المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده - شرح ألفية العراقي - عبد الكريم الخضير - جـ ٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: قال الإمام الحافظ -رحمه الله تعالى-:

‌المرسل

مرفوع تابع على المشهور

مرسل أو قيده بالكبير

أو سقط راو منه ذو أقوال

والأول الأكثر في استعمال

واحتج مالك كذا النعمان

وتابعو هما به ودانوا

ورده جماهر النقاد

للجهل بالساقط في الإسناد

وصاحب التمهيد عنهم نقله

ومسلم صدر الكتاب أصله

لكن إذا صح لنا مخرجه

بمسند أو مرسل يخرجه

من ليس يروي عن رجال الأول

نقبله قلت: الشيخ لم يفصل

والشافعي بالكبار قيدا

ومن روى عن الثقات أبدا

ومن إذا شارك أهل الحفظ

وافقهم إلا بنقص لفظ

فإن يقل: فالمسند المعتمد

فقل: دليلان به يعتضد

ورسموا منقطعاً عن رجل

وفي الأصول نعته بالمرسل

أما الذي أرسله الصحابي

فحكمه الوصل على الصواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: فمضى في الدرس السابق كلام على الفروع السبعة التي يتردد في كونها مرفوعة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، أو موقوفة على الصحابي، أو من دونه إذا كانت عن التابعي، ومنها ما أتى عن الصحابي مما لا مجال للاجتهاد فيه، وهو الفرع السادس:

وما أتى عن صاحب بحيث لا

يقال رأياً حكمه الرفع على

ما قال. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

ص: 20

إلى آخره، وتكملنا في المسألة في الدرس السابق، لكن أهل العلم يقيدون ذلك بالصحابي الذي لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب، الصحابي الذي لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب؛ لأنه جاء الأمر بالتحديث عن بني إسرائيل ولا حرج:((حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج))، وجاء في بعض الروايات عند البزار، وغيره:(( .. فإن فيهم الأعاجيب))، وثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام غضب على عمر -رضي الله تعالى عنه- لما رأى بيده قطعة من التوراة، وعبد الله بن عمرو بن العاص في اليرموك وقف على زاملة فيها صحف عن أهل الكتاب، وكان يحدث منها، وكعب الأحبار كان يحدث في عصر الصحابة بما في كتب أهل الكتاب، والنبي عليه الصلاة والسلام غضب لما رأى في يد عمر ما في يده:((أفي شك يا ابن الخطاب))، المقصود أن مثل هذا الذي يساق، ويتحدث به عن أهل الكتاب، مما لا مخالفة فيه لشرعنا، مما لا مخالفة فيه لشرعنا، ولذا تجدون أهل العلم يتناقلون الأخبار عن أهل الكتاب، وأما ما فيه مخالفة لشرعنا؛ فلا يجوز نقله، ولا التحدث به إلا على سبيل النقد والتفنيد، وكتبهم المحرفة التي فيها خلاف ما جاء عن الله عز وجل، هذه لا يجوز النظر فيها، لا يجوز النظر فيها إلا لمن تأهل للرد عليهم، كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح، أما من لم يتأهل؛ فلا يجوز له النظر فيها وللسخاوي كتاب اسمه "الأصل الأصيل في الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل" استناداً إلى نهي النبي عليه الصلاة والسلام، وغضبه على عمر -رضي الله تعالى عنه-، أما ما يتداولونه لاسيما من ينتسب إلى العلم منهم فيُسمع؛ إن كانت فيه مخالفة يرد على صاحبه، يرد على صاحبه كائن من كان، على قائله، وإن كان فيهم موافقة لا مانع من ذكره، والتحدث به لا على سبيل الاعتماد عليه، وإنما العمدة ما جاء في شرعنا، وإن كان لا موافقة، ولا مخالفة، فمثل هذا يترخص فيه، يترخص فيه مع التثبت، مع أنهم انقطعت صلتهم بأنبيائهم؛ فلا أسانيد عندهم لا متصلة ولا منقطعة، ما عندهم أسانيد أصلاً؛ المتأخر منهم والمتقدم سوى في النقل عن أنبيائهم، واتصال الأسانيد من خصائص هذه الأمة، فالمقصود أن ما يتداوله أهل العلم في كتب التفسير،

ص: 21

وكتب التواريخ من ما يتلقى عن أهل الكتاب كثير منه فيه مخالفة، وكثير منه لا حاجة إليه، وبعضه في ما .. ، فيه العجائب، وبعض الناس يستروح إلى مثل هذا الأخبار، وهذه القصص التي تنقل عن أهل الكتاب، على طريقة القصاص؛ ولذا إذا سمع بعض الأخبار في التفاسير، كتفسير ابن كثير مثلاً، أو ابن جرير، أو غيرها، أو كتب التواريخ كابن كثير والطبري من قبله يرتاح لمثل هذه الأمور باعتبارها ضرب من القصص المسلية لا أكثر، ولا أقل، لكن في كثير من المخالفات قد يشعر بها، وقد لا يشعر، وقد يكون لها أثرها اللاحق الذي لا يدركه القارئ في وقته، المقصود أن في كتاب الله، وما صح من سنة نبيه عليه الصلاة والسلام غنية عن هذا كله، لكن إذا جاء الخبر مما لا يتضمن مخالفة؛ فلا مانع من قراءته وسماعه.

