المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم) - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٥٢

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الحديد [2]

- ‌تفسير قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً)

- ‌شروط القرض الحسن

- ‌تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون)

- ‌أيهما أرفع الصديق أم الشهيد

- ‌الأسئلة

- ‌فضيلة العمرة في رمضان

- ‌حكم تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة

- ‌جندي في الجيش لم يذهب إلى البوسنة تحت رعاية الأمم المتحدة

- ‌حديث: (أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه)

- ‌صوم التطوع بدون تبييت النية من الليل

- ‌نقل الزكاة

- ‌المشي في المسجد والإمام يخطب

- ‌رد السلام والإمام يخطب يوم الجمعة

- ‌رد السلام أثناء الصلاة

- ‌رد السلام إشارة في غير الصلاة

- ‌حكم الطلاق ثلاثاً

- ‌حكم تعليق ورقة في المسجد لبيان وقت الإقامة

- ‌حديث: (دلع ابنك سبعاً)

- ‌حديث: (اذكروا الفاجر بما فيه)

- ‌حكم سنة الجمعة القبلية والبعدية

- ‌صلاة النافلة بنيتين

- ‌مقدار خطبة الجمعة

- ‌حكم العادة السرية

- ‌حكم حضور المحاضرات بدون إذن الأب

- ‌غُسل المُعاق

- ‌حديث: (ورأيت رجلاً يعذب في قبره فأنقذه الوضوء)

- ‌الزيادة على إحدى عشرة ركعة في صلاة الليل

- ‌وقوع الطلاق في الحيض

- ‌حكم من تسحر بعد طلوع الفجر جاهلاً

- ‌من هو الذي شرب الخمر من أبناء عمر بن الخطاب

- ‌حديث: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)

- ‌حكم من تردد بين التوبة والمعصية

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم)

‌تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم)

قال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد:12] ، وهذا يكون يوم القيامة كما قال جمهور المفسرين، فأهل الإيمان يتقدمهم نورهم إلى الأمام وعن الأيمان، وهذا النور على قدر الأعمال، فمن كانت أعماله الصالحة كثيرة فإن النور يشتد له، ويمر بهذا النور على الصراط، ويجتاز بهذا النور الظلمات، ومن قلّت أعماله قلّ نوره، ومنهم من يطفأ نوره مرة.

ويضيء أخرى، فالله سبحانه يقول:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:8]، ومعنى:(بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أي: أمامهم، ودعاؤهم بقولهم:((رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) إذا تدبرته وعلمت ملابساته، لم تفارق الدعاء به في حياتك الدنيا، فمتى يصدر هذا الدعاء من أهل الإيمان؟ ومتى يقول أهل الإيمان هذا الدعاء؟ ما ذكر المفسرون في هذه الآيات أن النور يقسم على كل من قال:(لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، في مكانٍ ما، وكلٌ يأخذ حظه من هذا النور على قدر أعماله، وينطلق بهذا النور كي يجتاز به الظلمات، ويمر به على الصراط، فيمرون على الصراط، فمنهم من يمر على الصراط كالبرق، ومنهم من يمر على الصراط كالريح، ومنهم من يمر على الصراط كأجاويد الخيل، ومنهم من يمر مسرعاً، ومنهم من يمر ماشياً، ومنهم من يمر بطيئاً، ومنهم من يمر زاحفاً، ومنهم من يتعثر مرة ويمر مرة، ومنهم من يسقط مكدوساً في جهنم والعياذ بالله، فهذا النور على قدر الأعمال، فهناك مكان تقسم فيه الأنوار، وكلٌ يأخذ نوراً على قدر عمله، فينطلق أهل الإيمان ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، وينطلق معهم أيضاً من قال:(لا إله إلا الله محمد رسول الله) بلسانه من أهل النفاق، ففجأة تطفأ أنوارهم، فيقولون لإخوانهم من أهل الإيمان -كما حكى الله تعالى عنهم- ((انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)) قد فقدنا الأضواء التي كنا نستضيء بها.

وفي قراءة: (انظرونا)، وفي قراءة:(أمهلونا)، وفي ثالثة:(ارقبونا نقتبس من نوركم) .

{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد:13] .

اختلف العلماء في القائل: (ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً) ؟ من أهل العلم من قال: إن الله هو القائل.

ومنهم من قال: إن الملائكة هم الذين يقولون.

ومنهم من قال: إن أهل الإيمان هم الذين يقولون.

لكن أُبهم القائل في السياق، فلا معنى للبحث عن القائل، وعلى كلٍ لا يقال شيء بغير أمر الله سبحانه وتعالى.

{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} فيذهب أهل النفاق إلى حيث كانت الأنوار تقسم فلا يجدون أنواراً، فيرجعون مسرعين إلى أهل الإيمان؛ كي يستضيئوا بنورهم مرةً ثانية، {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} أي: تجاه أهل الإيمان {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الحديد:13-14] ، فهذه الخدعة يخدع الله بها أهل النفاق، كما قاله كثيرٌ من أهل التفسير في تفسير قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء:142] ، فهذه أكبر خدعةٍ يخدع بها أهل النفاق في الآخرة والعياذ بالله، فلما يرى أهل الإيمان أن أنوار أقوام أطفئت يتوسلون إلى ربهم، ويتجهون إلى ربهم، ويجأرون إلى ربهم بالدعاء قائلين:{رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:8] .

فقوله تعالى: ((يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى)) أي: أهل النفاق ينادون أهل الإيمان: (ألم نكن معكم) ؟ ((قَالُوا بَلَىوَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ)) أي: شككتم في البعث وشككتم في التوحيد، قال تعالى:((وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ)) ، أي: تلك الأماني الكاذبة التي تضل أهلها، قال تعالى:((حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) .

قال تعال: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ} [الحديد:15]، أي: فداء، {وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحديد:15] .

ص: 4