية على أهله وليس عليهم الا الشكر فى النعمة والصبر فى البلية والرضى والتسليم للاحكام الازلية وبالفارسية وخدايراست پادشاهى آسمانها وزمينها يَخْلُقُ ما يَشاءُ مما يعلمونه ومما لا يعلمونه على اى صورة شاء يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً من الأولاد يعنى مى بخشد هر كرامى خواهد دختران فلا يجعل معهن ذكورا يعنى پسران مثل ما وهب لشعيب ولوط عليهما السلام والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والوهاب هو الله تعالى لانه يعطى كلا على قدر استحقاقه ولا يريد عوضا والإناث جمع أنثى خلاف الذكر والجملة بدل من يخلق بدل البعض قدم الإناث لانها اكثر لتكثير النسل او لتطبيب قلوب آبائهن إذ فى التقديم تشريف لهن وإيناس بهن ولذلك جعلن من مواهب الله تعالى مع ذكر اللام الانتفاعية او لرعاية الترتيب الواقع اولا فى الهبة بنوع الإنسان فانه تعالى وهب اولا لآدم زوجته حواء عليهما السلام بأن ولدها منه وخلقها من قصيراه وهى أسفل الأضلاع او آخر ضلع فى الجنب كما فى القاموس قال فى الكواشي ويجوز انهن قد من توبيخا لمن كان يئدهن ونكرن ايماء الى ضعفهن ليرحمن فيحسن إليهن قال فى الشرعة وشرحه ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية فانهم يكرهونها بحيث يدفنونها فى التراب فى حال حياتها وفى الحديث من بركة المرأة تبكيرها بالبنات اى يكون أول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يهب لمن يشاء إناثا الاية حيث بدا بالإناث وفى الحديث من ابتلى من هذه البنات بشىء فأحسن إليهن اى بالتزويج بالاكفاء ونحوه كن له سترا من النار والنبي عليه السلام سماهن المجهزات المؤنسات اى المهيا جهازهن سماهن بها تفاؤلا وتيمنا والمؤنسات للوالدين والأزواج وفى الحديث سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات وفى الحديث القدسي خطابا للبنت حين ولدت انزلى وأنا عون لأبيك وفى الحديث لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات يقول الفقير معناه ان كونه عليه السلام أبا لبنات يكفى فى عدم كراهة البنات إذ لا يختار الله له الا ما هو خير ومن لم يرض بما اختاره له تعرض لسخط الله وكم ترى فى هذا الزمان من السخط على البنات اقتداء بأهل الجاهلية ولو كان لهم أسوة حسنة فى رسول الله لاحبوا ما أحبه وكان لهم فى ذلك شرف عظيم وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ من الأولاد يعنى پسران ولا يكون فيهم إناث كما وهب ابراهيم عليه السلام من غير ان يكون فى ذلك مدخل لاحد ومجال اعتراض با اختيار حق نبود اختيار ما با نور آفتاب چهـ باشد شرار ما والذكور جمع ذكر ضد الأنثى عرف الذكور للمحافظة على الفواصل او لجبر التأخير يعنى ان الله تعالى اخر الذكور مع انهم أحقاء بالتقديم فتدارك تأخيرهم بتعريفهم لان فى التعريف العهدي تنويها وتشهيرا كأنه قيل ويهب لمن يشاء الفرسان اعلام الذين لا يخفون عليكم وفى الحديث ان أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور وأموالهم لكم ان احتجتم إليها أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً معنى التزويج هنا جفت قرين كردن كما فى تاج المصادر والذكران جمع ذكر والمعنى يقرن بين الصنفين فيههما جميعا بان يولد له الذكور والإناث مثل ما وهب
لنبينا صلى الله عليه وسلم إذ كان له من البنين ثلاثة على الصحيح قاسم وعبد الله وابراهيم ومن البنات اربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن وقال بعضهم معنى يزوجهم ان تلد غلاما ثم جارية ثم غلاما او تلد ذكرا وأنثى توأمين وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً بى فرزند ونازاينده فلا تلد ولا يولد له كعيسى ويحيى عليهما السلام فانهما ليس لهما أولاد اما عيسى فلم يتزوج وان كان يتزوج حين نزوله فى آخر الزمان ويكون له بنات واما يحيى فقد تزوج ولكن لم يقرب لكونه عزيمة فى شريعته وبعضهم لم يكن له أولاد وان حصل له قربان النساء واصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا
