المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وشدد بعضهم في منع الرواية بالمعنى كمحمد بن سيرين وبعض - شرح اختصار علوم الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ١٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: وشدد بعضهم في منع الرواية بالمعنى كمحمد بن سيرين وبعض

وشدد بعضهم في منع الرواية بالمعنى كمحمد بن سيرين وبعض العلماء؛ لأن الرواية باللفظ هي الأصل، فكيف تقول: حدثني فلان بكذا وأنت غيرت لفظه؟! لكن إذا كان هذا التغيير لا يترتب عليه شيء فما المانع من أن تروي الحديث إذا جزمت بأنك أتيت بالمراد منه؟ ومع ذلك لو احتطت وقلت: نحوه، أو شبهه، أو قريباً منه، أو المعنى، المعنى واحد كما ينبه الأئمة على ذلك، منهم من جوز ذلك للصحابة دون غيرهم، ومنهم من جوز ذلك لمن يحفظ الأصل دون غيره، لكن هذا القول أو الذي قبله أيضاً تجويزه للصحابة دون غيرهم مخالف لما عليه عمل الأئمة، وجد اختلاف بعض الألفاظ من الرواة من بعد الصحابة كالزهري مثلاً، مع أنه من أحفظ الناس للمتون، وكون الرواية بالمعنى إنما تجوز لحافظ للفظ يتصرف فيه ويعبر عنه بأي معنىً لا وجه له؛ لأنه إنما جوزت الرواية بالمعنى لتعذر الحرف واللفظ، المقصود أن هناك أقوال أخرى لا يتلفت إليها، والذي استقر عليه عمل الأئمة هو قول الجمهور، نعم.

‌اختصار الحديث:

فرعٌ آخر: وهل يجوز اختصار الحديث فيحذف بعضه إذا لم يكن المحذوف متعلقاً بالمذكور؟ على قولين، فالذي عليه صنيع أبي عبد الله البخاري رحمه الله اختصار الأحاديث في كثيرٍ من الأماكن، وأما مسلمٌ رحمه الله فإنه يسوق الحديث بتمامه ولا يقطعه، ولهذا رجحه كثيرٌ من حفاظ المغاربة، واستروح إلى شرحه آخرون لسهولة ذلك بالنسبة إلى صحيح البخاري، وتفريقه الحديث في أماكن متعددة بحسب حاجته إليه، وعلى هذا المذهب جمهور الناس قديماً وحديثاً.

قال ابن الحاجب في مختصره: مسألةٌ: حذف بعض الخبر جائزٌ عند الأكثر إلا في الغاية والاستثناء ونحوه، فأما إذا حذف الزيادة لكونه شك فيها فهذا سائغ، كان مالكٌ رحمه الله يفعل ذلك كثيراً تورعاً، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شك في وصله، وقال مجاهد رحمه الله: أنقص الحديث ولا تزد فيه.

ص: 5

اختصار الحديث إذا كان الحديث طويل، أو مشتمل على جمل متعددة لا يرتبط بعضها ببعض فإنه حينئذٍ يجوز اختصاره، شريطة ألا يحتاج المذكور للمحذوف، أو لا يتعلق المذكور بالمحذوف، وإذا جاز الاختصار في القرآن، والاقتصار على الحاجة منه فلأن يجوز في السنة من باب أولى، إذا ساغ لك أن تقول:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] وتسكت، أخطأت وإلا ما أخطأت؟ إذا كنت تتحدث عن الأمانة هل يلزمك أن تقول:{وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [(58) سورة النساء]؟ ما يلزم، وإذا أردت أن تتحدث عن العدل هل يلزمك أن تقول:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء]؟ ما يلزم، فالاختصار جائز، لكن ممن يعرف وجوه الكلام، وارتباط بعضه ببعض، فيحذف ما لا حاجة إليه، ويختصر الحديث إذا لم يكن المحذوف متعلقاً بالمذكور، والذي عليه صنيع الإمام البخاري جواز الحذف، فتجد الإمام يقطع الحديث في مواضع، تبعاً لما يستنبط منها من فوائد، ويترجم على كل جزءٍ من الحديث بترجمة هي الفائدة المستنبطة من هذا الحديث، بخلاف "مسلم فإنه يسوق الحديث بتمامه ولا يقطعه، ولهذا يرجحه كثيرٌ من حفاظ المغاربة" على ما تقدم تقريره.

أول من صنف في الصحيحِ

محمدٌ وخص بالترجيحِ

ومسلمٌ بعدُ وبعض الغربِ مع

أبي عليٍ فضلوا ذا لو نفع

فالبخاري عند الجمهور مقدم ومرجح، وبعض المغاربة وأبو علي النيسابوري يفضلون مسلم؛ لهذه الحيثية، يجمع لك الحديث بطرقه وألفاظه في موضعٍ واحد، فيسهل على الطالب، لكن يفوت أمر مهم جداً، وهو إيش؟ الاستنباط من الحديث، إذا كان الحديث فيه فوائد كثيرة ومسلم أدخله في بابٍ واحد، والبخاري -رحمه الله تعالى- فرق هذا الحديث في مواضع هي فوائده، ترجم عليه بتراجم هي الفوائد المستنبطة من هذا الحديث، ففات شيءٌ عظيم من الاستنباط، وهذا فاق به الإمام البخاري غيره، وبز فيه أقرانه، فلا يوجد من يقاربه، ولا يدانيه في هذا، وإن وجدت تراجم من الأئمة على الأحاديث وفيها فقه وخيرٌ عظيم.

ص: 6

على كل حال ولذا الاعتناء بصحيح مسلم أسهل، يعني حينما يريد شخص شرح كتاب يقدم على البخاري وإلا على مسلم؟ على مسلم؛ لأنه يجمع الأفكار مسلم، جامع لك جميع روايات الحديث في موضعٍ واحد، لكن أنت من أجل أن تشرح حديثاً في صحيح البخاري تحتاج إلى أن تتصور المواضع من الصحيح، وتنظر ما ترجم به الإمام على هذا الحديث لكي يكون الشرح متكامل.

"واستروح إلى شرحه آخرون لسهولة ذلك بالنسبة إلى صحيح البخاري" ومع ذلك وسهولة شرح مسلم فإن لصحيح البخاري النصيب الأوفر من الشروح، وله القدح المعلى، ولا زال مسلم أو صحيح مسلم بحاجة إلى شرحٍ موسع يستخرج درره، وكنوزه وفوائده، جميع الشروح التي كتبت على مسلم إلى الآن شبه الحواشي وإن كان فيها خير إلا أنها بالنسبة لشروح البخاري كالحواشي.

يقول ابن الحاجب في مختصره، مختصره الأصلي وإلا الفرعي؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

له مختصر في الفروع، ومختصر في الأصول.

طالب:. . . . . . . . .

إيش اللائق هنا؟ الفقهاء يذكرون مثل هذه الأشياء.

طالب: في الأصول.

ص: 7