المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح قول ابن الأعرابي في استواء الله عز وجل - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال - جـ ١٩

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ صفة الاستواء لله عز وجل

- ‌اشتراك المخلوق مع الخالق في بعض الصفات لا يستلزم المشابهة والمماثلة

- ‌سياق ما روي في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)

- ‌الأدلة من القرآن على أن الله مستو على عرشه فوق خلقه

- ‌الأدلة من السنة على أن الله مستو على عرشه فوق خلقه

- ‌أقوال السلف في استواء الله على عرشه وعلوه وفوقيته على خلقه

- ‌قول عمر رضي الله عنه في علو الله وفوقيته

- ‌قول ابن عباس رضي الله عنهما في علو الله وفوقيته

- ‌شرح قول أم سلمة في استواء الله عز وجل

- ‌شرح قول الإمام مالك في استواء الله عز وجل

- ‌شرح قول ربيعة الرأي في استواء الله عز وجل

- ‌شرح قول ابن الأعرابي في استواء الله عز وجل

- ‌شرح تفسير مقاتل لقوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم)

- ‌قول سليمان التيمي في علو الله وفوقيته

- ‌أقوال سفيان الثوري وعبد الله بن نافع وأحمد بن حنبل في علو الله وفوقيته

- ‌قول محمد بن جعفر في استواء الله على عرشه

- ‌الجمع بين قوله تعالى: (وهو معكم أينما كنتم) وبين أن الله مستو على العرش

- ‌ما ورد في القرآن ليس فيه تناقض

- ‌عدم وجود تعارض بين العلو والمعية

- ‌تعذر اجتماع العلو والمعية في حق المخلوق لا يعني تعذر اجتماعهما في حق الخالق

الفصل: ‌شرح قول ابن الأعرابي في استواء الله عز وجل

‌شرح قول ابن الأعرابي في استواء الله عز وجل

وعن داود بن علي قال: كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال له: ما معنى قول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]؟ فقال: هو على عرشه كما أخبر عز وجل.

انظر إلى الجواب كأنه فسر الماء بالماء، لو قلنا: صف لنا الماء، ستقول: الماء هو الماء، ولا يوجد تفسير أسهل من هذا، والسلف كانوا يفسرون الماء بالماء.

فقال له: ما معنى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]؟ قال: معناه: أنه على عرشه كما أخبر.

إجابة مريحة لكن لمن أراد أن يرتاح، فقال له: يا أبا عبد الله! ليس هذا معناه، إنما معناه: استولى.

إذا كنا نفسر قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] بمعنى: استولى، فمن هذا الذي كان ينازع الله تبارك وتعالى على العرش فغلبه واستولى على العرش؟! وهذا من لازم التأويل، إذا كنت تقول: إن (استوى) بمعنى: (استولى) فلا بد أن يكون قد حصل هناك مغالبة بين الله وبين غيره، وكان هذا العرش بينهما، أو كان هذا العرش مع غير الله، وأن الله استولى على ذلك الغير وضربه وهزأه ثم أخذ منه العرش، هل يعقل أن يكون هذا تفسيراً؟ وهل هناك مجنون -فضلاً عن عاقل- يقبل هذا التفسير في حق المولى عز وجل؟! إذاً:(استوى) بمعنى: (علا وارتفع) لكن لو قلت: استوى بمعنى: استولى في حق المولى عز وجل؛ فهذا يدل على أن المغالبة كانت بين الله وبين غيره، ولكن في النهاية كتب النصر لله عز وجل، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.

فقال: يا أبا عبد الله! ليس هذا معناه -أي: ليس معناه: علا وارتفع- إنما معناه: استولى.

قال ابن الأعرابي: اسكت، ما أنت وهذا، لا يقال -يعني: لا يقال: (استوى) بمعنى: (استولى) - استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد، فإذا غلب أحدهما قيل: استولى، أما سمعت النابغة يقول: ألا لمثلك أو من أنت سابقه سبق الجواد إذا استولى على الأمد ففي حق المخلوقين لا بأس، لكن في حق الخالق لا.

وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن النضر: كان أبو عبد الله بن الأعرابي جارنا، وكان ليله أحسن ليل -يعني: يقيمه ويتعلم فيه- وذكر لنا أن ابن أبي داود سأله: أتعرف باللغة استوى بمعنى استولى؟ وكان ابن الأعرابي لغوياًّ ومحدثاً وفقيهاً، فقال: لا أعرف، إنما استوى بمعنى: علا وارتفع.

وقال ثعلب -أي: أبو العباس -: استوى: أقبل عليه وإن لم يكن معوجاً.

وهذا أحد المعاني، (ثم استوى إلى السماء)، أي: أقبل إلى السماء، واستوى على العرش بمعنى: علا، واستوى وجهه: اتصل، واستوى القمر: امتلأ، واستوى زيد وعمر: تشابها، واستوى فعلاهما وإن لم تتشابه شخوصهما، هذا معنى استوى في اللغة، واختار من بينها استوى على العرش، بمعنى: علا، فإذا صرف الاستواء لغير الله عز وجل كانت له معانٍ أخرى، أما إذا قيد بالرحمن فإن الاستواء يكون بمعنى: العلو والارتفاع، هذا الذي يعرف من كلام العرب.

ص: 12