تقبل ماء الفحل وفى القاموس العقم بالضم هرمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد ورجل عقيم لا يولد له فالعقم كما يقع صفة للمرأة يقع صفة للرجل بان يكون فى مائه ما يمنع العلوق من الاعذار وتغيير العاطف فى الثالث لانه قسيم المشترك بين القسمين وهو أي المشترك بينهما مفهوم الصنف الوحد فالثالث جامع بين الصنفين فلو ذكر ايضا بالواو ولربما توهم من أول الأمر انه قسيم لكل من القسمين لا للمشترك بينهما لانه حال عما فى الرابع من الإفصاح يعنى انه لا حاجة اليه فى الرابع لا فصاحه بانه قسيم المشترك بين الاقسام المتقدمة وهو هبة الولد ولا يشتبه على أحد ان العقم يقابلها فلا حاجة الى التنبيه على ذلك إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بليغ العلم بكل شى مما كان وما يكون قَدِيرٌ بليغ القدرة على كل مقدور فيفعل ما فيه حكمة ومصلحة (وقال الكاشفى) داناست بانچهـ مى دهد تواناست بانچهـ ميسازد دانايى او از جهل مقدس ومبراست وتوانايى او از عجز منزه ومعرا علم او برطرف از شائبه جهل فتور وقدرتش پاك از آلايش نقصان وقصوره وعلم ان الإنسان اما ان لا يكون له ولد او يكون له ولد ذكر او أنثى او ذكر وأنثى وقد وقد استوفى فى الآية جميع الاقسام فالمعنى ان الله تعالى يجعل احوال العباد فى حق الأولاد مختلفة على ما تقتضيه المشيئة فيهن فيهب لبعض اما صنفا واحدا من ذكر او أنثى واما صنفين ويعقم آخرين فلا يهب لهم ولد قط فالاولاد ذكورا وإناثا من مواهب الله تعالى وعطاياه ولذا سن لمن يبشر بالمولود انه يستبشر به ويراه نعمة أنعم الله بها عليه ففى الحديث ريح الولد من ريح الجنة وقال عليه السلام الولد فى الدنيا نور وفى الآخرة سرور وقد ورد سوداء ولود خير من حسناء عقيم وذلك لان التناسل انما هو بالولود ويعرف كونها ولودا بالصحة والشباب ولا ينفى الولد الذي يولد على فراشه فان الله تعالى يفضحه يوم القيامة ويكتب عليه من الذنب بعدد النجوم والرمال والأوراق وقيل معنى الاية يهب لمن يشاء إناثا اى الدنيا ويهب لمن يشاء الذكور اى الآخرة او يزوجهم ذكرانا وإناثا اى الدنيا والاخرة ويجعل من يشاء عقيما اى لا دنيا ولا عقبى كذا فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى انوثة الدنيا وذكورة الآخرة قال امير خسرو دهلوى بهران مردار چندب كاه زارى كاه زور چون غيلواجى كه شش مه ماده وشش مه تر است وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الولاية من المشايخ المستكملين يهب لبعضهم من المريدين الصادقين الأتقياء الصلحاء وهم بمثابة الإناث لا نصرف لهم فى غيرهم بالتزويج والتسليك ويهب لبعضهم من المريدين الصديقين المحبين الواصلين الكاملين المستكملين المخرجين وهم بمثابة الذكور لاستعداد تصرفهم فى الطالبين ويهب لبعضهم من الجنسين المذكورين المتصرفين فى الغير وغير المتصرفين ويجعل بعض المشايخ عقيما لا مريد له انه
عليم بمن يجعله متصرفا وغير متصرف فى المريد قدير على ما يشاء ان يجعله متصرفا او غير متصرف يقول الفقير هذا التفاوت بينهم اما راجع إليهم لحكمة أخفاها الله تعالى واما الى اهالى زمانهم فانهم متفاوتون كتفاوت الأمم فماذا يصنع الكاملون المكملون إذا لم يكن فى الناس استعداد قال الحافظ)
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض
…
ور نه هر سنك كلى لؤلؤ ومرجان نشود
