المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح: النوع الثامن عشر: معرفة المعلل من الحديث: - شرح اختصار علوم الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح: النوع الثامن عشر: معرفة المعلل من الحديث:

يقول: ألا يكون الراجح في تعريف الشاذ هو ما اختاره ابن حجر في شرح النخبة، أو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه؟

هذا هو ما اختاره الشافعي، هو ما اختاره الشافعي، واختاره ابن الصلاح، واختاره أيضاً الحافظ العراقي وغيره.

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة

فيه الملا فالشافعي حققه

لكن قول الحاكم وهو تفرد الثقة، أو قول الخليلي وهو تفرد الراوي ثقة كان أو غير ثقة هذا أخذه من مواقع استعمال أهل العلم، حكموا على بعض الأحاديث التي فيها مجرد التفرد بأنها شاذة، فما معنى الشذوذ حينئذٍ عند من يطلقه يعني بإزاء مجرد التفرد؟ نقول: إن أهل العلم أطلقوه، لكن إن كان الشذوذ من أقسام الضعيف على ما استقر عليه الاصطلاح لا بد من قيد المخالفة؛ لأن مجرد تفرد الثقة مقبول عند أهل العلم، وغرائب الصحيحين كما هو معروف ولم يشترط من يعتد به من أهل العلم أن يتعدد الراوي لصحة الخبر، وقد رد على الحاكم وما يفهم من كلام البيهقي والكرماني الشارح قولهم: إن شرط البخاري أن يكون الحديث مروياً من طريقين فأكثر.

يقول: حديث أنس في البخاري: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم سلم ثلاثاً، وإذا استأذن استأذن ثلاثاً".

معروف عنه عليه الصلاة والسلام هذه السنة، لكن هذا يمكن أن يحمل على ما إذا كثر الجمع بحيث يظن أن بعضهم لم يسمع الكلام، لم يسمع السلام، أو لم يستوعب الكلام فإنه حينئذٍ يكرر.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين، نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأتم التسليم، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمنا الله وإياه والمسلمين أجمعين:

‌شرح: النوع الثامن عشر: معرفة المعلل من الحديث:

ص: 18

النوع الثامن عشر: معرفة المعلل من الحديث، وهو فنٌ خفي على كثير من علماء الحديث، حتى قال بعض حفاظهم: معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل، وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد منهم، يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه، ومعوجه ومستقيمه، كما يميز الصيرفي البصير بصناعته بين الجياد والزيوف، والدنانير والفلوس، فكما لا يتمارى هذا كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه، ومنهم من يظن، ومنهم من يقف، بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث، وذوقهم حلاوة عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس.

فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة، ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة أو مجازفة أو نحو ذلك، يدركها البصير من أهل هذه الصناعة، وقد يكون التعليل مستفاداً من الإسناد، وبسط أمثلة ذلك يطول جداً، وإنما يظهر بالعمل، ومن أحسن كتاب وضع في ذلك وأجله وأفحله "كتاب العلل" لعلي بن المديني شيخ البخاري، وسائر المحدثين بعده في هذا الشأن على الخصوص، وكذلك كتاب "العلل" لعبد الرحمن بن أبي حاتم، وهو مرتبٌ على أبواب الفقه، وكتاب "العلل" للخلال، ويقع في مسند الحافظ أبي بكر البزار من التعاليل ما لا يوجد في غيره من المسانيد.

وقد جمع أزمة ما ذكرناه كله الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك، وهو من أجل كتابٍ، بل أجلُّ ما رأيناه وضع في هذا الفن، لم يسبق إلى مثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بشكله، فرحمه الله وأكرم مثواه، ولكن يعوزه شيءٌ لا بد منه وهو أن يرتب على الأبواب ليقرب تناوله للطلاب، أو أن تكون أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم مرتبين على حروف المعجم ليسهل الأخذ منه، فإنه مبدد جداً، لا يكاد يهتدي الإنسان إلى مطلوبه منه بسهولة، والله الموفق.

ص: 19

يقول الحافظ -رحمه الله تعالى舄-: "المعلل من الحديث" والمعلل لا يوجد في كتب اللغة بالمعنى الذي يريده المؤلف ومن قبله، وإن كان أهل الحديث يطلقون المعلل والمعلول، وكذلك الأصوليون يطلقون أيضاً العلة والمعلول، وأيضاً المتكلمون، لكن لا يوجد معلل وعلله إلا بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به، من تعليل الصبي بالطعام، والأولى أن يقال: معل، عله فهو معل، وأما معلول فهو موجود في كلام كثيرٍ من المحدثين والأصوليين والمتكلمين أيضاً.

