المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الوجادة الآتية في القسم الثامن كأن يروي هذه الكتب الموصى - شرح ألفية العراقي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الوجادة الآتية في القسم الثامن كأن يروي هذه الكتب الموصى

الوجادة الآتية في القسم الثامن كأن يروي هذه الكتب الموصى بها عن صاحبها بالوجادة، فإذا قال: وجدت .. ، مثلاً أيوب السختياني: وجدت بخط أبي قلابة كذا، الموصى له يروي الأحاديث الموجودة في هذه الكتب على طريق الوجادة بأن يقول: وجدت بخط فلان كذا، كما هو في القسم الثامن، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أيوه.

طالب:. . . . . . . . .

بس أنه لما أراد أن يكتب مقصود، الوصية مثل؟

طالب:. . . . . . . . .

ويش لون؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن يوصي له بالانتفاع من هذه الكتب، يعني كما لو ناوله، أعطاه كتاباً، أهدى له كتاباً، ثم إذا أهدى له قلنا: ويش الفرق بينه، وبين أن يبيع عليه كتاباً، ثم لو قلنا ما في فرق بين أن يبيع، قلنا: لو ورث الكتاب عنه، يروي، وإلا ما يروي؟ ما يروي، يقول لك كل الناس يروون.

طالب:. . . . . . . . .

المكاتبة مقصودة، الشخص المكتوب له مقصود بهذه المكاتبة حين الكتابة مقصود، والكاتب يكتب حدثنا فلان، وفلان، وهو يكتب لفلان، قريبة من السماع، نعم؟

‌الثامن: الوجادة

ثم الوجادة وتلك مصدر

وجدته مولداً ليظهر

تغاير المعنى وذاك إن تجد

بخط من عاصرت أو قبل عهد

ما لم يحدثك به ولم يجز

فقل: بخطه وجدت واحترز

إن لم تثق بالخط قل: وجدت

عنه أو اذكر قيل أو ظننت

وكله منقطع والأول

قد شيب وصلاً ما وقد تسهلوا

فيه "بعن" قال: وهذا دلسه

تقبح إن أوهم أن نفسه

حدثه به وبعض أدى

حدثنا أخبرنا وردا

وقيل: في العمل إن المعظما

لم يره وبالوجوب جزما

بعض المحققين وهو الأصوب

ولابن إدريس الجواز نسبوا

وإن يكن بغير خطه فقل:

قال ونحوها وإن لم يحصل

بالنسخة الوثوق قل: بلغني

والجزم يرجى حله للفطن

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في القسم الثامن من أقسام التحمل: "الوجادة" الوجادة أن يجد بخط شيخه الذي عاصره، أو من قبله بخط لا يشك فيه أنه خط فلان، فهل يروي مع المعاصرة، أو يروي مع بعد العهد، والتقادم شريطة أن لا يشك بأن هذا خط فلان، يروي كما لو سمع منه، أو كما لو قرأ عليه، أو كما لو أجازه، أو لا بد أن يقول: وجدت بخط فلان.

ص: 22

عبد الله بن الإمام أحمد في مواضع كثيرة من المسند يقول: وجدت بخط أبي، فالتبيين في مثل هذا هو الأصل.

يقول رحمه الله: "ثم" يلي، ثم يعني يلي ما تقدم "الوِجادة" الوجادة بكسر الواو "وتلك" أي لفظ الوجادة "مصدر وجدته مولداً" يعني غير مسموع من العرب، الوجادة لا تُعرف في لغة العرب في معناها الاصطلاحي، وإنما اللفظ "وجادة" مولد، فغير مسموع من العرب كما قاله المعافى بن زكريا النهرواني في كتابه "الجليس الصالح" كتاب مطبوع في ثلاثة، أو أربعة مجلدات، مطبوع، وفيه فوائد،

. . . . . . . . .

وجدته مولداً ليظهر

تغاير المعنى. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

تغاير المعنى للتمييز بين المعاني المختلفة.

