المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناسبة ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر في أول الحديث - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ١٩

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[19]

- ‌شرح حديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)

- ‌مناسبة ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر في أول الحديث

- ‌الأمر بقول الخير أو السكوت

- ‌حقوق الجار

- ‌إكرام الضيف

- ‌شرح حديث: (لا تغضب)

- ‌فائدة تكرار النبي صلى الله عليه وسلم للنهي عن الغضب

- ‌أمور ينبغي فعلها عند الغضب

- ‌الأسئلة

- ‌الغضب المحمود

- ‌استحباب السكوت عند الغضب

- ‌المقصود بنفي الإيمان الوارد في الأحاديث

- ‌حكم الكلام في الشخص بدون ذكر اسمه

- ‌حق الجار الكافر إذا كان قريباً

- ‌ما ينبغي فعله مع الجار الكافر

- ‌ضابط الجار

- ‌مناسبة ذكر إكرام الجار مع الإيمان باليوم الآخر

- ‌نقص الإيمان يكون بترك الواجبات وفعل المنهيات

- ‌مناسبة ترتيب حديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)

- ‌الفرق بين الغضب لله والغضب للنفس

- ‌حكم من ترك شيئاً في تركه نفي لكمال الإيمان الواجب

- ‌أولى الجيران بالإحسان

- ‌كيفية التعامل مع الجار المؤذي

- ‌خطورة الغيبة

- ‌نقص إيمان من ترك الطاعات

- ‌أمور تجوز فيها الغيبة

- ‌فضل كظم الغيظ وعظيم أجره

- ‌حكم أخذ الإنسان من مال غيره بدون إذنه إذا لم يجد من يضيفه

- ‌اسم الصحابي الذي أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يغضب

- ‌ما يقول الرجل لمن قال له: أوصني

- ‌حال حديث: (إذا غضب أحدكم فليتوضأ)، والرد على الشيخ الألباني في حجاب المرأة

- ‌التعامل مع الجار المبتدع

- ‌ما ينبغي لمن استأجر شقة بجوار أناس معهم دشوش

الفصل: ‌مناسبة ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر في أول الحديث

‌مناسبة ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر في أول الحديث

هذا الحديث مشتمل على ثلاث جمل: الجملة الأولى: تتعلق بحفظ اللسان، وألا يقول به إلا خيراً، وإلاّ يكن فالصمت.

والثانية: تتعلق بإكرام الجار.

والثالثة: تتعلق بإكرام الضيف.

وقد جاء بين يدي ذكر هذه الأمور الثلاثة ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وأن من يتصف بالإيمان بالله واليوم الآخر، فإنه يقوم بهذه الأمور ويفعل هذه الأفعال، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو أس الأسس، وكل شيء يجب الإيمان به فإنه تابع للإيمان بالله عز وجل؛ ولهذا جاء في حديث جبريل تفسير الإيمان بقوله:(أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)، ومن المعلوم أن الإيمان بالملائكة والرسل والكتب واليوم الآخر والقدر كله تابع للإيمان بالله، فمن لم يؤمن بالله فلن يؤمن بملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا اليوم الآخر ولا القدر.

إذاً: الإيمان بالله عز وجل هو الأساس الذي يبنى عليه كل إيمان، فكل شيء يؤمن به ويصدق فهو مبني على الإيمان بالله وتابع له، فلهذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأساس، وأما اليوم الآخر فقد ذكره مع الإيمان بالله تنويهاً وتذكيراً بالمعاد، وأن الناس يجازون على أعمالهم: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

وما يأتي فيه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر وهو يتعلق بالأوامر فإنه يكون ترغيباً، وما يأتي فيه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر وهو يتعلق بالنواهي فإنه يكون ترهيباً.

إذاً: يأتي ذكر ذلك في الترغيب والترهيب؛ لأن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر هو الذي يعرف أنه سيلقى الله عز وجل، وأنه سيحاسبه؛ فلذلك يأتي بهذه المأمورات لأنه سيجد الثواب والأجر أمامه، وكذلك فيما إذا كانت الأمور التي ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر بين يديها تتعلق بالمنهيات، فيكون ذلك ترهيباً وتخويفاً من أن يقع الإنسان فيها في الحياة الدنيا، ثم إذا جاء يوم القيامة وجاء الحساب وجد العقاب والعذاب عليها والعياذ بالله! إذاً: هذا هو السبب الذي لأجله ذكر الإيمان باليوم الآخر مع الإيمان بالله؛ لأن فيه التذكير باليوم الآخر، ففي ذلك ترغيب وترهيب، والإنسان إذا عرف أنه قادم على الله تعالى وأنه سيلقى الله تعالى، وأنه سيجازيه على ما قدم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، فهو يستعد لذلك اليوم بفعل المأمورات المرغب فيها، وترك المنهيات المرهب والمحذر منها، وهذا يتعلق بالأمور الثلاثة كلها؛ لأن كل واحد من هذه الأمور الثلاثة قدم بين يديه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر.

واليوم الآخر -كما هو معلوم- يبدأ بالموت لكل إنسان، فالحد الفاصل بين الدنيا والآخرة لكل إنسان هو الموت، فمن مات قامت قيامته، وانتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، فإن الإنسان يجازى في قبره إما في نعيم وإما في عذاب، إما أن يفتح له باب إلى الجنة ويأتيه من روحها ونعيمها، وإما أن يفتح له باب إلى النار ويأتيه من حرها وسمومها، كما ثبت الحديث في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه.

ص: 3