قال ابن الصلاح عن ذلك: إنه مرذول، مرذول، وقال النووي: لحن، وقال الحريري: لا وجه لهذا الكلام البتة، وقال ابن سيده:"لست منها على ثقةٍ ولا ثلج" يعني ليس مرتاحاً منها، فالأولى أن يقال في ذلك: معل، يرى بعضهم أن استعمال معلول لا بأس به؛ لأنه وجد في عبارات أهل الفن، ولا يلتبس بغيره، معناه واضح ومعروف، فلا مانع من استعماله، لكن المرجع في ذلك اللغة، الشيء الذي لا يوجد له أصل في لغة العرب ينبغي أن لا يطرق.

نعم، إن أمكن توجيه كلام أهل العلم على وجهٍ يصح لغةً فلا بأس، على كل حال الحديث المعل هو الحديث الذي طلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها، فالعلة سببٌ خفي يقدح في صحة الخبر مع أن ظاهر الخبر السلامة من هذه العلة، فالناظر في بادئ الأمر يرى أن الحديث لا إشكال فيه، لكن النقاد الخبير الجهبذ يقف على العلة التي لا يقف عليها غيره.

ولذا يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وهو فنٌ خفي على كثيرٍ من علماء الحديث. " نعم، لم يتصدى لهذا الفن أو لهذا النوع من هذا العلم إلا القليل النادر من الجهابذة الحفاظ الكبار، حتى قال بعض حفاظهم:"معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل"، وهذا شيءٌ مشاهد، أن من اعتنى بشيء اطلع على أسراره وخفاياه، بحيث لو تكلم به عند من يجهل ولم تكن له مثل هذه المعرفة ترى ما هو بالسفه طالبه بالدليل ولم يجد.

ص: 20

يعني أهل السيارات مثلاً الخبير بالسيارات مجرد ما يشوف السيارة يقول: هذه ما تصلح، طيب ويش السبب؟ شكلها طيب، ومحركاتها طيبة، يقول: لا أبداً ما تصلح، الصيرفي صاحب الذهب والفضة إذا أتي له بقطعة إما من الذهب أو من الفضة قال: هذه زيف، هذه مغشوشة، كيف؟ ما يقدر يشرح لك، وهكذا في سائر المهن والحرف والصناعات يطلع بعض الناس على ما لا يطلع غيره، الذي زاول مهنة العمار عَمَر مراراً خلاف الذي عَمَر مرة واحدة، يأتي هذا الذي عَمر مراراً يقول: شوف هذا وهذا .. ، هذا ما هو بعمل طيب، وصاحبه هو عنده أنه من أحسن الأشياء، فالمسألة مسألة اهتمام ومسألة خبرة، ولذا يقولون:"معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل"، تقول له: الحديث يقول: لا يصح، فيه علة، إيش هذه العلة؟ ما يستطيع التعبير عنها، فيرميه بالعجز، يقول: اذهب إلى فلان شوف إيش يقول لك؟ يذهب إلى فلان من النقاد ويقول له نفس الكلام، السبب؟ ما يدري، وهكذا من تعامل مع السنة، في حفظ متونها، والدربة على أسانيدها تجده أنه أول ما يسمع الخبر يتوقف فيه، وهم يتفاوتون كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: منهم من يقطع، ومنهم من يظن، ومنهم من يقف، بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث، ولا شك أن الذي يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني، من المتأخرين: ابن القيم وابن كثير، ابن رجب، وأمثال هؤلاء.

"فهؤلاء يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه، معوجه ومستقيمه كما يميز الصيرفي البصير بصناعته بين الجياد والزيوف -الرديئة المغشوشة- والدنانير والفلوس، فكما لا يتمارى هذا" يعني لو جيء لواحدٍ منكم بثلاث قطع ذهب أبيض وفضة وما يسمونه بالإكسسوار مثلاً، عادي الناس قد لا يميزون، كلها أبيض، وكلها لماع، وما يدريه؟ لكن أهل الخبرة والصناعة يعرفون ويميزون.

ص: 21

يقول: "فكما لا يتمارى هذا يقطع ذاك بما ذكرناه، ومنهم من يظن -يعني تقل درجته عن درجة القطع فيغلب على ظنه أن هذا فيه علة- ومنهم من يقف، بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث، وذوقهم حلاوة عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس".

يقول: "فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة، ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة أو مجازفة أو نحو ذلك، يدركها البصير من أهل هذه الصناعة" والمقصود بذلك الزيادات الخفية، والألفاظ التي تشبه كلام النبوة، وليست الألفاظ التي لا تشبه كلام النبوة؛ لأنها يدركها كل الناس، لكن الكلام الذي يشبه كلام النبوة، كلام الحسن البصري مثلاً، في كثيرٍ من الجمل صدرت منه تلتبس على كثيرٍ من طلبة العلم، فيظنها مرفوعة؛ لأن في كلامه شبهاً بكلام النبوة.