هذا يقول: إذا أتانا حديث له حكم الرفع عن عبد الله بن عمرو، وغيره ممن عرف بالأخذ عن بني إسرائيل؛ فكيف نعرف أصلاً أن هذا الخبر أنه عن بني إسرائيل، أو عن نبينا؟ ألا ترى أن المسألة غير واقعة فكيف نميز؛ هل هذا عن الكتاب أو غيرهم؟

كثير من المتون متميز بنفسه، متميز بنفسه، يدرك، فمثلا قو ل ابن مسعود:((من أتى كاهناً، أو عرافاً؛ فقد كفر بما أنزل على محمد))، هل يمكن أن يقول قائل: إن هذا ما تلقي عن أهل الكتاب؟ نعم؟ لا يمكن لكن لو ذكر ابن مسعود، أو غير ابن مسعود؛ عبد الله بن عمرو، أو غيره، أو ابن عباس قصة تتعلق بأهل الكهف مثلاً، قصة تتعلق بأهل الكهف، هذه متميزة بنفسها، ومعروفة أنها متلقاة عنهم، يعني مما له صلة بالتاريخ، مما له صلة بالتاريخ، هذا الذي يغلب على الظن أنه متلقى، والذي له صلة بالأحكام، الذي يغلب على الظن أن الصحابي لا يقوله إلا وقد استند فيه إلى من يلزم قوله، من يعتمد قوله في الشرع، فمن هذه الحيثية يتميز هذا من هذا، لكن هم يقولون: إذا لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب، وقال قولاً لا يدرك بالرأي، مثل هذا له حكم الرفع.

ص: 22

هناك أحاديث ذكرت في الواهيات، وذكرت في كتب الموضوعات، ثم وجد في الواقع ما يصدقها، وجد في الواقع ما يصدقها، لو قدر مثلاً أن حديثاً أن سمعته، ولم أقف عليه، سمعته قبل سنين:((إذا شق أبو قبيس فانتظر الساعة))، نعم هذا الحديث من حيث الإسناد لا أصل له، لكن شق أبو قبيس، وقد قيل هذا قبل أن يشق أبو قبيس، نعم هل نقول أن هذا الحديث يمكن أن يثبت؟ كون الخبر يطابق الواقع، ويكون صدقاً لا يعني أنه تصح نسبته، ورفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فلو قال واحد، ركب إسناد على: الواحد نصف الاثنين، كلام صحيح، ولا يختلف فيه أحد، لكن ليس كل كلام صحيح حديثاً، هناك أحاديث ذكرت في الموضوعات فيها شيء من الواقع، بعضها يحكي العصر، أو الوقت الذي نعيشه بأحداثه لكن لا يعني أننا نقول هذه تثبت، وهذا إذا طابقت الواقع فكيف إذا كانت مطابقتها للواقع مظنونة، كمن ألف في مطابقة الاختراعات العصرية لما جاء في الأحاديث النبوية، هو أشبه ما يكون بالنظريات، نظرية يتلقاها عن الغرب عن الكفار، ويقول هذه يشهد لها، قوله عليه الصلاة والسلام، ثم يظهر ما هو أقوى منها في مطابقة الخبر، فيضطر إلى نفي الأولى، هناك نظريات غير ثابتة عندهم، فيستطيع أن يؤصل هذه النظرية، ويقيمها بحديث، ثم يظهر عندهم تكذيب هذه النظرية؛ فماذا يصنعوا بالنص؟ مثل هذه الأمور يتحرى فيها، ولا يُجزم بشيء منها، ولا يُجزم بشيء منها، فعلى طالب العلم أن يحتاط لهذا، أن يحتاط لهذا، وبعض الناس يتساهل في هذا الأمر يتساهل في هذا الأمر، بحيث إنه تناقلت وكالات الأنباء، والصحف، وغيرها من وسائل الإعلام: أن الروس قبل كذا سنة يحفرون في الأرض كذا ميل، فسمعوا أصواتاً مزعجة، وسجلوها، وبثوها بين الناس، وسارع بعض من ينتسب إلى العلم إلى أن هذه أصوات المعذبين في قبورهم، ثم هم كتموها، ونفوها، لا يكون ديننا ألعوبة للنفي والإثبات، الأمر هذا أمر عظيم مثل هذا لا يسمعه البشر، يسمع كل مخلوق إلا الثقلين الجن والإنس، وفي الحديث:((لولا ألا تدافنوا))، وفي رواية:((لولا أن تدافنوا لأسمعتكم))، مثل هذا لا يمكن أن يسمع، لا يمكن أن يسمع، ولو سمعه الإنسان لصعق، كوننا نتعلق بما يأتينا عن

