المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من ذكر بنعوت متعددة - شرح ألفية العراقي - عبد الكريم الخضير - جـ ٤٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌من ذكر بنعوت متعددة

‌شرح ألفية الحافظ العراقي (49)

‌مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدةٍ

- أَفْرَادُ العَلَمِ - الأَسْمَاءُ والكُنَى

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:

مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدةٍ

وَاعْنِ بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ

مِنْ خَلَّةٍ يُعْنَى بِهَا المُدَلِّسُ

مِنْ نَعْتِ رَاوٍ بِنُعُوتٍ نَحْوَ مَا

فُعِلَ في الكَلْبِيِّ حَتَّى أُبْهِمَا

مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ العَلَاّمَهْ

سَمَّاهُ حَمَّاداً أبُو أُسَامَهْ

وبِأبِي النَّضْرِ بنِ إسْحَقَ ذَكَرْ

وبِأبي سَعِيدٍ العَوْفِيْ شَهَرْ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "من ذكر بنعوت متعددة" بنعوت أو بكنى أو بأنساب، المقصود أنه يذكر على أكثر من وجه، وهذا أكثر ما يصنعه المدلسون تدليس الشيوخ، بأن يسمي شيخه مرة وينسبه إلى جده، وينسبه أحياناً إلى قبيلته، أو يذكره بكنية لم يعرف بها، بولد من أولاده لم يشتهر به، أو ينسبه إلى مهنته، أو إلى محلة غامضة لم يعرف بها، المقصود أنه يخفيه على السامع والقارئ، وهذا ما تقدم شرحه في تدليس الشيوخ؛ لأن التدليس منه تدليس إسقاط، وهذا له أقسام كثيرة، لكن من التدليس ما لا إسقاط فيه، لكنه يجعل الوصول إلى الشيخ في غاية الصعوبة والوعورة.

وقد يفعله تدليساً وتلبيساً على المطلع عليه، لا سيما إذا كان ضعيفاً، وقد يفعله في ثقة تفنن في العبارة؛ لأنه إذا ساقه مرة واحدة في جميع الحالات على هيئة واحدة هذا يمله السامع، ويمله القارئ، ويمله إذا ساق اسم الشيخ عشرات المرات بل مئات على صيغة واحدة يمل فتجده يتفنن في العبارة لينشط.

ص: 1

وقد يفعله لأن الشيخ أصغر منه سناً وإن كان ثقة فيأنف أن يذكره باسمه الواضح الصريح فتجده يكنيه وينسبه أو يذكره باسم لم يعرف به، والخطيب البغدادي يفعل هذا كثيراً في شيوخه، لا يريد بذلك تمشية الضعيف بغير اسمه، وإنما يفعل ذلك من باب التفنن في العبارة؛ لئلا يمل السامع، وبعضهم يفعل ذلك إيهاماً لكثرة الشيوخ، وأن الواحد يذكره على وجوه متعددة فيظن عدد شيوخه بعدد هذه الوجوه، ومن هنا وقع الأوهام في الجمع والتفريق، فبعض الرواة يُظن أنهم أكثر من واحد وهم في الحقيقة واحد؛ لأن من يطلع عليه يجده مرة مكنى، ومرة مسمى، ومرة منسوب إلى أبيه ومرة منسوب إلى جده، ومرة إلى قبيلته ومرة إلى مهنته، فيظنه القارئ خمسة، وهو في الحقيقة واحد، وفي هذا كتاب من أعظم ما صنف في الباب واسمه:(موضح أوهام الجمع والتفريق) كتاب عظيم خُصص قسمه الأول فيما وقع فيه إمام الصنعة البخاري من هذا النوع، قد يكون الصواب مع البخاري، وقد يكون الصواب مع الخطيب، لكنه قدم بمقدمة يتعين على كل طالب علم أن يقرأها في كتاب الموضح؛ لأنه قد يقول قائل: كيف يجرأ الخطيب على أن يتناول البخاري في توهيمه في جعل هذا الراوي اثنين، وفي جعل الاثنين واحد؟ هذا تطاول على إمام الأئمة في الصنعة، الذي هو البخاري فقدم بمقدمة يتعين على كل طالب علم أن يطلع على هذه المقدمة، وأن يتأدب بنفس الأدب الذي تأدب به الخطيب على إمامته وجلالته.