يقول: "وقد يكون التعليل مستفاداً من الإسناد، وبسط أمثلة ذلك يطول جداً، وإنما يظهر بالعمل" العلة قد تكون في الإسناد بإبدال راوٍ براوٍ مثلاً، وإن كان ثقتين فهي علة، وإن كانت غير قادحة إلا أنها علة عند أهل العلم، "وبسط أمثلة ذلك يطول جداً، وإنما يظهر بالعمل" هناك العلة التي تكون في المتن، يأتي السند مثل الشمس لكن المتن فيه علة، مثلوا لعلة المتن بحديث البسملة، كما قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وعلة المتن كنفي البسملة

إذ ظن راوٍ نفيها فنقله

ص: 22

في صحيح مسلم حديث -في الصحيحين- كان عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، الراوي ظن أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، ما دام يفتتحون بالحمد لله رب العالمين فهم أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، فصرح بذلك، وقال: إنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها، السند صحيح، لكن الراوي ظن هذا الظن فنقله، نقل فهمه للناس، ولا شك أن هذا من بعد الصحابة، هذا من بعد عصر الصحابة، وهي علةٌ خفية إذا نظرنا إلى إسنادها السند مقبول، لكن هذا الراوي ظن فهم من قول الصحابي أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، أنهم يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، قال: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، هذا المفهوم، هذا المفهوم فنقل فهمه هذا وأخطأ في ذلك، إذ للكلام أكثر من مفهوم، نعم يفهم منهم أنهم لا يذكرون بسم الله، ويفهم منه أيضاً أنهم لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وإن رأى الحافظ ابن حجر توجيه هذه الرواية:"أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم جهراً"، فتلتئم مع الروايات الأخرى، والحديث إذا كان في الصحيحين، وأمكن توجيهه فإنه هو المتعين؛ لئلا يتطاول الناس على الصحيحين، لئلا يتطاول الناس على الصحيحين، لكن ما لا يمكن توجيهه بوجهٍ من الوجوه، لا بد من الإقرار بأن الراوي مهما كان عدالته وضبطه وإتقانه أنه لا بد أن يخطئ، والعصمة ليست متصورة في أحدٍ من الرواة، بل وقع الوهم والخطأ من الصحابة -رضوان الله عليهم-، لكن هذا الخطأ لا يقر، بل لا بد أن يوجد الصواب عند غيره، وقد استدركت عائشة على بعض الصحابة، واستدرك بعضهم على بعض كما هو معروف في كتب السنة.

ص: 23

تعرف العلل بجمع الطرق، تعرف العلل بجمع الطرق، فالباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطأه، إنما تبين العلة بجمع الطرق، فوظيفة طالب العلم الذي يريد أن يقف على العلل، لا بد أن يجمع الطرق، أما الأئمة الحفاظ المتقدمون الذين يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، الطرق مجتمعة عندهم، لا يحتاجون إلى أن يجمعوا أكثر مما جمعوا، ولذا أناجيلهم في صدورهم، علمهم في صدورهم، مجرد ما يسمع الكلام الذي لا يليق به عليه الصلاة والسلام، أو حتى الكلام عن بعض الرواة التي لا تشبه مروياتهم يحكمون بأنها ليست من رواية فلان؛ لأنهم ضبطوا وحرروا وأتقنوا وحفظوا.

يقول: "ومن أحسن كتابٍ وضع في ذلك وأجله وأفحله كتاب "العلل" لعلي بن المديني شيخ البخاري، وسائر المحدثين بعده" علي بن المديني من أئمة هذا الشأن، وله مؤلفات في الحديث وعلومه وعلله، لكن مما يؤسف له أن أكثرها ضاع، ولم ينقل عنه إلا هذه القطعة، لم يبقَ منها إلا هذه القطعة التي طبعت في جزءٍ صغير، نعم أقواله محفوظة ومنقولة ومبثوثة في كتب أهل العلم، لكن يبقى أن علمه كان أكثر من ذلك، وكذلك كتاب العلل لابن أبي حاتم، وهو كتابٌ مطبوع في مجلدين، وحقق أيضاً في رسائل علمية، وهو مرتبٌ على أبواب الفقه.

