المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أدلة القائلين بأن كلتا يدي الله يمين - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال - جـ ٢٢

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ قواعد في الصفات مع صفة اليد

- ‌الإيمان بذات الله وصفاته من الإيمان بالغيب

- ‌اختلاف الناس في صفات الله وبيان مذهبهم

- ‌قواعد مهمة في عقيدة أهل السنة في الأسماء والصفات

- ‌القاعدة الأولى: إفراد الله تبارك وتعالى بالوحدانية في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله

- ‌القاعدة الثانية: إثبات الصفات على مراد الله ومراد رسوله، ووجوب الإيمان بذلك

- ‌القاعدة الثالثة: الكف عن الخوض في كيفية الذات والصفات

- ‌القاعدة الرابعة: النفي المجمل والإثبات المفصل والنفي المتضمن لكمال الضد

- ‌القاعدة الخامسة: أن ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق

- ‌توسط أهل السنة والجماعة في اعتقادهم من بين الفرق الأخرى في صفة اليد

- ‌مذهب الفرق الضالة في تفسير اليد والرد عليهم

- ‌مذهب أهل السنة والجماعة في تفسير قوله تعالى: (لما خلقت بيدي)

- ‌اختلاف علماء أهل السنة والجماعة في كون كلتا يدي الله يمين أو هما يد يمنى ويد يسرى

- ‌وصف كلتا يدي الله بأنها يمين وثبوت ذلك بالكتاب والسنة

- ‌أدلة القائلين بإثبات صفة اليد الشمال لله تعالى

- ‌أدلة القائلين بأن كلتا يدي الله يمين

- ‌مناقشة الأدلة التي تثبت صفة اليد الشمال لله تعالى

- ‌الأسئلة

- ‌الحكم على حديث: (إن الله خلق آدم على صورته)

- ‌ثبوت اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بيان أن السنة قص الشارب لا حلقه

- ‌حكم التصدق على زانية

- ‌النصح بشراء كتاب أصول الاعتقاد

- ‌الحكمة من تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله

- ‌بيان أن صفات الله سبحانه توقيفية كما أن أسماءه توقيفية

- ‌معنى حديث: (إن الله لا يمل حتى تملوا)

الفصل: ‌أدلة القائلين بأن كلتا يدي الله يمين

‌أدلة القائلين بأن كلتا يدي الله يمين

أدلة من قال بأن كلتا يديه سبحانه يمين: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين)، وهذا نص ثابت.

وحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعاً: (أول ما خلق الله تعالى القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين).

واعلم أن الحديث الذي جاء في إثبات الشمال أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن عمر، وهنا ثبت عن عبد الله بن عمر أنه روى حديثاً:(أول ما خلق الله تعالى القلم، فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين).

إذاً: عبد الله بن عمر وافق جمهور الرواة، ووافق الروايات بإحدى روايتيه وخالف في الأخرى؛ ولذلك هذه المخالفة في إثبات الشمال لله عز وجل إذا أتت من طريق واحد تدل على الاضطراب.

يعني: إذا كان الراوي لهذه الصفة هو عبد الله بن عمر مرة يثبت أن كلتا يديه يمين، ومرة يثبت أن لله يدين إحداهما يمين والأخرى شمال فلابد أن نقول: قد حدث هنا اضطراب، ولا يلزم أن يكون هذا الاضطراب من جانب الصحابي، بل إن ذلك في الغالب العام من طرف أحد رواة الإسناد.

ولذلك هذا الخبر هو الصحيح عن عبد الله بن عمر قال: (أول ما خلق الله تعالى القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين).

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (لما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه قال بيده وهما مقبوضتان: خذ أيهما شئت يا آدم! فقال: اخترت يمين ربي وكلتا يديه يمين مباركة، ثم بسطها).

هذا الحديث عند ابن أبي عاصم، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي في الأسماء والصفات وغيره.

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (يمين الله ملأى لا يغيضها شيء، وبيده الأخرى القبض يرفع ويخفض) والحديث في الصحيحين.

فلو قلنا: إن اليد هنا بمعنى: القدرة أو بمعنى: النعمة، فهل يصح أن نقول: إن النعمة تقبض وتبسط؟ قال ابن خزيمة في كتاب التوحيد: باب ذكر سنة ثامنة تبين وتوضح أن لخالقنا جل وعلا يدين كلتاهما يمينان، لا يسار لخالقنا عز وجل، إذ اليسار من صفة المخلوقين تجلى ربنا عن أن يكون له يسار.

هذا كلام ابن خزيمة.

وقال في التوحيد أيضاً: بل الأرض جميعاً قبضة ربنا جل وعلا بإحدى يديه يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه وهي اليد الأخرى.

يعني: هي كذلك يمين، وكلتا يدي ربنا يمين لا شمال فيهما جل ربنا وعز عن أن يكون له يسار، إذ كون إحدى اليدين يساراً إنما يكون من علامات المخلوقين جل ربنا وعز عن التشبه بخلقه.

وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب طبقات الحنابلة لـ أبي يعلى: وكما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وكلتا يديه يمين) لابد من الإيمان بذلك.

قال: فمن لم يؤمن بذلك ويعلم أن ذلك حقٌ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مكذب برسول الله عليه الصلاة والسلام.

وسئل الشيخ الألباني رحمه الله كما في مجلة الأصالة: كيف نوفق بين رواية: (بشماله) الواردة في حديث ابن عمر في صحيح مسلم، وبين الرواية:(وكلتا يديه يمين)؟

‌الجواب

قال: لا تعارض بين الحديثين، فقوله:(وكلتا يديه يمين)، تأكيد لقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].

يعني: لابد أن تصرف من الذهن تشبيه الخالق بالمخلوق، فإذا صرفته فلابد أن تعلم بإثبات اليدين لله عز وجل ليس على نحو أيدي المخلوقين.

قال: فقوله: (وكلتا يديه يمين) تأكيد لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].

فهذا الوصف الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيد للتنزيه، فيد الله ليست كيد البشر (شمال ويمين)، ولكن كلتا يديه سبحانه يمين.

وترجيح آخر للروايتين: أن رواية: (بشماله) رواية شاذة كما بينتها في تخريج المصطلحات الأربعة لـ أبي الأعلى المودودي.

ويؤكد هذا: أن أبا داود روى نفس الحديث الذي رواه مسلم وأثبت فيه -أي: مسلم - الشمال دون أن يثبت فيه هذه الرواية الأخرى، ولكن قال:(وبيده الأخرى) بدل (وبشماله)، وهو الموافق لقوله تعالى، وقوله عليه الصلاة والسلام:(وكلتا يديه يمين).

ص: 16