الفعل "وَجَدَ" وجد وِجَادة فيما يوجد من الصحف المكتوبة، ووَجْداً، وجِدةً، ووجُوداً، وغير ذلك من المصادر، جعلوا الوجادة من أجل أن يتغاير المعنى، فجعلوا كل لفظ من ألفاظ هذه المصادر لمعنىً من المعاني، وجَد وجْداً، وجد جِدةً، وجَد موجِدة، وجَد وِجادة، فتكون فيما نحن بصدده، وِجادة، والوَجْد، والوُجُود، والمَوجِدة، فرقوا بين المصادر ليكون لكل لفظ معنىً خاص به، يعني مثل ما فرقوا بين مصادر الفعل "رأى" رأى رأياً، رأى رؤية، رأى رؤيا، الفعل واحد، والمصادر مختلفة، للتمييز بين المعاني مختلفة "وذاك" أي: قسم الوجادة اصطلاحاً نوعان: حديث، وغيره، غير الحديث "وذاك إن تجد" يعني الأول:

. . . . . . . . . إن تجد

بخط من عاصرت أو قبل عُهد

ص: 23

"بخط من عاصرت" يعني بعض من عاصرت سواءً لقيته، أم لا "أو قبل" ممن لم تعاصره "عُهد" وجوده فيما مضى في تصنيف له، أو لغيره، المقصود أنك تعرف أن هذا خط المؤلف، أو خط تلميذ المؤلف، أو خط ممن قابل نسخته على نسخة المؤلف، يعني نسخ معتمدة، أما الاعتماد على النسخ غير المعتمدة هذا لا -كما قرر أهل العلم- أنها لا يعول عليها في الرواية، لا يعول عليها في الرواية حتى تقابل أصلك بأصول متعددة، شرط عندهم، وقال يحيى أصلٍ فقط، يعني النووي قال: يكفي مقابلته على أصل واحد فقط، يعني إذا وجدت نسخة من كتاب مخطوط، وأردت أن تحقق هذا المخطوط تقابل هذا الذي وجدته بأصل من الأصول يكفي واحد، لكن كونك تحقق الكتاب على نسخة واحدة لا تجد ما تقابل عليها من الأصول لا يكفي، اللهم إلا إذا كانت هذه النسخة مرت على أهل العلم، وتداولوها، وقابلوها، وقرؤوها، وعلقوا عليها هذه ما تحتاج إلى مقابلة على أصول، هذا لا تحتاج إلى مقابلة على أصول، وأهل العلم معروف أن لهم عناية بالتصحيح على ما سيأتي في كتابة الحديث، ومقابلة النسخة على الأصل الواحد مراراً، وعلى الأصول المتعددة، ويجعلون في كل مقطع، أو في نهاية كل مجلس دائرة، ثم يضعون في هذه الدائرة -على ما سيأتي- في المقابلة الأولى نقطة، ويستدل بهذا على أنها قوبلت مرة، ثم إذا قوبل مرة ثانية وضعوا نقطة، قوبلت مرة ثانية، وهكذا، والآثار آثار لمسات مقابلة أهل العلم توجد على أطراف الصفحات في نسخة كذا، في نسخة كذا، وتزداد قيمة الكتب بهذه المقابلات، وبعناية أهل العلم، أما أن يوجد كتاب لا يدرى ما أصله، وهل قوبل، أو لم يقابل؟ وأهل العلم يقولون: إذا نسخ الكتاب فلم يقابل، ثم نسخ فلم يقابل خرج أعجمياً، أنتم ترون حتى في الطباعة الآن، حتى في الطباعة بعض الكتب لا يمكن أن تُقرأ، وهي مطبوعة بحرف جميل، وعلى ورق صقيل، ومع ذلك قد تمر الأسطر ما يفهم معناها لسوء الطباعة، يعني لو ضربنا مثالاً بعارضة الأحوذي، طبعة الصاوي، والتازي، الطبعة الأولى، هذا الكتاب كأنه أعجمي، لا يستقيم، ولا نصف صفحة منه، مشحون بالأخطاء، وهذه المطبعة، ومن نشر الكتاب ليست لهم أدنى عناية بالعلم الشرعي، ولا الكتب، وإلا كان ما يخرج