قال -رحمه الله تعالى-: "واعنِ بأن تعرف" يعني اعتنِ واهتم واجعل عنايتك منصبة إلى معرفة "ما يلتبس" ويختلط فيه الأمر "من خلة" من صفة "يُعنى بها المدلسُ".

واعنِ بأن تعرف ما يلتبسُ

من خلة يعنى بها المدلسُ

هذه الصفة التي يعنى بها المدلس اهتم بها أنت لا لتفعل، وإنما لتقف على حقيقة الحال، ولا تغتر كما اغتر غيرك بسبب صنيع هذا المدلس.

من نعت راوٍ بنعوت. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

ص: 2

يصف هذا الراوي بما لم يشتهر به من نعوت كثيرة، يقلبه على جهات متعددة، وما من إنسان إذا أردت مثل هذا الفعل إلا أن تجد، تجد شخص عنده عشرة من الولد، فإذا قلت في المرة الأولى: أبو محمد أنت صادق محمد واحد من أولاده، وإذا قلت: حدثني أبو هشام هو واحد من أولاده، أنت ما كذبت، وهكذا إلى أن تأتي إلى العشرة، وتجده منسوب إلى قطر أعم تقول: العراقي مثلاً، قد تقول مرة: البغدادي، ومرة تنسبه إلى محلة في بغداد، ومرة تنسبه إلى مهنة امتهنها، ومرة تنسبه إلى قوم جلس عندهم، فإذا نوعت أوقعت في اللبس، لكن أنت عليك أن تهتم بمثل هذا، لا سيما ما وقع من المدلسين، والأمثلة التي تذكر في تدليس الشيوخ، وتذكر هنا على طالب العلم أن يعنى بها، ويهتم بها.

من نعت راوٍ بنعوت نحو ما

. . . . . . . . .

ينعت الراوي بأوصاف؛ لأن له أوصاف متعددة، وبعدد هذه الأوصاف يمكن أن يؤتى به بعدد من الوجوه التي تكون تبعاً لهذه الأوصاف.

. . . . . . . . . نحو ما

فعل في الكلبي. . . . . . . . .

ص: 3

محمد بن السائب الكلبي "حتى أبهما" يعني وقع في إشكال وإبهام لا يمكن أن يوصل إلى حقيقته، إذا سُمي حماد مثلاً واسمه محمد كيف تعرف أنه الكلبي هذا محمد بن السائب؟ ومرة يكنى بغير كنيته، ومرة يؤتى به على وجوه متعددة، في مرار متعددة، المقصود أن مثل هذا تدليس وإن لم يكن مثل تدليس الإسقاط إلا أنه إذا وصل إلى حد يستغلق على الواقف الوقوف على حقيقته فإنه لا سيما إذا كان الراوي ضعيفاً فإنه في حكم تدليس الإسقاط، فإذا قال لك: حدثني أبو صالح الشيباني يقصد بذلك؟ الإمام أحمد، وهو معروف بأبي عبد الله، نعم صالح أكبر من عبد الله وتكنى بأبي عبد الله، وقد يكون له ابن اسمه عبد الله قبل صالح توفي صغير أو شيء من هذا، أو لأنه لا يرتضي منهج صالح لدخوله في القضاء، فتكنى بأبي عبد الله، فتكنيته بغير ما لم يشتهر به هذا تدليس، قد يقول قائل: إن هذا النوع من التدليس وقع فيه الإمام البخاري، وذلك حينما روى محمد بن يحيى بن خالد الذهلي، أو ابن خالد بن يحيى نسيت الآن، الذهلي شيخه، إمام من أئمة المسلمين، لكنه ولا في موضع واحد سماه باسمه الصريح، قد يقول: حدثني محمد، وقد ينسبه إلى جده، وقد يكنيه المقصود أنه ما نسبه باسمه الكامل صراحة ولا وفي موضع من مواضع الصحيح، ولذا قال صاحب الخلاصة لما ترجم للذهلي قال: أخرج له البخاري ويدلسه، مع أن الإمام البخاري من أبعد خلق الله على التدليس، بل صرح ابن القيم بأنه أبعد خلق الله عن التدليس، مع أن مثل هذا الإطلاق لا ينبغي، لكن لو قال: من أبعد خلق الله أصاب، المقصود أن البخاري حمله على ذلك لا للإغراب ولا لتعميته ولا لشيء من ذلك، ولا لأي مقصد من مقاصد المدلسين، وإنما كان بينه وبين الذهلي خلاف في مسألة اللفظ بالقرآن هل اللفظ بالقرآن مخلوق وإلا غير مخلوق؟ هذه مسألة اختلف فيها البخاري مع الذهلي، وتحامل الناس على البخاري بسبب قناعتهم بالذهلي واقتدائهم به، الذهلي إمام ما أحد يشك في إمامته، فصار أن البخاري -رحمة الله عليه- خالفه في هذه المسالة، ولإمامة الذهبي ما ترك البخاري الرواية عنه؛ لأنه إمام، ولمخالفته له في مسألة اللفظ ما صرح به لئلا يظن أنه يوافقه، هذا هو السبب، وهنا يقول:

