الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح ألفية الحافظ العراقي (22)
القراءة على الشيخ
الشيخ: عبد الكريم الخضير
يعني إذا قيل: ما تحفظ في باب كذا؟ قال: في حديث فلان أو فيه كذا أو فيه كذا للمذاكرة بينهم، لا على طريق التحديث والرواية، والرواية بطريق المذاكرة، والتحمل بطريق المذاكرة أقل من التحمل بطريق الرواية المقصودة.
نعود إلى مسألة السماع من لفظ الشيخ، السماع من لفظ الشيخ له مراتب، أعلاها الإملاء، كون الشيخ يملي إملاءً يحرر ما يريد سواء كان ما يزوره في حفظه أو في كتابه، ثم يمليه وهذا أعلى ما في هذا النوع السماع من لفظ الشيخ، لماذا؟ لما يترتب عليه ويلزم منه من تحرز الشيخ والطالب، كل منهما مهتم لما هو بصدده، إذا كان الشيخ معه كتاب، ويقول: اكبتوا، ويملي حرفاً حرفاً، هذا لا شك أنه أكثر تحرزاً من كون الشيخ يلقي إلقاءً والطلاب يستمعون، في حال الإملاء لا شك أن الشيخ متحرز ومتحفظ ألا يخطئ في إملائه والطالب أيضاً متحفظ ومتيقظ لئلا يخطئ في سماعه، هذا أعلى ما في هذا النوع السماع من لفظ الشيخ، ثم يليها مسألة قصد التحديث على طريق الإلقاء لا على طريق الإملاء، ثم بعد ذلك مسألة المذاكرة، المذاكرة بين الشيوخ ما في هذا الباب ما في حديث فلان، ما في كذا ثم يسرد الحديث، ويتلقاه من يسمع ويرويه بصيغة: قال لنا، الغالب استعمالها مذاكرة، والحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يرد من قال: إن البخاري لا يقول: قال، أو قال لنا إلا في حال المذاكرة، ويثبت أمثلة من الصحيح نفسه في أحاديث فيها قال، أو قال لنا، ويرويها بصيغة التحديث، بصيغة التحديث في نفس الصحيح أو في غيره من كتبه -من كتب البخاري-، أو العكس قد يكون الحديث قال لنا في التاريخ الكبير، ورواه في الصحيح بحدثنا، فليست خاصة بحال المذاكرة.
الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ
…
وَدُوُنَهَا (قَالَ) بِلَا مُجَارَرَهْ
بدون لنا، بدون جار ومجرور، قال: بدون مجاررة، بلا مجاررة، المجاررة إذا قال: قال لنا، وأخص منها إذا قال: قال لي، مثل حدثنا وحدثني، إذا قال: قال لي، أو قال لنا فهذه كما يقول الناظم -رحمه الله تعالى- الغالب استعمالها مذاكرة، ودونها دون لفظ قال لي، أو قال لنا قال بلا مجاررة، يعني بدون جار ومجرور، ولا شك أن هذا صيغة موهمة، لا يلزم منها الاتصال، لا يلزم منها بمجردها الإتصال كـ (عن) إلا بالشروط المعتبرة عند أهل العلم؛ لأن لو قال واحد من الحاضرين قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزم من هذا الاتصال؟ لا يلزم، لو قال: قال الإمام أحمد يلزم منه اتصال؟ لا يلزم منه اتصال، لو قال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية يلزم؟ ما يلزم منه اتصال، ولا يعد كاذباً؛ لأن الصيغة محتملة، وهي محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين في العنعنة عند أهل العلم.
. . . . . . . . .
…
وَدُوُنَهَا (قَالَ) بِلَا مُجَارَرَهْ
فعندنا أعلاها سمعت وهذه لا تحتمل، ثم حدثني وحدثنا، ثم أخبرني وأخبرنا، ثم أنبانا ونبأنا، ثم قال لنا، وأخرها قال.
ولو روى بلفظ العنعنة عن فلان عن فلان هذه صيغة العنعنة، أو أن فلاناً المأنن أو المؤنأن، كلها محمولة على الاتصال إذا توافر الشرطان المعروفان عند أهل العلم، أن يثبت اللقاء بين الراوي ومن روى عنه على مذهب الإمام البخاري، أو تثبت المعاصرة مع إمكان اللقاء على ما قرره الإمام مسلم في صدر صحيحه، وأن لا يوصف الراوي بتدليس، أما إذا كان هناك مفاوز بين الراوي ومن روى عنه، بينهم طبقات من الرواة، أو عصور أو دهور فإن هذا تصح الرواية إلا أنها منقطة، إلا أنه لا يوصف بكذب إذا قال: قال رسول الله؛ لأنها صيغة لا يلزم منها الاتصال، ولذا يقول فيما تقدم:
وصححوا وصل معنعن سلم
…
من دلسة راويه واللقاء علم
يعني اللقاء ثبت كما هو مذهب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، وتقدم الكلام فيه، ولذا قال:
وهي على السماع إن يدرَ اللقي
…
. . . . . . . . .