ص: 23

غيرنا، عندي يقين أن الإنسان لو وضع آلة تسجيل في مطار مثلاً، بين أزيز الطائرات، وجلبت الناس، وأصواتهم، وسجل مثل هذه الأصوات؛ صارت أشد مما سجل في هذه الأشرطة، وقل مثل هذا في من يصور ما جاء في أوصاف النار، أو ما قبل النار والجنة، من يصورها في تصوير، يقول هذا الصراط، وهذه القنطرة، وهذا كذا، وهذا كذا؛ لأن هذا يهون من هول تلك المواقف، شيء لا يخطر على البال؛ كيف نصوره؟ نصور مثلاً الجنة فيها أشجار مثل أشجارنا! إيش معنى هذا؟ أو النار فيها لهب نار مثل نارنا هذه؟ هذه معناها الأمر سهل يعني، فمثل هذه الأمور تتقى بقدر الإمكان، وليس لطالب العلم أن يزج نفسه فيها، يبقى أن سماع النصوص الشرعية تقرع القلوب بأهوالها، ولا يمكن أن يتصورها، ويخطر على قلب المسلم.

نأتي إلى موضوع الدرس، درس اليوم:"المرسل" الناظم -رحمه الله تعالى- أنهى الكلام عن الأنواع الثلاثة، التقسيم الإجمالي، ثم تكلم على الأحاديث، والأخبار باعتبار الإضافة، والنسبة، ثم ذكر ما يحتمل من الإضافات، ثم ذكر ما يخل بالشرط الأول الذي هو اتصال الإسناد، فبدأ بالمرسل، ثم ثنى بالمنقطع، والمعضل، والعنعنة، ويأتي –أيضاً- التدليس، والمرسل الخفي فيما بعد، كل هذه لها ارتباط بالدروس السابقة، فمما يختل فيه شرط الاتصال المرسل، المرسل جمعه مراسيل بإثبات الياء، وحذفها: مراسل، مثلما قيل في السابق: مساند ومسانيد، وهو مأخوذ من الإرسال الذي هو الإطلاق:{أنا أرسلنا الشياطين} [(83) سورة مريم] يعني أطلقناهم، {عَلَى الْكَافِرِينَ} [(83) سورة مريم]، وفي حديث الاختلاف في القراءة:"فقال: أرسله" يعني أطلقه، فكأن المرسل، الراوي الذي أرسل الخبر أطلقه، فلم يقيده براوي بعينه:

مرفوع تابع على المشهور

. . . . . . . . .

ص: 24

"مرفوع تابع على المشهور" عند الأئمة "مرسل" هذا تعريفه، المشهور عند الأئمة، كما نقله الحاكم، وابن عبد البر عنه، هذا هو المرسل على القول المشهور عند الأئمة "أو" هذه لتنويع الخلاف "أو قيده بالكبير" أو قيده بالكبير من التابعين، فيكون المرسل ما يرفعه التابعي الكبير إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى القول الأول: ما يرفعه التابعي، بغض النظر عن كونه كبيراً، أو متوسطاً، أو صغيراً إلى النبي عليه الصلاة والسلام، والقول الثاني مقيد بالكبير "أو" أيضاً لتنويع الخلاف، وهو القول الثالث "أو سقط راوٍ منه" أو سقط راوٍ منه، من أي موضع من سنده "ذو أقوال"، "أو سقط راو" من أي موضع، فيكو ن على هذا مقابل للاتصال، فيشمل جميع أنواع الانقطاع، جميع أنواع الانقطاع يقال لها مرسل، فهذا أوسع الأقوال في تعريف المرسل، والذي قبله أضيق الأقوال، والقول المشهور "مرفوع تابع" يعني ما رفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، هذا قول متوسط، يشمل التابعين بطبقاتهم، وهو المشهور، وهو الذي جرى عليه العلماء،

أو سقط راو منه ذو أقوال

. . . . . . . . .

يعني أقوال ثلاثة في المسألة:

. . . . . . . . .

والأول الأكثر في استعمال

يعني في استعمال أهل الحديث هو الأكثر، أما إذا قابلوه بالاتصال فيريدون به المنقطع، إذا قيل: وصله فلان، وأرسله فلان، وصله فلان، وأرسله فلان، فالمراد بالإرسال –هنا- الانقطاع، ولا يلزم منه رفع التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام الانقطاع، وبعضهم يفرق بين أرسل ومرسل، فيجعل الفعل للانقطاع، والمرسل لما يرفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام هذا ما قيل في حد المرسل، لكن ماذا عن التعريف الذي قال به بعض العلماء: ما سقط منه الصحابي ما سقط منه الصحابي، يصح تعريف للمرسل، وإلا ما يصح؟ هذا منتقد، نعم منتقد؛ لماذا؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا؛ هذا بيجي في مسألة الاحتجاج، غيره.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 25

نعم ممكن سقط منه صحابي، وبقي صحابي آخر، سقط منه صحابي، ويسقط منه صحابي .. ، سقط منه واحد، وبقي واحد، فهذا يصح أنه منه الصحابي سقط، لكنه مرسل الصحابي كما سيأتي في آخر الباب، وهذا حكمه الوصل.

