المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التذبذب بين الإيمان والكفر نفاق - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٢١

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة النساء [138-146]

- ‌تفسير قوله تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

- ‌العزة لا تطلب إلا من الله سبحانه

- ‌موالاة الكفار وعلاقتها بالنفاق

- ‌تقييد البشارة بالخير وبالشر

- ‌أنواع النفاق

- ‌الأصل أن تستعمل البشارة في الخير

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا

- ‌التحذير من مجاورة ومجالسة أهل الظلم

- ‌تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ

- ‌معنى السبيل في قوله: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ

- ‌قلة ذكر الله من صفات المنافقين

- ‌التذبذب بين الإيمان والكفر نفاق

- ‌التكاسل في القيام إلى الصلاة من علامات النفاق

- ‌المراد بخدعة الله تعالى للمنافقين

- ‌تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ

- ‌تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بالله

الفصل: ‌التذبذب بين الإيمان والكفر نفاق

‌التذبذب بين الإيمان والكفر نفاق

قال تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} [النساء:143] أي: بين أهل الإيمان وأهل الكفر، وبين الإيمان والكفر.

والذبذبة: هي الحركة اليسيرة عن اليمين والشمال، أو إلى فوق وإلى أسفل، أي: احتاروا في أمرهم، ماذا يصنعون؟ فهم يشهدون أن لا إله إلا الله عن كره خوفاً من السيف، وقلوبهم مع الكفار.

{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} [النساء:143] فواجب على المسلم أن يكون حازماً في أمره غير متردد وغير شاك في أموره، فإن التردد والتشكك من شأن أهل النفاق ومن شأن ضعفة الإيمان، ولكن كما قال الله لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام:{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران:159] أي: المؤمنين، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:159] (اعقلها وتوكل) ولا تتردد ولا تتحير ولا تتذبذب، فأهل النفاق مذبذبون بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والمنافق متحير، لأن همته الدنيا يريد أن يحافظ عليها بأي حال وعلى أي وجه.

قال تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ} [النساء:143] أي: ومن يصرفه عن طريق وسبيل الحق، فالضلال: الذهاب والبعد عن القصد، يقال: ضل الشخص عن الطريق، إذا ذهب عنه وابتعد.

(وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) أي: من يصرفه الله عن طريق الهداية والحق، ((فلن تجد له سبيلاً)) طريقاً يصل به إلى الحق والهداية، هذا هو المعنى، أي: أن للحق طريقاً وسبيلاً، هذا الطريق هو طريق الحق، من أضله الله عنه فلن تجد له سبيلاً يدخل منه إلى هذا الطريق.

وقد أفادت الآية رداً على القدرية الذين يقولون: بأن الإنسان مخير يفعل ما يريد، وما الرب عندهم إلا كالطبيب الناصح، قالوا: إن الإنسان يختار لنفسه ما يشاء من طريق الهداية أو طريق الغواية.

أما أهل السنة فأثبتوا للعبد اختياراً، لكن هذا الاختيار خاضع لمشيئة الله سبحانه وتعالى، فلا يجري شيء في الكون عن غير رضا الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يضل من يشاء، وهو الذي يهدي من يشاء، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، هذا قول الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء:143] .

ص: 14