المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جواز حذف الفضلة إن لم يضر - شرح ألفية ابن مالك للعثيمين - جـ ٣٣

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌جواز حذف الفضلة إن لم يضر

‌جواز حذف الفضلة إن لم يضر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وحذف فضلة أجز إن لم يضر كحذف ما سيق جواباً أو حصر] الفضلة: ما يمكن الاستغناء عنه، أي: ما ليس من ركني الجملة، فليس فاعلاً ولا خبراً وما أشبه ذلك، يقول المؤلف: يجوز أن تحذفه اختصاراً أو اقتصاراً.

والفرق بين الاقتصار والاختصار: أن الاقتصار هو ألا يكون في الجملة لا حقيقة ولا حكماً، وألا يوجد موجب حذفه، وأما الاختصار فهو الذي لا بد من وجوده في الجملة، لكن حذف للعلم به، فالذي يحذف اختصاراً هو الذي يعلم حذفه والأصل بقاؤه، والاقتصار هو الذي لا يهتم به.

فحذف الفضلة جائز سواء كان اختصاراً أو اقتصاراً، مثاله: قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل:5]، (أعطى) لها مفعولان، وكلاهما محذوف، و (اتقى): لها مفعول حذف أيضاً، وتقدير المفعولين الأولين: فأما من أعطى المال مستحقه، وتقدير الثاني: واتقى الله {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:7].

يقول المؤلف: (فحذف فضلة أجز إن لم يضر كحذف ما سيق جواباً أو حصر).

قوله: حذف: مفعول مقدم لقوله: (أجز)، وهو مضاف إلى (فضلة).

أجز: فعل أمر مبني على السكون، والفاعل مستتر وجوباً تقديره أنت.

إن: شرطية.

لم يضر: الجملة في محل جزم فعل الشرط، ولا نقول: إن (يضر) مجزومة على أنها فعل الشرط؛ لوجود أداة الجزم المباشرة وهي (لم).

ويضر: مضارع ضار يضير، وهو بمعنى: ضر.

كحذف: متعلق بـ (يضر)، فهو مثال للضار وليس لما لا ضير فيه، وحذف: مضاف، و (ما) مضاف إليه.

سيق: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله، ونائب الفاعل مستتر، والجملة صلة الموصول ما.

جواباً: حال من نائب الفاعل في سيق.

أو حصر: أو: حرف عطف، حصر: معطوف على (سيق).

فمعنى البيت: أنه يجوز أن تحذف ما كان فضلة -وهو ما يستغنى عنه في الجملة- إلا في هذين الحالين: إذا سيق جواباً، وإذا كان محصوراً.

فما سيق جواباً لا يجوز حذفه؛ لأنك لو حذفته لم يستفد السائل شيئاً، مثل أن يقال: من أكرمت؟ فتقول: أكرمت، والأصل: أكرمت زيداً، فهنا لا يجوز أن نحذف (زيداً)؛ لعدم الفائدة، والسائل يريد أن تفيده.

وإذا سألك: من صاحبك؟ فقلت: صاحبي، وسكت، فلن يستفيد شيئاً، مع أنك لو قلت: صاحبي زيد، فإن (زيد) هنا ليس فضلة؛ لأن الجملة لا تستغني عنه؛ إذ إنه خبر أو مبتدأ.

قوله: (أو حصر) أيضاً إذا حصر فلا يجوز حذفه، مثاله أن تقول: ما ضربت إلا زيداً، فهنا لا يجوز أن تقول: ما ضربت إلا، ولا يجوز أيضاً أن تقول: ما ضربت؛ لأنك لو قلت: ما ضربت، نفيت الضرب عن كل واحد مع أنك قد ضربت زيداً، ولو قلت: ما ضربت إلا، حذفت المستثنى مع الضرورة إلى ذكره.

وذكره للحصر على سبيل التمثيل، فكل ما لا يمكن الاستغناء عنه فإنه لا يجوز أن يحذف، وتقييد المؤلف رحمه الله لذلك بعدم الضرر جار على سبيل التوضيح، وإلا فإن قوله:(وحذف فضلة) يغني عن هذا القيد؛ لأن ما لا يستغنى عنه لا يسمى فضلة.

ص: 13