المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدم وجود تعارض بين العلو والمعية - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال - جـ ١٩

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ صفة الاستواء لله عز وجل

- ‌اشتراك المخلوق مع الخالق في بعض الصفات لا يستلزم المشابهة والمماثلة

- ‌سياق ما روي في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)

- ‌الأدلة من القرآن على أن الله مستو على عرشه فوق خلقه

- ‌الأدلة من السنة على أن الله مستو على عرشه فوق خلقه

- ‌أقوال السلف في استواء الله على عرشه وعلوه وفوقيته على خلقه

- ‌قول عمر رضي الله عنه في علو الله وفوقيته

- ‌قول ابن عباس رضي الله عنهما في علو الله وفوقيته

- ‌شرح قول أم سلمة في استواء الله عز وجل

- ‌شرح قول الإمام مالك في استواء الله عز وجل

- ‌شرح قول ربيعة الرأي في استواء الله عز وجل

- ‌شرح قول ابن الأعرابي في استواء الله عز وجل

- ‌شرح تفسير مقاتل لقوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم)

- ‌قول سليمان التيمي في علو الله وفوقيته

- ‌أقوال سفيان الثوري وعبد الله بن نافع وأحمد بن حنبل في علو الله وفوقيته

- ‌قول محمد بن جعفر في استواء الله على عرشه

- ‌الجمع بين قوله تعالى: (وهو معكم أينما كنتم) وبين أن الله مستو على العرش

- ‌ما ورد في القرآن ليس فيه تناقض

- ‌عدم وجود تعارض بين العلو والمعية

- ‌تعذر اجتماع العلو والمعية في حق المخلوق لا يعني تعذر اجتماعهما في حق الخالق

الفصل: ‌عدم وجود تعارض بين العلو والمعية

‌عدم وجود تعارض بين العلو والمعية

كذلك عندما تمشي في الصحراء ليلاً فإنك تجد القمر معك وهو في السماء معك، فتقول: أنا كنت ماشياً في الصحراء والقمر يمشي معي، لكن المعية هذه تشير إلى أن القمر كان ماشياً بجانبك، فهل كان القمر يمشي بجانبك؟ كذلك لو قال شخص: كنت أمشي في صحراء مكة والشمس تسير معي، فهل سارت الشمس معه؟ والشمس كانت معه بالفعل، فالشمس معي بضوئها، والقمر كذلك معي بضوئه ونوره، فالقمر في السماء بينك وبينه ملايين الأميال، ومع هذا أنت جوزت لنفسك أن تقول: القمر معي، والشمس معي، والنجوم معي، وغير ذلك من المخلوقات.

كذلك السماء فوق الأرض، فعندما أقول: السماء فوق الأرض، هل يلزم من ذلك أن السماء ملاصقة للأرض مماسة لها؟ فكلمة (فوق) عند الإطلاق ولأول وهلة تعني المماسة والالتصاق، فقولي: السماء فوق الأرض، يعني: أن السماء قد التصقت وماست الأرض، وهذا الكلام في الواقع غير صحيح؛ لأن بين السماء الدنيا وبين الأرض مسيرة خمسمائة عام، هذه السماء الدنيا تبعد عن الأرض بنحو خمسمائة عام للراكب المسرع، بل قال بعضهم: بسرعة الضوء، وسمك السماء الواحدة مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام حتى السماء السابعة.

خمسمائة عام في (13) أو في (14)، وفوق السماء السابعة بحر، وهو الماء المعبر عنه بقوله تعالى:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود:7] فالماء ليس هو الساحل الأحمر أو الأبيض، بل الماء الذي فوق السماء السابعة، عمقه مسيرة خمسمائة عام، وفوق هذا الماء العرش، وفوق العرش الكرسي، والله تعالى استوى على العرش، انظر إلى علو الله تبارك وتعالى على هذه المخلوقات جميعاً بهذه الأبعاد الفلكية الخطيرة التي لا يمكن إحصاؤها، ثم بعد ذلك هو مع خلقه بعلمه وسمعه يرى مكانهم ويسمع كلامهم، ويجازيهم على الإحسان إحساناً، ويقدر لهم خيراً أو شراً على ما صنعوه من شر؛ إما أن يؤاخذ به، وإما أن يعفو عنه.

إذاً: الوجه الثاني في الجمع بين معية الله تبارك وتعالى وفوقيته: أنه ليس بين العلو والمعية تعارض، إذ من الممكن أن يكون الشيء عالياً وهو معك، مثلما ذكرنا في القمر والشمس وغيرها.

أرأيت لو أن إنساناً على جبل عال وقال للجنود: اذهبوا إلى مكان بعيد في المعركة وأنا معكم، فمعيته هنا ليست ببدنه، ولكنهم أرادوا أن يثبتوا ذلك من باب المجاز، فقد يقول أمير الجيش للجيش: اذهبوا قاتلوا العدو الفلاني وأنا معكم، ووضع نفسه أو التف على قمة الجبل، ووضع المنظار على عينيه، وهو يرى الجيش رغم المسافات البعيدة بينه وبين الجيش إلا أنه يرى أحوال الجيش، وفي الحقيقة هو ليس معهم إلا بمجرد المنظار، فإذا كان هذا القائد يقول لجنوده: أنا معكم رغم هذا البعد وهو مخلوق، فما بالكم بالخالق تبارك وتعالى؟

ص: 19