المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إمهال الله للعصاة والكافرين - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٧٤

[مصطفى العدوي]

الفصل: ‌إمهال الله للعصاة والكافرين

‌إمهال الله للعصاة والكافرين

قال الله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ} [المعارج:40] ، (لا)، من العلماء من يقول: إنها نفي لشيء متقدم، ثم بدأ إنشاءً جديداً فأقسم على ما ذكره برب المشارق والمغارب.

ومن أهل العلم من قال: إن (لا) هنا لنفي شيء متقدم وهو ظن الكفار أن يدخلوا جنة نعيم.

ومنهم من يقول: إنها زائدة مثل: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ} [الحديد:29] أي: ليعلم، {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء:95] أي: يرجعون، {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف:12] أي: ما منعك أن تسجد، من العلماء من يقول: إنها زائدة، ومنهم من يقول: إنها لتقوية الكلام.

قال تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج:40] ورد في كتاب الله (رب المشارق والمغارب) ، وورد (رب المشرقين ورب المغربين) ، وورد (رب المشرق والمغرب)، فمن العلماء من يقول: كلها بمعنى واحد.

ومنهم من يفصل، فيقول:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الشعراء:28] مشرق الشمس ومغربها، و {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن:17] مشرق الشمس ومشرق القمر، ومغرب الشمس ومغرب القمر، و (رب المشارق ورب المغارب) رب مشارق النجوم ومغارب النجوم.

وقول آخر: أن المشارق هي التي تشرق منها الشمس كل يوم، فكل يوم تشرق من مكان غير اليوم الذي قبله، وتغرب في مكان أيضاً، وثم أقوال أخرى في هذا الباب.

قال تعالى: {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [المعارج:41](عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ) فيها للعلماء قولان: قيل: في الحياة الدنيا، كما قال تعالى:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38]، وكما قال تعالى:{فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:89] ومن أهل العلم من قال: إن ذلك يوم القيامة، يبدل الله أقواماً خيراً من هؤلاء الأقوام.

قال تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} [المعارج:42] أمر مضمن بالتهديد.

{حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ} [المعارج:42-43] أي: القبور {سِرَاعًا} [المعارج:43] أي: مسرعين {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43] النصب: الذي يعبد أو يستذبح عنده الذبائح (يوفضون) : يسرعون.

قال تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [المعارج:44] أي: ذلت أبصارهم، كما قال:{وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} [طه:108] أي: سكنت الأصوات للرحمن، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} [الغاشية:2] أي: ذليلة ساكنة.

قال: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [المعارج:44] أي: ذليلة أبصارهم، {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [المعارج:44] تعلوها الذلة، {ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [المعارج:44] أجارنا الله وإياكم من عذابه.

ص: 14