ماذا عما يرويه التابعي عن النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة؟ وهل يتصور، أو لا يتصور؟ يعني هل نقيد القول الأول: ما رفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام ممن لم يسمع من النبي عليه الصلاة والسلام نحتاج إلى هذا، أو ما نحتاج؟ نحتاج؛ لماذا؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا في المسند نعم، عن إيش؟ عن التنوخي رسول هرقل، الذي جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في تبوك، وسمع منه بغير واسطة، وهو كافر، ولم يسلم إلا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، فهو تابعي، ما لقي النبي عليه الصلاة والسلام مؤمن به، لكن ما في سقط، السند متصل، وهذا يلغزون به: حديث تابع متصل، وسيأتي مرسل الصحابي، قولهم: ما يرفعه صحابي منقطع، ما يرفعه تابعي متصل، وما يرفعه صحابي منقطع، عرفنا أن ما يرفعه التابعي متصل، وهو في حديث التنوخي، ولا يعرف مثال آخر، نعم قد يسمع الرجل الشخص من النبي عليه الصلاة والسلام خبر قبل أن يسلم، ثم يسلم في حياته عليه الصلاة والسلام، هذا لا يقال له: مرفوع تابعي، إنما مرفوع صحابي، كحديث جبير بن مطعم، حينما جاء في فداء أسرى بدر، سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ في صلاة المغرب بالطور قبل أن يسلم، ثم أدى هذه السنة بعد إسلامه، وتحملها الناس عنه، وخرجت في الصحيحين، وغيرهما، لكن التنوخي ما أسلم إلا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه في المسند:

واحتج مالك كذا النعمان

وتابعوهما به ودانوا

ص: 26

"واحتج مالك كذا النعمان" الإمام مالك بن أنس يحتج بالمرسل، والنعمان بن ثابت، الإمام أبو حنفية يحتج به "وتابعوهما" من المالكية، والحنفية، يحتجون "به" يعني بالمرسل "ودانوا" يعني تدينوا بمضمونه، وعملوا به، وأفتوا به، وقضوا به، والموطأ شاهد على ذلك، كثير من المراسيل، وإن كانت الأحاديث معروفة الاتصال، في غيره مما قد يتيسر للإمام مالك، بل قد روي عن الإمام مالك متصل في غير الموطأ، وفي الموطأ يرسله؛ لأنه لا يرى إشكالاً في الإرسال، فيعمل بالمرسل، فمالك، وأبو حنيفة، وتابعوهما من المالكية، والحنفية يعملون بالمراسيل، وهو حجة عندهم، وهل هي مثل المسانيد؟ أو أعلى منها؟ أو دونها؟ عند من يحتج بها أقوال: منهم من يقول: الإرسال والإسناد واحد، ومنهم من يقول كلاهما يحتج به، لكن الإسناد أقوى، وإن كان المرسل محتج به، ،ومنهم من يقول: المرسل أقوى من المسند، وهذا نقله ابن عبد البر عن بعضهم في مقدمة التمهيد، وقالوا: إن من أرسل فقد ضمن، بخلاف من أسند فقد أحال، من أرسل ضمن، الذي حذفه يضمنه؛ لأنه لو لم يضمنه لكان غاشاً، والمسألة مفترضة في خيار الناس بعد الصحابة، وهم القرن الثاني، الذين جاءت النصوص بأنهم خير القرون بعد الصحابة، لكن هذا القول شاذ، إذا كان المرسل مختلف في الاحتجاج به، وعدم الاحتجاج به؛ فيكف يقول قائل: إنه أفضل، وأقو ى من المسند؟ "وتابعوهما به ودانوا" ونقل ابن عبد البر عن جرير الطبري: أن التابعين بأسرهم، يعني جميع التابعين نقل إجماع التابعين على الاحتجاج بالمرسل، وأنه لا يعرف لهم مخالف إلى رأس المائتين، وأنه لا يعرف لهم مخالف إلى رأس المائتين، يعني إلى أن جاء الإمام الشافعي، مع أن القول برد المراسيل منسوب إلى سعيد بن المسيب، وبعض التابعين معه، فهل يمكن تجاهل سعيد بالنسبة للتابعين؟ الذي هو أفضلهم عند الإمام أحمد؟ يعني هل يرد رد سعيد بن المسيب للمراسيل على الإجماع والاتفاق الذي ينقله الطبري عن التابعين، أو لا يرد؟ هل ينقض إجماعه بسعيد؛ لماذا؟ نعم؟ أيوه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 27