وكتاب "العلل" للخلال، وله مختصر للموفق ابن قدامة، وهو كتابٌ جيد في بابه، يقع التعليل في كثيرٍ من كتب السنة، يقع في جامع الترمذي، ويقع كثيراً في سنن النسائي، تراجم النسائي علل، وإشارات أبي عبد الرحمن في آخر الأبواب علل، وكتابه من أنفس الكتب إلا أنه لصعوبته أحجم الناس عن شرحه، ولذا هو أفقر الكتب في الشروح، وقد تصدى لشرحه شخصٌ من المعاصرين بشرح جيد مطول، وجيد في الجملة، وإن كان أكثره نقول، لكنه في الجملة جيد، يخدم الكتاب، لا سيما متون الكتاب، إلا أنه لم يتعرض لهذه العلل لصعوبتها، يقع أيضاً التعليل في مسند البزار، والتعليل أيضاً يقع من الهيثمي في زوائده، مجمع الزوائد وغيرها، يشير إشارات طفيفة إلى هذه العلل.

ص: 24

ثم قال: "وقد جمع أزمة ما ذكرناه كله الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك" علل الدارقطني، "وهو من أجل الكتب وأنفسها، بل أجل ما رأيناه وضع في هذا الفن" لكن قد يسمع الطالب المبتدئ الثناء على مثل هذا الكتاب فيبادر باقتنائه وقراءته قبل الصحيحين وهذا لا ينبغي، بالمهم المهم ابدأ، هذه مرحلة ثانية التعليم، مرحلة لاحقة، كشخصٍ سمع الثناء على كتب العقل والنقل.

واقرأ كتاب العقل والنقل الذي

ما في الوجود له نظيرٌ ثاني

ص: 25

قول ابن القيم، فبادر باقتنائه وهو في المرحلة المتوسطة، العلماء الكبار المتمكنين من قراءة كتب شيخ الإسلام الذين قرؤوا جميع كتب شيخ الإسلام يطوون الصفحات الكثيرة من هذا الكتاب ما يفهمونه، فلا بد من التدرج في التعلم، لا بد أن نبدأ بالسلم من أوله، ولا بد أن نبدأ بصغار العلم قبل كباره، تعلماً وتعليماً، ولذا جاء في الرباني، كما قال ابن عباس في الصحيح: هو الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره، يأتيك طالب في المتوسط أو في الثانوي أو حتى في الجامعة أنت محتاج لكتاب أيها المعلم فتقول: ائتِ بالكتاب الفلاني، لا ما يصح، عليك أن تنصح هذا الطالب، وتنصح له، يأتي بكتابٍ يستفيد منه ويناسبه، ليس الملحوظ بالدرجة الأولى في التعليم مصلحة الشيخ، وإن كان هو المستفيد، المعلم هو المستفيد قبل الطالب، المؤلف مستفيد قبل القارئ، لكن ليس جلوسه للتعليم من أجل أن ينفع نفسه فقط، بل عليه أن ينصح من استنصحه، ولو قدر أنه طلب منه قراءة في كتاب، طلب من الشيخ أن يُقرأ عليه من كتاب لحاجة الطالب إليه، ويرى أن غيره من أهل العلم يحسن توضيح وشرح هذا الكتاب فالنصيحة تقتضي أن يدل على من هو أولى منه، وهذه رفعة له في الدنيا والآخرة، إيش المانع إذا جاءنا شخص يريد أن يقرأ في كتاب يعني ما عاملناه ولا زاولناه، وإن كان يعني ما يصعب علينا فهمه، لكن أن ننصح بمن عانى هذا الكتاب، وينفع الطالب أكثر من غيره، فهذا الذي يسمع مثل هذا الكلام من الحافظ ابن كثير:"وقد جمع أزمةَ ما ذكرناه الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك، وهو من أجل كتابٍ، بل أجل ما رأيناه وضع في هذا الفن، لم يسبق إلى مثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بعده، فرحمه الله وأكرم مثواه".

يقول الحافظ ابن كثير: "ولكن يعوزه شيء لا بد منه، وهو أن يرتب على الأبواب ليقرب تناوله للطلاب، أو تكون أسماء الصحابة" لا بد أن يرتب، كما اقترح الحافظ ابن كثير، إما على الأبواب، أو على مسانيد الصحابة، والآن الفهارس المتنوعة تخدم الكتاب، هناك فهارس على المسانيد، وفهارس على ألفاظ المتون، وفهارس على الأبواب، وكلها تخدم الكتاب، فهذا الأعواز أمره سهل تؤديه هذه الفهارس.

يقول: "فإنه مبدد جداً، لا يكاد يهتدي الإنسان إلى مطلوبه منه بسهولة" وقد يكون من مقاصد الإمام توعير الحصول على الفائدة من كتابه، كما فعل ابن حبان، يذكر عنه أنه رتب كتابه على الأنواع والتقاسيم

ص: 26