وَما كانَ لِبَشَرٍ اى وما صح لفرد من افراد البشر يا محمد أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ بوجه من الوجوه إِلَّا وَحْياً اصل الوحى الاشارة السريعة وانما سمى الوحى وحيا لسرعته فان الوحى عين الفهم عين الافهام عين المفهوم منه كما يذوقه اهل الإلهام من الأولياء وقد عرف بعضهم الوحى بأنه ما تقع به الاشارة القائمة مقام العبارة فى غير عبارة وقال الراغب ويقال للكلمة الالهية التي تلقى الى أنبيائه وأوليائه وحي يقول الفقير يعلم منه ان الوحى والإلهام واحد فى الحقيقة وانما قيل الوحى فى الأنبياء والإلهام فى الأولياء تأدبا كما قيل دعوة الأنبياء وارشاد الأولياء فاستعملوا الدعوة فى الأنبياء والإرشاد فى الأولياء مع انهما أمر واحد فالوحى اما بإلقاء فى الروع كما ذكر عليه السلام ان روح القدس نفث فى روعى واما بالهام نحو قوله وأوحينا الى أم موسى ان أرضعيه واما بتسخير نحو قوله تعالى واوحى ربك الى النحل او بنام كقوله عليه السلام انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن فهذه الأنواع دل عليها قول الا وحيا فمعناه الا بانه يوحى اليه ويلهمه ويقذف فى قلبه كما اوحى الى أم موسى والى ابراهيم فى ذبح ولده والى داود الزبور فى صدره قاله مجاهد وسيأتى تحقيق الآية ان شاء الله تعالى أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ بان يسمعه كلامه الذي يخلقه فى بعض الاجرام من غير ان يبصر السامع من يكلمه فهو تمثيل له بحال الملك المحتجب الذي يكلم بعض خواصه من ورلء الحجاب يسمع صوته ولا يرى شخصه والا فالله تعالى منزه عن الاستتار بالحجاب الذي هو من خواص الأجسام فالحجاب يرجع الى المستمع لا الى الله تعالى المتكلم وذلك كما كلم الله تعالى موسى فى طوى والطور ولذا سمى كليم الله لانه سمع صوتا دالا على كلام الله من غير ان يكون ذلك الصوت مكتسبا لاحد من الخلق بل تولى الله تخليقه إكراما له وغيره يسمعون صوتا مكتسبا للعباد فيفهمون به كلام الله هذا مذهب امامنا ابى منصور ذكره فى كتاب التأويلات وذهب ابو الحسن الأشعري الى ان موسى سمع كلام الله من غير واسطة صوت او قرآة والى هذا ذهب ابن فورك من الاشعرية قال فى كشف الاسرار كلمه وبينهما حجاب من نار (وقال الكاشفى) يا موسى سخن كفت واو در پس حجاب نور بود در موضح آورده كه خداى تعالى با پيغمبر عليه السلام سخن كفت از وراى حجابين يعنى حضرت رسالت پناه عليه السلام وراى دو حجاب بود كه سخن خداى تعالى شنيد حجابى از زر سرخ وحجابى از مرواريد سفيد مسيره ميان هر دو حجاب هفتاد سال راه بود يقول الفقير هذا من غوامض العلوم فان نبينا عليه السلام أعلى كعبا من موسى عليه السلام فما معنى ان الله تعالى كلم موسى من وراء حجاب واحد وكلم نبينا من ورلء حجابين وان حصل فرق بين حجاب وحجاب ولعل المراد بالحجابين حجاب الياقوتة الحمراء الذي يلى جانب الخلق وحجاب الدرة البيضاء الذي يلى عالم الأمر وكلاهما عبادة عن الروح المحمدي والحقيقة الاحمدية واشارة بكون مسافة ما بين الحجابين مسيرة سبعين ألف حجاب بين الرب والعبد فمعنى
ان النبي عليه السلام سمع كلام الله من ورلء هذين الحجابين ان الله تعالى كلمه وبينهما الحقيقة الجامعة البرزخية وليس ذلك بحجاب فى الحقيقة كما ان المرآة ليست بحجاب للناظر وكذا القناع بالنسبة الى العروس فافهم جدا أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا اى ملكا من الملائكة اما جبريل او غيره قال ابن عباس رضى الله عليهما لم ير جبرائيل الا اربعة من الأنبياء موسى وعيسى وزكريا ومحمد عليه السلام قال فى عين المعاني عسى انه أراد برؤيته كما هو والا فهو سفير الوحى انتهى فَيُوحِيَ ذلك الرسول الى المرسل اليه الذي هو الرسول البشرى بِإِذْنِهِ اى بامره تعالى وتيسيره ما يَشاءُ ان يوحيه اليه وهذا هو الذي جرى بينه تعالى وبين