ص: 24

بهذه الطريقة، والشيخ أحمد شاكر في مقدمة تحقيقه لكتاب الترمذي قال: إنهم طلبوا نسخته من المتن ليطبعوا عليها، ليطبعوا عليها، الذين طبعوا عارضة الأحوذي، يقول: لما ظهر المجلد الأول من العارضة، وقرأته فإذا بهم قد أدخلوا تعليقاتي في أصل الترمذي، وقالوا: خرجه أبو داود، وخرجه فلان، وفلان، من تخريجاتهم، نعم، ومن تعليقاتي: اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولاً، أدخلوها، مثل هؤلاء يعتمد على طباعتهم؟ لا يعتمد على طباعاتهم، ولذا على طالب العلم أن يعنى بالمطابع التي تهتم، وبالمحققين الذين لهم عناية، وخبرة بالتحقيق.

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . أو قبل عُهد

ما لم يحدثك به ولم يجز

. . . . . . . . .

يعني ليست لك رواية بهذا الكتاب الذي وجدته لا بتحديث، ولا إجازة، ولم يجز لك روايته،

. . . . . . . . .

فقل بخطه وجدت واحترز

يعني قل: حسبما استمر عليه العمل قديماً، وحديثاً، وجدت، أو قرأت بخط فلان، أو في تصنيف لفلان إن كنت تجزم به، أو نسب لفلان، كثيراً ما يقال: في الكتاب المنسوب لفلان، هذا إذا لم تتأكد من نسبته، وإذا تأكدت من نسبته، وعرفت أن نسبته إلى مؤلفه صحيحة لا تتردد، تقول: قال فلان،

. . . . . . . . .

فقل بخطه وجدت واحترز

كما كان يكتب أهل العلم: وجدت بخط فلان، وذكرنا من الأمثلة قول عبد الله بن الإمام أحمد.

"واحترز"

إن لم تثق بالخط قل وجدت

عنه. . . . . . . . .

ص: 25

إن لم تثق بذلك الخط بالطريقة المشروحة في المكاتبة، بالطريقة المشروحة في المكاتبة، إن تثق بعلمك، وبطريقتك التي لا تشك في أن هذا خطه، أو بإخبار ثقة أن هذا خطه، "قل: وجدت عنه" أي: عن فلان، أو بلغني عنه "أو اذكر" يعني وجدت إن لم تثق بالخط بالطريقة المشروحة سابقاً، فقل: وجدت عنه، أي: عن فلان، أو بلغني عنه، يعني لا تجزم أن فلان أنك وجدت بخطه، أو اذكر وجدت بخطه، يعني إن جزمت بأن هذا خطه، أو قامت البينة على أنه خطه "أو اذكر قيل" بالشك بالتمريض "قيل أو ظننت" أو وجدت بخط قيل إنه خط فلان من غير جزم بصيغة التمريض، أو ظننت، يعني بناءً على غلبة الظن، وإن نزلت المرتبة مرتبة الثقة بالخط عن مرتبة الظن، فقل: وجدت بخط أشك أنه خط فلان، أشك أنه خط فلان:

وكله منقطع والأول

. . . . . . . . .

كل المروي بها بطريق الوجادة منقطع، أو معلق، وهو أولى؛ لأن الانقطاع في مبادئ السند الذي بينك، وبين المؤلف:

وكله منقطع والأول

قد شيب وصلاً ما. . . . . . . . .

الأول إذا وثق بخطه، إذا وثق بأنه خطه "قد شيب وصلاً ما" أي: بوصل حيث قيل فيه: وجدت بخط فلان لما فيه من الارتباط في الجملة، لما فيه من الارتباط بين الواجد، وصاحب الخط في الجملة، وزيادة قوة للخبر، فهي الأصل فيها الانقطاع لكن فيها شوب اتصال، شوب اتصال لا سيما من المعاصر، أما من وجد بينهما تباين في الزمن، كأن يجد الإنسان بخط شيخ الإسلام الذي لا يشك فيه، هذا ما فيه اتصال، الانقطاع ظاهر، لكن إذا كان لا يشك به فلا شك أن .. ، وإن لم تصح الرواية المتصلة إلا أن العمل به لازم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إذا كان بخطه الذي لا يشك فيه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 26