وهي على السماع أي محمولة على السماع إن يدرى اللقي، يعني إن يعلم اللقي، وهذا كما هو معلوم مذهب الإمام البخاري، ويكتفي الإمام مسلم بالمعاصرة مع إمكان اللقي، ونقل على ذلك الإجماع في صدر صحيحه وشنع على من اشترط اللقاء، ووصفه بالابتداع، وذكرنا هذا بالتفصيل في شرح مقدمة صحيح مسلم، وفي ما تقدم من بحث العنعنة؛ لأن الحافظ العراقي بحثها هناك في العنعنة، فالعنعنة يحملها الإمام البخاري على الإتصال بالشرطين ثبوت اللقاء وألا يوصف أو أن يبرأ الراوي من وصمة التدليس والإمام مسلم يكتفي بالمعاصرة مع إمكان اللقاء، وهذا سبق تفصيله، ووصف من اشترط اللقاء بأنه مبتدع، وأن القول مخترع، وشدد النكير، رأى أن من اشترط يريد إبطال السنن، وهو مبتدع في هذا، وهو مستفيض عند أهل العلم أنه هو قول الإمام البخاري، ولذا يستروح بعض المعاصرين أن الإمام البخاري لا يشترط اللقاء؛ لأنه ليس من المعقول أن يقول الإمام البخاري بهذا القول ومسلم يصف هذا القول بأنه مخترع، والقائل به مبتدع، لا يمكن، يعني هل يخفى عليه أن الإمام البخاري يشترط هذا؟ لو كان يشترطه يخفى على مسلم؟ ما يمكن يخفى؛ لأنه تلميذه، خريجه، ولذا يستروح وألف في هذا كتب الإجماع على الاكتفاء بالمعاصرة، وذكروا هذا قول الإمام البخاري وغيره من الأئمة، ونقلوا عليه الإجماع، كل هذا من تشديد الإمام مسلم على من يقول باشتراط اللقاء، وهو مستفيض عن الإمام البخاري، ولم ينكره أحد من أهل العلم، الإمام البخاري وعلي بن المديني يشترطون اللقاء، لكن من تشديد النكير من قبل الإمام مسلم على من يقول بهذا القول، وأنه قول مخترع مبتدع، قول لا يمكن أن يقول به الإمام البخاري ويخفى على مسلم، نقول: يقول به الإمام البخاري ويعلم مسلم أن البخاري يقول هذا الكلام، ولا يقصده بالرد، لا يقصد البخاري بالرد، ولا يشنع على البخاري، ولا على علي بن المديني، يشنع على مبتدع يريد أن يستغل احتياط البخاري في رد السنن، يريد هذا المبتدع أن يستغل احتياط البخاري وشدة تحري الإمام البخاري في رد السنة، ونظير ذلك أننا إذا رددنا على المعتزلة على أبي الحسين البصري أو على الجبائي، أو على غيرهما من أئمة المعتزلة إذا
رددنا عليهم اشتراط العدد في الرواية فإننا لا نرد على عمر بن الخطاب حينما رد على أبي موسى حديث الاستئذان، هل نقول: إن عمر يشترط هذا القول؟ لا، لكنه يتحرى ويحتاط للرواية، كما أن البخاري يحتاط للرواية، ولا يريد بذلك رد السنن، إنما يريد التثبت للسنة، فإذا رددنا على المعتزلة فإننا لا يعني أننا نرد على عمر بن الخطاب، وإذا رددنا على مبتدع يريد أن يرد السنة مستغلاً احتياط البخاري أو احتياط عمر فإننا لا نرد على البخاري ولا نرد على عمر، إنما نريد الرد على من يستغل هذا الاحتياط في رد السنة، ويبقى أن المحتاط محتاط، يعني جلة على العين والرأس هؤلاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا قبله في مواضع كثيرة، الأصل قبوله عند عمر وغير عمر، يعني حفظ عنه أكثر من قصة في هذا الباب، صاحبه عمر يتناوب مع صاحبه جار له يتناوبون الدخول إلى النبي عليه الصلاة والسلام لتحمل الحديث، هذا في البخاري، فإذا سمع صاحبه من النبي عليه الصلاة والسلام حديثاً بلغه إلى عمر، هل يطلب ثاني معه؟ ما يطلب ثاني، لكن لما كانت المسألة عملية استأذن ثلاثاً فانصرف، قال: ما الذي دعاك تنصرف؟ قال: الحديث، النبي عليه الصلاة والسلام، قال: أحضر شاهد يشهد لك؛ لأن مسألة الاستئذان مسألة ينبغي أن تكون مستفيضة بين الناس كلهم، لا يقتصر بمعرفتها واحد، فإذا احتاط الإنسان، الإنسان أحياناً الأصل القبول يقبل عمر وغير عمر يقبلون خبر الواحد، يعني لما كان عمر القصة في الصحيح كنت أنا وجار لي من الأنصار نتناوب الدخول على النبي عليه الصلاة والسلام فيبلغني بما سمع، وأبلغه بما سمعت، هذا الأصل، لكن لما صنع أبو موسى هذا الصنيع وعتب عليه، لماذا رجع؟ قال:"إذا استأذن أحدكم فليستأذن ثلاثاً فإن أذن له وإلا فلينصرف" قال: لا بد أن تحضر لي من يشهد لك، وهذا كل أمر يشك فيه يتثبت فيه، وإلا فالأصل السلامة، ما يقال: إن عمر يرد خبر الواحد أبداً.
وهي على السماع إن يدرَ اللقي
…
لا سيما من عرفوه في المضي
أن لا يقول ذا بغير ما سمع
…
. . . . . . . . .