المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام الجويني في صفة النزول - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال - جـ ٢٨

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ صفة النزول لله عز وجل

- ‌اعتقاد أهل السنة والجماعة في صفة نزول الرب تبارك وتعالى

- ‌اعتقاد الفرق الضالة في صفة نزول الله سبحانه

- ‌المذهب الأول: إنكار ورود أحاديث النزول في الصحيحين

- ‌المذهب الثاني: إثبات أحاديث النزول وتشبيهه بالمخلوق

- ‌المذهب الثالث: أن الله تعالى لا ينزل لأن نزوله يستلزم خلو العرش منه

- ‌المذهب الرابع: أن الله لا ينزل إنما الذي ينزل هو رحمته وأمره

- ‌الأدلة على إثبات النزول لله عز وجل من السنة

- ‌إثبات التابعين لنزول الرب سبحانه على الوجه الذي يليق به سبحانه

- ‌إثبات إسحاق بن راهويه نزول الرب سبحانه في مجلس الأمير عبد الله بن طاهر

- ‌منهج أهل السنة والجماعة في إثبات نزول الله تعالى دون تكييف

- ‌كلام ابن عبد البر في إثبات صفة النزول

- ‌كلام ابن القيم في إثبات صفة النزول

- ‌كلام ابن جرير في إثبات صفة النزول

- ‌كلام ابن القيم في اختلاف أهل السنة في صفة النزول

- ‌كلام أبي سعيد الدارمي في إثبات صفة النزول

- ‌كلام ابن خزيمة في إثبات النزول

- ‌كلام ابن تيمية في صفة النزول

- ‌كلام العلامة الصوفي في صفة النزول

- ‌كلام الجويني في صفة النزول

- ‌كلام ابن تيمية في آيات وأحاديث الصفات

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من دخل المسجد والإمام يصلي بالناس

- ‌فضل العالم على العابد

- ‌حكم كتم العالم علمه عند الحاجة إليه

- ‌سبيل الحصول على العلم

- ‌حكم صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌بيان أن حجاب الله عز وجل واحد فقط

- ‌باب كيفية وزن الأعمال يوم القيامة

- ‌حكم من سها في صلاته ونسي أن يسجد سجود السهو

- ‌ميراث أولاد الأم التي ماتت قبل أبيها في تركة جدهم

- ‌حكم حلق اللحية

- ‌حكم ترك الحارس لصلاة الجمعة خشية الضرر

- ‌ما يفعله المغتاب إن أراد التوبة

- ‌حكم القنوت في صلاة الفجر

الفصل: ‌كلام الجويني في صفة النزول

‌كلام الجويني في صفة النزول

يقول أحد المحققين من الشافعية، وهو والد الإمام الجويني إمام الحرمين كلاماً جميلاً مع أنه أشعري.

قال: والذي شرح الله صدري - أي: والذي شرح الله له صدري - في حال المتكلمين الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء، والنزول بنزول الأمر، واليدين بالنعمتين والقدرتين، أنه ما فهموا من صفات الرب إلا ما يليق بالمخلوقين، فما فهموا عن الله تعالى استواءً يليق به ولا نزولاً يليق به ولا يدين تليق بعظمته بلا تكييف ولا تشبيه، فلذلك حرفوا الكلم عن مواضعه، وعطلوا ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله.

قال: ولا ريب ولا شك أننا نحن وهم متفقون على إثبات صفة الحياء والسمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والكلام لله تعالى، ونحن قطعاً لا نعقل من الحياء والسمع والبصر والعلم إلا أعراضاً تقوم بجوارحنا.

