الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامة تستعمل في التوكيد للدلالة على الشمول ككل
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واستعملوا أيضاً ككل فاعلة من عم في التوكيد مثل النافلة] قوله: (واستعملوا) أي العرب.
(أيضاً) مصدر آض يئيض، بمعنى: رجع، وهي دائماً محذوفة العامل، فلا يقال: أئيض أيضاً، أي أرجع رجوعاً، وإنما استعملوه دائماً على المفعولية المطلقة أو على المصدرية وعاملها محذوف دائماً.
قوله: (ككلٍ فاعلة من عم) فاعلة يعني: اسم فاعل على وزن فاعلة، من عمَّ، فعم: فعل ماضٍ -وهي غير (عمَّ) التي هي حرف جر واسم استفهام- ومضارعة: يعم، واسم الفاعل منه: عامٌّ، لكن هو يقول: فاعلة، فأدخل التاء على (عام) فتصبح: عامة.
يعني: تعمل (عامة) في مكان (كل)، تقول: جاء القوم عامتهم، وهو بإزاء قولك: جاء القوم كلهم، والمعنى واحد، وكثيراً ما يستعمل شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك فيقول: عامة العلماء على هذا القول.
وغيره أيضاً ممن يذكر الخلاف، يقول: عليه عامة العلماء، أي: كل العلماء، وإن كان الإنسان قد يشعر بأن يوجد خلاف قليل، لكن ليست مثل ما إذا قيل: أكثر العلماء، فهنا الخلاف واضح.
والإعراب: استعملوا: فعل وفاعل.
و (أيضاً): مصدر لعامل محذوف من آض يئيض.
و (فاعلة): مفعول استعملوا.
و (من عمَّ): متعلقة بفاعلة حال، أو صفة.
و (عامة) مثل (جميع) إذا لم تتصل بالضمير تكون غير مؤكدة، كما في قول الرسول عليه الصلاة والسلام:(وبعثت إلى الناس عامة) فهي حال.
قوله: (في التوكيد) متعلق باستعملوا، يعني: استعملوا في التوكيد أيضاً (عامة) استعمال (كلٍ)، وعلى هذا فيكون مضافاً إلى ضمير المؤكد.
وقوله: (مثل النافلة)، (مثل) يحتمل أنه مفعول مطلق، أي: استعمالاً مثل النافلة، ويحتمل أن يكون حالاً أي: مشبهاً للنافلة، ومعنى النافلة: الزيادة، كما قال الله تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:79]، يعني: زائدة لك، قال الشارح: إن كثيراً من النحويين لم يذكروها، فيكون الذي ذكرها زائداً على غيره في ذكرها.
وقال بعض المحشين: بل معنى قوله: (مثل النافلة) أي: مثل هذا الوزن، فهي على وزن فاعلة ولو كان المؤكد ذكراً، وهذا الذي ذكره المحشي أحسن مما ذكره الشارح، فالأحسن أن يقول:(مثل النافلة) أي: أنها تلزمها التاء وإن كان المؤكد فيها مذكراً، فتقول: جاء الرجال عامتهم، ولا تقل: عامهم.
وقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:79].
نافلة: حال من التهجد، والتقدير: حال كونه نافلة لك، والتهجد مذكر.
ومن الأمثلة قولنا: جاء القومُ عامتُهم، ورأيتُ القومَ عامتَهم، ومررت بالقوم عامِتهم، وكونها مؤكدة للشمول واضح من معناها؛ لأن العموم معناه الشمول، وهي مأخوذة من عمَّ يعُمّ، أي: شمل يشمل فهو شامل.