موجود إيه، يعني عبد الله بن الإمام عرف الناس بخطه، يعني الوثائق، الوثائق الوصايا، والأوقاف، والعقود موجبة، وإلا غير موجبة؟ موجبة هذه مثلها، يعني إذا وجد وثيقة بخط فلان أنه أوقف كذا، ثم شهد على هذا الخط أنه خط فلان، ثم أُنكر، أو ادعى أحد أولاده أنه ليس بخطه، ولذا يقول أهل العلم: أنه إذا وجد الوارث بخط أبيه الذي لا يشك فيه أن له ديناً على فلان، قالوا: له أن يحلف على هذا الدين، له أن يحلف على هذا الدين.

وكله منقطع والأول

قد شيب وصلاً ما وقد تسهلوا

أي جماعة من المحدثين بنقله بصيغة "عن" يعني عن فلان "فيه بعن" أي في إيراد ما يجدونه بخط الشخص، فأتوا بلفظ عن فلان، أو نحوها مثل "قال" مكان "وجدت" قال فلان، يعني أنت تنقل من كتاب لشيخ الإسلام تقول: قال شيخ الإسلام تجزم به، تجزم بالقول إذا كنت تجزم بصحة الكتابة إليه، لكن قال ابن الصلاح:"وهذا دلسة" لأن اللفظ "قال"، والعنعنة إذا ثبتت من معاصر لمن عاصره، وسلم من وصمة التدليس، أو لقيه على الخلاف بين الإمامين في السند المعنعن يحكم لها بالاتصال، فكأنه سمع منه، يحكم لها بالاتصال، ابن الصلاح يقول:

. . . . . . . . . وهذا دلسة

تقبُح إن أوهم أن نفسه

يعني تقبح إن أوهم الواجد بأن كان معاصراً له "أن نفسه" أي الشخص الذي وجد المروي بخطه "حدثه به" يعني إذا قال: عن فلان، وأوهم الناس، أو أوهم القارئ، أو أوهم السامع أنه حدثه به، وحقيقة الحال أنه وجده بخطه لا شك أن هذه دلسة، حدثه به، أو له منه إجازة بخلاف ما إذا لم يوهِم، بأن لم يكن معاصراً له، هذا ما فيه، الانقطاع ظاهر، ولا يخفى على طالب العلم، ولو كان مبتدئاً، بالرجوع إلى التواريخ، والتراجم يعرف أنه ما حدَّثه، ولا أجازه به "وبعض أدى" أي: بعض جازف، و "أدى"

. . . . . . . . .

حدثنا أخبرنا ورُدَّا

يعني وجد بخط شخص لا يشك فيه، ثم جازم، فقال في صيغة الأداء: حدثنا، وأخبرنا، وهذا حكاه القاضي عيا ض عن بعضهم "ورُدَّا" ذلك على قائله،

وقيل: في العمل إن المعظما

لم يره وبالوجوب جزما

ص: 27

"وقيل" يعني لكونه غير متصل "في العمل" بما تضمنه "أن المعظما" يعني من المحدثين، والفقهاء لم يرووه "لم يره" قياساً على المرسل، ونحوهما مما لم يتصل، ولكن "بالوجوب" في العمل حيث ساغ "جزما" أي: قطع "بعض المحققين" من أصحاب الشافعي، يعني إذا جزمنا بأن هذا الكتاب بخط فلان، وفلان ثقة، ومن يروي عنهم ثقات، العمل بهذا لا زم، مجزوم به، كما نجد في الكتب المدونة "وبالوجوب جزما" يعني في العمل لا اتصال الرواية "بعض المحققين" يعني من أصحاب الشافعي "وهو الأصوب" يعني القطع بالوجوب هو الأصوب، القطع بوجوب العمل هو الأصوب الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة، وإلا لأدى إلى تضييع بعض السنن "ولابن إدريس" الإمام محمد بن إدريس الشافعي:

بعض المحققين وهو الأصوب

ولابن إدريس الجواز نسبوا

أي: جماعة من الفقهاء نسبوا ذلك، فاجتمع في العمل ثلاثة أقوال: المنع:

وقيل: في العمل أن المعظما

لم يره. . . . . . . . .