يعني: لما تقول: الله تعالى حي وآدم حي، فحياة آدم أنا أعلمها؛ لأنها كحياتي أنا، لكن حياة الله عز وجل تختلف عن حياة آدم، ولا أعلم كيفية حياته سبحانه، فأنا أثبت الحياة الكاملة التي لا يطرأ عليها فناء ولا فساد لله عز وجل، بخلاف حياتي فإنه يطرأ عليها العلل والأدواء والأمراض كلها وتنتهي وتفنى وتزول، فحياة المولى عز وجل تختلف عن حياة المخلوقين، فإياك أن تتوهم أن الله حي بحياة تليق بحياتك أنت، يا مخلوق يا ضعيف! يا من تنتهي حياتك في يوم ما! قال: ونحن قطعاً لا نعقل من الحياة والسمع والبصر والعلم إلا أعراضاً تقوم بجوارحنا، فكما يقولون: حياته تعالى وعلمه وسمعه وبصره ليست بأعراض.

فأنت تثبت أن لله تبارك وتعالى عينين، لكن هل هما جارحتان؟ لا، وكذلك اليد والساق وغيرهما من صفات الذات لله تبارك وتعالى.

قال: فكما يقولون: حياته تعالى وعلمه وسمعه وبصره ليست بأعراض بل هي صفات كما تليق به.

أي: صفات كمال لا أعرف كيفيتها، لكنني أعلم علماً يقينياً أن الله تعالى حي بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، فأنا لا أعرف الشيء إلا من خلال أمرين: الأمر الأول: أن أراه هو.

فهل رأيت الله عز وجل؟ وهل لله مثيل؟ لا.

ليس له مثيل لا في ذاته ولا في صفاته، فإذا كنت أجهل كيفية الذات سأجهل كيفية الصفات، لأنني لم أر ذات المولى تبارك وتعالى، فلا يمكن أبداً أن أمثل صفات الخالق بصفات المخلوقين.

قال: بل هي صفات كمال كما تليق به لا كما تليق بنا، ومثل ذلك بعينه: فوقيته واستواؤه ونزوله ونحو ذلك، نقول فيه بأن الكيف مجهول.

قال: وكل ذلك ثابت معلوم غير مكيف بحركة أو انتقال يليق بالمخلوق، بل كما يليق بعظمته وجلاله، فإن صفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت، غير معقولة من حيث التكييف والتحديد، ولا فرق بين الاستواء والنزول والسمع والبصر، الكل ورد في النص.

فإن قالوا في الاستواء والنزول: شبهتم.

يعني: إن قالوا لنا: أنتم تثبتون الاستواء والنزول؟ نقول: نعم.

فيقولون لنا: شبهتم.

فنقول لهم: في السمع والبصر شبهتم أنتم؛ لأنكم أصلاً لا تثبتون النزول ولا تثبتون الاستواء، إنما تثبتون السمع والبصر، فإذا كنتم تدعون أننا مشبهة لأننا نثبت الاستواء والنزول، فأنتم أيضاً مشبهة؛ لأنكم أثبتم السمع والبصر؛ لأنه لا فرق بين الاستواء والنزول والسمع والبصر، كلها صفات لله عز وجل.

قال: قلنا لهم: شبهتم كما شبهنا، ووصفتم ربكم بالعرض.

فإن قالوا: لا نثبت له عرضاً، بل كما يليق به تعالى في السمع والبصر.

قلنا كذلك: ونحن نثبت له الاستواء والنزول كما يليق به تبارك وتعالى.

فجميع ما يلزموننا به في الاستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه، نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم، فكما هم لا يجعلونها أعراضاً كذلك نحن لا نجعلها جوارح، ولا أعراضاً ولا ما يوصف به المخلوق.

وليس من الإنصاف أن يفهموا في الاستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين، فيحتاجون إلى التأويل والتحريف، ونفهم ذلك في الصفات السبع.

وهم السبعية من الأشاعرة.

قال: وحيث نزهوا ربهم في الصفات السبع مع إثباتها فكذلك يقال في غيرها، فإن صفات الرب تبارك وتعالى كلها جاءت في موضع واحد وهو الكتاب والسنة.

فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل وأولنا هذه وحرفناها كنا كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، وفي هذا بلاغ وكفاية.

انتهى كلام والد إمام الحرمين الإمام الجويني عليه رحمة الله.

ص: 20