نعم قول الأكثر نعده إجماعاً، وهذا معروف، تداولته كتب الأصول: أن الطبري يرى الإجماع قول الأكثر، وعليه يدل تصرفه في تفسيره، حينما ينقل حكم، أو معنى، أو قراءة، ينقل قول الأكثر، ثم يذكر المخالف، ويرجح قول الأكثر، والصواب في ذلك عندنا كذا؛ لإجماع القراءة على ذلك، وهو ساق الخلاف نفسه لكنه يعد قول الأكثر إجماعاً، هو يعد قول الأكثر إجماعاً، فلا يرد عليه سعيد، وقد لا يخفى عليه قول سعيد، وغير سعيد من التابعين، لكنه يرى أن الإجماع قول الأكثر، وتصرفه في مصنفاته يدل على هذا، وعلى رأسها التفسير، هذا بالنسبة لمن قال به، مالك، وأبو حنفية، والمالكية عمومًا، والحنفية؛ لأن المسألة مفترضة في رفع التابعين، الخبر للنبي عليه الصلاة والسلام، وهم ممن يشملهم:((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، فهم خير القرون بعد الصحابة، ولا يتصور فيهم أنهم يحذفون من لا يرضونه، وروايتهم عن الصحابة كثيرة، فالمظنون بهم أن من حذفوه صحابي، أن الذي حذفوه صحابي، والقول الثاني في المسألة وهو قول الجمهور، يشير إليه الحافظ العراقي رحمه الله في قوله:

ورده جماهر النقاد

. . . . . . . . .

"ورده جماهر النقاد" جماهر" جمع جمهور، جماهر وجماهير، أي معظم النقاد، معظم النقاد ردوا المراسيل، منهم من ردها جملة وتفصيلا، ومنهم من اشترط لقبولها شروطاً كالشافعي؛ لماذا قال:

. . . . . . . . .

للجهل بالساقط في الإسناد

ص: 28

"للجهل بالساقط في الإسناد" الساقط مادام الذي رفعه تابعي، فالذي يغلب على الظن أن التابعي يرويه عن صحابي، والصحابة كلهم عدول، لكن الواقع يشهد بأن التابعي يروي عن تابعي، والتابعي الثاني يرو ي عن ثالث تابعي، ورواية التابعين عن بعض كثيرة جداً، يعني يروي في طبقة التابعين اثنان ثلاثة بعضهم عن بعض، وهذا كثير، قد يروي أربعة، وهذا أقل، وقد يروي خمسة من التابعين بعضهم عن بعض، وهذا قليل جداً، وأما رواية ستة من التابعين بعضهم عن بعض فهذا نادر، وقد لا يوجد له مثال إلا في حديث واحد يتعلق بفضل سورة الإخلاص، ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وهو مخرج في المسند، والنسائي، والنسائي يقول: أطول إسناد في الدنيا، في فضل سورة الإخلاص، وهو:((أنها تعدل ثلث القرآن))، وإلا الخطيب البغدادي فيه جزء، جزء مطبوع، ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وإذا كان هذا الاحتمال قائماً، والتابعون فيهم الثقة، وغير الثقة، فيهم العدل، وغير العدل، وإذا احتمل .. ، أقول إذا كان الاحتمال ضعيفاً في كبارهم، فمن دونه الاحتمال فيه قوي؛ لكثيرة المخالفات بعد الصحابة، وجدت المخالفات في عصر الصحابة من غيرهم، يعني ممن عاصرهم من التابعين فكيف بمن دونهم من صغار التابعين، وإذا وجد هذا الاحتمال قوي فيمن بعده، وكان الاحتمال أقوى فيمن بعدهم، فلا يقال بصحة المرسل مع وجود هذا الاحتمال، الساقط يحتمل أن يكون تابعي، وقد يحتمل أن يكون أكثر من تابعي، وما من واحد منهم إلا وقد يتطرق الخلل إلى الخبر من قِبَلِه؛ فهو مجهول، ولا بد من ثبوت العدالة لقبول الخبر، وإذا جهل حال الراوي؛ لم تثبت العدالة، لا يكفي في أن لا يعرف بضعف، لكن لا بد من معرفته بالعدالة:

. . . . . . . . .

للجهل بالساقط في الإسناد

وصاحب التمهيد عنهم نقله

. . . . . . . . .

"صاحب التمهيد" الإمام الحافظ أبو عمر ابن عبد البر، نقل في مقدمة تمهيده عن أكثر أهل العلم: أنهم ردوا المراسيل للعلة المذكورة "وصاحب التمهيد عنهم" يعني المحدثين "نقله" أي نقل ضعف المرسل، وأنه من قبيل ومن قسم المردود.

. . . . . . . . .

