الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح ألفية الحافظ العراقي (42)
(غريب أَلفاظ الأَحاديث)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:
غَرْيِبُ أَلْفَاْظِ الأَحَاْدِيْثِ
وَالنَّضْرُ أَوْ مَعْمَرُ خُلْفٌ أَوَّلُ
…
مَنْ صنَّفَ الْغَرِيْبَ فِيْمَا نَقَلُوْا
ثُمَّ تَلَى أبو عُبَيْدٍ وَاقْتَفَى
…
القُتَبِيُّ ثُمَّ حَمْدٌ صنَّفَا
فَاعْنِ بِهِ وَلَا تَخُضْ بالظَّنِّ
…
وَلَا تُقَلِّدْ غَيْرَ أَهْلِ الْفَنِّ
وَخَيْرُ مَا فَسَّرْتَهُ بِالْوَارِدِ
…
كَالدُّخِّ بِالدُّخَانِ لاِبْنِ صَائِدِ
كَذَاكَ عِنْدَ التِّرْمِذِيْ، وَالْحَاكِمُ
…
فَسَّرَهُ الْجِمَاعَ وَهْوَ وَاهِمُ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف الناظم -رحمه الله تعالى-: "غريب ألفاظ الحديث".
وهو يختلف عن الغريب الذي سبق الحديث عنه، فالغرابة هناك تعني التفرد والانفراد بالرواية، وهنا غريب الألفاظ، غريب المتون، الألفاظ الغريبة التي يشق فهمها من أول وهلة، بل تحتاج إلى مراجعة كتب تشرحها، هذا غريب ألفاظ المتون، وهناك يعني التفرد بالرواية، ففرق بين هذا وذاك، قد يكون الحديث الغريب الفرد من أوضح الأحاديث متناً يفهمه كل من يسمعه، وهنا قد تكون الألفاظ تحتاج إلى مراجعة ولو استفاضت أسانيدها وتباينت طرقها فلا تلازم بين هذا وهذا.
غريب ألفاظ الحديث المراد به الألفاظ الغامضة في متون الأحاديث التي تحتاج إلى مراجعة، إما للكتب أو لأهل العلم الضابطين المتقنين، وهذا النوع من أنواع علوم الحديث كما يقول أهل العلم: جدير بالعناية، جدير بالتحري، حري بالتوقي، لماذا؟ لأن الإنسان إذا قال برأيه في هذا الباب، وقال: المراد من الحديث كذا، فقد يكون قد قال على الرسول عليه الصلاة والسلام بغير علم، فهو على خطر ولو أصاب؛ يعني مثل هذا لا بد فيه من التحري؛ لأنك تخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن مراده بهذه اللفظة، وكان السلف من الأئمة يتوقون هذا النوع، وما جاء في القول على الله بغير علم يتناول مثل هذا؛ لأن القول على رسوله عليه الصلاة والسلام كالقول عليه؛ لأنه مبلغ عنه، وأحاديثه وكلامه عليه الصلاة والسلام وحي؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وجاء الوعيد الشديد في حق من قال في القرآن برأيه، وإذا كان الأثر المترتب على القول بالقرآن بالرأي نظيره القول بالرأي بالنسبة لما يختص بالنبي عليه الصلاة والسلام، فالأئمة يتوقون ويتحرون في مثل هذا، الإمام أحمد على سعة الرواية عنده حيث كان يحفظ سبعمائة ألف حديث، والذي يحفظ هذا المقدار يندر أن يوجد من ألفاظ الحديث ما يشق عليه فهمه؛ لأنه إذا أجمل في موضع فصل في موضع آخر، وإذا كان اللفظ غريباً في متن، جاء واضحاً في متن آخر، والإمام أحمد يقول: أنا لا أفسر كلام الرسول عليه الصلاة والسلام يعني برأيه، وكذلك الأصمعي الذي يحفظ من دواوين العرب ما يحفظ، ويتصور اللغة بمفرداتها كما نتصور الأمور البدهية، يقول لما سئل عن حديث:((الجار أحق بصقبه)) قال: أنا لا أفسر حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن العرب تزعم أن الصقب اللزيق، يعني الجار الملاصق.
والصحابة -رضوان الله عليهم- لما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، قال بعضهم: لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا، ولا شك أن مثل هذا لا يحتاج إلى توقيف، إذا جيء بحرف الترجي لا يحتاج إلى توقيف؛ لأن الإنسان لم يجزم بأن هذا مراد النبي عليه الصلاة والسلام، إنما هو على سبيل البحث بين الأقران، وعلى هذا لو طرحت آية أو حديث في مجلس بين طلاب علم، وقيل: المعنى لعله كذا وقال آخر: لا، لعل المراد كذا، إذا جيء بحرف الترجي فالمرجو أنه لا بأس به -إن شاء الله تعالى- من غير جزم بأن هذا هو المراد، الجزم يحتاج إلى رجوع
…
قد يقول قائل: إننا نجد في كتب الشروح -شروح الحديث- وقبلها في التفاسير بعض المفسرين يهجم على اللفظ ويفسره بما لم يسبق إليه، وبعض الشراح كذلك، هل نقول: إن هذا قال برأيه؟ وبعض أهل العلم يسأل عن الآية ويجيب بأن معناها كذا، ويسأل عن الحديث ويقول: معناه كذا، هل يدخل في هذا الوعيد؟ نقول: فرق بين شخص له عناية بهذا العلم سواءً كان بالتفسير أو بالحديث، وله سعة اطلاع على أقوال المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، ومن له سعة اطلاع في الشروح -شروح الأحاديث- المتنوعة المختلفة المشارب ثم بعد ذلك تكونت لديه الأهلية، تكونت لديه ملكة يفهم بها كلام الله -جل وعلا-، وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام مثل هذا لا يلام، مع أنه إذا تورع أولى، لكن الإشكال إذا هجم على النصوص من ليس في العير ولا في النفير، ليس له أدنى ارتباط بالنصوص، ويقول: القرآن عربي، ونحن عرب، الرسول عليه الصلاة والسلام عربي، ونحن عرب، نفهم كلامه، نقول: ما تفهم كلامه، وكم من شخص انبرى لهذه الأمور وافتضح، وبعضهم سئل عن معنى آية فأجاب بقولٍ والآية مختلف فيها على ثمانية أقوال أو على عشرة أقوال بين المفسرين ولا أصاب ولا واحد منها، وكذلك الحديث يعني إذا سئل هو خالي الذهن لا ارتباط له بالحديث، ولذلك يقولون: بالنسبة لغريب الحديث لا يتصدى له إلا من جمع بين الخبرة والمعرفة بلغة العرب والحديث، ما يكفي لغوي يفسر الحديث، ويشرح الحديث أبداً، ما يكفي، ولا يكفي محدث يشرح الغريب دون معرفة وإلمام باللغة، ولذا أصحاب الغريب كلهم من أهل اللغة، لكن لهم عناية بالحديث، لماذا؟ لأن اللفظ في الحديث يأتي وله في اللغة معاني كثيرة، له في اللغة معاني كثيرة، لكن من يطبق المعنى المراد على الحديث؟ قد يكون إذا راجعت لسان العرب أو غيره من كتب اللغة تجد لهذه اللفظة عشرة معاني، لكن من الذي يختار القول المناسب من هذه الأقوال أو المعنى المناسب من هذه المعاني لهذا المتن؟ من الذي يختار؟ الذي يختار من له خبرة باللغة صحيح شخص لا معرفة له باللغة ويأتي يفسر ولو كان محدثاً، ولو جمع من الحديث ما جمع، لكن لا بد أن يكون جامعاً بين الأمرين، فإذا كان للفظ الواحد عشرة معاني ما
الذي ينزل المعنى المناسب على هذا اللفظ الوارد في هذا الحديث؟ نعم إذا كان له خبرة بمعرفة الحديث يستطيع أن ينزل المعنى المناسب؛ لأنه قد يأتي اللفظ في حديث ويأتي نفس اللفظ في حديث آخر، والمعنى مختلف؛ لأن السياق الذي هو من اختصاص أهل الحديث له دور كبير في تحديد المراد، وكذلك الاطلاع على أقوال اللغويين له دور أيضاً في فهم المراد، فلذا لا يتصدى لهذا النوع إلا من جمع بين الفنين.
طالب:. . . . . . . . .
يختلف إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه يوجد.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
من جمع بين الأمرين، نقدم من جمع بين الأمرين.
طالب:. . . . . . . . .
شوف يا أخي عندك المحدثون الأصل فيهم الرواية، يتفرغون لها، الأصل في أهل الحديث الرواية، حينما يقولون مثلاً: الناسخ والمنسوخ ليس من مباحث هذا الفن، إنما هو من مباحث الأصول، لماذا يقولون مثل هذا؟ لأنهم يفترضون في المحدث أنه لا علاقة له بالمتن يروي فقط، ولذلك يسمونه الصيدلي، والاستنباط شأن الفقيه، هكذا يفترضون، لكن شخص جمع الله له بين العلوم كلها، وصار من التفنن بحيث يستطيع أن يفهم النصوص، ويتعامل مع النصوص على أكثر من وجه، هذا هو المقدم في كل فن.
طالب:. . . . . . . . . بالجمع بين الأمرين. . . . . . . . .
يعني أبو عبيد مثلاً، يعني هو مقدم على أبو عبيدة وعلى الأصمعي وعلى فلان وعلان، لماذا؟ لأنه محدث مع علمه باللغة، وهذا مثال.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
دعنا من المتأخرين الذين تأثروا بالمذاهب الأصلية والفرعية، ترى التأثير فيهم واضح، مذاهبهم أثرت فيهم، ولذلك نقول في مناسبات كثيرة: إن حتى كتب اللغة التي يرجع إليها ينبغي أن تكون همة طالب العلم إلى المتقدمين الذين لم تؤثر فيهم المذاهب.
طالب:. . . . . . . . .
يجئ الكلام عليهم، الآن ما بعد دخلنا في الكتب، ما دخلنا في الكتب.
غريب ألفاظ الحديث
"والنضر" بن شميل "أو معمر" معمر بن المثنى أبو عبيدة، "خلفٌ أولُ"، يعني أول من صنف في غريب الحديث هل هو النضر بن شميل أو معمر بن المثنى أبو عبيدة؟
. . . خلفٌ أولُ
…
من صنف الغريب فيما نقلوا
لأنهما وجدا في زمن واحد، فلا يدرى أيهما السابق بالتأليف؟ ثم تلا أبو عبيد نعم أبو عبيد القاسم بن سلام بعدهم، بعد النضر وبعد أبي عبيدة، ثم أبو عبيد النضر ومعمر والأصمعي وغيرهم من المتقدمين على أبي عبيدة هؤلاء مؤلفاتهم صغيرة، يجمعون بعض المتون المشكلة ألفاظها والغامضة ألفاظها فيفسرونها، كتب صغيرة يعني وهذا شأن بداية التأليف، يعني الذي يؤلف في الفن أول من يؤلف لا شك أنه يبدأ الأمر عنده يسير، ثم بعد ذلك يبني عليه من يأتي بعده، ويفتح له المجال، ويفتح له آفاق قد تكبر الكتب عند الثاني والثالث بالنسبة للأول بسبب الأول، إما زيادة نظائر على ما ذكر مع الموافقة، أو من أجل أن يرد عليه عند المخالفة، فتزداد حجم الكتب، ولذلك تجدون كلما تأخر الزمان زادت الكتب، لماذا؟ لأن الكتب القديمة تودع في هذه الكتب المتأخرة، ثم بعد ذلك يضاف إليها من الأمثلة والنظائر وغيرها بما يزيد به الحجم، مما هو مطلوب في الفن، أو يزيد الحجم بالتصدي للمؤلف المتقدم عند المخالفة.
"ثم تلى أبو عبيد" وأبو عبيد محل ثقة عند الجميع؛ لأنه إضافة إلى كونه من أئمة اللغة سليم الاعتقاد، وهو في الوقت نفسه محدث نظير الأئمة المتقدمين من أهل الحديث، فينبغي أن يعتنى بكتابه، وصار كتابه محل عناية من المتأخرين، صار من جاء يؤلف في غريب الحديث إنما يدور في فلكه، وكتابه مطبوع ومتداول، لكن ترتيبه يحتاج إلى فهرسة، فالوصول إلى اللفظة التي تريدها تحتاج إلى عناية وكثرة تردد على الكتاب، هذا الذي يجعل مثل هذا الكتاب لا يتداوله طلاب العلم بكثرة، يلجئون إلى النهاية؛ لأن ترتيبها سهل، أبو عبيد إضافة على كونه إمام في اللغة إمام في الحديث، سليم الاعتقاد، ولذلك محل ارتياح من أهل العلم، ولهم عناية في كتابه.
