الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فمما من الله به على هذه الأمة أن حفظ لها دينها عقيدة وشريعة، وصانه من كيد الأعداء، وإبطال المبطلين، وإلحاد الملحدين، فقال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
(1)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" اهـ
(2)
فكلما حاول أعداء الإسلام أن يكدروا عين الإسلام الصافية قيض الله العلماء المخلصين ليعيدوا الحق إلى نصابه.
وقد تعرضت الأمة الإسلامية في تاريخها للغزو الفكري الخارجي، وللهجمة العنيفة على دينها طورا من داخل الشرق، وأديانه وثقافاته القديمة، وآخر من الغرب عندما ترجمت علوم اليونان إلى لغة المسلمين وكذلك لما نقل الفكر الغربي إلى لغات المسلمين في العصر الحديت تبين أنهم يركزون على العقل الإسلامي تركيزا شديدا بالتغيير.
وتُعدُّ الهند في طليعة الدول التي تعرضت للغزو الفكري الغربي تعرضا مباشرا، حيث تمكنت بريطانيا من بسط سيطرتها السياسية الكاملة على الهند منذ وقت مبكر، حين كانت البلاد الأخرى تتأتر بالحضارة الغربية تأثرا غير مباشر، وفور ما سيطر الإنجليز على الهند سنة 1857 م استفاد المستشرقون والمنصرون من هذه السلطة
(1)
سورة الحجر: 9
(2)
سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة: 4/ 480 (4291) صححه الألباني: الصحيحة (599).
السياسية، فكان من خططهم الطعن في الدين الإسلامي الذي شكل العقبة الكبرى أمام نشر مبادئهم وتعاليمهم، وأدركوا أنه في تشكيك المسلمين في دينهم سبيل للوصول إلى أهدافهم، وأن هذا التشكيك تم بمحاولة تغيير الطرق المنهجية التي ينظر بها إلى الدين وأحكامه، بل ونصوصه، وبإثارة الشبه حول الإسلام خاصة فيما يتصل بالعقيدة لعلمهم وعلم الجميع أنها أساس الدين كله، وبثبوتها يثبت، وبزعزعتها ينهار أساس الإيمان، لهذا نرى أنهم بدأوا أول ما بدأوا في الهند بمحاولة التأثير على الجانب العقدي بهدف التشكيك، وإضعاف الإيمان أو نفيه، وقد اعتمدوا في إضعاف نزعة الإيمان على إحلال مناهج جديدة محل ما هو موجود لدى المسلمين، كي تؤتي نتائجها في إضعاف الإيمان، وتؤثر على جوانب العقيدة ووحدة المسلمين حولها، لهذا استخار الباحث الله العلي القدير، وآثر أن يكون موضوع رسالته للدكتوراه:
"أثر الاستشراق على المنهج العقدي الإسلامي بالهند"
(1850 - 1950)
-دراسة نقدية-
وقد درس الباحث تحت هذا العنوان مدى التجافي بين الاتجاهات الحديثة والمنهج الثابت، ومدى تبني المنهج الحديث الذي طرحه المستشرقون، وما أدى إليه من تغيير في النظرة إلى العقيدة، وكيفية معالجة مسائلها.
وتجلية لهذا الموضوع يقدم الباحث بداية عدة نقاط توضح أهمية الموضوع، والمناهج التي استخدمت لدراسة العقيدة قبل ظهور الاستشراق بالهند، ثم حملة المسشرقين الفكرية على الهند ووسائلها، وأبرز رجالها ومناهجهم التي دعوا إليها، وكذلك يطرح موقف الفكر الإسلامي الهندي من الاستشراق، ومدى التأثر الذي حدث على علماء الهند في الجانب العقدي، وما هي المناهج التي ظهرت بعد هذا التأثر، وأخيرا يبين الباحث أبرز المسائل التي حملت التغيير نتيجة هذا التأثر، وذلك كله مع ما تقتضيه ضرورة المقدمة يشير إليه الباحث في نقاط: