المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح: النوع الخامس عشر: في الاعتبارات والمتابعات والشواهد: - شرح اختصار علوم الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح: النوع الخامس عشر: في الاعتبارات والمتابعات والشواهد:

إذا نظرنا إلى إطلاقات الأئمة وجدنا الأئمة يطلقون الشاذ بإزاء التفرد فقط، ويطلقون المنكر أيضاً بإزائه أيضاً، لكن إذا قلنا: إن الشاذ من قسم الضعيف فلا بد فيه من المخالفة، وإذا قلنا: إن من الشاذ ما هو صحيح ومن الصحيح ما هو صحيحٌ شاذ، بل غاية ما هنالك أن يكون صحيح وأصح فالأمر فيه سهل.

يقابل الشاذ المحفوظ، فإذا كان الشاذ: ما رواه الثقة مخالفاً من هو أوثق منه، فالمحفوظ: ما رواه الثقات، يعني نعكس الحد، المحفوظ ما رواه الثقات، وإن وجدت المخالفة من واحد، ويقابل المنكر المعروف، وإذا كان تعريف المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً سائر الرواة، فيكون تعريف المنكر .. ، إذا كان المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً الرواة فيكون حينئذٍ المعروف: ما رواه الثقاة وإن وجدت المخالفة من ضعيف، نعم.

‌شرح: النوع الخامس عشر: في الاعتبارات والمتابعات والشواهد:

"النوع الخامس عشر: في الاعتبارات والمتابعات والشواهد: مثاله: أن يروي حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً، فإن رواه غير حماد عن أيوب أو غير أيوب عن محمد أو غير محمد عن أبي هريرة، أو غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذه متابعات، فإن روي معناه من طريق أخرى عن صحابي آخر سمي شاهداً لمعناه، وإن لم يرو بمعناه أيضاً حديث آخر فهو فرد من الأفراد، ويغتفر في باب "الشواهد والمتابعات" من الرواية عن الضعيف القريب الضعف ما لا يغتفر في الأصول، كما يقع في الصحيحين وغيرهما مثل ذلك، ولهذا يقول الدارقطني في بعض الضعفاء: "يصلح للاعتبار"، أو "لا يصلح أن يعتبر به" والله أعلم".

هذه عبارات يستعملها أهل الحديث، الاعتبار والمتابعات والشواهد، وهذه الترجمة توهم بأن الاعتبار قسيم للمتابعة والشاهد، وليس الأمر كذلك، بل الاعتبار هيئة التوصل والكشف عن المتابعة والشاهد، الاعتبار: السبر والبحث عن المتابعات والشواهد، وعلى هذا فحق الترجمة أن يقال: معرفة الاعتبار للمتابعة والشاهد، ولذا يقول الحافظ العراقي رحمه الله:

الاعتبار سبرك الحديث هل

شارك راوٍ غيره فيما حمل؟

ص: 6

فالاعتبار: هو هيئة التوصل إلى وجود المتابعات والشواهد والبحث، فإذا كان هذا هو الاعتبار فما المتابع والشاهد؟ الذي مشى عليه ابن الصلاح وتبعه الحافظ ابن كثير، ومن اختصر كلام ابن الصلاح ونقله ابن حجر عن قومٍ كالبيهقي ونحوه أن الشاهد ما جاء بمعناه، والمتابع ما جاء بلفظه، يعني نبحث عن الحديث فإذا وقفنا عن حديثٍ آخر بغض النظر عن الصحابي هل اتحد أو اختلف؟ فإن كان باللفظ فالمتابع، وإن كان بالمعنى فالشاهد، هذا ما مشى عليه المؤلف تبعاً لابن الصلاح، وهو محكيٌ عن البيهقي وغيره.

والمثال الذي ذكره هو مأخوذٌ من صحيح ابن حبان، مأخوذٌ من صحيح ابن حبان في مقدمة الصحيح قال: "مثاله: أن يروي حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً فإن رواه غير حماد عن أيوب أو غير أيوب عن محمد أو غير محمد عن أبي هريرة أو غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهنا لم يشترط فيه اتحاد الصحابي أو اختلافه.

طالب:. . . . . . . . .

نعم، كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

هو موجود في الجزء الأول صفحة (117 و 118) والذي يغلب على ظني أنه من طبعة الشيخ أحمد شاكر ما هي من طبعة الأرنؤوط، ولذا قال: أو غير أبي هريرة، فإن روي معناه من طريقٍ أخرى عن صحابي آخر سمي شاهداً لمعناه، فالفرق بين المتابع والشاهد أن يكون المتابع باللفظ والشاهد بالمعنى هذا قول، وهو قول من سمعنا من أهل العلم، لكن القول الثاني وهو الذي اعتمده المتأخرون، وخرجوا الأحاديث على أساسه أن المتابع ما جاء عن نفس الصحابي ولو اختلف اللفظ، ولو جاء بالمعنى، والشاهد ما جاء عن صحابي آخر ولو اتحد اللفظ بغض النظر عن اللفظ، وهذا هو الذي مشى عليه المتأخرون، والأمر في هذا سهل؛ لأن الفائدة من الشواهد والمتابعات التقوية، وتحصل التقوية بالمتابع أو الشاهد سواءً اتحد الصحابي أو اختلف.

ص: 7

إذا عرفنا هذا فالمتابعات منها التامة ومنها القاصرة، ففي المثال الذي ذكره صاحب الكتاب إذا روى الخبر غير حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة متابعة تامة، لكن إذا رواه شخصٌ آخر عن آخر عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، أو عن ثالث عن أبي هريرة هذه متابعة قاصرة، وعلى كل حال الفائدة من المتابعات والشواهد هي التقوية، تقوية الأخبار، والشواهد هي التي يعتني بها الترمذي في كل بابٍ من أبواب جامعه، ويقول فيه:"وفي الباب عن فلان وفلان وفلان" هذه شواهد للحديث الذي يذكره، وقد يصحح الخبر بمجموع هذه الشواهد، ومن هنا دخل عليه التساهل، فمن نظر إلى حديث الباب بمفرده وقد قال عنه الإمام الترمذي:"حسن صحيح" قال: إنه متساهل، ومن نظر إلى مجموع الأحاديث في الباب بما في ذلك الشواهد التي أشار إليها قد تبلغ الصحة.

يقول: "ويغتفر في باب الشواهد والمتابعات من الرواية عن الضعيف القريب الضعف" القريب الضعف يعني ضعفه محتمل يصلح للمتابعات، يصلح للاعتبار، يحصل للشواهد، يصلح للترقية، أما الذي ضعفه شديد فوجوده مثل عدمه على ما تقدم "ويغتفر في باب الشواهد والمتابعات من الرواية عن الضعيف القريب الضعف ما لا يغتفر في الأصول" يعني قد تروي عن ابن لهيعة وهو ضعيف عند أهل العلم، لكن ضعفه قريب، ضعفه قريب فيصلح للمتابعات، يصلح للشواهد، لكن ما يصلح في الأصول التي يعتمد عليها، ونحوه من الرواة، ولذا كثيرٌ ما يقول أهل العلم: فلان يعتبر به، أو يصلح للاعتبار، وفلان لا يعتبر به، أو لا يصلح أن يعتبر به، يطلق أهل العلم هذه العبارة كثيراً من أجل أن نستفيد من الراوي الذي يعتبر به، فإذا انضم إليه غيره ممن هو في درجته تقوى الحديث، أما الذي لا يعتبر به ارمِ به، ما يفيد.

يقول: "كما يقع في الصحيحين وغيرهما مثل ذلك" نعم يقع في رواة الصحيحين من مس بضربٍ من التجريح الخفيف في باب المتابعات والشواهد دون الأصول، نعم.

"النوع السادس عشر: في الأفراد، وهو أقسام: تارة ينفرد به الراوي عن شيخه كما تقدم، أو ينفرد به أهل قُطْر، كما يقال:

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن يكون الاعتماد على المجموع.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 8

أو عمومات الشريعة والقواعد العامة، الإمام الشافعي رحمه الله فيما ينجبر به المرسل ويحتج به مثل هذه الأمور، أن يفتي به عوام أهل العلم، أن يكون له شاهد يزكيه من قول صحابي، أو خبر آخر، أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، المقصود أن مثل هذا إذا كان له أصل يشهد له فلا بأس.

طالب:. . . . . . . . .

لكن راويه ممن يصلح للاعتبار؟ ارمِ به، تحتج بغيره.

طالب:. . . . . . . . .