"واقتفى
…
القتبي" يعني جاء ابن قتيبة عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وألف في غريب الحديث، واستفاد من أبي عبيد فائدة كبرى، ثم جاء من بعده الخطابي وصنف في غريب الحديث، ونقل ممن تقدم، وتعقب ورد، فزاد حجم كتابه، وكتابه مطبوع أيضاً، وغريب الحديث لابن قتيبة مطبوع، وأبو عبيد مطبوع، كلها مطبوعة، هذه المؤلفات .. ، والمؤلفات في غريب الحديث كثيرة جداً لا تكاد تحصى من كثرتها، فعلى طالب العلم أن ينتقي منها؛ لأن الرجوع إليها كلها فيه شيء من الوعورة والعسر، فيعتني بغريب الحديث لأبي عبيد، وما زيد عليه من قبل ابن قتيبة، والخطابي، وابن الجوزي، وعبد الغافر الفارسي، والزمخشري في الفائق، هذه كتب نافعة في باب الغريب، ثم بعد ذلك النهاية التي جمعت أكثر أو كثير من كتب الغريب؛ لتأخر مؤلفها؛ لأن ابن الأثير جمع غريب الحديث من كتب الغريب ومن كتب اللغة، وذكر مصادره ومراجعه في مقدمة الكتاب، فكتابه جامع، يعني من أراد أن يقتصر على كتاب واحد في الغريب فعليه بالنهاية، لكن من أراد أن يؤصل العلم، يؤصل هذا الفن، ويبني على أساس متين يبدأ بأبي عبيد، ثم من تلاه؛ لأن التدرج في التأليف ينفع طالب العلم، يفيده كثيراً بخلاف ما إذا كان يتخبط، مرة يأخذ من متأخر، ومرة من متقدم، ومرة من كذا، ومرة من كذا؛ لأن التدرج في الفن الواحد يفيد طالب العلم، ويجعله ينسب القول لقائله ومنشئه بدقة؛ لأنه قد تنقل من النهاية وأنت ما تدري الكلام لمن، يمكنه لأبي عبيد، ثم تقول: قال في النهاية، وإن كان محل نقد انتقدت ابن الأثير، وهو في الأصل لابن قتيبة وعليه ملاحظات غريب الحديث لابن قتيبة، هناك أيضاً غريب الحديث لإبراهيم الحربي، وطبع منه القسم الخامس ومن أنفع كتب الغريب عرفنا الذي ذكرنا أبو عبيد والزمخشري والنهاية إضافة إلى ابن قتيبة والخطابي وابن الجوزي، الدلائل من أنفع كتب الغريب الدلائل لقاسم بن ثابت السرقسطي، لكنه مات لم يكمله، فأكمله أبوه ثابت، يعني على خلاف العادة، العادة أن الولد هو الذي يكمل كتاب الأب، لكن الأب تأخرت وفاته عن ابنه فأكمل كتاب ابنه، واسمه الدلائل، وطبع قسم منه، أظن في ثلاثة مجلدات.
هذه من أهم كتب الغريب، وطالب العلم الذي يريد أن يعتمد على نفسه في هذا العلم يجمع بين هذه الكتب، لماذا؟ لأنه قد يقع إذا كان اعتمد على كتاب واحد فيه خطأ ولا يتنبه له، لكن لو كان عنده أكثر من كتاب نعم إذا تتابعوا على نقل معنىً واتفقوا عليه هذا ما فيه إشكال، لكن إذا ذكره واحد ثم انتقده الثاني يفتح لك أبواب مثل هذا، وأيضاً يضاف إلى كتب الغريب كتب اللغة، ومن أهمها الصحاح للجوهري ومتقدم، والتهذيب للأزهري والمحكم لابن سيده، ولسان العرب وتاج العروس والقاموس وغيرها من كتب المتأخرين؛ لأنها جمعت أكثر الكتب، لكن ينقل منها بحذر، لماذا؟ لأنها تأثرت بالمذاهب، أعني كتب المتأخرين.
"فاعن به" يعني اهتم به، اهتم به ذا النوع من أنواع علوم الحديث، لماذا؟ لأنك إذا لم تفهم اللفظ كيف تستطيع أن تستنبط منه؟ واللفظ إذا لم تفهمه سهل أن يتصحف عندك، وسهل أن تقلد مصحف؛ لأنك ما فهمت اللفظة، فأنت إذا لم تفهم معناها يعني إذا سمعتها من شخص تثق به قلدته في لفظها، لكن ما تدري ويش معناها؟ لكن إذا عرفت معناها تحرر لك لفظها.
فاعن به ولا تخض بالظنِ
…
. . . . . . . . .
يعني أنت إذا غلب على ظنك أن هذا المعنى المراد من هذا اللفظ من الحديث النبوي أو من القرآن الكريم فأنت تجرؤ على كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في الظن، فلا بد من المراجعة، لا بد من مراجعة في الكتب، ومراجعة أهل المعرفة والاختصاص، الذين عرفوا بالدقة والتثبت والتحري.