ومسلم صدر الكتاب أصله

ص: 29

"مسلم" الإمام مسلم بن الحجاج، مؤلف الصحيح، مؤلف الجامع الصحيح، الذي سبق الكلام عنه، في مقدمة الكتاب أورد على لسان خصمه أنه قال: والمرسل في أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة، وأقره على هذا، وإن كان على لسان خصمه، لكنه أقره عليه:

. . . . . . . . .

ومسلم صدر الكتاب أصله

والعلة فيه ما ذكر من احتمال أن يكون التابعي ضعيفاً، أو من يروي عنه ضعيفاً "لكن" هذا استدراك:

. . . . . . . . . إذا صح لنا مخرجه

بمسند أو مرسل يخرجه

من ليس يروي عن رجال الأول

نقبله قلت: الشيخ لم يفصل

"لكن إذا صح" إذا صح شرطية، فعل الشرط: صح، وجوابه: نَقْبَله، والجزم هذا على أنه جواب الشرط، و"إذا" معروف أنها لا تجزم عند الجمهور، لكن هي جازمة على مذهب الكوفيين، والأخفش، وصرح به عن بعضهم ابن مالك في التسهيل، وأما على مذهب غيرهم أن هذا للضرورة، لضرورة الشعر، للوزن، على أنه لو قال بدل "إذا"، "متى"

لكن متى صح لنا مخرجه

. . . . . . . . .

"نقبله" متى تجزم، أو ما تجزم؟ ها؟

طالب:. . . . . . . . .

تجزم؟

طالب: نعم.

من يجب مثال؟

طالب:. . . . . . . . .

إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه؛ و:

متى أضع العمامة تعرفوني

. . . . . . . . .

..

لكن إذا صح لنا مخرجه

. . . . . . . . .

يعني يعتضد المرسل، ويُقبل بمجيئه من وجوه أخرى، بمجيئه من وجوه أخرى "بمسند" بحيث يجيء هذا المسند من وجه آخر "أو مرسلاً" آخر "يخرجه" يعني يرسله:

من ليس يروي عن رجال الأول

. . . . . . . . .

شيوخ المرسل الأول، بحيث يكون له طريق آخر، مباين للطريق الأولى، مباين للطريق الأولى، والطريق يذكر ويؤنث، تجدون في كثير من كتب أهل العلم في التخاريج: طريق أخرى، وقد يقولون: طريق آخر، ولعل التذكير أولى، وإن كان استعمالهم للتأنيث أكثر، أهل الحديث يستعملون التأنيث أكثر: طريق أخرى، ولعل التذكير أولى؛ لماذا؟ في القرآن؛ ويش هي؟ {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [(77) سورة طه]، فهذا تذكير، المسألة فيها سعة، ونص أهل العلم على أنه يذكر، ويؤنث.

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . أو مرسل يخرجه

ص: 30

من ليس يروي عن رجال الأول

نقبله. . . . . . . . .

يعني إذا اعتضد بمجيئه من طريق أخرى، أو طريق آخر، سواءٌ كان الطريق الآخر مرسلاً، أو مسنداً، فالعلماء نصوا على أن المرسل يقبل الانجبار، يقبل الانجبار؛ لأن ضعفه ليس بشديد، فهو قابل للانجبار، فإذا جاء مرسل آخر اعتضد، فيقبل إذا جاء مسند متصل من وجه آخر يقبل، وسيأتي في قول الناظم -رحمه الله تعالى-:

فإن يقل فالمسند المعتمد

فقل دليلان به يعتضد

يأتي هذا ..

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . يخرجه

من ليس يروي عن رجال الأول

نقبله قلت الشيخ لم يفصل

الشيخ من هو؟ ابن الصلاح "لم يفصل" يفصل في إيش؟ في التابعي؛ هل هو من الكبار، أو من الصغار؟ لكن "الشافعي بالكبار قيدا" يعني بقي مما يعتضد به المرسل إضافة إلى ما ذكره الناظم مسند، أو مرسل ما قاله، زاده بعضهم، بعض الآخذين عن الناظم، وله زيادات على الألفية، والذي يغلب على الظن أنه برهان الدين الحلبي، فقد ذكر في ترجمته من الضوء اللامع، وغيره أنه زاد عن الألفية أبيات؛ فزاد هنا:

أو كان قول واحد من صحب

خير الأنام عجم وعرب

أو كان فتوى جل أهل العلم

وشيخنا أهمله في النظم

يعني مما يعتضد به المرسل أن يوافقه قول لصحابي موقوف عليه، يعتضد بالمرسل قول صحابي، أو يفتي بمفاده عوام أهل العلم، يقول:

. . . . . . . . .