ص: 4

من نعت راوٍ بنعوت نحو ما

فعل في الكلبي حتى أبهما

يعني حتى صار مبهماً أو أبهما، نعم هي الأصول كلها بهذا الضبط، أبهم يعني أبهمه من أبهمه، أو أُبهم باعتبار أنه صار في حكم المبهم الذي لا يمكن الوقوف عليه.

"محمد بن السائب" هذا هو الكلبي.

محمد بن السائب العلامه

. . . . . . . . .

علامة في الأنساب، لكنه متفق على ضعفه، بل ضعفه شديد، حتى أتهم.

محمد بن السائب العلامه

. . . . . . . . .

يعني يمكن أن يوصف الإنسان في باب من الأبواب بأنه علامة، لكن في أبواب أخرى يضعف، ما في ما يمنع؛ لأنه اهتم في هذا الباب حتى بلغ فيه الغاية فاستحق الوصف بالمبالغة، لكن لا يمنع أن يكون في أبواب أخرى مضعف، وهنا أئمة يقتدى بهم ومع ذلك ضعفوا في بعض الأبواب، محمد بن إسحاق إمام في المغازي، ومضعف في الرواية على خلاف بين أهل العلم في ذلك، أبو حنفية إمام في الفقه والاستنباط والرأي ومع ذلك في حفظه شيء، عاصم بن أبي النجود القارئ المعروف إمام في القراءة، ومع ذلك في حفظه شيء بالنسبة للسنة، أما بالنسبة للقرآن فلا كلام؛ لأن الإنسان ينصب جهده وعنايته بفرع من فروع العلم يستطيع أن يتقنه، وإذا غفل عن علم أو عن علوم وقع في الخلل، ولذا قال:

محمد بن السائب العلامه

سماه حماداً أبو أسامه

حماد بن أسامة سمى الكلبي محمد بن السائب سماه: حماد بن السائب، قال: حدثنا حماد بن السائب، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني من صيغة المبالغة محمد وحماد يعني؛ لأن محمد هل هو من كثرة حمده لله فهو حماد، وإن كان لأنه محمود الشمائل .. ، المقصود أن لهم تأويلات.

وبأبي النضر بن إسحاق ذكر

. . . . . . . . .

كناه بأبي النضر، وهو لا يعرف بهذه الكنية.

. . . . . . . . .

وبأبي سعيد العوفي شهر

عطية العوفي كناه بأبي سعيد؛ لأنه كان يروي عن ابن عباس التفسير، ويروي عن أبي سعيد لما مات أبو سعيد قال لابن السائب هذا محمد بن السائب الكلبي قال: ترى أنا بكنيك بأبي سعيد، على شان تصير الأسانيد واحدة، فيظن من سمع أنه يرويه عن أبي سعيد الخدري، وهذه هفوة عظيمة، ولذلك عطية العوفي مضعف عند جمهور أهل العلم.

ص: 5