الأنبياء عليهم السلام فى عامة الأوقات من الكلام فيكون اشارة الى التكلم بواسطة الملك (روى) ان النبي عليه السلام قال من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبيا ومنهم من ينفث فى اذنه وقلبه فيكون بذلك نبيا وان جبرائيل يأتينى فيكلمنى كما يكلم أحدكم صاحبه وعن عائشة رضى الله عنها ان الحارث بن هشام رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحى فقال أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا والتفصد والانفصاد فرو دويدن إِنَّهُ عَلِيٌّ متعال عن صفات المخلوقين لا يأتى جريان المفاوضة بينه تعالى وبينهم الا بأحد الوجوه المذكورة حَكِيمٌ يجرى أفعاله على سنن الحكمة فيكلم تارة بواسطة واخرى بدونها اما إلهاما او خطابا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان البشر مهما كان محجوبا بصفات البشرية موصوفا بأوصاف الخلقية الظلمانية الانسانية لا يكون مستعدا ان يكلمه الله الا بالوحى او بالإلهام فى النوم واليقظة او من ورلء حجاب بالكلام الصريح او يرسل رسولا من الملائكة فيوحى باذنه ما يشاء انه على بعلو القدم لا يجانسه محدث حكيم فيما يساعد البشر بافناء انانيته بهويته فاذا أفنيت البشرية وارتفعت الحجب وتبدلت كينونته بكينونة الحق حتى به يسمع وبه يبصر وبه ينطق فيكلمه الله تعالى شفاها وبه يسمع العبد كلامه كفا حاكما كان حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فى سر فأوحى الى عبده ما اوحى انتهى يعنى مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم شب معراج از حق سخن شنيد بى واسطه وكان آمن الرسول مما شافهه به الحق تعالى من غير حجاب وكذا قوله هو الذي يصلى عليكم وملائكته إلخ وكذا بعض سورة الضحى وبعض سورة الم نشرح ولزم من سماع كلامه مشافهة رؤيته بلا حجاب وكذا حال المؤمنين يوم القيامة فانهم يرون ربهم كما يرون القمر ليلة البدر ويسمعون كلامه بلا حجاب فالوحى إذا قسمان مشافهة وغير مشافهة وعليه يحمل ما روى ان اليهود قالت للنبى صلى الله عليه وسلم ألا تكلم الله وتنظر اليه ان كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر اليه فانا لن نؤمن حتى تفعل ذلك فقال عليه السلام لم ينظر موسى الى الله فتزلت فأشار الى ان الكلام حصل لموسى ولكن من وراء حجاب دون النظر وكذا للنبى عليه السلام مادام على حال البشرية وكذا ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت من زعم ان محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ثم قالت او لم تسمعوا ربكم يقول
وتلت هذه الآية وما كان لبشر إلخ فاشارت الى مرتبة الحجاب وسره ان الله تعالى قال وما كان لبشر فعبر بعنوان البشرية وليس من حد البشر أن يرى ربه عيانا وهو فى حد الدنيا باق على بشريته او يكلمه الله كفاحا قال حضرة الشيخ لاكبر قدس سره الأطهر فى تلقيح الأذهان تكليم الله البشر فى ثلاث مراتب كما قال سبحانه وما كان لبشر إلخ فالكل وحي ولكن بعضه بلا واسطة عند خروجه عن حد البشرية الا انك ان كنت أنت السامع لم تحصل على هذه المشاهدة الذاتية حتى تكون أنت المسمع فمشاهدة الذات لا تتم مع المناجاة وبعضه بواسطة عند الرجوع الى البشرية ولا تزال هكذا حتى تفنى عن نفس السماع وتبقى مشاهدا للحق لتسمع نفسه بنفسه فانه من تحقق بالإنفاق حتى يسمع وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه سمع قوله واتخذه وكيلا انتهى قال الشيخ روزبهان البقلى فى عرائس البيان كانت لى واقعة فى ابتداء الأمر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشف لى مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الأرواح لا من حيث الأشباح