أقول: ارمِ به، واحتج بغيره، على طريقة أهل الحديث أن مثل هذا الذي لا يصح للاعتبار وجوده مثل عدمه، وجوده مثل عدمه نعم هم يعترفون بأن الراوي مهما بلغ في الضعف، في ضعف الحفظ والضبط والإتقان حتى في عدالته من الطعن قد يصدق، والضعيف قد يضبط، ومع ذلك الذي لا يصلح للاعتبار وجوده مثل عدمه، وجوده مثل عدمه.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، لا، ما يقبل إلا على طريقة السيوطي، السيوطي يقول بهذا، الشيخ الألباني أحياناً يمشي على هذا، والسيوطي في ألفيته يقول في الضعيف الذي لا ينجبر:

وربما يكون كالذي بدي

. . . . . . . . .

يعني به بما تحدث عنه من انجبار الضعيف وارتقائه إلى الحسن لغيره، طريقته يرقي بها، لكن جمهور أهل العلم لا، ما دام ما يعتبر به وجوده مثل عدمه، حتى لو تابعه واحد بمنزلته لا يعتبر به ما يزيده إلا ضعف ما يزيده قوة.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن يبقى النظر في هؤلاء الثقات. . . . . . . . . هم الذين خالفوا؛ لأن الأصل القرآن.

طالب:. . . . . . . . .

إيه يشهد لصحة الجملة لا لصحتها في هذا الموضع، فرق، الجملة ما أحد ينكر، {إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [(9) سورة آل عمران] لكن في هذا الموضع

طالب:. . . . . . . . .

هذه من زيادات الثقات التي تباينت فيها الأنظار، من زيادات الثقات التي تباينت فيها الأنظار، من أهل العلم من يحكم عليها بأنها شاذة، يعني لو كانت محفوظة رواها بقية الرواة، راويها وإن كان ثقة ولم يخالف جاء بما لم يأتِ به غيره، يعني قدر زائد، على ما سيأتي تفصيله في زيادة الثقة -إن شاء الله تعالى-، نعم.

ص: 9

كما يقال: "تفرد به أهل الشام أو العراق أو الحجاز أو نحو ذلك، وقد يتفرد به واحد منهم فيجتمع فيه الوصفان، والله أعلم، وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد في مائة جزء، ولم يسبق إلى نظيره، وقد جمعه الحافظ محمد بن طاهر في أطراف رتبه فيها.

النوع السادس عشر: في الأفراد، ومثلها الغرائب، ويرى ابن حجر أن الفرد والغريب مترادفان لغةً واصطلاحاً، إلا أن أهل الحديث غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته، الفرد والغريب مترادفان لغةً واصطلاحاً، هل كلام الحافظ صحيح؟ الفرد هو الغريب في اللغة؟ اللغة لا تساعد، الفرد ما انفرد عن غيره، والغريب وإن اجتمع بغيره، وإن كان مع غيره فهو غريب، قد يوصف الشخص بالغربة وإن كان بين الناس، وأما التفرد فهو شيءٌ آخر، فهو الانفراد عن الناس.

أما تغايرهما في الاصطلاح فالفرد أكثر ما يطلقه أهل العلم على الفرد المطلق، وما كانت الغرابة والتفرد فيه في أصل السند، طرفه الذي فيه الصحابي، والغريب أكثر ما يطلقونه على غرابة نسبية، من كانت الغرابة في أثناء السند، فبهذا نعرف أن أنواع التفرد اثنان: الفرد المطلق والفرد النسبي، والنسبي يطلق بإزاء التفرد في أثناء السند في غير طرفه الذي فيه الصحابي، وفي غير أصل الحديث ومنشأه ومنبعه، ويطلق أيضاً بالنسبة لتفرد أهل بلدٍ به هذا تفرد نسبي، وإن رواه جمعٌ من غيرهم، وأيضاً يطلق التفرد النسبي بالنسبة لراوٍ من الرواة يتفرد بالرواية عنه راوٍ واحد، وإن رواه جمعٌ عن غيره، ويطلق التفرد النسبي بالتفرد به عن ثقةٍ من الثقات وإن رواه جمعٌ عن غير هذا الثقة، فإذا تفرد أهل بلد أهل البصرة برواية حديث ولو كثر عددهم قيل: هذه سنة تفرد بها أهل البصرة، إذا روى مالك حديث وتفرد به راوٍ من الرواة عن مالك يقال: تفرد به عن مالك فلان وإن رواه جمعٌ عن غير مالك وهكذا، فالتفرد تارةً ينفرد به الراوي عن شيخه كما تقدم، أو ينفرد به أهل قُطرٍ كما يقال: تفرد به أهل الشام، أو العراق أو الحجاز أو نحو ذلك.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 10