المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقر العباد إلى الله تعالى في طعامهم وشرابهم - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ٢٤

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[24]

- ‌شرح حديث: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي)

- ‌معنى الحديث القدسي وحقيقته

- ‌وجه تحريم الله الظلم على نفسه ونفيه عنه

- ‌حاجة العباد إلى هداية الله تعالى

- ‌فقر العباد إلى الله تعالى في طعامهم وشرابهم

- ‌افتقاد العباد إلى الله تعالى في كسوة أجسادهم

- ‌تقصير العباد وحاجتهم إلى مغفرة الله تعالى

- ‌مردُّ نفع الطاعة وضرر المعصية

- ‌كمال غنى الله تعالى عن العباد

- ‌حاجات العباد وموقعها من ملك الله جل جلاله

- ‌مآل أعمال العباد خيرها وشرها

- ‌الأسئلة

- ‌الجمع بين قوله جل جلاله: (إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني) وقوله: (يؤذيني ابن آدم)

- ‌حكم القول بأن ابن آدم لا يضر الله ولا يؤذي الله

- ‌معنى حديث: (لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه) ودرجته

- ‌حكم القول بأن إيجاد الخلق على الوجه الموجود خير من غيره

- ‌حكم من مات ولم يسمع بالإسلام

- ‌مدى صحة وجود الأدب مع الله في قوله: (ومن وجد غير ذلك)

- ‌دلالة الأمر بالحمد في قوله: (فمن وجد خيراً فليحمد الله)

- ‌الجمع بين الحكم على الإنسان بالظلم مع تحريم الظلم

- ‌المراد بخلق العبد فعله عند القدرية

- ‌حكم أخذ العلم عن علماء الضلال

- ‌اجتهاد السلف في العبادة

- ‌توجيه حول أحداث التفجيرات الواقعة في الرياض

- ‌درجة حديث: (كل بني آدم سيد) والجمع بينه وبين النهي عن وصف المنافق بأنه سيد

- ‌تبرع العامل بإعطاء أصحابه كتباً موقوفة للتوزيع

الفصل: ‌فقر العباد إلى الله تعالى في طعامهم وشرابهم

‌فقر العباد إلى الله تعالى في طعامهم وشرابهم

الجملة الثالثة: (يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم).

العباد مفتقرون إلى الله عز وجل وهو غني عنهم، وحاجتهم إليه وفقرهم إليه دائم مؤبد، لا يستغنون عن الله طرفة عين، وهم بحاجة إليه في جميع أمور دينهم ودنياهم، وهم محتاجون إلى فضله وإحسانه وكرمه وجوده، وقد أخبر الله عز وجل في هذا الحديث بأن كل إنسان جائع، وأن الله تعالى هو الذي يرزق وهو الذي يطعم، وأن العبد عليه أن يسأل الله عز وجل وأن يطلب منه أن يطعمه، ومع سؤاله عليه أن يأخذ بالأسباب التي يكون بها تحصيل الرزق، فلا يسأل الله عز وجل الطعام والرزق دون أن يبذل أسباباً، بل عليه أن يبذل الأسباب ويستعين بمسبب الأسباب، ويعول على الله عز وجل في تحصيل المراد، فإنه لا بد من أمرين: لا بد من فعل السبب، ولا بد من التعويل على من بيده كل شيء وهو الله سبحانه وتعالى؛ لأن السبب قد يوجد ويتخلف المُسَبَّب، ولكن إذا وجد السبب ووجد توفيق الله عز وجل ومشيئته وإرادته لحصول ذلك المراد الذي يسأله العبد فإنه يتحقق هذا المسئول مع الأخذ بالأسباب التي تؤدي إليه، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً) فبين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الله تعالى هو الذي يرزق الطير، وأن تلك الطيور لا تجلس في أوكارها تنتظر شيئاً يؤتى به إليها فيها دون أن تبرحها، وإنما تخرج من أوكارها تبحث عن الرزق، والله تعالى هو الذي يرزقها، فهي تأخذ بالأسباب فتغدوا خماصاً، أي: تخرج من أوكارها في الصباح خالية البطون، وتروح في آخر النهار بطاناً، يعني: ممتلئة البطون.

فالإنسان يأخذ بالسبب ويستعين بالله عز وجل على تحصيل المراد وتحقيق المراد، ولهذا جاء في حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) ثم قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)، فجمع بين الأمرين فقال:(احرص على ما ينفعك) أي: ببذل الأسباب.

(واستعن بالله)، أي: لا تعتمد على الأسباب وتكون الأسباب عندك هي كل شيء، بل هناك شيء وراء الأسباب وهو توفيق الله سبحانه وتعالى وحصول التوفيق منه، فبذلك تنفع الأسباب، ولكن الإنسان لا يترك الأسباب ويهملها ويقول: سأجلس في بيتي وأغلق علي بابي، وإذا كان الله قدر لي رزقاً فإنه سيأتي من يطرق علي الباب ويعطيني إياه، هذا غلط.

فقوله: (كلكم جائع إلا من أطعمته) يبين أن الله تعالى هو الذي يرزق، وهو الرزاق ذو القوة المتين سبحانه وتعالى، كما قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:6].

ص: 6