فغلب على سكر ذلك وأفشيت حالى بلسان السكر فتعرض لى واحد من أهل العلم وسألنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه وتعالى أخبرنا بأنه لم يخاطب أحدا من الأنبياء والرسل الا من وراء حجاب كما قال وما كان لبشر إلخ فقلت صدق الله هذا إذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الأرواح الى عالم الغيب ورأوا الملكوت ألبسهم الله أنوار قربه وكحل عيونهم بنور ذاته وألبس أسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم سر الغيرة وحجاب المملكة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أخص خاصية إذ هو مصطفى فى الأزل بالمعارج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه وكان واحدا من كل الوجوه صعد الى الملكوت ورأى الحق بنور الجبروت وسمع خطابه بلا واسطة ورأى الحق بلا حجاب إذا لحجاب وصف المخلوقين والحق منزه عن ان يحجبه شىء (وحكى) ان الامام جعفر الصادق رضى الله عنه قال له شخص أرنى ربى فقال أو لم تسمع ان الله تعالى يقول لموسى لن ترانى مع انه نبى عظيم قال ان من هذه الملة الاحمدية من يقول رأى قلبى ربى ومنهم من يقول لا أعبد ربا لم أره فلما لم يمسك عن مسألته امر جعفر بان يلقى ذلك الشخص فى الدجلة ففعلوا فقال يا ابن رسول الله الغياث قال الصادق يا ماء اغمسه حتى فعل ذلك مرارا يعنى استغاث بالصادق فلما انقطع رجاؤه عن الخلق قال الهى الغياث صادق كفت بياوريدش بركرفتند وبياوردند وآبى كه مانده بود از كوش وبينى او ريختند چون با خود آمد كفت بآن حق را ديدى كفت تا خيال اغيار مى مانده دست در غير مى زدم حجاب مى بود چون پناه بكلى بوى آوردم ومضطر شدم روزنه در دل من كشاده شد وبدانجا نكريستم آنچهـ مى جستم ديدم وتا اضطرار نبود آن نبود صادق كفت تا صادق را مى خواند مى صديق نبودى اكنون آن كوچهـ روزنه راه نكاه دار كه جهان خدا بدينجا فروست فقد علمت من هذا التقرير ان الآية تدل على جواز الرؤية لا على امتناعها وانما تدل على الامتناع حال البشرية وبقائها وجود عين غباريست در ره
ديدار
…
غبار مانع ديدار ميشود هش دار
وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الإيحاء البديع
او كما أوحينا الى سائر رسلنا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا هو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الروح للابدان حيث يحييها حياة طيبة اى يحصل لها به ما هو مثل الحياة وهو العلم النافع المزيل للجهل الذي هو كالموت وقال الراغب سمى القرآن روحا لكونه سببا للحياة الاخروية الموصوفة فى قوله وان الدار الآخرة لهى الحيوان ومعنى من أمرنا بالفارسية بفرمان ما او روحا ناشئا ومبتدأ من أمرنا وقد سبق فى حم المؤمن وقيل هو جبرائيل ومعنى ايحائه اليه عليه السلام إرساله اليه بالوحى فان قلت كيف علم الرسول عليه السلام فى أول الأمر ان الذي تجلى له جبرائيل وان الذي سمعه كلام الله تعالى قلت خلق الله تعالى له علما ضرور يا علم به ذلك والعلم الضروري يوجب الايمان الحقيقي ويتولد من ذلك اليقين والخشية فان الخشية على قدر المعرفة ما كُنْتَ تَدْرِي قبل الوحى فى أربعين سنة والمراد وحي النبوة مَا الْكِتابُ اى