وشيخنا أهمله في النظم

ص: 31

فهذا مما يعتضد به المرسل، إذا كان الشيخ ابن الصلاح لم يفصل بين مراسيل الكبار والصغار، فإن الإمام الشافعي قيد التابعين بالكبار "والشافعي بالكبار" منهم يعني من التابعين "قيدا" قيد المرسل المقبول إذا اعتضد، "ومن روى" ما أرسله، أو مطلقاً "عن الثقات أبداً" يعني بحيث إذا روى لا يروي إلا عن ثقة، بحيث يكون لا يروي إلا عن ثقة، بحيث إذا سمى من روى عنه؛ لم يسم مجهولاً، ولا مرغوباً عن الرواية عنه، بحيث إذا سمى من روى عنه، هو أرسل، لكن قيل له: عن من؟ فإذا قيل له: عن من؟ وسمى من روى عنه، لم يسمي، كذا في الرسالة للإمام الشافعي بالياء، والقاعدة:"لم يسم" بدون ياء "لم يسم" سم حذف حرف العلة، لكن يستدرك على الإمام الشافعي؟ الإمام الشافعي إمام، حجة في اللغة، حجة، والرسالة التي طبع عنها الشيخ أحمد شاكر نسخة عتيقة جداً، صحيحة "لم يسمي مجهولاً، ولا مرغوباً عن الرواية عنه، وإنما يسمي ثقة، يسمي من ثبتت ثقته:

. . . . . . . . .

ومن روى عن الثقات أبداً

ومن إذا شارك أهل الحفظ

. . . . . . . . .

يشارك الثقات، فإذا شاركهم في أحاديثهم "وافقهم" ولم يخالفهم "إلا بنقص لفظ" إلا بنقص لفظ، نقص لفظ لا يتأثر به المعنى، مثل هذا لا يسلم منه أحد، أما إذا خالفهم فيما يختلف فيه المعنى، يترتب عليه اختلاف المعنى؛ فلا، هذا مخالف لأهل الحفظ، فيكون بكثرة مخالفاته تخلف عنه شرط الضبط، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

بيجيك، ها:

فإن يقل: فالمسند المعتمد

. . . . . . . . .

نعم؟ نفسه، نفس سؤالك، البيت الذي يليه،

ومن إذا شارك أهل الحفظ

. . . . . . . . .

في أحاديثهم "وافقهم" ولم يخالفهم "إلا بنقص لفظ" يعني نقصا يسير لا يتأثر به المعنى؛ لا بأس، لكن إذا كثرت مخالفته للثقات؛ فإنه حينئذ يرد حديثه:

وإن يوافق غالباً ذا الضبط

فضابط أو نادراً فمخطي

على ما سيأتي في ميزان الضبط عندهم.

ص: 32

الشافعي رحمه الله لما رد مراسيل التابعين علل ذلك بأنهم أشد تجوزاً، لما رد المراسيل لصغار التابعين؛ قال: لأنهم أشد تجوزاً فيمن يروون عنه، يعني صغار التابعين ما هم في التحري، والتثبت مثل كبار التابعين الذين كثرت مخالطتهم للصحابة، أما الصغار الذين رأوا الواحد، والاثنين، والثلاثة من الصحابة؛ هؤلاء طال بهم العهد، والمعروف أنه كلما طال العهد بالنبوة؛ كثر التساهل، كثر التساهل، فالكبار الذين عاصروا الصحابة، وكثرت مخالطتهم للصاحبة؛ كبارهم، وصغارهم -يعني الصحابة- أشد تحرزاً، وتثبتاً فيمن يروون عنه، وأما صغار التابعين الذين أكثروا مخالطتهم للتابعين هؤلاء أشد تجوزاً فيمن يروون عنه، وأيضاً من الأسباب التي جعلت الإمام الشافعي يرد مراسيل صغار التابعين: أنه وُجد الدلائل فيما أرسلوا بضعف مخرجه، يعني وُجد فيما يرسلونه الشيء الضعيف، وهذا كثير عندهم، والأمر الثالث: كثرة الإحالة، كثرة الإحالة بالأخبار، وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم، وضعف من يُقبل عنه، إيش معنى كثرة الوسائط، كثرة الإحالة، يعني إذا كان من الكبار؛ فالاحتمال الأقوى أنه رواه عن صحابي؛ لأنه أدرك كثيراً من الصحابة، ما يعوزه أن ينقل الخبر عن صحابي، وهذا هو الذي يغلب على الظن، يحتمل –أيضاً- أنه رواه عن تابعي في سنه، كبير، أو أكبر منه، وهذا الاحتمال قوي، لكن هل يحتمل أن تابعي كبير يروي عن تابعي صغير، عن تابعي متوسط، عن تابعي كبير، عن صحابي هذا قد لا يتصور، توجد رواية الأكابر عن الأصاغر، توجد رواية صالح بن كيسان عن الزهري، وهو اكبر منه، لكن هذا نادر من جهة، والأمر الثاني: أن السبب واضح؛ تأخر صالح بن كيسان في الطلب حتى شاب قبل أن يطلب العلم، وعد من كبار الآخذين عن الزهري، فهو –حكماً- صغير بالنسبة للزهري، وإن كانت حقيقته في سنة كبير، لكنه في الطلب متأخر، إذا كثرت الوسائط، يعني إذا كان الراوي كبيراً من كبار التابعين؛ احتمال أنه رواه عن صحابي، أو عن تابعي كبير ثاني عن صحابي، الوسائط قليلة اثنان، يعني ما يزيدون، وإن زادوا ثلاثة، لكن إن كان من صغار التابعين، وكثرت الوسائط صار في طبقة التابعين أربعة، أو خمسة، ثم الصحابي، كثرة الوسائط