المنع، والوجوب "وبالوجوب جزما بعض المحققين"، "ولابن إدريس الجواز" المنع، والجواز، والجوب.

النوع الثاني من أنواع الوجادة:

وإن يكن بغير خطه فقل:

قال ونحوها وإن لم يحصل

"وإن يكن بغير خطه" يعني إن يكن ما تجده من مصنف لبعض العلماء ممن عاصرته، أو لم تعاصره "يكن بغير خطه" إما بخط غيره، أو مطبوع مثلاً، وجدت المغني مطبوع، ماذا تقول إذا أردت النقل؟ وإن يكن بغير خطه فقل: قال، تقول: قال ابن قدامة، نعم قال فلان: كذا، ونحوها من ألفاظ الجزم "وإن لم يحصل"

بالنسخة الوثوق قل: بلغني

والجزم يرجى حله للفطن

يعني إذا كننت لا تثق بهذه النسخة، إما لأن ثبوتها عن صاحبها فيه كلام، أو صحة هذه النسخة، ودقة الناسخ، والمقابلة فيه شيء، أو أن هذه المطبعة عرفت بأنها لا تهتم، يعني مثل من طبع كتاب الإمام البخاري "جزء القراءة خلف الصلاة"، العنوان "جزء القراءة خلف الصلاة"، هل هذه المطبعة يوثق بما تطبع؟ إذا كان العنوان خطأ؛ فماذا عن المحتوى؟ في جزء القراءة خلف الصلاة؟! "خلف الإمام" كتاب الإمام البخاري، لكن مثل هذه المطبعة يعتمد عليه؟ ما يعول عليها "وإن لم يحصل"

بالنسخة الوثوق قل: بلغني

. . . . . . . . .

ص: 28

عن فلان أنه ذكر كذا، أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني كذا،

. . . . . . . . .

والجزم يرجى حله للفطن

يعني لكن الجزم في المحكي لما يكون في هذا القبيل يرجى حله للفطن، العالم الذي لا يخفى عليه في الغالب مواضع الإسقاط، وما أحيل عن جهته، يعني بعض الناس تعطيه نسخة مغلوطة، نسخة مغلوطة، وقد يكون فيها إسقاط، ثم بعد ذلك يأخذ النسخة، ويقرأها، ويستظهر هذه الأخطاء، ولو ما عنده أصل، الفطن يستطيع، الفطن يستطيع.

في فتح الباري –مثلاً- الكلام على حديث، قال ابن حجر:"فينبغي الاضطراب" لما تكلم على الحديث بأسانيده، وطرقه التي حكم عليها بالاضطراب، ثم تكلم الحافظ، وكأنه رجح أحد الطرق على غيرها "فينبغي الاضطراب" فعلق المعلق قال: فينبغي أن لا اضطراب، وصوابها فينتفي الاضطراب؛ لأنه ما في لا، ينبغي هذه ينتفي، وانتهى الإشكال.

فالفطن يدرك مثل هذه الأمور، ويصحح، وبعضهم عنده من الدقة من دقة التصور، وسبك الكلام بحيث لو كان السقط أكثر من كلمة، أو جملة يسبكها، فإذا اطلع على نسخة صحيحة، وجدت موافقة، وجدت موافقة، وفي نسخة، الطبعة الأولى من تفسير القرطبي، قرأت في المجلد الأول، وعلقت عليه بكلام نصف سطر؛ لأن الكلام ركيك علقت، لما وقفت على الطبعة الثانية من الكتاب، وطبعة دار الكتب مطبوعة قبل ولادتي، لكن ما وقفت عليها إلا بعد، فإذا عليها نفس التعليق بالحروف، يعني لو كانت عندي النسخة الثانية عرفت أنني نقلتها منه، فكما قال الأول: قد يقع الحافر على الحافر، قد يقع الحافر على الحافر، فإذا كان الإنسان عنده خبرة، ودربة في ألفاظ أهل العلم، وأساليبهم، وله خبرة –أيضاً- في النظر في الكتب، وتصحيحها يعني لا شك أنه قد لا يخفى عليه مثل هذا.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.

ص: 29