اى شىء هو يعنى چون قرآن منزل نبود ندانستى آنرا والنفي معلق للفعل عن العمل وما بعده ساد مسد المفعولين ومحل ما كنت إلخ حال من كاف إليك كما فى تفسير الكواشي وَلَا الْإِيمانُ اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الأمور التي لا تهتدى إليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها قضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرآن قبل الوحى ولا شرائع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت وثناقط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان اى الايمان الشرعي المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وإيقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرائع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فقول البيضاوي وهو دليل على انه لم يكن متعدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الإثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر كما قال ابن الفضل اهله لانه ظن ان أبا طالب يؤمن كما قال عليه السلام أردنا اسلام ابى طالب وأراد الله اسلام العباس فكان ما أراد الله دون ما أردنا
وهو ضعيف ايضا لانه عليه السلام لا يدرى بعد الوحى ايضا جميع من يؤمن ومن يصر الى آخر العمر وَلكِنْ جَعَلْناهُ اى الروح الذي أوحينا إليك والجعل بمعنى التصيير لا بمعنى الخلق وحقيقته أنزلناه نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ هدايته بالتوفيق للقبول والنظر فيه مِنْ عِبادِنا وهو الذي يصرف اختياره نحو الاهتداء به وَإِنَّكَ لَتَهْدِي تقرير لهدايته تعالى وبيان لكيفيتها ومفعول لتهدى محذوف ثقة بغاية الظهور أي وانك لتهدى بهذا النور وترشد من نشاء هدايته إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو الإسلام وسائر الشرائع والاحكام والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد صِراطِ اللَّهِ بدل من الاول الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا واضافة الصراط الى الاسم الجليل ووصفه بالذي إلخ لتفخيم شأنه وتقرير استقامته وتأكيد وجوب سلوكه فان كون جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلقا وملكا وتصرفا مما يوجب ذلك أتم إيجاب قال بعضهم دعونا أقواما فى الأزل فأجابوا فأنت تهديهم إلينا وتدلهم علينا وانما كان عليه السلام هاديا لانه نور كالقرءآن ولمناسبة نوره مع نور الايمان والقرآن قيل كان خلقه القرآن
اى نور الهى ز جبين تو هويدا
…
سر ازل از نور جمالت شده پيدا
أَلا كلمة تذكرة لتبصرة او تنبيه لحجة وبالفارسية بدانيد كه إِلَى اللَّهِ لا الى غيره تَصِيرُ الْأُمُورُ اى امور ما فيهما قاطبة بارتفاع الوسائط والتعلقات يعنى يوم القيامة فيحمل تصير على معنى الاستقبال ففيه من الوعد للمهتدين الى الصراط المستقيم والوعيد للضالين عنه ما لا يخفى وقال فى بحر العلوم الى الله تصير امور الخلائق كلها فى الدنيا والآخرة فلا يدبرها الا هو حيث لا يخرج امر من الأمور من قضائه وتقديره ونزد محققان بازگشت همه امور در همه اوقات واحوال بحضرت اوست وبارتفاع حجب ووسائط مشاهده اين معنى دست دهد صورت كثرت حجب وحدتست غيبت ما مانع نور حضور ديده دل باز كشا وببين سر الى الله تصير الأمور وذلك لان الله مبدأ كل ومرجعه ومصيره اما بالفناء الاختياري او بالفناء الاضطراري يكبار حسن بصرى رحمه الله بجنازه رفت چون مرده را در كور نهادند وخاك راست كردند حسن بر سر آن خاك نشست و چندان بدان كريست كه خاك كل شد پس كفت اى مردمان أول آخر بحدست آخر دنيا نكرى كورست وأول أخرت نكرى كورست كه القبر منزل من منازل الاخرة چهـ مى نازيد بعالمى كه آخرش اينست يعنى كور و چون نمى ترسيد از عالمى كه اولش اينست يعنى كور چون أول آخرش اينست اى اهل غفلت كار أول وآخر بسازيد
شب كور خواهى منور چوروز
…
ازينجا چراغ عمل برفروز
بران خورد سعدى كه بيخى نشاند
…
كسى برد خرمن كه تخمى فشاند
وعن سهل بن ابى الجعد احترق مصحف فلم يبق الا قوله تعالى ألا الى الله تصير الأمور وغرق مصحف فانمحى كل شىء الا ذلك كذا فى عين المعاني للسجاوندى تمت سورة الشورى فى أواخر شهر ربيع الآخر المنتظم فى شهور سنة ثلاث عشرة مائة وألف سورة الزخرف تسع وثمانون آية مكية.