المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) - سلسلة محاسن التأويل - المغامسي - جـ ٨

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌ تفسير سورة البقرة [8]

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولله المشرق والمغرب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقالوا اتخذ الله ولداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولن ترض عنك اليهود ولا النصارى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن)

- ‌معنى قوله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)

- ‌معنى قوله تعالى (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي)

- ‌معنى قوله تعالى (رب اجعل هذا بلداً آمناً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولاً فيهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إذ قال له ربه أسلم)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن)

‌تفسير قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن)

قال الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124]، الآن نحاول أن نفقه شيئاً من تعامل هذا العبد الصالح مع ربه، ابتلاه الله بكلمات لم تحدد، لكنها بلا شك أعمال عظام، ومهام جسام، قام بها على الوجه الأكمل، وقدم هنا المفعول على الفاعل وإن كان حقه التأخير لأمور نحوية وأمور بلاغية، أمور نحوية لقضية الضمير وعودته، وأمور بلاغية للتشويق.

{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة:124] أي: قام بهن على الوجه الأكمل، فكافأه الله، قال: إني: الأمور بيدي، أنا خالق الخلق، أنا باسط الرزق، أنا الرب وأنتم العبيد، ((جَاعِلُكَ)) يعني: إبراهيم ((لِلنَّاسِ إِمَامًا))، قال أهل العلم: هذه أعلى المقامات وأجل العطاء، فمن سيأتي بعدك فأنت الإمام له في السير إلينا، حتى قال الله لنبيه عليه السلام:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل:123].

{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة:124] فأدركته عاطفة الأبوة ((قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)) ما فيهم؟ أجابه الله: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124] لا تشمل هذه العطية من ظلم من ذريتك؛ لأن الإيمان لابد أن يكون متحلٍ بحلية الإمامة وهي الصبر واليقين، ومن كان ظالماً لم يكن صابراً ولا تقياً فلا يستحق أن يكون قدوة في الخير:{لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124].

لكن هذا الرد الرباني الآن سترى أثره بعد قليل، قال الله بعدها:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ} [البقرة:125] أي: الكعبة {مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة:125](مثابة) يقضون منه وطراً، يحنون إليه، (وأمناً) شرعاً وقدراً، الوحوش، الجمادات، الشجر، كله آمن في مكة: إني وإن نظر الأنام لمهجتي كظباء مكة صيدهن حرام يحسبن من لين الكلام فواحش ويصدهن عن الخنا الإسلام موضع الشاهد: كظباء مكة صيدهن حرام المقصود: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة:125] حتى قريش على كفرها كان الموتور منهم يرى واتره في الحرم ولا يقربه! {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] المقام هو الصخرة التي ارتقى عليها إبراهيم حتى يبني البيت لما علا الارتفاع وظهرت مواضع قدميه على الصخرة، فإبراهيم لما ألان لله قلبه ألان الله الصخرة تحت قدميه، وجعل الله هذا المقام آية عظيمة، وذكره في كتابه:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران:97] أي: أولها مقام إبراهيم.

ص: 13