فاعن به ولا تخض بالظنِ
…
ولا تقلد غير أهل الفنِ
لأنك تسأل فقيه مثلاً عن راوٍ من الرواة، أو عن لفظ غريب، أو تسأل شخص لا يد له في هذا الفن قد يفتيك بما لا يدل عليه دليل، وبما لا أصل له، يعني بعض الناس لو تسأله ولو كان من طلاب العلم، {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [(18) سورة طه] يعني مجرد ما يسمع يقول: نبي نهش عليها على شان يمشون، ويطردهم يمين وإلا يسار، وهذا الكلام ليس بصحيح، ما قال: أهش بها غنمي، ولا قال بهذا أحد من أهل العلم، وإنما المراد أنه يهش بها يعني يضرب بها الشجر ليتساقط ما فيها لتأكله الغنم.
يعني نقول: إن بعض الألفاظ التي تتبادر إلى الذهن ليست هي المرادة، كثير هذا في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، يعني بعض الناس يرى ترجيح التأخر في الحج؛ لقوله -جل وعلا-:{لِمَنِ اتَّقَى} ، {وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] ظن أن التقوى للتأخر، مع أن التقوى للجميع، والآية لا يؤخذ منها ترجيح التأخر على التقدم، إنما يؤخذ من فعله عليه الصلاة والسلام، والتقوى مطلوبة للجميع لرفع الإثم عمن تقدم وعمن تأخر، فيكون معنى الآية هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام:((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) فمثل هذا يحتاج إلى تأني، العجلة ما تفيد في مثل هذا.
. . . . . . . . .
…
ولا تقلد غير أهل الفنِ
وخير ما فسرته بالواردِ
…
. . . . . . . . .
لأنه قد يأتي اللفظ مستغلق في حديث، لكنه يأتي واضح مفسر في حديث آخر، كما أن أولى ما يفسر به القرآن القرآن، وكذلك أولى ما تفسر به السنة السنة، وخير ما فسرته بالوارد؛ لأنك إذا فسرته بقول قائله برئت من عهدته، والمتكلم أعرف الناس بكلامه، ولذا كثيراً ما يقولون:"رب الدار أعرف بما في الدار"، "وأهل مكة أدرى بشعابها" دائماً يقولون مثل هذا، وإذا كان للماتن شرح على هذا المتن فإنه يكون أولى ما يعتنى به، لا سيما المتون المعصورة أو النظم، هذا إذا كان للمؤلف شرح فهو أولى ما يعتنى به، وبعض الشراح الآخرين قد ينازعون صاحب المتن إذا شرح، قد ينازعونه في فهم كلامه، يعني تقدم لنا في أصح الأسانيد:"وابن شهاب عنه به" نعم قال الحافظ العراقي: "به" يعني بالحديث، قال السخاوي: لا، به يعني بالسند، نعم، "وابن شهاب عنه به" الناظم يقول .. ، قال الحافظ العراقي: به يعني بالحديث، قال السخاوي: لا، به يعني بالسند، نعم، "وابن شهاب عنه به" الناظم يقول: بالحديث، والسخاوي يقول: لا، بالإسناد، طيب هذا كلامي، أنت تبي توضح لي كلامي؟ يعني قد ينتقد السخاوي في مثل هذه الجرأة، لكن علة السخاوي أن البحث هنا ليس في الأحاديث إنما هو في أصح الأسانيد، "به" يعني بالإسناد، ليس بالحديث، يعني هل يوافق على مثل هذا؟ أو نقول: رب الدار أدرى بما فيها؟ وحينئذٍ إذا سئلت وقيل لك: أيها أفضل شروح الألفية؟ هل تقول: شرح المصنف أو شرح السخاوي؟
وخير ما فسرته بالواردِ
…
. . . . . . . . .