ص: 33

لا شك أنها تُغَلِّب على الظن وجود الخلل؛ لأنه ما من راوٍ من الرواة إلا ويحتمل أن يتطرق الخلل إلى الإسناد من قِبله، أقول إذا كثرت الوسائط، وطالت الأسانيد، صار الاحتمال في تطرق الخلل إلى هذا الإسناد أقو ى، ولذا المفضل عند أهل العلم العلو، علو الأسانيد، والنزول مفضول، على ما تقدم في بحث المستخرجات، وسيأتي بحث مخصص للعالي والنازل، والسبب في هذا أنه إذا قلت الوسائط، فمثلاً بين المصنف، وبين النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة أو أربعة، أفضل من أن يكون بينه سبعة أو ثمانية؛ لأن هؤلاء الوسائط ما من واحد منهم إلا واحتمال الخطأ وارد عنده، فاحتمال الخطأ في ثلاثة، أو أربعة أقل من وجود احتمال الخطأ في خمسة، أو ستة، أو سبعة، ولذا يقول الشافعي في أسباب رده لمراسيل صغار التابعين كثرة الإحالة، يعني الإحالة، إحالة الخطأ إلى هؤلاء الرواة، فما من راوٍ إلا ويحتمل أن يحال عليه الخطأ، هذه الأسباب جعلت الإمام الشافعي يرد مراسيل صغار التابعين، فالخلاصة أن الشافعي -رحمه الله تعالى- يشترط لقبول المرسل شروطاً أربعة: أن يكون المرسِل من كبار التابعين، وأن يكون لا يروي إلا عن ثقة، بحيث إذا سمى لم يسم مجهولاً، ولا مرغوباً عن الرواية عنه، وإذا شرك أهل الحفظ وافقهم، وأن يكون للحديث المرسل شاهد يقويه، إما مرسل آخر يرويه غير رجال الأول، أو مسند، أو يفتي به عوام أهل العلم، أو يسنده قول صحابي، هذه الأربعة الشروط التي ثلاثة منها في المرسِل، والرابع في المرسَل، والرابع له فروع، هذه يشترطها الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- لقبول المراسيل.

طالب:. . . . . . . . .

سنده حديث ضعيف؟ مرسل ثاني، ولو ضعيف الثاني، يدخل في كونه مرسلاً ضعيفاً، المرسل ضعيف، وإذا كان المرسل خفيف الضعف يقبل الانجبار، والضعيف الذي يسنده من غير رجال المرسل الأول، نعم سواء كان متصلاً، وفيه من مُس بضرب من التجريح الخفيف، يكون ضعيفاً ضعفاً محتملاً، يقبل الانجبار، فيرتقي للحسن لغيره، هذه القاعدة.

طالب:. . . . . . . . .

ويش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 34

قلنا: إنه يشترط في الراوي ثلاثة شروط: أن يكو ن من الكبار، أن لا يروي إلا عن ثقة، فإذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولاً، ولا مرغوباً عن الرواية عنه، ومن إذا شارك، إذا شرك أحداً من الحفاظ لم يخالفه، وأن يكون للمرسل حديث مرسل شاهد يقويه، من مرسل، أو مسند، أو يفتي به عوام أهل العلم، أو يشهد له قول صحابي، في شروط الإمام الشافعي: له شاهد يقويه من مسند، وتقدم قو ل الناظم -رحمه الله تعالى-:

لكن إذا صح لنا مخرجه

بمسند أو مرسل يخرجه

جاء الاستدراك الذي سأله الأخ، يقول: ما حاجتنا إلى هذا المرسل، ونحن وجدناه مسنداً متصلاً؟ كيف نحتاج إلى المرسل؟ يقو ل الناظم -رحمه الله تعالى-:"فإن يقل" على وجه الخدش في الاعتضاد بمسند، في اعتضاد المسند بالمرسل، قد يقول قائل:"فالمسند المعتمد"، ولا حاجة لنا حينئذٍ بالمرسل، مو بهذا سؤالك؟

فإن يقل فالمسند المعتمد

فقل دليلان به يعتضد

"فقل دليلان به يعتضد" المسند دليل برأسه، والمرسل الذي اعتضد بهذا المسند قويَ، وصار مقبولاً، فصار في المسألة أكثر من دليل بدل دليل واحد، بحيث يرجح هذان الدليلان على ما إذا ما وجد ما يخالفهما من دليل واحد، الآن المسند حجة برأسه، المرسل لما شهد هذه المسند تقوى؛ فصار في المسألة دليل واحد، أو دليلان؟

ص: 35