يعني لأنه كلام المتكلم نفسه، قد يتكلم الإنسان بكلام قد تخونه العبارة، أو قد تقصر عبارته عن بيان معناه، ثم يأتي من يوضحه لغيره ممن تسعفه العبارة، هذا موجود هذا، لكن الأصل أن المتكلم أعرف، وكما يقولون: يكررون: أهل مكة أدرى بشعابها، يعني مثلما قال النووي في ضبط الكرماني قال: بفتح الكاف (الكرماني)، وأصر ويقال: بكسرها والفتح أفصح وأكثر وأشهر، ثم جاء الكرماني قال في نسبة راوٍ من الرواة منسوب إلى هذه البلدة قال: كرمان بكسر الكاف وإن قال النووي بفتحها وأهل مكة أدرى بشعابها، يعني حصل من بعض المتعجلين وهذه من الطرائف مشاهد يعني أنا حضرتها، كل واحد يعرف بنفسه، قال واحد منهم: أنا فلان ابن فلان وذكر اسمه، ورد عليه واحد من الحاضرين، لكن الخلاف في الضبط ما هو بفي .. ، يعني لو سبق لسانه إلى كلمة غير صحيحة، لكن الكلام يعني .. ، كيف ترد على صاحب الاسم وأنت .. ، يعني هذه طرائف تحصل في مثل هذا، ومثل ما قلنا: إنه خير ما فسرته بالواردِ، وهذا مطرد، إلا أنه قد تقصر عبارة .. ، لا نقول هذا في الكتاب والسنة، يعني في كلام البشر، يعني لو أن خليل صاحب المختصر شرح مختصره بدلاً من مائة صفحة يشرحه بخمسمائة صفحة، لكن جاء شخص شرحه بألف صفحة، بكلام أوضح وأسهل، هل نقول: إن شرح خليل أفضل من شرح هذا المتأخر، يعني مثل ما قلنا بالنسبة لشرح المؤلف وشرح السخاوي بالنسبة للألفية، شرح السخاوي أفضل بكثير، لا سيما وأن شرح المؤلف يكاد يكون مستوعب في شرح السخاوي، وليس هذا من باب أن السخاوي أفهم وأعرف وأدرى بما يقوله الناظم نفسه، هذه أمور تقدر بقدرها.
وخير ما فسرته بالواردِ
…
كالدخ بالدخان لابن صائدِ
النبي عليه الصلاة والسلام قال له: ((خبأت لك خبئاً)) فقال: الدخ، يعني جاء بيانه في روايات أخرى، وأن المراد به الدخان، أن المراد به الدخان، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:((اخسأ فلن تعدو قدرك)) يعني قدر الكهان الذين يخطفون من الكلمة بعضها، الكاهن قد يختطف بعض الكلمة ما يكمل الكلمة خشية أن يدركه شهاب فصار هذا ديدن لهم، يخطفون بعض الكلمة ويقرونها في أذن وليهم قر الدجاج، كما جاء في الخبر، فقال: الدخ، بالدخان، جاء في متن آخر أن مراد النبي عليه الصلاة والسلام الدخان لا سيما وقد تلا:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [(10) سورة الدخان] وقال بعضهم: أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال على جبل يقال له: جبل الدخان.
كذاك عند الترمذي. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . .
يعني جاء تفسير الدخ بالدخان عند الترمذي، لكن ماذا عن الحاكم أبي عبد الله؟
. . . . . . . . . والحاكمُ
…
فسره الجماع وهو واهمُ
قال: الدخ، يقال: بضم الدال وفتحها الدَخ هو الجماع، لماذا؟ لأنه سأل عنه من لا عناية له باللغة، ولا بالحديث، فقال: الدخ والزخ هو الجماع، وذكروا بيت علي رضي الله عنه:
طوبى لمن كانت له مزخة
…
يزخها ثم ينام الفخة
شوف لما سأل شخص ما له عناية بالعلم، لا عناية له بلغة العرب؛ لأنه لا يوجد في لغة العرب أن الدخ بمعنى الجماع، والحديث جاء تفسيره في حديث آخر بالدخان، ولذا قال:
. . . . . . . . . والحاكمُ
…
فسره الجماع وهو واهمُ
مما يفيد في شرح وبيان غريب ألفاظ الحديث الشروح، شروح كتب السنة، يعني كما أن التفاسير تفيد في فهم كلام الله -جل وعلا-، شروح الحديث تفيد في فهم كلام النبي عليه الصلاة والسلام، ولا حاجة ولا داعي إلى أن نذكر هذه الشروح، وأهم هذه الشروح، ومزايا كل شرح؛ لأن هذا فيه أشرطة كفتنا، يعني ألقيناها قبل سنين، قبل عشر سنوات، وصار الناس يتداولونها، ويذكرون أنهم استفادوا منها، فمن أراد هذه الشروح ومزايا كل شرح يرجع إليها، سميت (مناهج شروح الكتب الستة) نعم؟ أو مقارنة بين شروح الكتب الستة، على كل حال هذا رد على
…
، لكن التسمية ليست من عندي، هذه التسمية ليست من عندي.